﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾

8082 - ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾

19-05-2017 2085 مشاهدة
 السؤال :
قال الله تعالى حكاية عن إبليس: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ﴾. هل الله تعالى أغوى الشيطان، أم الكبر الذي كان في نفسه أغواه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8082
 2017-05-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: لِنَعْلَمْ عِلْمَ اليَقِينِ بِأَنَّ الإِضْلَالَ بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا أَنَّ الهِدَايَةَ بِيَدِهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ، فَكَمَا أَنَّ اللهَ تعالى يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَضْلَاً مِنْهُ، فَهُوَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ عَدْلَاً، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿لَوْ يَشَاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعَاً﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَـسَرَاتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾.

فَلَا شَيْءَ في الوُجُودِ عَلَى الحَقِيقَةِ إِلَّا وَهُوَ مَخْلُوقٌ للهِ تعالى، صَادِرٌ عَنْ إِرَادَتِهِ ﴿اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾. فَاللهُ تعالى هُوَ خَالِقُ الهِدَايَةِ، وَهُوَ خَالِقُ الضَّلَالِ، فَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَضْلَاً، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ عَدْلَاً.

ثانياً: إِضْلَالُ اللهِ تعالى لِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ يِكُونُ بِالعَدْلِ، فَاللهُ تعالى بَيَّنَ الأَصْنَافَ الذينَ يُضِلُّهُمْ سُبْحَانَهُ وتعالى، قَالَ تعالى: ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلَاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلَاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾.

وبناء على ذلك:

فَإِغْوَاءُ اللهِ تعالى لِإِبْلِيسَ لَا شَكَّ بِأَنَّهُ صَادِرٌ عَنْ إِرَادَتِهِ تعالى، وَمَا ذَاكَ إِلَّا بِسَبَبِ اسْتِكْبَارِهِ وَفِسْقِهِ، قَالَ تعالى عَنْ إِبْلِيسَ: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾. وَهَذَا الفُسُوقُ بِسَبَبِ الاسْتِكْبَارِ، وَهَذَا الأَمْرُ جَاءَ بِبَيَانٍ وَاضِحٍ في القُرْآنِ العَظِيمِ: ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾. فِسْقٌ وَاسْتِكْبَارٌ وَعِنَادٌ وَإِصْرَارٌ؛ فَهَلْ إِضْلَالُهُ ظُلْمٌ أَمْ عَدْلٌ؟ ﴿كُلَّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورَاً﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2085 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 246
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1447
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 633
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1687
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1439
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 959
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414346891
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :