﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ إِشَارَةً إلى المُعَذَّبِينَ في نَارِ جَهَنَّمَ، حَيْثُ يُشْرِفُ عَلَى تَعْذِيبِهِمْ في سَقَرَ تِسْعَةَ عَشَرَ مِنَ المَلَائِكَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾. ... المزيد
بَعْدَ القَرَارِ النِّهَائِيِّ الذي تَوَصَّلَ إِلَيْهِ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ في حَقِّ القُرْآنِ العَظِيمِ، وَفي حَقِّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بَعْدَ تَفْكِيرٍ وَتَقْدِيرٍ وَتَرَيُّثٍ وَتَمَهُّلٍ طَوِيلٍ، قَرَّرَ قَرَارًا مُتَنَاقِضًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَاخِلِهِ، فَقَالَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَذَّابٌ في هَذَا القَرَارِ: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾. مَعَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ قَبْلَ هَذَا القَرَارِ: وَوَاللهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي يَقُولُهُ حَلَاوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً، وَإِنَّهُ لَمُثْمِرٌ أَعْلَاهُ، مُغْدِقٌ أَسْفَلُهُ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُوَ وَلَا يُعْلَى. /كذا في البداية والنهاية. ... المزيد
إِنَّ حَالَةَ الكِبَرِ هِيَ الحَالَةُ التي يَحْتَاجَانِ فِيهَا إلى بِرِّ الوَلَدِ، وَذَلِكَ لِتَغَيُّرِ الحَالِ عَلَيْهِمَا بِالضَّعْفِ وَالكِبَرِ، لِذَا أَلْزَمَ الشَّارِعُ في هَذِهِ الحَالِةِ مِنْ مُرَاعَاةِ أَحْوَالِهِمَا أَكْثَرَ مِمَّا أَلْزَمَهُ مِنْ قَبْلُ، لِأَنَّهُمَا في هَذِهِ الحَالَةِ قَدْ صَارَا كَلًّا عَلَيْهِ، فَيَحْتَاجَانِ أَنْ يَلِيَ مِنْهُمَا في الكِبَرِ مَا كَانَ يَحْتَاجُ في صِغَرِهِ أَنْ يَلِيَا مِنْهُ، فَلِذَلِكَ خَصَّ هَذِهِ الحَالَةَ بِالذِّكْرِ. ... المزيد
التَّفْكِيرُ هُوَ العَمَلُ البَدَهِيُّ للعَقْلِ، إِذْ لَا فَائِدَةَ مِنْ وُجُودِ عَقْلٍ مِنْ غَيْرِ تَفْكِيرٍ، لِأَنَّ العَقْلَ المَشْلُولَ لَيْسَ بِعَقْلٍ، بَلْ هُوَ جِهَازٌ مُعَطَّلٌ، وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ. ... المزيد
لَقَدْ دَلَّتْ رِوَايَاتُ أَسْبَابِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَاتِ عَلَى أَنَّ الوَلِيدَ بْنَ المُغِيرَةِ قَدْ أَدْرَكَ عَظَمَةَ مَا سَمِعَ مِنْ آيَاتِ القُرْآنِ المَجِيدِ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ قَوْلِ البَشَرِ، وَعَبَّرَ عَنْ دَهْشَتِهِ، وَلَكِنَّهُ اسْتَكْبَرَ عَنِ اتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ القُرْآنُ مُنَزَّلًا مِنْ عِنْدِ اللهِ تعالى، وَعَانَدَ مَا سَمِعَ مِنْ آيَاتِ اللهِ تعالى، فَخَالَفَهَا وَرَدَّهَا وَرَفَضَ الإِيمَانَ بِهَا، فَجَاءَتِ الآيَاتُ زَاجِرَةً لَهُ. ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتعالى في كِتَابِهِ العَظِيمِ في سُورَةِ المُدَّثِّرِ: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾. هَذَا خِطَابٌ مِنَ اللهِ تعالى لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾. يَعْنِي: دَعْنِي وَاتْرُكْنِي مَعَ مَنْ خَلَقْتُهُ وَحِيدًا، لَا نَصِيرَ لَهُ، وَلَا مُعِينَ، وَلَا شَيْءَ يَعْتَزُّ بِهِ؛ هَذَا هُوَ أَصْلُ كُلِّ إِنْسَانٍ، وَالأَصْلُ في كُلِّ ذِي حَيَاةٍ، وَكُلِّ مَخْلُوقٍ. ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتعالى في كِتَابِهِ العَظِيمِ في سُورَةِ المُدَّثِّرِ: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ﴾. ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتعالى في كِتَابِهِ العَظِيمِ في سُورَةِ المُدَّثِّرِ: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ﴾. ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتعالى في سُورَةِ المُدَّثِّرِ: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾. ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تعالى في سُورَةِ المُدَّثِّرِ: ﴿وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾. هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ تَتَضَمَّنُ بَيَانَ أَصْلٍ عَظِيمٍ مِنْ أُصُولِ الأَخْلَاقِ في الإِسْلَامِ، وَهُوَ الصَّبْرُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. لَقَدْ كَلَّفَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالقِيَامِ بِأَعْبَاءِ هَذِهِ الرِّسَالَةِ، فَقَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾. ثُمَّ قَالَ لَهُ: ﴿وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾. لَقَدْ أَمَرَهُ تَبَارَكَ وتعالى بِالصَّبْرِ بَعْدَ التَّبْلِيغِ، لِأَنَّهُ تَبَارَكَ وتعالى يَعْلَمُ بِأَنَّ الكَثِيرَ مِنَ النَّاسِ سَوْفَ يُكَذِّبُونَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُكَذِّبُونَهُ في إِنْذَارِهِ، وَيُكَذِّبُونَهُ في رِسَالَتِهِ؛ وَهَذَا مَا حَصَلَ فِعْلَاً، لَقَدْ قَابَلَ القَوْمُ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالتَّكْذِيبِ وَالإِعْرَاضِ وَالإِدْبَارِ، وَوَجَّهُوا لَهُ الاتِّهَامَاتِ وَالشَّتَائِمَ وَأَنْوَاعَ العَذَابِ. ... المزيد
﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾. وَالمَقْصُودُ بِالرُّجْزِ هُنَا الأَصْنَامُ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الوَحْيِ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَاً مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْبَاً، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ﴾ إِلَى ﴿وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ﴾. قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ؛ وَهِيَ الأَوْثَانُ. ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى مُخَاطِبَاً حَبِيبَهُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ﴾. وَقَدْ عَرَفْنَا مِنْ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ، أَنَّهُ لَا تَجْرِيمَ إِلَّا بِنَصٍّ، وَلَا نَصَّ إِلَّا بِبَلَاغٍ، وَهَذَا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تعالى بِخَلْقِهِ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولَاً﴾. وَمُهِمَّةُ الرَّسُولِ أَنْ يُبَلِّغَ رِسَالَةَ اللهِ تعالى، وَيَدْعُوَ النَّاسَ إلى اللهِ تعالى بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَبِالمُجَادَلَةِ بِالتي هِيَ أَحْسَنُ، ثُمَّ يُبَشِّرُهُمْ إِنِ اسْتَجَابُوا، وَيُنْذِرُهُمْ إِذَا أَعْرَضُوا. ... المزيد
سُورَةُ المُدَّثِرِ مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ التي نَزَلَتْ في العَهْدِ المَكِّيِّ بِالاتِّفَاقِ. روى الإمام البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الوَحْيِ: «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتَاً مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجُـئِـثْتُ ـأَيْ خِفْتُ ـ مِنْهُ حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِي فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُونِي، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿فَاهْجُرْ﴾ ـ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَالرِّجْزُ الأَوْثَانُ ـ ثُمَّ حَمِيَ الوَحْيُ وَتَتَابَعَ». ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ تعالى في سُورَةِ العَلَقِ: ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَاً بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾. إِنَّهُ لَمِنَ العَجِيبِ أَنْ تَسْمَعَ وَتَرَى عَبْدَاً ضَعِيفَاً مُحْتَاجَاً إلى اللهِ تعالى في سَائِرِ أَحْوَالِهِ، يُحَاوِلُ أَنْ يُنَادَّ اللهَ وَيُحَادَّهُ في مُلْكِهِ، فَيَأْمُرُ بِمَا يُخَالِفُ أَمْرَ اللهِ تعالى، وَيَسْعَى لِإِظْهَارِ البَاطِلِ وَإِزْهَاقِ الحَقِّ بِلِسَانِهِ الذي هُوَ مِنْ خَلْقِ اللهِ تعالى، بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَحَرَّكَ حَرَكَةً يَمِينَاً وَلَا شِمَالَاً، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِقَوْلٍ إِلَّا بِأَمْرِ اللهِ تعالى، وَهُوَ مَعَ هَذَا يُحَاوِلُ أَنْ يَفْتَرِيَ عَلَى اللهِ تعالى كَذِبَاً، وَيُحَاوِلُ أَنْ يَأْمُرَ الآخَرِينَ بِذَلِكَ، كَمَا فَعَلَ أَبُو جَهْلٍ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ تعالى في سُورَةِ العَلَقِ: ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى﴾. هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ تَهْدِيدٌ للطَّاغِي الذي كَانَ يَنْهَى العَبْدَ إِذَا صَلَّى، وَهُوَ في ظَاهِرِهِ خِطَابٌ لِأَبِي جَهْلٍ، وَلَكِنْ كَمَا قَالَ العُلَمَاءُ: العِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ؛ فَهُوَ خِطَابٌ لِكُلِّ ظَالِمٍ وَلِكُلِّ جَبَّارٍ يُحَارِبُ دِينَ اللهِ تعالى، وَيَنْهَى العِبَادَ عَنِ الالْتِزَامِ بِالأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ. ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تعالى في سُورَةِ العَلَقِ: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدَاً إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾. هَذِهِ الآيَاتُ الكَرِيمَةُ تَعْرِضُ صُورَةً مِنْ صُوَرِ الطُّغْيَانِ، صُورَةً مُسْتَنْكَرَةً يَعْجَبُ مِنْهَا، وَيُفَظِّعُ وُقُوعَهَا في أُسْلُوبٍ قُرْآنِيٍّ فَرِيدٍ: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدَاً إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾. تَشْنِيعٌ وَتَعْجِيبٌ وَاضِحٌ، أَرَأَيْتَ هَذَا الأَمْرَ المُسْتَنْكَرَ؟ أَرَأَيْتَهُ يَقَعُ؟ هَلْ مِنَ المُمْكِنِ وَالمَعْقُولِ أَنْ يَقَعَ هَذَا الأَمْرُ مِنْ إِنْسَانٍ عِنْدَهُ مَسْكَةُ عَقْلٍ؟ ... المزيد
هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ تُخْبِرُ عَنْ وَاقِعَةٍ أَلِيمَةٍ حَصَلَتْ، رواها الإمام مسلم وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ ـ أَي يَسْجُدُ ـ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ ... المزيد
قَوْلُهُ تعالى: ﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ هُوَ في الحَقِيقَةِ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ التَّهْدِيدِ لِفِرْعَوْنِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَلِكُلِّ مَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ، لِأَنَّ العِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ. ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تعالى في سُورَةِ العَلَقِ: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى﴾. المَقْصُودُ بِالإِنْسَانِ هُنَا هُوَ أَبُو جَهْلٍ، وَمِنْ ثَمَّ مَنْ سَارَ عَلَى سَيْرِهِ وَسَلَكَ نَهْجَهُ. روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تعالى في سُورَةِ العَلَقِ: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾. جَاءَ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ تَكْرِيرُ الأَمْرِ بِالقِرَاءَةِ للإِشْعَارِ بِحَاجَةِ الإِنْسَانِ لِمُتَابَعَةِ القِرَاءَةِ في حَيَاتِهِ، وَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ تَغْذِيَةِ فِكْرِهِ وَقَلْبِهِ وَنَفْسِهِ بِالمَعَارِفِ وَالعُلُومِ، فَدِينُنَا دِينُ القِرَاءَةِ وَالعِلْمِ، لِأَنَّ العِلْمَ رُوحُ الحَيَاةِ، وَرُوحٌ للقُلُوبِ وَالأَرْوَاحِ، فَكَمَا أَنَّ الجَسَدَ بِحَاجَةٍ إلى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالتَّنَفُّسِ، فَكَذَلِكَ الرُّوحُ وَالقَلْبُ وَالعَقْلُ بِحَاجَةٍ إلى العِلْمِ. ... المزيد