150ـ من عجائب ولادته   

150ـ من عجائب ولادته   

150ـ من عجائب ولادته صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:  وَمِنْ عَجَائِبِ وِلَادَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ:

اهْتِزَازُ إِيوَانِ كِسْرَى وَانْصِدَاعِهِ وَسُقُوطِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ شُرُفَاتِهِ، وَبَقَاؤُهُ عَلَى تِلْكَ الحَالَةِ إلى يَوْمِنَا هَذَا، كَمَا قَالَ الحَافِظُ الزَّرْقَانِيُّ.

وَانْشَقَّ الإِيوَانُ لَا لِخَلَلٍ في بِنَائِهِ، فَقَدْ كَانَ بِنَاؤُهُ بِالمَدَائِنِ مِنَ العِرَاقِ مُحْكَمَاً، مَبْنِيَّاً بِالآجِرِ الكِبَارِ وَالجَصِّ، سُمْكُهُ مِائَةُ ذِرَاعٍ في طُولٍ مِثْلِهَا، وَقَدْ أَرَادَ الخَلِيفَةُ الرَّشِيدُ هَدْمَهُ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ تَحْتَهُ مَالَاً عَظِيمَاً فَعَجِزَ عَنْ هَدْمِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ اللهُ تعالى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ آيَةً بَاقِيَةً عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. اهـ.

وَقَدْ ذَكَرَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ في البِدَايَةِ فَصْلَاً خَاصَّاً فِيمَا وَقَعَ مِنَ الآيَاتِ، لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ فِيهَا:

ظُهُورُ النُّورِ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنُزُولُهُ عَلَى الأَرْضِ جَاثِيَاً، رَافِعَاً رَأْسَهُ إلى السَّمَاءِ، وَمَا شُوهِدَ مِنَ النُّورِ في المَنْزِلِ الذي وُلِدَ فِيهِ، وَدُنُوِّ النُّجُومِ مِنْهُمْ، وَانْصِدَاعِ إِيوَانِ كِسْرَى، وَسُقُوطُ الشُّرُفَاتِ، وَخُمُودُ النِّيرَانِ، وَرُؤْيَا المُوبِذَانِ.

قَالَ: وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الدِّلَالَاتِ، ثُمَّ أَوْرَدَ الأَخْبَارَ الوَارِدَةَ في ذَلِكَ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ.

كَمَا أَنَّ الحَافِظَ ابْنَ حَجَرٍ ذَكَرَ في الفَتْحِ جُمَلَاً مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ قَبْلَ المَبْعَثِ، ثُمَّ قَالَ:

وَمِمَّا ظَهَرَ مِنْ عَلَامَاتِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ الأَحَادِيثَ الوَارِدَةَ في ظُهُورِ النُّورِ.

ثُمَّ قَالَ: وَفِي حَدِيثِ مَخْزُومٍ بْنِ هَانِئٍ المَخْزُومِيِّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَكَانَ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ خَمْسُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ التي وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ انْكَسَرَ إِيوَانُ كِسْرَى، وَسَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةٍ، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ، وَلَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ عَامٍ، وَغَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَة، وَرَأَى المُوبِذَانُ إِبِلَاً صِعَابَاً تَقُودُ خَيْلَاً عِرَابَاً قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ، وَانْتَشَرَتْ في بِلَادِهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ كِسْرَى أَفْزَعَهُ مَا وَقَعَ ـ أَيْ: مِنَ انْصِدَاعِ الإِيوَانِ وَغَيْرِهِ ـ فَسَأَلَ عُلَمَاءَ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَرْسَلُوا إلى سَطِيحٍ .. القِصَّةَ.

وَذَكَرَ ذَلِكَ أَيْضَاً الحَافِظُ القَسْطَلَانِيُّ، وَعَزَاهُ إلى البَيْهَقِيُّ وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالخَرَائِطِيِّ وَابْنِ عَسَاكِرَ وَابْنِ جَرِيرٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْ هَؤُلَاءِ الحُفَّاظِ المُحَدِّثِينَ لِيَكُونَ حُجَّةً عَلَى أَهْلِ القُلُوبِ المَرِيضَةِ أَو الزَّائِغَةِ، وَلِيَزْدَادَ المُوقِنُونَ يَقِينَاً وَقُوَّةً.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَمِنَ الإِرْهَاصَاتِ وَالمُقَدِّمَاتِ لِنُبُوَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ التي وَقَعَتْ قَبْلَ وِلَادَتِهِ:

قِصَّةُ أَصْحَابِ الفِيلِ، وَكَيْفَ أَرْسَلَ اللهُ تعالى تِلْكَ الطَّيْرَ الأَبَابِيلَ المُتَوَاصِلَةَ في إِغَارَاتِهَا، الصَّائِبَةَ في رَمْيِهَا، وَإِحْكَامِهَا أَهْدَافَهَا، حَتَّى إِنَّهَا لَمْ تُخْطِئْ وَاحِدَاً مِنْهُمْ، وَكَيْفَ دَمَّرَهُمُ اللهُ تعالى وَكَبَتَهُمْ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِيَحْفَظَ هَذَا البَيْتَ الذي هُوَ قِبْلَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَتْبَاعِهِ، وَمُصَلَّاهُمْ وَمَحَجُّهُمْ، وَقِيَامَاً لَهُمْ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ.

وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ذَكَرَ اللهُ تعالى تِلْكَ القِصَّةَ في القُرْآنِ الكَرِيمِ، النَّازِلِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُذَكِّرَاً لَهُ بِتِلْكَ النِّعْمَةِ الكُبْرَى، مُمْتَنَّاً عَلَيْهِ بِذَلِكَ الفَضْلِ، أَنَّهُ سُبْحَانَهُ تَوَلَّى بِنَفْسِهِ الدِّفَاعَ عَنْ هَذَا البَيْتِ، الذي سَيَكُونُ مُصَلَّى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَمَحَجَّهُ وَمُعْتَمَرَهُ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرَاً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 7/ ربيع الأول /1441هـ، الموافق: 4/ تشرين الثاني / 2019م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  من كتاب سيدنا محمد رسول الله   

20-03-2021 2697 مشاهدة
203ـ تمسح الملائكة بالقبر الشريف

رَوَى الدَّارَمِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ كَعْبَاً ـ أَيْ: كَعْبَ الأَحْبَارِ ـ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ كَعْبٌ: مَا مِنْ يَوْمٍ يَطْلُعُ ... المزيد

 20-03-2021
 
 2697
12-03-2021 1503 مشاهدة
202ـ إفاضة القبر الشريف بالأسرار والأنوار

بَابُ مَا أَكْرَمَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحْطَاً شَدِيدَاً، ... المزيد

 12-03-2021
 
 1503
19-02-2021 1015 مشاهدة
201ـ بكاء الصحابة لتذكرهم عهوده صلى الله عليه وسلم

عَادَ خَبَّابَاً نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، تَرِدُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَوْضَ! ... المزيد

 19-02-2021
 
 1015
20-11-2020 4216 مشاهدة
200ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (2)

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ... المزيد

 20-11-2020
 
 4216
13-11-2020 1942 مشاهدة
199ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ ... المزيد

 13-11-2020
 
 1942
06-11-2020 1005 مشاهدة
198ـ محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (5)

بُكَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لِأَلَمِ فِرَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبُكَاؤُهُمْ لِتَذَكُّرِ مَجَالِسِهِ، وَبُكَاؤُهُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ... المزيد

 06-11-2020
 
 1005

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414202463
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :