أب يجاهر بكبيرة من الكبائر

8342 - أب يجاهر بكبيرة من الكبائر

08-10-2017 553 مشاهدة
 السؤال :
ما هو موقف الأبناء من أبيهم الذي يجاهر بكبيرة من الكبائر؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8342
 2017-10-08

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: المُجَاهَرَةُ بِالمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ ثَانِيَةٌ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، وَإِذَا لَمْ يَتُبِ المُجَاهِرُ بِالمَعْصِيَةِ قَدْ لَا يُعَافَى يَوْمَ القِيَامَةِ، لِقَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلَاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثانياً: الوَاجِبُ عَلَى الأُمَّةِ إِذَا رَأَتِ المُنْكَرَ أَنْ تَنْهَى عَنْهُ بِأُسْلُوبٍ حَسَنٍ وَلَطِيفٍ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنَاً﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلَاً لَيِّنَاً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾.

وَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَنْسَى الأُسْلُوبَ الحَكِيمَ في الدَّعْوَةِ إلى اللهِ تعالى، فَهَذَا سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَضْرِبُ لَنَا أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ في خِطَابِ الابْنِ الصَّالِحِ لِأَبِيهِ الكَافِرِ الفَظِّ الغَلِيظِ، قَالَ تعالى مُخْبِرَاً عَنْ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئَاً * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطَاً سَوِيَّاً * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيَّاً * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيَّاً﴾.

فَمَاذَا كَانَ الرَّدُّ مِنْ أَبِيهِ الفَظِّ؟ ﴿قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيَّاً﴾.

فَرَدَّ الابْنُ الصَّالِحُ عَلَى فَظَاظَةِ وَغَلَاظَةِ أَبِيهِ، وَعَلَى تَهْدِيدِهِ، بِقَوْلِهِ: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيَّاً﴾.

وبناء على ذلك:

فَمَوْقِفُ الأَبْنَاءِ مِنْ أَبِيهِمُ المُجَاهِرِ بِالمَعْصِيَةِ يَكُونُ بِالنُّصْحِ وَالإِرْشَادِ وَالوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ مَعَ كَمَالِ الأَدَبِ، فَإِذَا هُوَ عَصَى اللهَ تعالى في ارْتِكَابِ الكَبِيرَةِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُقَابِلُوا المَعْصِيَةَ بِمَعْصِيَةٍ، وَلْيَذْكُرُوا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفَاً﴾.

وَعَلَيْهِمْ أَن يُكْثِرُوا لَهُ مِنَ الدُّعَاءِ بِظَهْرِ الغَيْبِ، وَأَنْ يُحَسِّنُوا أَخْلَاقَهُمْ وَسِيرَتَهُمْ مَعَهُ، وَأَنْ يُوَجِّهُوا إِلَيْهِ بَعْضَ مَنْ يُحِبُّ مِنْ أَهْلِ الفَضْلِ وَالصَّلَاحِ لِنُصْحِهِ وَإِرْشَادِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
553 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  بر الوالدين وصلة الأرحام

 السؤال :
 2022-12-25
 344
رَجُلٌ أُصِيبَ وَالِدُهُ بِمَرَضِ الإِيدز، وَهُوَ خَائِفٌ عَلَيْهِ مِنْ سُوءِ الخَاتِمَةِ، فَمَاذَا يَصْنَعُ مَعَ وَالِدِهِ؟
 السؤال :
 2020-07-16
 2429
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَصِلَ خَالَتَهُ، وَأَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهَا، وَهَلْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَهَا؟
 السؤال :
 2020-07-02
 10
مَا حُكْمُ مُنَادَةِ الوَالِدِ: يَا حَاج، وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ للأُمِّ؟
 السؤال :
 2019-05-23
 4332
هل هناك علاقة بين وصل الرحم والرزق؟
 السؤال :
 2019-03-22
 20240
ما هو الواجب عليَّ وعلى إخوتي وأخواتي تجاه زوجة أبي؟ وهل هي من الأرحام التي يجب صلتها؟
 السؤال :
 2018-10-06
 2043
زوجتي صاحبة دين وخلق، وأنا وإياها في حالة تفاهم ووفاق، ولكن والديَّ يطلبان مني أن أطلقها، وأنا لا أرغب، وإذا لم أطلق سيطردانني إن دخلت بيتهما، فهل أعتبر قاطعاً للرحم إذا لم أطلق، ومنعاني من وصلهما؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414009267
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :