فرعون من أهل النار؟

8147 - فرعون من أهل النار؟

10-06-2017 9504 مشاهدة
 السؤال :
هل يوجد دليل واضح في القرآن الكريم على أن فرعون من أهل النار؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8147
 2017-06-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَاً فَاسِقِينَ﴾. ثُمَّ قَالَ تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا المَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحَاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ المَقْبُوحِينَ﴾. الضَّمِيرُ في: ﴿أَتْبَعْنَاهُمْ﴾. عَلَى مَنْ يَعُودُ؟ أَلَا يَعُودُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ؟

ثانياً: لَقَدْ أَثْبَتَ اللهُ تعالى في القُرْآنِ العَظِيمِ أَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ مِنَ المُفْسِدِينَ: ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ المُفْسِدِينَ﴾. وَيَقُولُ اللهُ تعالى في حَقِّ المُفْسِدِينَ: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوَّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادَاً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾. وَفِرْعَوْنُ بِشَهَادَةِ اللهِ تعالى أَنَّهُ: ﴿كَانَ عَالِيَاً مِنَ المُسْرِفِينَ﴾.

ثالثاً: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ * يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ المَوْرُودُ﴾. لَقَدْ أَخْبَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ فِرْعَوْنَ يَقْدُمُ قَوْمَهُ، وَلَمْ يَقُلْ: يَسُوقُهُمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ المُتَقَدِّمَ إِذَا أَوْرَدَ المُتَأَخِّرَ كَانَ هُوَ أَوَّلَ مَنْ يَرِدُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ قَادِمَاً بَلْ كَانَ سَائِقَاً، وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ المَرْفُودُ﴾. وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ المَقْبُوحِينَ﴾. فَعُلِمَ أَنَّهُ وَهُمْ يَرِدُونَ النَّارَ جَمِيعَاً، وَأَنَّهُمْ جَمِيعَاً مَلْعُونُونَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

رابعاً: عِنْدَمَا حَدَّثَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ عَنْ قِصَّةِ غَرَقِهِ، قَالَ: ﴿حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ﴾. مَاذَا قَالَ لَهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ القَائِلُ: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَـضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾؟ أَلَمْ يَقُلْ لَهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ المُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾.

خامساً: أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَقِّ تَارِكِ الصَّلَاةِ عَمْدَاً وَجُحُودَاً: «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورَاً، وَبُرْهَانَاً، وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ، وَلَا بُرْهَانٌ، وَلَا نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ، وَفِرْعَوْنَ، وَهَامَانَ، وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ»؟ رواه الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وبناء على ذلك:

فَمِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى في حَقِّ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوَّاً وَعَشِيَّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾. وَمِنْ خِلَالِ الآيَاتِ الكَرِيمَةِ التي ذَكَرْنَاهَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ فِرْعَوْنَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؛ وَكَيْفَ لَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ القَائِلُ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾. وَالقَائِلُ: ﴿يَا أَيُّهَا المَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾. وَالقَائِلُ: ﴿يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحَاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبَاً﴾.

كَيْفَ لَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَاللهُ تعالى خَاطَبَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ المُفْسِدِينَ﴾. وَالمُفْسِدُونَ قَالَ فِيهِمْ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوَّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادَاً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: الخَوْضُ في هَذَا الأَمْرِ وَأَمْثَالِهِ لَا فَائِدَةَ مِنْهُ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
9504 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  المسائل المتعلقة بالعقيدة

 السؤال :
 2023-03-25
 888
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ بَعْضِ طُلَّابِ العِلْمِ مَنْ يَقُولُ: اليَهُودُ وَالنَصَارَى يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، وَهَذَا مَا ثَبَتَ في القُرْآنِ العَظِيمِ، فَهَلْ كَلَامُهُ صَحِيحٌ؟
 السؤال :
 2023-02-06
 649
مَا هُوَ الفَارِقُ بَيْنَ العَقْلِ وَالقَلْبِ، وَأَيْنَ مَحَلُّ العَقْلِ مِنْ جِسْمِ الإِنْسَانِ؟
 السؤال :
 2022-12-25
 6090
إِذَا كَانَتِ المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ صَائِمَةً وَمُصَلِّيَةً، إِلَّا أَنَّهَا مُتَبَرِّجَةٌ، فَهَلْ تَكُونُ مِنَ الخَالِدِينَ في النَّارِ بِسَبَبِ تَبَرُّجِهَا وَغِوَايَتِهَا؟
 السؤال :
 2022-12-25
 588
هَلْ دُخُولُ الجَنَّةِ بِالفَضْلِ أَمْ بِالعَمَلِ؟ فَإِنْ كَانَ بِالفَضْلِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾؟
 السؤال :
 2022-10-03
 562
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ الإِنْسَانَ المُؤْمِنَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ يَرَى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 السؤال :
 2022-09-02
 272
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ قَرِيبٍ عَنِ الدَّعْوَةِ إلى الدِّيَانَةِ الإِبْرَاهِيمِيَّةِ، فَمَا هِيَ هَذِهِ الدِّيَانَةُ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414291575
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :