دفع الرشوة للوصول إلى الحق

8761 - دفع الرشوة للوصول إلى الحق

23-03-2018 2996 مشاهدة
 السؤال :
أنا أعلم بأن الرشوة حرام، وكبيرة من الكبائر، ولكن إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى حقه إلا عن طريق الرشوة، فماذا يفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8761
 2018-03-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالرِّشْوَةُ جَرِيمَةٌ كُبْرَى مُحَرَّمَةٌ بِنَصِّ القُرْآنِ العَظِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾. وَهِيَ كَانَتْ في اليَهُودِ، حَيْثُ كَانُوا يَأْكُلُونَ السُّحْتَ مِنَ الرِّشْوَةِ.

وَكَذَلِكَ هِيَ مُحَرَّمَةٌ في السُّنَّةِ، بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ الَّذِي يَمْشِي بَيْنَهُمَا» رواه الحاكم عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَفِي رِوَايَةٍ للإمام أحمد عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ. هَذَا أَوَّلَاً.

ثانياً: الرِّشْوَةُ المُحَرَّمَةُ هِيَ مَا كَانَ فِيهَا إِحْقَاقُ بَاطِلٍ، أَو إِبْطَالُ حَقٍّ، فَكُلُّ مَا يُدْفَعُ للتَّوَصُّلِ بِهِ إلى غَيْرِ الحَقِّ، أَو لِإِبْطَالِ حَقٍّ أَصْلِيٍّ هُوَ مُحَرَّمٌ قَطْعَاً، وَهُوَ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ الوَعِيدِ النَّبَوِيِّ.

ثالثاً: أَمَّا مَا يُدْفَعُ للتَّوَصُّلِ بِهِ إلى حَقٍّ وُضِعَتْ أَمَامَهُ عَرَاقِيلُ وَعَوَائِقُ، وَلَمْ يَجِدِ المُتَعَامِلُ بَدَأَ بُدَّاً مِنَ الدَّفْعِ للتَّوَصُّلِ إلى حَقِّهِ، فَالحُرْمَةُ عَلَى الآخِذِ لَا عَلَى المُعْطِي، وَلَكِنْ لِـيَسْتَحْضِرِ الدَّافِعِ في هَذَا الحَالِ قَوْلَهُ تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. وَالـضَّرُورَةُ تُقَدَّرُ بِقَدَرِهَا.

وَلْيَذْكُرْ آخِذُ الرِّشْوَةِ الذي جَعَلَ العَرَاقِيلَ لِمَنْعِ الآخَرِينَ مِنْ حُقُوقِهِمْ، قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُخْرِجُ مَسْأَلَتَهُ مِنْ عِنْدِي يَتَأَبَّطُهَا ـ يَعْنِي تَكُونُ تَحْتَ إِبْطِهِ ـ  يَعْنِي نَارَاً».

قَالَ: قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ تُعْطِيهَا إِيَّاهُمْ؟

قَالَ: «فَمَا أَصْنَعُ؟ يَأْبَوْنَ إِلَّا ذَاكَ، وَيَأْبَى اللهُ لِي الْبُخْلَ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَإِذَا كَانَ هَذَا حَالُ السَّائِلِ المُلْحِفِ وَالمُلِحِّ حَتَّى يَأْخُذَ بِسَيْفِ الحَيَاءِ، فَكَيْفَ بِحَالِ مَنْ يَجْعَلُ العَرَاقِيلَ أَمَامَ صَاحِبِ الحَقِّ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئَاً مِنَ المَالِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَوْلَى حَرَامٌ.

وبناء على ذلك:

فَالأَصْلُ في الرِّشْوَةِ التي تَجْعَلُ الحَقَّ بَاطِلَاً، وَالبَاطِلَ حَقَّاً، هِيَ مِنْ أَعْظَمِ الجَرَائِمِ التي تُفْسِدُ العِبَادَ وَالبِلَادَ، لِذَا اسْتَحَقَّ الرَّاشِي وَالمُرْتَشِي وَالرَّائِشَ بَيْنَهُمَا اللَّعْنَةَ مِنَ اللهِ تعالى، وَمِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

أَمَّا مَا كَانَتْ لِتَحْصِيلِ حَقٍّ وَالوَصُولِ إِلَيْهِ بِسَبَبِ العَرَاقِيلِ وَالعَوَائِقِ التي يَجْعَلُهَا النَّاسُ أَمَامَ صَاحِبِ الحَقِّ، فَالإِثْمُ عَلَى المُرْتَشِي الآخِذِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2996 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في المعاملات

 السؤال :
 2023-02-25
 452
مَا حُكْمُ الذي يَسْتَوْرِدُ بِضَاعَةً ـ عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ ـ مِنَ الصِّينِ، وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا صِنَاعَةُ دَوْلَةٍ أُخْرَى كَاليَابَانِ، أَو السُّوَيْدِ، أَو أَلَمَانْيَا، أو غَيْرِهَا مِنَ الدُّوَلِ، مَعَ العِلْمِ أَنَّهُ يَقُولُ للمُشْتَرِي: هَذِهِ بِضَاعَةٌ صِينِيَّةٌ؟ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَنْ يَنْصَحَ المُشْتَرِيَ؟
 السؤال :
 2023-02-02
 391
مَاتَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ، وَلَمْ يَتْرُكْ إِلَّا بَيْتًا، وَقِيمَةُ البَيْتِ إِذَا بِيعَ تُسَدِّدُ دُيُونَهُ، فَهَلْ يَجِبُ بَيْعُ البَيْتِ لِسَدَادِ دُيُونِهِ؟
 السؤال :
 2022-10-27
 762
مَا حُكْمُ بَيْعِ الذَّهَبِ القَدِيمِ بِجَدِيدٍ مَعَ دَفْعِ الفَرْقِ؟
 السؤال :
 2022-02-14
 402
أَنَا أَعْمَلُ أَجِيرًا عِنْدَ بَائِعِ الذَّهَبِ، وَلَكِنَّ صَاحِبِ المَحَلِّ يَبِيعُ الذَّهَبَ لِأَجَلٍ، فَهَلْ أَنَا شَرِيكٌ مَعَهُ في الإِثْمِ؟
 السؤال :
 2021-11-26
 405
مَا حُكْمُ الرَّجُلِ الذي يَسْتَدِينُ ثُمَّ يُمَاطِلُ في أَدَاءِ الدَّيْنِ، وَيَغْضَبُ إِنْ طُولِبَ، وَإِذَا جَاءَ لِسَدَادِ الدَّيْنِ أَحْرَجَ الدَّائِنَ في إِسْقَاطِ جُزْءٍ مِنْ حَقِّهِ؟
 السؤال :
 2021-03-25
 221
في كُلِّ جُمُعَةٍ تَقُومُ لَجْنَةُ الجَامِعِ عِنْدَنَا بِجَمْعِ التَّبَرُّعَاتِ للمَسْجِدِ، فَهَلْ يَجُوزُ أَخْذُ رَوَاتِبِ الإِمَامِ وَالخَطِيبِ وَالمُؤَذِّنِ وَالخَادِمِ مِنْ هَذَا المَالِ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413893473
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :