يَا مَنْ أَقْعَدَكُمُ المَرَضُ عَنِ الصِّيَامِ وَالقِيَامِ، وَقُلُوبُكُمْ تَتَلَهَّفُ للصِّيَامِ وَالقِيَامِ، أَبْشِرُوا وَلَا تَحْزَنُوا، فَأَنْتُمْ في نِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، مَا دَامَتْ قُلُوبُكُمْ تَتَطَلَّعُ للصِّيَامِ وَالقِيَامِ، وَاسْمَعُوا هَذِهِ البِشَارَاتِ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي مَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. ... المزيد
فِي خِتَامِ هَذَا الشَّهْرِ العَظِيمِ المُبَارَكِ، وَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى العَظِيمَةِ المُبَارَكَةِ، التي جَسَّدَتْ لَنَا بِوُضُوحٍ تَامٍّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾. ... المزيد
غَزْوَةُ بَدْرٍ الكُبْرَى فِيهَا دَرْسٌ عَمَلِيٌّ لِكُلِّ ظَالِمٍ، وَلِكُلِّ مَظْلُومٍ، وَكَأَنَّ لِسَانَ حَالِ الغَزْوَةِ يَقُولُ لِكُلِّ مَظْلُومٍ: اصْبِرْ وَصَابِرْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَحِيدَ عَنْ جَادَّةِ الصَّوَابِ، فَالعَاقِبَةُ لَكَ، وَالنَّتِيجَةُ لَكَ، وَأَنْتَ الرَّابِحُ في نِهَايَةِ المَطَافِ، وَلَكِنَّ الأَمْرَ يَحْتَاجُ إلى شَيْءٍ مِنَ الصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ، وَكُنْ عَلَى يَقِينٍ أَنَّ وَعْدَ اللهِ تعالى لَا يُخْلَفُ، أَلَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ﴾؟ ... المزيد
مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى نَتَعَلَّمُ خُلُقَ التَّوَاضُعِ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَيْفَ كَانَ يَتَعَامَلُ مَعَ أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ. في غَزْوَةِ بَدْرٍ حَصَلَ أَثْنَاءَ تَسْوِيَةِ صُفُوفِ المُقَاتِلِينَ مَوْقِفٌ، هَذَا المَوْقِفُ يُعَرِّفُنَا عَلَى صِفَةٍ مُهِمَّةٍ مِنْ صِفَاتِ الجَيْشِ المَنْصُورِ، أَلَا وَهِيَ تَوَاضُعِ قَائِدِ الجَيْشِ مَعَ جُنْدِهِ، وَانْصِهَارِهِ فِيهِمْ، فَمَا هُوَ إِلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ. ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾. فَاللهُ سُبْحَانَهُ وتعالى ذُو الطَّوْلِ وَالفَضْلِ وَالإِحْسَانِ، يُعْطِي مَنْ يَشَاءُ مَا يَشَاءُ، في أَيِّ مَكَانٍ شَاءَ، وَفي أَيِّ زَمَانٍ شَاءَ، لَا يَمْنَعُهُ مَانِعٌ مِنْ إِيصَالِ فَضْلِهِ وَنِعْمَتِهِ إلى مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ. ... المزيد
الزَّمَنُ يَمضِي ولا يَعُودُ، ولَيسَ هُناكَ شَيءٌ أسرَعُ من الزَّمَنِ، فهوَ لا يَتَوَقَّفُ، تَمُرُّ اللَّيالِي والأيَّامُ والشُّهُورُ والسَّنَوَاتُ على الإنسَانِ ويَنتَهِي وُجُودُهُ فِيها كَأَنَّهُ لم يَلبَثْ فِيها إلا سَاعَةً من الزَّمَنِ. أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: من لا يَغتَنِمُ وَقتَهُ ويَومَهُ بالخَيرِ، ويَقُولُ: غَدَاً أو بَعدَ غَدٍ سَأَفعَلُ وأغتَنِمُ فَهُوَ خَاسِرٌ، لأنَّهُ لِكُلِّ وَقتٍ عَمَلٌ جَدِيدٌ، ورَحِمَ اللهُ تعالى الإمامَ الشَّافِعِيَّ إذْ يَقُولُ: الوَقتُ كالسَّيفِ إن لم تَقطَعْهُ قَطَعَكَ، ونَفسُكَ إن لم تَشْغَلْهَا بالخَيرِ شَغَلَتْكَ بالشَّرِّ. ... المزيد
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ قِصَّةَ قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ فِرْعَوْنِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَقَائِدِ المُشْرِكِينَ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ أَبْرَزِ فُرْسَانِ المُشْرِكِينَ، وَأَكْثَرُ المُشْرِكِينَ جُرْأَةً عَلَى المُسْلِمِينَ وَأَمْنَعُهُمْ، كَانَ مُحَاطًا بِفِرْقَةٍ عَسْكَرِيَّةٍ قَوِيَّةٍ لِحِمَايَتِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ قُتِلَ بِطَرِيقَةٍ عَجِيبَةٍ، فَلَو قَتَلَهُ فَارِسٌ مُحْتَرِفٌ مِنْ فُرْسَانِ المُسْلِمِينَ، مِثْلُ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ، أَو عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَو طَلْحَةِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، لَكَانَ هَذَا أَمْرًا مَفْهُومًا عِنْدَنَا، لَكِنَّ قَتْلَهُ تَمَّ بِطَرِيقَةٍ عَظِيمَةٍ عَجِيبَةٍ، وَلَيْسَ لَهَا إِلَّا تَفْسِيرٌ وَاحِدٌ، هُوَ جُنْدِيُّ البَرَكَةِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ تعالى بَارَكَ في فِعْلٍ ضَعِيفٍ، لِيُحَقِّقَ نَتِيجَةً هَائِلَةً قَوِيَّةً. ... المزيد
لَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ، مِنْ جُنُودِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ جُنْدِيُّ البَرَكَةِ، وَهُوَ تَضْخِيمُ النَّتِيجَةِ للفِعْلِ البَسِيطِ، تَعْمَلُ شَيْئًا في الأَصْلِ لَا يُؤَدِّي إلى نَتِيجَةٍ كَبِيرَةٍ، فَإِذَا بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ يُبَارِكُ في هَذَا العَمَلِ وَيُضَخِّمُهُ، وَيُضَخِّمُ أَثَرَهُ، حَتَّى تُصْبِحَ النَّتِيجَةُ هَائِلَةً. إِنَّ أُمَّةً لَا تَقْرَأُ تَارِيخَهَا، لَا يُمْكِنُ أَنْ تَعْرِفَ حَاضِرَهَا، وَلَا أَنْ تُخَطِّطَ لِمُسْتَقْبَلِهَا، قَالَ تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى﴾. ... المزيد
غَزْوَةُ بَدْرٍ الكُبْرَى مِقْيَاسٌ لِكُلِّ شَبَابِ الأُمَّةِ، وَوَاجِبٌ عَلَى شَبَابِ الأُمَّةِ أَنْ يَضَعُوا أَنْفُسَهُمْ في مِيزَانِ شَبَابِ أَهْلِ بَدْرٍ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَيْنَ هُمْ مِمَّنْ عَرَفَ قِيمَةَ الحَيَاةِ، وَعَرَفَ الغَايَةَ مِنْ هَذِهِ الحَيَاةِ. ... المزيد
الإِسْلَامُ مَنْهَجُ حَيَاةٍ، وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَبَّى الرَّعِيلَ الأَوَّلَ عَلَى أَخْلَاقِ الإِسْلَامِ، فَضَرَبُوا للتَّارِيخِ كُلِّهُ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ عَلَى صِدْقِ الوَعْدِ، وَعَلَى الوَفَاءِ بِالعَهْدِ، وَاسْتَطَاعُوا أَنْ يُتَرْجِمُوا الإِسْلَامَ سُلُوكًا وَعَمَلًا، وَإِنَّهُ مَا أَنْزِلَ إِلَّا لِيُحَوَّلَ إلى وَاقِعٍ عَمَلِيِّ. ... المزيد
غَزْوَةُ بَدْرٍ الكُبْرَى آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللهِ العُظْمَى، إِنَّ خُرُوجَ المُسْلِمِينَ مِنْ أَجْلِ العِيرِ التي كَانَ يَحْرُسُهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لَمْ تَكُنْ إِلَّا إِغْرَاءً عَلَى الخُرُوجِ العَاجِلِ الخَفِيفِ، لِئَلَّا يَتَهَيَّأَ جَيْشٌ، وَلِيَكُونَ اللِّقَاءُ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، لِتَكُونَ الغَزْوَةُ آيَةً مِنْ آيَاتِ اللهِ العُظْمَى. ... المزيد
تُعْتَبَرُ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّةُ بَيَانًا وَمِنْهَاجًا لِسِيرَةِ الدَّعْوَةِ، وَأُسْلُوبِ الدَّاعِي، وَسِجِلًّا لِأَحْدَاثِ الكِيَانِ الإِسْلَامِيِّ مِنْ أَوَّلِ بَدْءِ الوَحْيِ إلى خَاتِمَتِهِ، وَهِيَ جَدِيرَةٌ بِالدَّرْسِ وَالتَّحْلِيلِ للتَّأَسِّي وَالاقْتِدَاءِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾. ... المزيد
قَامَتْ قُرَيْشٌ بِالحَرْبِ النَّفْسِيَّةِ عَلَى المُسْلِمِينَ بَعْدَ فَشَلِهَا في إِثَارَةِ الفِتْنَةِ في المَدِينَةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ، أَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ رِسَالَةً إلى المُسْلِمِينَ، قَالَتْ: لَا يَغُرَّنَّكُمْ أَنَّكُمْ أَفْلَتُّمُونَا إلى يَثْرِبَ، سَنَأْتِيكُمْ فَنَسْتَأْصِلَكُمْ وَنُبِيدَ خَضْرَاءَكُمْ في عُقْرِ دَارِكُمْ. ... المزيد
لَقَدْ كَانَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ الكُبْرَى التي ابْتَدَأَتْ وانْتَهَتْ بِتَدْبِيرِ اللهِ تعالى وتَوْجِيهِهِ ومَدَدِهِ فُرْقَانًا بَيْنَ الحَقِّ والبَاطِلِ، فُرْقَانًا بَيْنَ الحَقِّ الذي عَلَيْهِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ والأَرْضُ، وقَامَتْ عَلَيْهِ فِطْرَةُ النَّاسِ المُتَمَثِّلَةُ في تَفَرُّدِ اللهِ تعالى بِالأُلُوهِيَّةِ والسُّلْطَانِ والتَّدْبِيرِ والتَّقْدِيرِ، وفي عُبُودِيَّةِ الكَوْنِ كُلِّهِ سَمَائِهِ وَأَرْضِهِ لِهَذَا الإِلَهِ الفَرْدِ، وَبَيْنَ البَاطِلِ الزَّائِفِ الذي كَانَ يَعُمُّ وَجْهَ الأَرْضِ إِذْ ذَاكَ، حَيْثُ تُقِيمُ في الأَرْضِ الطَّوَاغِيتُ التي تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ تعالى. ... المزيد
حَدِيثُنَا مَا زَالَ عَنِ القُرْآنِ العَظِيمِ الذي هُوَ مَنْبَعُ الهِدَايَةِ، وَمَعْلَمُ النُّورِ، الذي بِهِ حَيَاةُ القُلُوبِ، وَسَكِينَةُ النُّفُوسِ، وَرَشَدُ العُقُولِ، وَاسْتِقَامَةُ الجَوَارِحِ، وَطِيبُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَنَجَاةُ الحَيَاةِ الآخِرَةِ؛ القُرْآنُ العَظِيمُ حِكْمَتُهُ بَالِغَةٌ، وَشَرِيعَتُهُ نَافِعَةٌ. ... المزيد
اللهُ تَبَارَكَ وتعالى هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، الذي وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ، وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنَ المُحْسِنِينَ الرَّجَاعِينَ التَّوَّابِينَ، الذينَ إِذَا أَذْنَبُوا اسْتَغْفَرُوا، وَإِذَا ذُكِّرُوا ذَكَرُوا، فَلَيْسَتِ المُشْكِلَةُ في الوُقُوعِ في الذَّنْبِ، لَكِنَّ المُشْكِلَةَ الكُبْرَى، وَالدَّاهِيَةَ العُظْمَى في الإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ، وَأَنْ يَأْلَفَ العَبْدُ الذَّنْبَ، وَيَتَسَاهَلَ بِخَطَرِهِ، وَلَا يُحَدِّثَ نَفْسَهُ بِتَوْبَةٍ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. ... المزيد
مِنَ الأَسْبَابِ الدَّاعِيَةِ إلى تَدَبُّرِ القُرْآنِ أَمْرُ اللهُ لَنَا بِأَنْ نَقِفَ مَعَ آيَاتِهِ وَأَنْ نَتَدَبَّرَهَا، بَلْ مَا أَنْزَلَ اللهُ القُرْآنَ إِلَّا مِنْ أَجْلِ أَنْ يُتَأَمَّلَ وَيُتَدَبَّرَ لِيُعْمَلَ بِهِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾. ... المزيد
كُلُّنَا ذَوُو أَخْطَاءٍ، وَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَهُ اللهُ تعالى، وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ مَلَكًا، وَلَمْ يُخْلَقْ بَشَرًا مَعْصُومًا، بَلْ هُوَ إِنْسَانٌ تَتَنَازَعُهُ قِوَى الخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَتَارَةً يَغْلِبُ خَيْرُهُ شَرَّهُ فَهُوَ خَيْرٌ مِنَ المَلَائِكَةِ، وَتَارَةً يَغْلِبُ شَرُّهُ خَيْرَهُ فَهُوَ شَرٌّ مِنَ البَهَائِمِ، كُلُّنَا مُنْدَرِجٌ تَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» رَوَاهُ الحَاكِمُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ... المزيد
هَلْ تَأَمَّلَ أَحَدُنَا صَوَابَ الصَّائِبِينَ، وَخَطَأَ المُخْطِئِينَ، وَصَلَاحَ الصَّالِحِينَ، وَانْحِرَافَ المُنْحَرِفِينَ، وَفَوْزَ الفَائِزِينَ، وَفَشَلَ الفَاشِلِينَ، مَا سَبَبُهُ؟ وَمَا سِرُّهُ؟ مَعَ أَنَّ النَّاسَ خُلِقُوا خِلْقَةً وَاحِدَةً، وَكُلُّهُمْ لَهُ عَقْلٌ وَإِدْرَاكٌ، وَكُلُّهُمْ يُشَاهِدُونَ التَّجَارِبَ، وَيَقْرَؤُونَ قِصَصَ الآخَرِينَ، وَيُبْصِرُونَ العِبْرَةَ. ... المزيد
إِنَّ مِنْ أَبْوَابِ البِرِّ وَصُنُوفِ الخَيْرِ التي يَزْدَانُ بِهَا هَذَا الشَّهْرُ أَنَّهُ مَحَلٌّ لِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ القُرْآنِ، قِرَاءَةُ القُرْآنِ التي هِيَ شِفَاءُ القُلُوبِ، وَاسْتِقَامَةُ الأَحْوَالِ، فَإِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا أَخْبَرَ بِأَنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي للتي هِيَ أَقْوَمُ، وَهِدَايَتُهُ للتي هِيَ أَقْوَمُ في العَقَائِدِ وَالأَعْمَالِ وَالأَخْلَاقِ وَالأَحْكَامِ وَجَمِيعِ الشُّؤُونِ، فَمِمَّا اخْتَصَّ اللهُ بِهِ هَذَا الشَّهْرَ أَنْ أَنْزَلَ فِيهِ القُرْآنَ، فَحَقُّهُ أَنْ يُجْتَهَدَ فِيهِ في قِرَاءَةِ القُرْآنِ، وَأَنْ يُوَفِّرَ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ عَلَى الاسْتِكْثَارِ مِنَ القِرَاءَةِ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَكَرَ القُرْآنَ، ذَكَرَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَنْزَلَ فِيهِ القُرْآنَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ذَكَرَ فَرْضِيَّةَ الصِّيَامِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وتعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾. ثُمَّ قَالَ: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾. ... المزيد