الفارق بين توحيد الألوهية والربوبية

8605 - الفارق بين توحيد الألوهية والربوبية

10-01-2018 15755 مشاهدة
 السؤال :
ما هو الفارق بين توحيد الألوهية والربوبية؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8605
 2018-01-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالتَّوْحِيدُ الذي جَاءَ بِهِ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ مِنْ زَمَنِ سَيِّدِنَا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلى زَمَنِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، هُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ بِأَنَّ اللهَ تعالى وَاحِدٌ في ذَاتِهِ، وَوَاحِدٌ في صِفاتِهِ، وَوَاحِدٌ في أَفْعَالِهِ.

وَمَنْ أَيْقَنَ هَذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ العِبَادَةَ إِلَّا هُوَ تَبَارَكَ وتعالى.

وَتَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَتَوْحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ مُتَلَازِمَانِ، فَمَنْ وَحَّدَ الرُّبُوبِيَّةَ وَحَّدَ الأُلُوهِيَّةَ، وَمَنْ أَشْرَكَ في أَحَدِهِمَا أَشْرَكَ في الآخَرِ، فَلَا رَبَّ إِلَّا اللهُ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. هذا أولاً.

ثانياً: دَعْوَةُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ دَعْوَةٌ إلى التَّوْحِيدِ، بِدُونِ تَفْرِيقٍ بَيْنَ تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ، وَتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، لِشِدَّةِ التَّلَازُمِ بَيْنَهُمَا، وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾؟ وَلَمْ يَقُلْ: أَلَسْتُ بإِلَهِكُمْ؟

وَقَدْ جَعَلَ اللهُ تعالى حُجَّةً عَلَى مَنْ أَشْرَكُوا بِهِ في العِبَادَةِ، فَقَالَ تعالى: ﴿أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ المُبْطِلُونَ﴾.

فَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ في أَنَّ أَخْذَ العَهْدِ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ هُوَ أَخْذُ العَهْدِ بِتَوْحِيدِ العِبَادَةِ للهِ تعالى، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ مِنْ زَمَنِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى يَوْمِنَا هَذَا.

ثالثاً: جَاءَ في الحَدِيثِ الذي رواه الإمام أحمد عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ، فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ».

فَهَلِ المَلَكَانِ يَسْأَلَانِ: مَنْ إِلَهُكَ؟ سَأَلَاهُ مَنْ رَبُّكَ؟ فَأَجَابَهُمَا: اللهُ رَبِّي.

هَلْ يَقُولُ لَهُ المَلَكَانِ: هَذَا تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ، فَأَيْنَ تَوْحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ، فَتَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ لَا يُنْجِيكَ؟

وبناء على ذلك:

فَتَوْحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ مُتَلَازِمَانِ، لَايَنْفَكَّانِ، فَمَنْ وَحَّدَ الرُّبُوبِيَّةَ وَحَّدَ الأُلُوهِيَّةَ، وَمَنْ وَحَّدَ الأُلُوهِيَّةَ وَحَّدَ الرُّبُوبِيَّةَ، وَلَمْ يَثْبُتْ في كِتَابٍ وَلَا في سُنَّةٍ تَفْرِيقٌ بَيْنَهُمَا.

وَلَكِنْ في الآوِنَةِ الأَخِيرَةِ ظَهَرَتْ فِئَةٌ مِنَ النَّاسِ فَرَّقُوا بَيْنَ تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ، وَتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، لِيُكَفِّرُوا بَعْضَ المُسْلِمِينَ مِمَّنْ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَذَلِكَ إِذَا تَوَسَّلُوا إلى اللهِ تعالى بِالأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ وَالأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
15755 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  المسائل المتعلقة بالعقيدة

 السؤال :
 2023-03-25
 900
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ بَعْضِ طُلَّابِ العِلْمِ مَنْ يَقُولُ: اليَهُودُ وَالنَصَارَى يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، وَهَذَا مَا ثَبَتَ في القُرْآنِ العَظِيمِ، فَهَلْ كَلَامُهُ صَحِيحٌ؟
 السؤال :
 2023-02-06
 655
مَا هُوَ الفَارِقُ بَيْنَ العَقْلِ وَالقَلْبِ، وَأَيْنَ مَحَلُّ العَقْلِ مِنْ جِسْمِ الإِنْسَانِ؟
 السؤال :
 2022-12-25
 6171
إِذَا كَانَتِ المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ صَائِمَةً وَمُصَلِّيَةً، إِلَّا أَنَّهَا مُتَبَرِّجَةٌ، فَهَلْ تَكُونُ مِنَ الخَالِدِينَ في النَّارِ بِسَبَبِ تَبَرُّجِهَا وَغِوَايَتِهَا؟
 السؤال :
 2022-12-25
 594
هَلْ دُخُولُ الجَنَّةِ بِالفَضْلِ أَمْ بِالعَمَلِ؟ فَإِنْ كَانَ بِالفَضْلِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾؟
 السؤال :
 2022-10-03
 565
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ الإِنْسَانَ المُؤْمِنَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ يَرَى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 السؤال :
 2022-09-02
 286
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ قَرِيبٍ عَنِ الدَّعْوَةِ إلى الدِّيَانَةِ الإِبْرَاهِيمِيَّةِ، فَمَا هِيَ هَذِهِ الدِّيَانَةُ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414568243
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :