118ـ كلمات في مناسبات: كلمة حفل الإسراء والمعراج لعام 1442 هـ

118ـ كلمات في مناسبات: كلمة حفل الإسراء والمعراج لعام 1442 هـ

118ـ كلمات في مناسبات: كلمة حفل الإسراء والمعراج لعام 1442 هـ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الحَفْلُ الكَرِيمُ، يَا مَنِ اجْتَمَعْتُمْ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ تعالى، لِيُذَكِّرَ بَعْضُنَا بَعْضًا بِأَيَّامِ اللهِ تَبَارَكَ وتعالى، وَالتي مِنْ جُمْلَتِهَا لَيْلَةُ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ، هَذَا الحَدَثُ العَظِيمُ الذي كَانَ تَكْرِمَةً مِنَ اللهِ تعالى لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هِجْرَتِهِ إلى الطَّائِفِ دَاعِيًا لَهُمْ إلى اللهِ تعالى، فَرَدَّ عَلَيْهِ أَهْلُهَا أَسْوَأَ رَدٍّ، وَرَجَعَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَجْرُوحُ الفُؤَادِ، مَكْسُورُ الخَاطِرِ، حَامِلٌ هَمَّ الدَّعْوَةِ إلى اللهِ تعالى، التي لَا يُرِيدُ مِنْ خِلَالِهَا مَالًا، وَلَا وَجَاهَةً، وَلَا سِيَادَةً، وَلَا رِيَادَةً، وَلَا نِسَاءً، بَلْ كَانَ يُرِيدُ الخَيْرَ وَسَعَادَةَ الدُّنْيَا وَسَعَادَةَ الآخِرَةِ للنَّاسِ جَمِيعًا، وَخَاصَّةً للمَرْأَةِ المَهْضُومِ حَقُّهَا في تِلْكَ المُجْتَمَعَاتِ.

رَجَعَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الطَّائِفِ مَجْرُوحَ الفُؤَادِ، وَقَدْ فَقَدَ النَّصِيرَ مِنَ البَشَرِ، حَيْثُ فَقَدَ الزَّوْجَةَ الوَفِيَّةَ التَّقِيَّةَ النَّقِيَّةَ الصَّالِحَةَ حَبِيبَةَ قَلْبِ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ السَّيِّدَةَ خَدِيجَةَ الكُبْرَى رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا، وَمَاتَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، وَأَصْحَابُهُ الكِرَامُ مُشَرَّدُونَ في الحَبَشَةِ، إِنَّهُ لَخَطْبٌ جَلَلٌ.

رَجَعَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الطَّائِفِ وَهُوَ يَحْمِلُ هَمَّ الدَّعْوَةِ إلى اللهِ تعالى، يَحْمِلُ هَمَّ إِنْقَاذِ النَّاسِ مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى، يَحْمِلُ هَمَّ هِدَايَتِهِمْ إلى جَادَّةِ الصَّوَابِ، إلى الإِيمَانِ.

جَاءَتِ المُوَاسَاةُ مِنَ اللهِ تعالى:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: بَعْدَ المِحَنِ مِنَحٌ، وَبَعْدَ الحُزْنِ مُوَاسَاةٌ، جَاءَتِ المُوَاسَاةُ الأُولَى بَعْدَ دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بُسْتَانِ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، إِذْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ سَيِّدَنَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَعَهُ مَلَكُ الجِبَالِ، وَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ.

فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الرَّحْمَةِ المُهْدَاةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» رواه الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

قِفُوا مَعَ هَذَا المَوْقِفِ وَقْفَةَ المُتَدَبِّرِ، أَيْنَ الرَّحْمَةُ في قُلُوبِنَا؟

مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ، وَلَا لِذَاتِهِ، وَلَا لِمَكَانَتِهِ، بَلْ رَحِمَهُمْ، وَسَأَلَ اللهَ تعالى أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا.

سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ، لَقَدْ صَدَقَ مَنْ سَمَّاكَ الرَّؤُوفَ الرَّحِيمَ، إِذْ قَالَ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾. وَقَالَ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.

أَمَّا المُوَاسَاةُ الثَّانِيَةُ، فَقَدْ جَاءَتْ رِحْلَةُ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ، وَكَأَنَّ الحَقَّ سُبْحَانَهُ وتعالى يَقُولُ لِحَبِيبِهِ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ وَأَهْلُ الطَّائِفِ لَمْ يَعْرِفُوا قَدْرَكَ وَرَفَضُوكَ، فَإِنَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، يَدْعُوكَ لِيَتَشَرَّفَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ؛ وَإِنْ جَفَاكَ أَهْلُ الأَرْضِ فَأَهْلُ السَّمَاوَاتِ يُحِبُّونَكَ، يَدْعُوكَ لِيُعَوِّضَكَ اللهُ تعالى بِجَفَاءِ أَهْلِ الأَرْضِ حَفَاوَةَ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ.

وَكَأَنَّ الحَقَّ سُبْحَانَهُ وتعالى يَقُولُ لِحَبِيبِهِ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ أَهْلُ الطَّائِفِ أَسَاؤُوا إِلَيْكَ، وَأَدْمَوْا قَدَمَيْكَ، فَلَا تَحْزَنْ، هَلُمَّ إلى بَيْتِ المَقْدِسِ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الطَّائِفِ أَلْفَ مَرَّةٍ.

وَإِنْ كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ مَنَعُوكَ مِنَ الدُّخُولِ إِلَيْهَا إِلَّا وَأَنْتَ في جِوَارِ رَجُلٍ مُشْرِكٍ، فَلَا تَحْزَنْ، هَلُمَّ إلى المَسْجِدِ الأَقْصَى، فَإِنَّ أَنْبِيَاءَ اللهِ وَرُسُلَهُ سَيَسْتَقْبِلُونَكَ، وَهُمْ خَيْرٌ مِنْ ثَقِيفٍ وَقُرَيْشٍ بِأَسْرِهَا.

شَقُّ الصَّدْرِ الشَّرِيفِ:

قَبْلَ الرِّحْلَةِ المُبَارَكَةِ، تَمَّ شَقُّ صَدْرِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا جَاءَ في صَحِيحِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الكَعْبَةِ، أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ، فَقَالَ آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى (أَيْ: لَمْ يَرَ أُولَئِكَ الذينَ أَتَوْهُ قَبْلَ الوَحْيِ مُدَّةً طَوِيلَةً حَتَّى جَاؤُوهُ لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا كَانَ) فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ، فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ، فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ (قَامَ بِشَأْنِهِ وَتَوَلَّى إِجْرَاءَ مَا جَرَى لَهُ) فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ (عُنُقِهِ) إِلَى لَبَّتِهِ (مَوْضِعِ القِلَادَةِ مِنَ الصَّدْرِ؛ وَقِيلَ: المُرَادُ العَانَةُ) حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ (انْتَهَى مِنْ شَقِّهِمَا وَتَنْظِيفِهِمَا) فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ، حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ (نَقَّاهُ مِنْ كُلِّ شَائِبَةٍ) ثُمَّ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ (إِنَاءٌ يُشْرَبُ فِيهِ) مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً، فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ ـ يَعْنِي عُرُوقَ حَلْقِهِ ـ ثُمَّ أَطْبَقَهُ.

وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ بَابِ التَّبَرُّكِ، وَزِيَادَةِ الإِيمَانِ وَاليَقِينِ، وَبِالإِمْكَانِ أَنْ نَقُولَ: وَخَاصَّةً وَنَحْنُ في زَمَنِ غَزْوِ الفَضَاءِ، حَيْثُ يَلْبَسُ رِجَالُ الفَضَاءِ مِنَ اللِّبَاسِ مَا يُقَاوِمُ الطَّقْسَ الجَوِّيَّ، وَيُقَاوِمُ عَمَلِيَّةَ الاحْتِكَاكِ، وَيَضَعُونَهُمْ في مَرْكَبَاتٍ خَاصَّةٍ، وَلَوْلَا تِلْكَ المَرْكَبَاتُ لَاحْتَرَقُوا مِنْ سُرْعَةِ وَقُوَّةِ احْتِكَاكِهِمْ بِالهَوَاءِ وَبِالأَجْرَامِ مِنْ حَوْلِهِمْ: كَأَنَّ شَقَّ صَدْرِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَغَسْلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَحَشْوَهُ إِيمَانًا، لِتَحْوِيلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَشَرٍ عَادِيٍّ إلى بَشَرٍ فَوْقَ العَادِيِّ مِنَ النَّاحِيَةِ المَادِّيَّةِ وَالجِسْمَانِيَّةِ، وَتَهْيِئَةٌ يَقِينِيَّةٌ، وَمَعْنَوِيَّةٌ رُوحِيَّةٌ، لِيَقْوَى عَلَى القِيَامِ في ذَاكَ المَقَامِ الذي ذَكَرَهُ القُرْآنُ العَظِيمُ ﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾. ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.

كَانَتْ تَهْيِئَةً لِمَقَامِ الوُصُولِ إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى، التي يَنْتَهِي إِلَيْهَا عَالَمُ المَلَائِكَةِ، وَلَمْ يُجَاوِزْهَا أَحَدٌ إِلَّا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

هَذَا المَوْقِفُ يَحْتَاجُ إلى إِعْدَادٍ، وَتَهْيِئَةٍ، فَكَانَ شَقُّ الصَّدْرِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى صَاحِبِ القَلْبِ الشَّرِيفِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: بَعْدَ هَذَا تَمَّتِ الرِّحْلَةُ المُبَارَكَةُ، حَيْثُ أُسْرِيَ بِهِ إلى المَسْجِدِ الأَقْصَى أُولَى القِبْلَتَيْنِ وَثَالِثِ الحَرَمَيْنِ، لِيُصَلِّيَ بِالأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ إِمَامًا، وَلِيَعْلَمَ جَمِيعُ البَشَرِ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ إِمَامُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، فَلَا يَسَعُ أَتْبَاعَ أَيِّ نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ إِلَّا الاقْتِدَاءُ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إلى السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَالْتَقَى بِهِ هُنَاكَ، حَتَّى إِذَا وَصَلَ سِدْرَةَ المُنْتَهَى التي يَنْتَهِي إِلَيْهَا مَا يَهْبِطُ مِنْ فَوْقِهَا، وَمَا يَصْعَدُ مِنْ تَحْتِهَا، وَتَجَاوَزَ سِدْرَةَ المُنْتَهَى حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ الأَقْلَامِ، وَهُنَاكَ أَوْحَى اللهُ تعالى إِلَيْهِ مَا أَوْحَى، وَكَلَّفَهُ بِمَا كَلَّفَهُ بِهِ وَأُمَّتَهُ.

ثُمَّ رَجَعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِيُحَدِّثَ القَوْمَ بِهَذَا النَّبَأِ، فَآمَنَ مِنْهُمْ مَنْ آمَنَ، وَصَدَّقَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّقَ، وَكَانَ عَلَى رَأْسِهِمُ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، الذي قَالَ كَلِمَتَهُ المَشْهُورَةَ عِنْدَمَا قَالُوا لَهُ: هَلْ لَكَ إِلَى صَاحِبِكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟

قَالَ: أَوَ قَالَ ذَلِكَ؟

قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: لَئِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ.

قَالُوا: أَوَ تُصَدِّقُهُ أَنَّهُ ذَهَبَ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَجَاءَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ؟

قَالَ: نَعَمْ، إِنِّي لَأَصُدِّقُهُ فِيمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غَدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ؛ فَلِذَلِكَ سُمَيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ. رواه الحاكم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

مَا أَحْوَجَنَا إلى إِيمَانٍ كَهَذَا الإِيمَانِ إِنْ كَانَ قَالَهَا فَقَدْ صَدَقَ، قَبِلَتِ العُقُولُ أَمْ لَمْ تَقْبَلْ.

نَعَمْ، إِنَّ رِحْلَةَ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ كَانَ دَرْسًا عَمَلِيًّا لِكُلِّ مَظْلُومٍ صَابِرٍ مُسْتَقِيمٍ مُحْتَسِبٍ الأَمْرَ عِنْدَ اللهِ تعالى أَنَّ اللهَ تعالى لَا يُضَيِّعُهُ.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا. آمين.

تاريخ الكلمة

**    **    **

الأربعاء: 26/ رجب /1442هـ، الموافق: 10/ آذار / 2021م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمات في مناسبات

28-09-2023 638 مشاهدة
141ـ كلمات في مناسبات: عذرًا يا سيدي يا رسول الله

لقد كُنتَ حَرِيصَاً عَلَينَا أَشَدَّ الحِرْصِ، بِشَهَادَةِ مَولانَا عزَّ وجلَّ القَائِلِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾. وبِشَهَادَتِكُم عِندَمَا ... المزيد

 28-09-2023
 
 638
07-03-2023 658 مشاهدة
140ـ كلمات في مناسبات: إجابة الدعاء معلقة بالاستجابة لله تعالى

عِنْدَمَا تَنْزِلُ المِحَنُ، وَتَشْتَدُّ الخُطُوبُ، وَتَتَوَالَى الكُرُوبُ، وَتَعْظُمُ الرَّزَايَا، وَتَتَابَعُ الشَّدَائِدُ، لَنْ يَكُونَ أَمَامَ المُسْلِمِ إِلَّا أَنْ يَلْجَأَ إلى اللهِ تعالى وَيَلُوذَ بِجَانِبِهِ، وَيَضْرَعَ إِلَيْهِ ... المزيد

 07-03-2023
 
 658
28-09-2022 628 مشاهدة
1- المحبة محبتان

مَعَ بِدَايَةِ شَهْر رَبِيعٍ الأَوَّلِ، أُهَنِّئُ نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ بِنِعْمَةِ الإِيمَانِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِأَنْ جَعَلَنَا اللهُ تعالى حَظَّهُ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ، ... المزيد

 28-09-2022
 
 628
09-07-2022 523 مشاهدة
138ـ كلمات في مناسبات: درس فجر عيد الأضحى المبارك 1443 هـ شعيرة الأضحية

هَذَا اليَوْمُ هُوَ خِتَامُ الأَيَّامِ العَشْرِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ... المزيد

 09-07-2022
 
 523
08-07-2022 456 مشاهدة
137ـ كلمات في مناسبات: يوم عرفة يوم الغفران

يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمٌ أَكْمَلَ اللهُ تعالى فِيهِ الدِّينَ، قَالَ تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾. يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمُ الغُفْرَانِ، وَالعِتْقِ مِنَ النِّيرَانِ، ... المزيد

 08-07-2022
 
 456
02-05-2022 542 مشاهدة
136ـ كلمات في مناسبات: درس فجر يوم عيد الفطر 1443هـ

اليَوْمَ هُوَ يَوْمُ الجَائِزَةِ، سَبَقَ فِيهِ أَقْوَامٌ فَفَازُوا، وَتَخَلَّفَ آخَرُونَ فَخَابُوا، اليَوْمَ فَازَ المُحْسِنُونَ، وَخَسِرَ المُسِيئُونَ، وَغَدًا تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ، وَيَحْصُدُ الزَّارِعُونَ مَا زَرَعُوا، إِنْ ... المزيد

 02-05-2022
 
 542

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3154
المكتبة الصوتية 4763
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412052117
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :