﴿مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾

8074 - ﴿مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾

18-05-2017 2005 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله عز وجل: ﴿مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8074
 2017-05-18

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: رَوَى الإمام أحمد والحاكم والترمذي أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾. مَا عَنَى بِذَلِكَ؟

قَالَ: قَامَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَخَطَرَ خَطْرَةً، فَقَالَ المُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ مَعَهُ: أَلَا تَرَوْنَ لَهُ قَلْبَانِ، قَلْبٌ مَعَهُمْ، وَقَلَبٌ مَعَكُمْ؟

فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾.

وَقِيلَ: نَزَلَتْ في أَبِي مَعْمَرٍ جَمِيلِ بْنِ مَعْمَرٍ الفِهْرِيِّ، وَكَانَ رَجُلًا لَبِيبَاً حَافِظَاً لِمَا يَسْمَعُ.

فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَا حَفِظَ أَبُو مَعْمَرٍ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إِلَّا وَلَهُ قَلْبَانِ.

وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ لِي قَلْبَيْنِ أَعْقِلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَفْضَلَ مِنْ عَقْلِ مُحَمَّدٍ.

فَلَمَّا هَزَمَ اللهُ المُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ انْهَزَمَ أَبُو مَعْمَرٍ فِيهِمْ، فَلَقِيَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَإِحْدَى نَعْلَيْهِ بِيَدِهِ، وَالْأُخْرَى فِي رِجْلِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا مَعْمَرٍ، مَا حَالُ النَّاسِ؟

قَالَ انْهَزَمُوا.

قَالَ: فَمَا لَكَ إِحْدَى نَعْلَيْكَ فِي يَدِكَ وَالْأُخْرَى فِي رِجْلِكَ؟

فَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ: مَا شَعَرْتُ إِلَّا أَنَّهُمَا فِي رِجْلِي، فَعَلِمُوا يَوْمَئِذٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ قَلْبَانِ لَمَا نَـسِيَ نَعْلَهُ فِي يَدِهِ. /كذا في تفسير البغوي/

ثانياً: هَذِهِ الآيَةُ في سُورَةِ الأَحْزَابِ كَانَت مُقَدِّمَةً لِأَمْرٍ مَعْنَوِيٍّ، فَوَطَّأَ لَهُ بِأَمْرٍ حِـسِّيٍّ، فَقَالَ تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾. وَهَذَا أَمْرٌ حِـسِّيٌّ مَعْرُوفٌ، فَكَمَا لَا يَكُونُ للشَّخْصِ الوَاحِدِ قَلْبَانِ في جَوْفِهِ، لَا تَصِيرُ زَوْجَتُهُ التي ظَاهَرَ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أُمَّاً لَهُ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾. لِأَنَّ الأُمَّهَاتِ هُنَّ: ﴿اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ﴾.

وَكَذَلِكَ لَا يَصِيرُ الدَّعِيُّ وَلَدَاً للرَّجُلِ إِذَا تَبَنَّاهُ فَدَعَاهُ ابْنَاً لَهُ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾.

وبناء على ذلك:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾. يَعْنِي: جَعَلَ قَلْبَاً وَاحِدَاً لِكُلِّ رَجُلٍ وَلِكُلِّ امْرَأَةٍ، وَمَا دَامَ لَكَ قَلْبٌ وَاحِدٌ فَيَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَتَّجِهَ إِلَّا إلى إِلَهٍ وَاحِدٍ، وَأَنْ تَتَّبِعَ نَهْجَاً وَاحِدَاً.

وَالقَلْبُ الوَاحِدُ إِذَا اشْتَغَلَ بِـشَيْءٍ شُغِلَ عَمَّا سِوَاهُ، لِذَا مَنْ تَوَجَّهَ إلى شَيْءٍ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْشَغِلَ بِشَيْءٍ آخَرَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2005 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 248
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1447
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 633
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1688
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1439
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 962
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414348225
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :