201ـ بكاء الصحابة لتذكرهم عهوده   

201ـ بكاء الصحابة لتذكرهم عهوده   

201ـ بكاء الصحابة لتذكرهم عهوده صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

بُكَاؤُهُمْ لِتَذَكُّرِهِمْ عُهُودَهُمْ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

وَمِنْ ذَلِكَ: مَا جَاءَ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالَ: عَادَ خَبَّابَاً نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، تَرِدُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَوْضَ!

فَقَالَ: كَيْفَ بِهَذَا؟ وَأَشَارَ إلى أَعْلَى البَيْتِ وَأَسْفَلِهِ ـ وَفِي البَيْتِ قَلِيلٌ مِنَ الأَمْتِعَةِ وَالوَسَائِدِ ـ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ كَزَادِ الرَّاكِبِ».

يَعْنِي: أَنَّهُ بَكَى خَوْفَاً مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَوَسَّعَ في حُطَامِ الدُّنْيَا وَمَتَاعِهَا، فَوْقَ زَادِ الرَّاكِبِ، كَمَا عَهِدَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.

وَعَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ سَلْمَانَ الخَيْرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَ حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ عَرَفُوا مِنْهُ بَعْضَ الجَزَعِ.

فَقَالُوا: مَا يُجْزِعُكَ ـ أَيْ: مَا يُخِيفُكَ ـ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، وَقَدْ كَانَتْ لَكَ سَابِقَةٌ فِي الْخَيْرِ؟ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَغَازِيَ حَسَنَةً، وَفُتُوحَاً عِظَامَاً!

فَقَالَ: يُجْزِعُنِي أَنَّ حَبِيبَنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَارَقَنَا عَهِدَ إِلَيْنَا: «لِيَكْفِ المَرْءَ مِنْكُمْ كَزَادِ الرَّاكِبِ» فَهَذَا الَّذِي أَجْزَعَنِي ـ جَعَلَنِي في خَوْفٍ ـ

قَالَ: فَجُمِعَ مَالُ سَلْمَانَ فَكَانَ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمَاً. رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ كَمَا في التَّرْغِيبِ.

فَخَافَ سَلْمَانُ أَنْ يَكُونَ خَالَفَ عَهْدَ حَبِيبِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ جَمَعَ مِنَ المَالِ فَوْقَ زَادِ الرَّاكِبِ.

ضَجِيجُ بُكَاءِ الصَّحَابَةِ لِوَفَاةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

قَالَ في المَوَاهِبِ وَشَرْحِهَا: أَخْرَجَ ابْنُ مَنْدَه وَابْنُ عَسَاكِرَ ـ وَاللَّفْظُ لَهُ ـ عَنْ أَبِي ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيِّ أَنَّهُ قَالَ:

بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَرِيضٌ، فَأَوْجَسَ أَهْلُ الحَيِّ خِيفَةً عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَبِتُّ بِلَيْلَةٍ طَوِيلَةٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ قُرْبَ السَّحَرِ نِمْتُ، فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ يَقُولُ:

خَطْبٌ أَجَلُّ أَنَاخَ بِالإِسْلَامِ    ***   بَيْنَ الـنَّخِيلِ وَمَـقْـعَدِ الآطَامِ

قُـبِـضَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ فَـقُلُوبُنَا   ***   تَذْرِي الدُّمُوعَ عَلَيْهِ بِالتَّجسَامِ

قَالَ: فَانْتَبَهْتُ مِنْ نَوْمِي فَزِعَاً، وَعَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ، فَقَدِمْتُ المَدِينَةَ وَلِأَهْلِهَا ضَجِيجٌ بِالبُكَاءِ كَضَجِيجِ الحَجِيجِ أَهَلُّوا جَمِيعَاً بِالإِحْرَامِ.

فَقُلْتُ: مَهْ ـ أَيْ: مَا السَّبَبُ في هَذَا البُكَاءِ؟ ـ.

فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ القَسْطَلَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ بِلَا خِلَافٍ، وَقْتَ دُخُولِهِ المَدِينَةَ في هِجْرَتِهِ، حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَاءُ.

وَدُفِنَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَقِيلَ: لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ، وَقِيلَ: يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ. اهـ.

وَقَالَ في لَطَائِفِ المَعَارِفِ: وَكَانَتْ وَفَاتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في يَوْمِ الاثْنَيْنِ في شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ بِلَا خِلَافٍ.

وَاخْتَلَفُوا في تَعْيِينِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الشَّهْرِ، فَقِيلَ: كَانَتْ وَفَاتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ الشَّهْرِ، وَقِيلَ ثَانِيهِ، وَقِيلَ ثَانِيَ عَشَرِهِ، وَقِيلَ ثَالِثَ عَشَرِهِ، وَقِيلَ خَامِسَ عَشَرِهِ، وَالمَشْهُورُ أَنَّهُ كَانَ ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. اهـ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ أَنَّ وَفَاتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الأَوَّلِ؛ وَعَلَيْهِ الجُمْهُورُ.

وَأَخْرَجَ الوَاقِدِيُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: بَيْنَا نَحْنُ مُجْتَمِعُونَ نَبْكِي لِوَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ نَنَمْ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بُيُوتِنَا، وَنَحْنُ نَتَسَلَّى بِرُؤْيَتِهِ عَلَى السَّرِيرِ، إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ الكَّرَّازِينَ ـ أَيْ: صَوْتَ الفُؤُوسِ يُحْفَرُ بِهَا ـ في السَّحَرِ.

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَصِحْنَا وَصَاحَ أَهْلُ المَدِينَةِ، فَارْتَجَّتِ المَدِينَةُ صَيْحَةً وَاحِدَةً وَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالفَجْرِ، فَلَمَّا ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ؛ بَكَى بِلَالٌ وَانْتَحَبَ، فَزَادَنَا حُزْنَاً وَعَالَجَ النَّاسُ الدُّخُولَ ـ أَيْ: الوُصُولَ إلى قَبْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ فَغُلِقَ دُونَهُمْ ـ أَيْ: مُنِعُوا مِنَ الهُجُومِ إلى القَبْرِ الشَّرِيفِ وَقْتَ الدَّفْنِ الشَّرِيفِ ـ.

قَالَتْ: فَيَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ مَا أُصِبْنَا بَعْدَهَا بِمُصِيبَةٍ إِلَّا هَانَتْ، إِذَا ذَكَرْنَا مُصِيبَتَنَا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَجَاءَ بَعْضُ هَذَا الحَدِيثِ في طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ المُصِيبَةَ بِوَفَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هِيَ أَعْظَمُ المَصَائِبِ.

وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ في المُوَطَّأِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِيُعَزِّ المُسْلِمِينَ فِي مَصَائِبِهِمُ، المُصِيبَةُ بِي».

وَرَوَى ابْنُ مَاجَه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ في مَرَضِهِ الذي تُوُفِّيَ فِيهِ: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّمَا أَحَدٍ مِنَ المُؤْمِنِينَ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ، فَلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي، عَنِ المُصِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي، فَإِنَّ أَحَدَاً مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي» أَيْ: المُصِيبَةُ بِوَفَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَأَخْرَجَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: بَكَى النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَاتَ، وَقَالُوا: وَاللهِ وَدِدْنَا أَنَّا مِتْنَا قَبْلَهُ، وَنَخْشَى أَنْ نُفْتَنَ بَعْدَهُ. انْظُرْ ذَلِكَ في البِدَايَةِ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:

قَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، تَرْثِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَلَا يَـا رَسُـولَ اللهِ كُـنْـتَ رَجَاءَنَا   ***   وَكُـنْـتَ بِـنَـا بَـرَّاً وَلَمْ تَـكُ جَافِيَـا

وَكُنْتَ رَحِيمَاً هَادِيَـــــــاً وَمُعَلِّمَاً   ***   لِيَبْكِ عَلَيْكَ الْيَوْمَ مَنْ كَـانَ بَـاكِيَـا

لَــــــعَمْرِي مَا أَبْكِي النَّبِيَّ لِمَوْتِهِ   ***   وَلَكِنْ لِـهَـرْجٍ كَـانَ بَـعْـدَكَ آتِـيَـا

كَأَنَّ عَـــلَى قَـــــلْبِي لِفَقْدِ مُحَمَّدٍ   ***   وَمِنْ حُبِّهِ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ المَكَاوِيَــــا

أَفَاطِمُ صَـــــــلَّى اللهُ رَبُّ مُحَمَّدٍ   ***   عَلَى جَدَثٍ أَمْسَى بِيَثْرِبَ ثَاوِيَــــا

أَرَى حَسَنَاً أَيْتَمْتَهُ وَتَـرَكْـتَــــــهُ   ***   يَبْكِي وَيَدْعُو جَدَّهُ الْيَوْمَ نَائِيَـــــا

فِدَىً لِرَسُولِ اللهِ أُمِّي وَخَـالَـتِـي   ***   وَعَمِّي وَخَالِي ثُمَّ نَفْسِي وَمَالِيَــــا

صَبَرْتَ وَبَلَّغْتَ الرِّسَالَةَ صَـادِقَـاً   ***   وَمِتَّ قَوِيَّ الدِّينِ أَبْلَجَ صَافِيَــــا

فَلَوْ أَنَّ رَبَّ الْعَرْشِ أَبْقَاكَ بَـيْـنَـنَا   ***   سَعِدْنَا وَلَكِنْ أَمْرُهُ كَانَ مَاضِيَــــا

عَـلَـيْـكَ مِـنَ اللهِ الـسَّـلَامُ تَحِيَّـةً   ***   وَأُدْخِلْتَ جَنَّاتٍ مِنَ الْعَدْنِ رَاضِيَا

قَالَ الحَافِظُ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. اهـ. وَانْظُرْهُ في المَوَاهِبِ وَشَرْحِهَا.

بُكَاءُ الصَّحَابَةِ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُتَذَكِّرِينَ مَوَاعِظَهُ وَوَصَايَاهُ:

وَمِنْ ذَلِكَ: مَا جَاءَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَرَجَ إلى المَسْجِدِ، فَوَجَدَ مُعَاذَاً عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي.

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا يُبْكِيكَ؟

فَقَالَ مُعَاذٌ: حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اليَسِيرُ مِنَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ، وَمَنْ عَادَى أَوْلِيَاءَ اللهِ فَقَدْ بَارَزَ اللهِ بِالمُحَارَبَةِ.

إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْأَبْرَارَ الأَتْقِيَاءَ الأَخْفِيَاءَ، الَّذِينَ إِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا، وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُعْرَفُوا، قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى، يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ».

قَالَ في التَّرْغِيبِ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَالحَاكِمُ وَالبَيْهَقِيُّ في الزُّهْدِ وَقَالَ الحَاكِمُ صَحِيحٌ وَلَا عِلَّةَ لَهُ. اهـ.

وَرَوَى البَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ العُلَمَاءِ يَقُولُ: بَلَغَنَا أَنَّهُ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَتَلَا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمَاً﴾.

ثُمَّ قَالَ: صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ ـ سَبْعِينَ مَرَّةً ـ نَادَاهُ مَلَكٌ: صَلَّى الله عَلَيْكَ يَا فُلَانُ، وَلَمْ تَسْقُطْ لَهُ حَاجَةٌ ـ أَيْ: لَا تُرَدُّ حَاجَتُهُ، وَلَا يَخِيبُ دُعَاؤُهُ بِوَجَاهَةِ الحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَرِيبِ المُجِيبِ ـ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 7/ رجب /1442هـ، الموافق: 19/شباط / 2020م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  من كتاب سيدنا محمد رسول الله   

20-03-2021 2695 مشاهدة
203ـ تمسح الملائكة بالقبر الشريف

رَوَى الدَّارَمِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ كَعْبَاً ـ أَيْ: كَعْبَ الأَحْبَارِ ـ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ كَعْبٌ: مَا مِنْ يَوْمٍ يَطْلُعُ ... المزيد

 20-03-2021
 
 2695
12-03-2021 1503 مشاهدة
202ـ إفاضة القبر الشريف بالأسرار والأنوار

بَابُ مَا أَكْرَمَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحْطَاً شَدِيدَاً، ... المزيد

 12-03-2021
 
 1503
20-11-2020 4216 مشاهدة
200ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (2)

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ... المزيد

 20-11-2020
 
 4216
13-11-2020 1941 مشاهدة
199ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ ... المزيد

 13-11-2020
 
 1941
06-11-2020 1004 مشاهدة
198ـ محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (5)

بُكَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لِأَلَمِ فِرَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبُكَاؤُهُمْ لِتَذَكُّرِ مَجَالِسِهِ، وَبُكَاؤُهُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ... المزيد

 06-11-2020
 
 1004
30-10-2020 817 مشاهدة
197ـ محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (4)

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَمِنْ ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ... المزيد

 30-10-2020
 
 817

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413989504
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :