7ـ السيدة آمنة بنت وهب رضي الله عنها وأرضاها (2)
مقدمة الكلمة:
أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: تَقَدَّمَ مَعَنَا في الدَّرْسِ السَّابِقِ، أَنَّ السَّيِّدَةَ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا تَرَعْرَعَتْ في أَقْدَسِ مَكَانٍ في مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ، التي كَانَتْ مَهْدَ وَلَدِهَا سَيِّدِ الوُجُودِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ مِنْ أُسْرَةٍ عَرِيقَةٍ أَصِيلَةٍ شَرِيفَةٍ، بِشَهَادَةِ وَلَدِهَا الذي مَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي قَالَ وَهُوَ يَعْتَزُّ بِنَسَبِهِ الشَّرِيفِ: «وَلَمْ يَزَلْ يَنْقُلْنِي مِنْ أَصْلَابِ الْكِرَامِ إِلَى الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ حَتَّى أَخْرَجَنِي مِنْ بَيْنِ أَبَوَيَّ» رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَأَرْضَاهُمَا. رواه ابْنُ عَسَاكِرَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَابْنُ حَجَرٍ في المَطَالِبِ العَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
أَفْضَلُ امْرَأَةٍ في قُرَيْشٍ نَسَبًا وَمَوْضِعًا:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَتِ السَّيِّدَةُ آمِنَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا يَوْمَئِذٍ أَفْضَلَ امْرَأَةٍ في قُرَيْشٍ نَسَبًا وَمَوْضِعًا، وَكَانَ أَبُوهَا سَيِّدَ بَنِي زُهْرَةَ نَسَبًا وَشَرَفًا، امْتَازَتْ بِالذَّكَاءِ، وَحُسْنِ البَيَانِ.
كَانَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا في خِدْرِهَا مُحَجَّبَةً عَنِ العُيُونِ، مَصُونَةً عَنِ الابْتِذَالِ، حَتَّى مَا يَكَادُ الرُّوَاةُ يَتَبَيَّنُونَ مَلَامِحَهَا أَو يَتَمَثَّلُونَهَا في صِبَاهَا الغَضِّ، وَالذي عَرَفَهُ المُؤَرِّخُونَ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ أَفْضَلَ امْرَأَةٍ في قُرَيْشٍ نَسَبًا وَمَوْضِعًا.
وَكَانَ وَالِدُهَا وَهْبٌ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ يَلْتَقِي مَعَ جَدِّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ وَالِدِ سَيِّدِنَا عَبْدِ اللهِ وَالِدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في سَاحَةِ الحَرَمِ الأَمِينِ، وَيَجْتَمِعَانِ للتَّشَاوُرِ كُلَّمَا أَهَمَّ قُرَيْشًا أَمْرٌ.
لَقَدْ كَبِرَتِ السَّيِّدَةُ آمِنَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا، في الوَقْتِ الذي كَانَتْ فِيهِ خُطُوَاتِ سَيِّدِنَا عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ تُسْرِعُ إلى الشَّبَابِ.
تَسَابَقَ النَّاسُ إلى بَيْتِهَا يَلْتَمِسُونَ خِطْبَتَهَا، وَيَذْكُرُونَ لَهَا مَا لَهُمْ مِنْ مَآثِرَ وَمَنَاقِبَ وَأَمْجَادٍ، إِلَّا سَيِّدَنَا عَبْدَ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الذينَ تَقَدَّمُوا لِخِطْبَتِهَا، مَعَ أَنَّهُ هُوَ الأَجْدَرُ لِيَحْظَى بِهَا دُونَ النَّاسِ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يُدَانِيهِ شَرَفًا وَرِفْعَةً وَفُتُوَّةً.
فَأَبُوهُ عَبْدُ المُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ، الذي شَرُفَ في قَوْمِهِ شَرَفًا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ، وَأَحَبَّهُ قَوْمُهُ، وَعَظُمَ شَأْنُهُ فِيهِمْ.
وَأُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَائِذٍ المُخْزُومِيَّةُ مِنْ صَمِيمِ البَيْتِ القُرَشِيِّ، وَقَدْ أَنْجَبَتْ لِعَبْدِ المُطَّلِبِ: أَبَا طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ اللهِ، وَأُمَّ حَكِيمٍ البَيْضَاءَ تَوْءَمَةَ عَبْدِ اللهِ، وَعَاتِكَةَ، وَبَرَّةَ، وَأُمَيْمَةَ، وَأَرْوَى.
لَمْ يَتَقَدَّمْ سَيِّدُنَا عَبْدُ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ مِنْ خِطْبَةِ السِّيِّدَةِ آمِنَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا، لِأَنَّ أَبَاهُ قَدْ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ أَحَدَ بَنِيهِ للهِ تعالى عِنْدَ الكَعْبَةِ المُشَرَّفَةِ، وَقُرَيْشٌ تَعْلَمُ قِصَّةَ هَذَا النَّذْرِ المَحْتُومِ، وَلَكِنْ أَيُّ الأَوْلَادِ سَيَكُونُ الذَّبِيحَ لَا يَعْلَمُونَ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ نَذَرَ عَبْدُ المُطَّلِبِ بَعْدَ أَنْ حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمَ لَئِنْ رَزَقَهُ اللهُ تعالى عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ، ثُمَّ بَلَغُوا مَعَهُ بِحَيْثُ يَمْنَعُونَهُ، لَيَنْحَرَنَّ أَحَدَهُمْ عِنْدَ الكَعْبَةِ المُشَرَّفَةِ؛ وَرَزَقَهُ اللهُ تعالى عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ، وَكَانَ أَصْغَرَ أَوْلَادِهِ سَيِّدُنَا عَبْدُ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرضَاهُ، وَالِدُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
كَيْفَ تَمَّ هَذَا الأَمْرُ، سَنَتَعَرَّفُ عَلَى ذَلِكَ في الدَّرْسِ القَادِمِ إِنْ أَحْيَانَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُعَطِّفَ عَلَيْنَا قَلْبَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
** ** **
تاريخ الكلمة:
الخميس: 8/ جمادى الآخرة /1442هـ، الموافق: 21/ كانون الثاني / 2021م
ارسل إلى صديق |
أَحسَّتِ السَّيّدَةُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا، بَعْدَ أَنْ وَضَعَتْ وَلِيدَهَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ الشَّطْرَ الأَهَمَّ مِنْ رِسَالَتِهَا قَدِ ... المزيد
وُلِـدَ الـهُـدَى فَـالـكَائِنَاتُ ضِيَاءُ *** وَفَـمُ الـــزَّمَانِ تَبَسُّمٌ وَثَنَاءُ الـــرُّوحُ وَالـمَـلَأُ المَلَائِكُ حَوْلَهُ *** للدِّينِ وَالــــدُّنْيَا بِهِ بُشَرَاءُ وَالعَرْشُ يَزْهُو وَالخَظِيرَةُ تَزْدَهِي *** وَالمُنْتَهَى ... المزيد
بَعْدَ أَنِ انْصَرَفَ عَبْدُ المُطَّلِبِ مِنْ عِنْدِ أَبْرَهَةَ، عَادَ إلى مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ، وَأَخْبَرَ قُرَيْشًا الخَبَرَ، وَأَمَرَهُمْ بِالخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ، وَالتَّحَرُّزِ في شَعَفِ الجِبَالِ ـ رُؤُوسِهَا ـ وَالشِّعَابِ ـ الشِّعَابُ: ... المزيد
فَقَدَتِ السَّيِّدَةُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا زَوْجَهَا الحَبِيبَ سَيِّدَنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ بَعْدَ زَوَاجِهَا مِنْهُ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ جِدًّا. ... المزيد
تَقَدَّمَ مَعَنَا في الدَّرْسِ المَاضِي أَنَّ سَيِّدَنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ بَعْدَ زَوَاجِهِ مِنَ السَّيِّدَةِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا بِأَيَّامٍ خَرَجَ إلى الشَّامِ ... المزيد
ا انْصَرَفَ سَيِّدُنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ مَعَ أَبِيهِ مِنْ نَحْرِ الإِبِلِ، مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى، وَهِيَ عِنْدَ الكَعْبَةِ، وَاسْمُهَا قُتَيْلَةُ ـ بِضَمِّ القَافِ وَفَتْحِ المُثَنَّاةِ ... المزيد