سحر النبي   

9406 - سحر النبي   

22-01-2019 799 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سُحِرَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9406
 2019-01-22

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَحَدِيثُ سِحْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رواه الشيخان وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيثِ، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.

روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ، حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا وَدَعَا، ثُمَّ قَالَ: «أَشَعَرْتِ أَنَّ اللهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي، أَتَانِي رَجُلَانِ: فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟

قَالَ: مَطْبُوبٌ (مَسْحُورٌ).

قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟

قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ اليَهُودِيُّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ.

قَالَ: فِيمَا ذَا؟

قَالَ: فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ (مَا يَخْرُجُ مِنَ الكِتَّانِ حِينَ يُمْشَقُ، وَالمُشْقُ جَذْبُ الشَّيْءِ لِيَمْتَدَّ وَيَطُولَ؛ وَقِيلَ المُشَاقَةُ مَا يُغْزَلُ مِنَ الكِتَّانِ) وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ (وِعَاءُ الطَّلْعِ وَغِشَاؤُهُ إِذَا جَفَّ).

قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟

قَالَ: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ».

فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: «نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ».

فَقُلْتُ: اسْتَخْرَجْتَهُ؟

فَقَالَ: «لَا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرَّاً» ثُمَّ دُفِنَتِ البِئْرُ.

زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ حَدِيثَ سِحْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَحُطُّ مِنْ مَنْصِبِ النُّبُوَّةِ، وَيُشَكِّكُ فِيهَا.

كَمَا زَعَمُوا أَنَّ تَجْوِيزَ هَذَا يُعْدِمُ الثِّقَةَ بِمَا جَاءَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّرَائِعِ، وَأَنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ.

وَهَذَا الكَلَامُ مَرْدُودٌ، لِأَنَّ الأَدِلَّةَ القَاطِعَةَ قَامَتْ عَلَى صِدْقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يُبَلِّغُهُ عَنِ اللهِ تعالى، وَعَلَى عِصْمَتِهِ في التَّبْلِيغِ، وَالمُعْجِزَاتُ شَاهِداتٌ بِتَصْدِيقِهِ.

وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِبَعْضِ أُمُورِ الدُّنْيَا فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عُرْضَةٌ لِمَا يَتَعَرَّضُ لَهُ البَشَرُ كَالأَمْرَاضِ، قَالَ تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَسِحْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ نَقْصَاً وَلَا عَيْبَاً، بَلْ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا كَانَ يَعْتَرِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَسْقَامِ وَالأَوْجَاعِ وَالإِيذَاءِ مِنْ قِبَلِ مَرَدَةِ الإِنْسِ وَالجِنِّ.

وَلَكِنَّ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ عَلَى مَسْأَلَةِ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ وَمَعْصُومٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

هَذَا، وَقَدْ تَأَثَّرَ سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِمَا فَعَلَهُ السَّحَرَةُ، قَالَ تعالى: ﴿فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى﴾. وَلَيْسَ ذَلِكَ قَادِحَاً في رِسَالَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

فَإِذَا شَجَّهُ البَشَرُ، وَآذَوْهُ، وَحَاوَلُوا قَتْلَهُ، كَذَلِكَ السَّحَرَةُ بِالتَّعَاوُنِ مَعَ شَيَاطِينِهِمْ حَاوَلُوا إِيذَاءَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّ اللهَ تعالى سَلَّمَهُ مِنْ كَيْدِ الكَائِدِينَ جَمِيعَاً، وَمِنْ مَكْرِ المَاكِرِينَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
799 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  المسائل المتعلقة بالعقيدة

 السؤال :
 2023-03-25
 894
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ بَعْضِ طُلَّابِ العِلْمِ مَنْ يَقُولُ: اليَهُودُ وَالنَصَارَى يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، وَهَذَا مَا ثَبَتَ في القُرْآنِ العَظِيمِ، فَهَلْ كَلَامُهُ صَحِيحٌ؟
 السؤال :
 2023-02-06
 653
مَا هُوَ الفَارِقُ بَيْنَ العَقْلِ وَالقَلْبِ، وَأَيْنَ مَحَلُّ العَقْلِ مِنْ جِسْمِ الإِنْسَانِ؟
 السؤال :
 2022-12-25
 6123
إِذَا كَانَتِ المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ صَائِمَةً وَمُصَلِّيَةً، إِلَّا أَنَّهَا مُتَبَرِّجَةٌ، فَهَلْ تَكُونُ مِنَ الخَالِدِينَ في النَّارِ بِسَبَبِ تَبَرُّجِهَا وَغِوَايَتِهَا؟
 السؤال :
 2022-12-25
 592
هَلْ دُخُولُ الجَنَّةِ بِالفَضْلِ أَمْ بِالعَمَلِ؟ فَإِنْ كَانَ بِالفَضْلِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾؟
 السؤال :
 2022-10-03
 565
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ الإِنْسَانَ المُؤْمِنَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ يَرَى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 السؤال :
 2022-09-02
 281
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ قَرِيبٍ عَنِ الدَّعْوَةِ إلى الدِّيَانَةِ الإِبْرَاهِيمِيَّةِ، فَمَا هِيَ هَذِهِ الدِّيَانَةُ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414397685
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :