20ـ من خديجة رضي الله عنها وأرضاها (2)؟

20ـ من خديجة رضي الله عنها وأرضاها (2)؟

20ـ من خديجة رضي الله عنها وأرضاها (2)؟

 

كَانَتِ السَّيِّدَةُ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا أَوَّلَ المُجَاهِدَاتِ، وَأَوَّلَ المُسْلِمَاتِ، وَأَوَّلَ المُصَلِّيَاتِ، وَأَوَّلَ الصَّابِرَاتِ، وَأَوَّلَ البَاذِلَاتِ، كَمَا جَعَلَ اللهُ تعالى ابْنَتَهَا السَّيِّدَةَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا مِنْ بَعْدِهَا أُمَّ عِتْرَتِهِ وَأَصْلَ ذُرِّيَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

لَقَدْ كَانَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفِيقَةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ شَبَابِهِ، وَأَيَّامَ كُهُولَتِهِ، اخْتَصَّهَا اللهُ تعالى لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَفْرَدَهَا لَهُ، وَاخْتَصَّهُ لَهَا وَأَفْرَدَهُ لَهَا، فَكَانَتْ لَهُ زَوْجًا عَرَوبًا (أَيْ: جَمِيلَةً مُتَحَبِّبَةً إلى زَوْجِهَا) وَقَلْبًا حَبِيبًا، وَدِفْئًا خَصِيبًا، جُمِعَ لَهُ فِيهَا حُبُّ الزَّوْجَةِ وَسَكَنُهَا، وَرَأْفَتُهَا وَرَحْمَتُهَا، وَعَطْفُ الأُمِّ وَحَنَانُهَا، وَوَفَاءُ الحَبِيبَةِ وَصِدْقُهَا، وَفِدَاءُ المُؤْمِنَةِ بِهِ وَعَوْنُهَا، مَعَ صِدْقِ المَشُورَةِ وَطُهْرِ السَّرِيرَةِ، وَدَأْبِ الوَزِيرَةِ، وَحِلْمٍ حَازِمٍ، وَبِرٍّ دَائِمٍ، وَحَنَانٍ مَوْصُولٍ، وَمَدَدٍ مَبْذُولٍ، وَحُبٍّ لَا يَحُولُ.

وَأَيَّامُ تَحَنُّثِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الغَارِ أَكْبَرُ شَاهِدٍ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُعِينَةً لَهُ، وَأَمَّا في لَيَالِي الشِّعْبِ حِينَمَا قَاطَعْتْ قُرَيْشٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلَ بَيْتِهِ، فَكَانَتْ صَبُورًا جَسُورًا، عَلَى رَغْمِ سِنِّهَا وَوَهَنِ جِسْمِهَا، وَكَيْفَ بَذَلَتْ مَالَهَا في إِطْعَامِ المُحَاصَرِينَ، وَمُوَاسَاةِ المُعَذَّبِينَ، وَسَلْ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ وَفَاءِ خَيْرِ النَّاسِ لَهَا سَيِّدِنَا المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْدِ رَحِيلِهَا، حَيْثُ كَانَ يَذْكُرُ مَنَاقِبَهَا وَأَنَّهُ عَلَى عَهْدِهَا بَاقٍ وَلِصِلَةِ أَحِبَّائِهَا قَائِمٌ.

روى الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ وَإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ، فَيَقُولُ: «أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ» قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا»

وروى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، أُخْتُ خَدِيجَةَ، عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ لِذَلِكَ (تَغَيَّرَ وَاهْتَزَّ سُرُورًا بِذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ المَعْنَى تَغَيَّرَ حُزْنًا لِتَذَكُّرِهِ فِرَاقَهَا).

فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَالَةَ» (أَيْ: اجْعَلْهَا يَا اللهُ هَالَةَ، أَو هِيَ هَالَةُ).

قَالَتْ: فَغِرْتُ، فَقُلْتُ: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ (أَرَادَتْ أَنَّهَا عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ جِدًّا قَدْ سَقَطَتْ أَسْنَانُهَا مِنَ الكِبَرِ وَلَمْ يَبْقَ في فَمِهَا بَيَاضٌ مِنَ الأَسْنَانِ وَإِنَّمَا حُمْرَةُ اللِّثَاثِ) هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ (مَاتَتْ وَذَهَبَتْ في غَابِرِ الأَيَّامِ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا وُجُودٌ) قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ خَيْرًا مِنْهَا.

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنَ الطَّعَامِ وَيَضَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَا تَغْمُرْ يَدَيْكَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذِهِ كَانَتْ تَأْتِينَا أَيَّامَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ، أَوْ حَفْظَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ».

وَلَمَّا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَخَذَنِي مَا يَأْخُذُ النِّسَاءَ مِنَ الْغَيْرَةِ.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ بِكَبِيرَةِ السِّنِّ حَدِيثَةَ السِّنِّ.

فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «مَا ذَنْبِي أَنْ رَزَقَهَا اللهُ مِنِّي الْوَلَدَ، وَلَمْ يَرْزُقْكِ؟».

قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَذْكُرُهَا بَعْدَ هَذَا إِلَّا بِخَيْرٍ.

اللَّهُمَّ اجْمَعْنَا بِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**      **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 4/ جمادى الأولى /1443هـ، الموافق: 9/ كانون الأول / 2021م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع أمهاتنا أمهات المؤمنين رضي الله عنهن

09-03-2023 99 مشاهدة
32ـ حياة السيدة خديجة من الزواج إلى البعثة

السَّيِّدَةُ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا جُبِلَتْ عَلَى فِطْرَةٍ كَرِيمَةٍ وَإِنْسَانِيَّةٍ عَالِيَةٍ وَحَنَانٍ فَيَّاضٍ، مَا إِنْ تَزَوَّجَتْ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ... المزيد

 09-03-2023
 
 99
17-02-2023 98 مشاهدة
31ـ صورة عملية لمعنى اليقين

إِذَا رَسَخَ الإِيمَانُ حَتَّى بَلَغَ حَقَّ اليَقِينِ، غَمَرَ النَّفْسَ بِسَكِينَةٍ لَا تُزَلْزِلُهَا الأَحْدَاثُ، وَلَا تَعْصِفُ بِهَا النَّوَازِلُ، مَهْمَا كَانَتْ شَدِيدَةَ الوَطْأَةِ، مُثِيرَةً للوُجْدَانِ وَالعَوَاطِفِ، فَرِبَاطُ الإِيمَانِ ... المزيد

 17-02-2023
 
 98
22-12-2022 132 مشاهدة
30ـ فاطمة الزهراء رضي الله عنها

وُلِدَتْ قَبْلَ البِعْثَةِ بِخَمْسِ سَنَوَاتٍ، وَعَاشَتْ في كَنَفِ أَعْظَمِ وَالِدَيْنِ، وَصَحِبَتْ أَبَاهَا في أَسْعَدِ الأَيَّامِ، ثُمَّ في أَقْسَاهَا مَرَارَةً، وَلَقَدْ كَانَتْ أَحَبَّ أَوْلَادِهِ إِلَيْهِ، صَحِبَتْ أَبَوَيْهَا في حِصَارِ ... المزيد

 22-12-2022
 
 132
04-11-2022 187 مشاهدة
29ـ أَوْلَادُ الُمصطَفَى مِنَ السَّيِدَةِ خَديجة

إِنَّهُمْ ذُرِّيَّةُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، إِنَّهُمُ النُّطَفُ الطَّاهِرَةُ، وَالأَوْلَادُ البَرَرَةُ، أَبُوهُمْ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ... المزيد

 04-11-2022
 
 187
26-08-2022 149 مشاهدة
28ـ زواج تم بتقدير الله واختياره

لِمَاذَا تَزَوَّجَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؟ هَذَا سُؤَالٌ يُرَدِّدُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّهَا أَكْبَرُ ... المزيد

 26-08-2022
 
 149
06-08-2022 325 مشاهدة
27ـ الزواج الميمون

عَادَتِ السَّيِّدَةُ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مِنْ عِنْدِ ابْنِ عَمِّهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، أُسْتَاذِهَا وَمُسْتَشَارِهَا الذي تَطْمَئِنُّ إلى قَوْلِهِ وَتَثِقُ في عِلْمِهِ، فَقَدْ كَانَ مَعْرُوفًا أَنَّهُ يَكْتُبُ الكِتَابَ العِبْرَانِيَّ، ... المزيد

 06-08-2022
 
 325

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5593
المقالات 3079
المكتبة الصوتية 4569
الكتب والمؤلفات 19
الزوار 410615108
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2023 
برمجة وتطوير :