مع الصحابة و آل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم
35ـ خصائص السيدة الزهراء رَضِيَ اللهُ عَنها (2)
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: سُبْحَانَ مَن يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ وفَضْلِهِ مَن يَشَاءُ، ولَقَد شَاءَ اللهُ تعالى أَنْ يَخْتَارَ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ من سَائِرِ البَشَرِ لِيَجْعَلَهُ سَيِّدَ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ، وشَاءَ أَنْ يَخْتَارَ أَهْلَ بَيْتِهِ من سَائِرِ الخَلْقِ، وعلى رَأْسِهِمُ السَّيِّدَةُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنها، فَجَعَلَ لَهَا بَعْضَ الخَصَائِصِ دُونَ غَيْرِهَا رَضِيَ اللهُ عَنها.
فَهِيَ رَضِيَ اللهُ عَنها بِنْتُ سَيِّدِ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ، ومِنْهَا امْتَدَّ نَسْلُ سَيِّدِنَا المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، وهِيَ أَفْضَلُ نِسَاءِ هذهِ الأُمَّةِ، وسَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنها وأَرْضَاهَا.
رابعاً: هِيَ بَضْعَةٌ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: السَّيِّدَةُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنها هِيَ بَضْعَةٌ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
روى الإمام البخاري عَن الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي».
وروى الإمام مسلم عَن الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا».
وروى الإمام أحمد والترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ عَلِيَّاً ذَكَرَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّمَا فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي، يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا، وَيُنْصِبُنِي مَا أَنْصَبَهَا».
وروى الحاكم عَن أَبِي حَنْظَلَةَ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا فَاطِمَةُ مُضْغَةٌ مِنِّي، فَمَن آذَاهَا فَقَد آذَانِي».
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يُحِبُّهَا حُبَّاً شَدِيدَاً، ويُسَرُّ لِسُرُورِهَا، ويَغْضَبُ لِغَضَبِهَا رَضِيَ اللهُ عَنها، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الحاكم والترمذي عَن ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَحَبُّ النِّسَاءِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ فَاطِمَةَ، وَمِن الرِّجَالِ عَلِيٌّ.
وروى الإمام أحمد والحاكم عَنِ الْمِسْوَرِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ: «فَاطِمَةُ شُجْنَةٌ مِنِّي ـ صِلَةٌ وَقَرَابَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَمُتَشَابِكَةٌ ـ يَبْسُطُنِي مَا يَبْسُطُهَا، وَيَقْبِضُنِي مَا يَقْبِضُهَا».
وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ عَلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَهُمَا يَضْحَكَانِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ سَكَتَا.
فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «مَا لَكُمَا كُنْتُمَا تَضْحَكَانِ، فَلَمَّا رَأَيْتُمانِي سَكَتُّمَا؟».
فَبَادَرَتْ فَاطِمَةُ، فَقَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ هَذَا: أَنَا أَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ مِنْكِ.
فَقُلْتُ: بَلْ أَنَا أَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ مِنْكَ.
فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، وَقَالَ: «يَا بنيَّةُ لَكِ رِقَّةُ الْوَلَدِ، وَعَلِيٌّ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْكِ».
وهذا من بَدِيعِ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وفَصِيحِهِ، ومن حُسْنِ مَأْخَذِهِ.
خَامساً: هِيَ مَكَانُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: السَّيِّدَةُ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنها لَمَّا كَانَتْ بَضْعَةً من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يُشِيرُ إلى أَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
أيُّها الإخوة الكرام: لَمَّا حَاصَرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يَهُودَ بَنِي قُرَيْظَةَ خَمْسَةً وعِشْرِينَ لَيْلَةً حَتَّى جَهَدَهُمُ الحِصَارُ، وقَذَفَ اللهُ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وأَيْقَنُوا بِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عَنْهُم حَتَّى يُنَاجِزَهُم.
قَالَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنْ الْأَمْرِ مَا تَرَوْنَ، وَإِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكُمْ خِلَالَاً ثَلَاثَاً، فَخُذُوا أَيَّهَا شِئْتُمْ.
قَالُوا: وَمَا هِيَ؟
قَالَ: نُتَابِعُ هَذَا الرَّجُلَ وَنُصَدِّقُهُ، فَوَاللهِ لَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهُ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَأَنَّهُ لَلَّذِي تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ، فَتَأْمَنُونَ عَلَى دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَأَبْنَائِكُمْ وَنِسَائِكُمْ.
قَالُوا: لَا نُفَارِقُ حُكْمَ التَّوْرَاةِ أَبَدَاً، وَلَا نَسْتَبْدِلُ بِهِ غَيْرَهُ.
قَالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ عَلَيَّ هَذِهِ فَهَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا ثمَّ نَخْرُجْ إلى مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ رِجَالَاً مُصْلِتِينَ السُّيُوفَ لَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا ثَقَلَاً، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ، فَإِنْ نَهْلِكْ نَهْلِكُ وَلَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا نَسْلَاً نَخْشَى عَلَيْهِ، وَإِنْ نَظْهَرْ فَلَعَمْرِي لِنَجِدَنَّ النِّسَاءَ وَالْأَبْنَاءَ.
قَالُوا: نَقْتُلُ هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِينِ، فَمَا خَيْرُ الْعَيْشِ بَعْدَهُمْ؟
قَالَ: فَإِنْ أَبَيْتُمْ عَلَيَّ هَذِهِ فَإِنَّ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ السَّبْتِ، وَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ قَدْ أَمَّنُونَا فِيهَا، فَانْزِلُوا لَعَلَّنَا نُصِيبُ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ غِرَّةً.
قَالُوا: نُفْسِدُ سَبْتَنَا عَلَيْنَا، وَنُحْدِثُ فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا إلَّا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ، فَأَصَابَهُ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ مِن الْمَسْخِ.
قَالَ: مَا بَاتَ رَجُلٌ مِنْكُمْ مُنْذُ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِن الدَّهْرِ حَازِمَاً.
ثُمَّ إنَّهُمْ بَعَثُوا إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: أَن ابْعَثْ إلَيْنَا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَخَا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَكَانُوا حُلَفَاءَ الْأَوْسِ، لِنَسْتَشِيرَهُ فِي أَمْرِنَا، فَأَرْسَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ إلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ إلَيْهِ الرِّجَالُ وَجَهَشَ إلَيْهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَبْكُونَ فِي وَجْهِهِ، فَرَقّ لَهُمْ وَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا لُبَابَةَ، أَتَرَى أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى حَلْقِهِ إنَّهُ الذَّبْحُ.
قَالَ أَبُو لُبَابَةَ: فَوَاللهِ مَا زَالَتْ قَدَمَايَ مِنْ مَكَانِهِمَا حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي قَد خُنْتُ اللهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
ثُمَّ انْطَلَقَ أَبُو لُبَابَةَ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ حَتَّى ارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِدِ إلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِهِ وَقَالَ: لَا أَبْرَحُ مَكَانِي هَذَا حَتَّى يَتُوبَ اللهُ عَلَيَّ مِمَّا صَنَعْتُ، وَعَاهَدَ اللهَ أَنْ لَا أَطَأَ بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَدَاً، وَلَا أُرَى فِي بَلَدٍ خُنْتُ اللهَ وَرَسُولَهُ فِيهِ أَبَدَاً.
فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ خَبَرُهُ وَكَانَ قَدْ اَسْتَبْطَأَهُ قَالَ: «أَمَا إنَّهُ لَوْ جَاءَنِي لَاسْتَغْفَرْتُ لَهُ، فَأَمَّا إذْ قَدْ فَعَلَ مَا فَعَل فَمَا أَنَا بِاَلذِي أُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَتُوبَ اللهُ عَلَيْهِ».
أيُّها الإخوة الكرام: وفي لَيْلَةٍ من اللَّيَالِي كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ في بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَقْتَ السَّحَرِ، أَنْزَلَ اللهُ تعالى في أَبِي لُبَابَةَ قَوْلَهُ تعالى: ﴿يَا أَيّهَا الذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ مِن السَّحَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ.
قَالَ: «تِيبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ».
قُلْتُ: أَفَلَا أُبَشِّرُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: «بَلَى، إنْ شِئْتِ».
فَقَامَتْ عَلَى بَابِ حُجْرَتِهَا، وَذَلِك قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا لُبَابَةَ، أَبْشِرْ فَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَيْكَ.
قَالَتْ: فَثَارَ النَّاسُ إلَيْهِ لِيُطْلِقُوهُ.
فَقَالَ: لَا واللهِ حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ هُوَ الّذِي يُطْلِقُنِي بِيَدِهِ.
أيُّها الإخوة الكرام: روى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَن عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَن عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ أَنَّ فَاطِمَةَ أَرَادَتْ حَلَّهُ حِينَ نَزَلَتْ تَوْبَتُهُ.
فَقَالَ: قَد أَقْسَمْتُ ألا يُحِلَّنِي إلا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «إِنَّ فَاطِمَةَ مُضْغَةٌ مِنِّي».
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: ثَرْوَةُ الأُمَّةِ الحَقِيقِيَّةِ في أَبْنَائِهَا عِنْدَمَا يَكُونُوا أَوْفِيَاءَ لِسَلَفِ هذهِ الأُمَّةِ من صَحَابَةِ وآلِ بَيْتِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، فَلَقَد قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضَاً بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ، وَمَنْ آذَى اللهَ يُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ» رواه الإمام أحمد والترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا» رواه الإمام مسلم عَن الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُعَطِّفَ عَلَيْنَا قُلُوبَ آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم أَجْمَعِينَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
** ** **
تاريخ الكلمة:
الخميس: 26/ذو القعدة /1435هـ، الموافق: 10/أيلول/ 2015م
اضافة تعليق |
ارسل إلى صديق |
نَحْنُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى الوُقُوفِ أَمَامَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ... المزيد
الحِرْصُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالأَوْلَادِ مَطْلَبٌ مِنْ مَطَالِبِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّ الأَبَوَيْنِ مَسْؤُولَانِ عَنِ الذُّرِّيَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ ... المزيد
إِنَّ اللهَ تعالى سَيَسْأَلُ عَنْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ، فَهَلِ الوَاحِدُ مِنَّا حَرِيصٌ عَلَى صَاحِبِهِ يُذَكِّرُهُ بِاللهِ تعالى؟ لِأَنَّ الذي يَصْطَفي لِنَفْسِهِ صَاحِبَاً فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُبِّهِ لِصَاحِبِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ صَاحِبَهُ في ... المزيد
لَقَدْ طَبَعَ اللهُ تعالى الإِنْسَانَ عَلَى حُبِّ المَالِ، وَجَعَلَهُ مِنِ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَالَ تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابَاً وَخَيْرٌ ... المزيد
إِنَّ حُبَّ اللهِ تعالى، وَحُبَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُعْطِيَانِ للإِنْسَانِ الكَمَالَ وَالشَّرَفَ وَالعِزَّةَ وَالرِّفْعَةَ وَالمَكَانَةَ، بَلْ يُعْطِيَانِ الُمؤْمِنَ القُدْرَةَ ... المزيد
زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعُدَّةُ الزَّمَانِ بَعْدَ اللهِ تعالى الشَّبَابُ النَّاشِؤُونَ في طَاعَةِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، الذينَ تَكَادُ أَنْ لَا تَعْرِفَ لَهُمْ زَلَّةً، أَو تُعْهَدَ عَنْهُمْ صَبْوَةٌ، الذينَ يَتَسَابَقُونَ في مَيَادِينِ ... المزيد