128ـ ما أجمل الحكيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ مَنْ يُحْسِنُ إِلَيْهَا، وَيَتَلَقَّاهَا بِاللِّينِ، وَيَبْسُطُ لَهَا المُحَيَّا، وَالشِّدَّةُ تَدْفَعُ إلى المُكَابَرَةِ وَالإِصْرَارِ وَالعِنَادِ، حَتَّى تَأْخُذَ النَّفْسَ العِزَّةُ بِالإِثْمِ.
مَا أَجْمَلَ الحَكِيمَ:
دُعِيَ الْحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى إلَى عُرْسٍ، فَجِيءَ بِجَامٍ مِنْ فِضَّةٍ فِيهِ خَبِيصٌ، فَتَنَاوَلَهُ فَقَلَبَهُ عَلَى رَغِيفٍ وَأَصَابَ مِنْهُ.
فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا نَهْيٌ فِي سُكُونٍ. اهـ. كَذَا في فَصْلِ الخِطَابِ في الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ وَالآدَابِ.
وَجَاءَ في المُجَالَسَةِ وَجَوَاهِرِ العِلْمِ: بَيْنَمَا الرَّشِيدُ هَارُونُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ؛ إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ بِكَلَامٍ فِيهِ غِلَظٌ؛ فَاحْتَمِلْهُ لِي.
فَقَالَ: لَا، وَلَا نِعْمَةُ عَيْنٍ وَلَا كَرَامَةٌ، قَدْ بَعَثَ اللهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ إِلَى مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنِّي، فَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولُ لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا.
لِنَتَعَامَلْ مَعَ بَعْضِنَا بِالأَخْلَاقِ المُحَمَّدِيَّةِ، لَعَلَّ اللهَ تعالى يَجْعَلُ مُجْتَمَعَنَا مُجْتَمَعًا مُتَمَاسِكًا.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِذَلِكَ. آمين.
** ** **
أخوكم أحمد شريف النعسان
يرجوكم دعوة صالحة