الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَمِنَ الوَاجِبَاتِ المُتَعَلِّقَةِ بِشَعِيرَةِ صَلَاةِ الجُمُعَةِ وُجُوبُ السَّعْيِ إِلَيْهَا، وَتَرْكُ مُعَامَلَاتِ البَيْعِ وَالشِّرَاءِ عِنْدَ الأَذَانِ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾.
وَلَمْ يَخْتَلِفِ الفُقَهَاءُ في أَنَّ هَذَا البَيْعَ مُحَرَّمٌ لِهَذَا النَّصِّ، وَيَسْتَمِرُّ حَتَّى الفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ، أَمَّا قَوْلُهُ تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ﴾ فَصَرِيحٌ في الأَمْرِ بِالانْتِشَارِ للتِّجَارَةِ وَالتَّصَرُّفِ في الحَوَائِجِ وَابْتِغَاءِ الرِّزْقِ، وَالأَمْرُ هُنَا لَيْسَ للوُجُوبِ، بَلْ هُوَ للإِبَاحَةِ فَقَطْ، وَالقَائِلُ بِوُجُوبِ فَتْحِ المَحَلَّاتِ التِّجَارِيَّةِ بَعْدَ صَلَاةِ الجُمُعَةِ فَقَدْ أَثْبَتَ حُكْمَاً لَمْ يُثْبِتْهُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ، لِأَنَّ فَتْحَ المَحَلَّاتِ وَإِغْلَاقَهَا قَبْلَ الجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا مُبَاحٌ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |