35ـ النبي    ولي المؤمنين

35ـ النبي    ولي المؤمنين

35ـ النبي صلى الله عليه وسلم ولي المؤمنين

مقدمة الكلمة:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ مَظَاهِرِ رَحْمَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأُمَّتِهِ أَنْ جَعَلَهُ اللهُ تعالى أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، قَالَ تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾.

وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ».

وَرَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾. فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا، فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ».

وَمَنْ كَانَ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَكَيْفَ تَكُونُ رَحْمَتُهُ وَعَطْفُهُ عَلَيْهِمْ؟

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ جَمِيعًا، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ﴾. بَلْ هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَهَذِهِ الأَوَّلِيَّةُ تَسْتَلْزِمُ المَحَبَّةَ الصَّادِقَةَ، وَتَقْتَضِي المُتَابَعَةَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمُوَافَقَتَهُ في جَمِيعِ الأَهْوَاءِ.

وَمَنْ أَحَبَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ، لَزِمَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِجَوَارِحِهِ كُلَّ مَا أَحَبَّهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْ يَتْرُكَ كُلَّ مَا كَرِهَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَّا نَقَصَتْ مَحَبَّتُهُ لِحَبِيبِهِ، أَو نَقَضَهَا لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى، قَالَ تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ كَوْنَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يُوجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ كَمَالَ الانْقِيَادِ وَالطَّاعَةِ وَالرِّضَا بِحُكْمِهِ، وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ، وَإِيثَارِهِ عَلَى مَا سِوَاهُ، فَيُصَدِّقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، وَيُطِيعُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَيَنْتَهِي عَمَّا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ، وأَنْ يُطِيعَ اللهَ تعالى بِمَا شَرَعَ وَقَدَّرَ، قَالَ تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾.

عَلَيْنَا أَنْ نَجْعَلَ مِنْ حَيَاةِ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ قُدْوَةً لَنَا عِنْدَمَا جَسَّدُوا حَقِيقَةَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾.

المُهَاجِرُونَ تَرَكُوا كُلَّ شَيْءٍ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ في سَبِيلِ طَاعَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَالأَنْصَارُ قَدَّمُوا لِإِخْوَانِهِمُ المُهَاجِرِينَ كُلَّ شَيْءٍ في سَبِيلِ طَاعَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِتَقْدِيرِ هَذِهِ النِّعْمَةِ، وَاحْفَظْهَا لَنَا مِنَ الضَّيَاعِ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 23/جمادى الأولى /1446هـ، الموافق: 25/تشرين الثاني / 2024م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الرحمة المهداة   

24-01-2024 1079 مشاهدة
34ـ ما كان يُكِنُّ قلبه الشريف من حرص على أمته

مِنْ مَظَاهِرِ الرَّحْمَةِ المُهْدَاةِ بِهَذِهِ الأُمَّةِ، مَا كَانَ يُكِنُّهُ قَلْبُهُ الشَّرِيفُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِرْصٍ عَلَى أُمَّتِهِ، وَعَلَى هِدَايَتِهِمْ وَنَجَاتِهِمْ، وَخَلَاصِهِمْ مِمَّا ... المزيد

 24-01-2024
 
 1079
15-01-2024 810 مشاهدة
33ـ لا يأخذ أمته بالسنين

مِنْ مَظَاهِرِ رَحْمَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اخْتَبَأَ دَعْوَتَهُ لِأُمَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَعَ أَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ ... المزيد

 15-01-2024
 
 810
02-01-2024 713 مشاهدة
32ـ دينه صلى الله عليه وسلم دين يسر وسماحة (2)

مِنْ مَظَاهِرِ رَحْمَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دِينَهُ وَشَرْعَهُ دِينُ يُسْرٍ لَا عُسْرَ فِيهِ، وَدِينُ رَحْمَةٍ لَا غِلْظَةَ فِيهِ، وَهَذَا لَا يَعْنِي التَّسَاهُلَ في أُمُورِ ... المزيد

 02-01-2024
 
 713
07-12-2023 588 مشاهدة
31ـ دينه صلى الله عليه وسلم دين يسر وسماحة

مِنْ مَظَاهِرِ الرَّحْمَةِ الرَبَّانِيَّةِ بِالخَلِيقَةِ أَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ دِينَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دِينَ ... المزيد

 07-12-2023
 
 588
27-11-2023 973 مشاهدة
30ـ اليسر في دين الله عز وجل

قَالَ اللهُ تعالى في أَصْلِ هَذَا الدِّينِ، وَنِعْمَةِ اللهِ عَلَى البَشَرِيَّةِ بِبِعْثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي ... المزيد

 27-11-2023
 
 973
26-09-2023 918 مشاهدة
29ـ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمان للناس

لَقَدْ أَخْبَرَنَا اللهُ تعالى أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ رَسُولَهُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمَانًا للنَّاسِ، لِذَا فَلَا يُصَابُونَ بِعَذَابِ اسْتِئْصَالٍ، كَمَا كَانَ في الأُمَمِ السَّابِقَةِ، كَمَا ... المزيد

 26-09-2023
 
 918

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3236
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424858610
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :