90ـ كلمة شهر شعبان 1435هـ: «معاذ أَمامَ العلماء يوم القيامة»

90ـ كلمة شهر شعبان 1435هـ: «معاذ أَمامَ العلماء يوم القيامة»

 

 90ـ كلمة شهر شعبان 1435هـ: «معاذ أَمامَ العلماء يوم القيامة»

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: يَقولُ اللهُ تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾؟ سُؤالٌ تَرَكَ اللهُ تعالى جَوَابَهُ عِندَ أهلِ العِلمِ والفِقهِ، لأنَّهُ لَيسَ هُناكَ مُفَاضَلَةٌ بَينَ أهلِ العِلمِ وأهلِ الجَهلِ، ولَيسَ هُناكَ مُفَاضَلَةٌ بَينَ العَظيمِ الشَّريفِ، وبَينَ الحَقيرِ الخَسِيسِ.

فاللهُ تَبَارَكَ وتعالى سَكَتَ عن الجَوَابِ للعِلمِ به عِندَ العُقَلاءِ، واللهُ تَبَارَكَ وتعالى رَفَعَ الذينَ أُوتوا العِلمَ دَرَجاتٍ فَوقَ الذينَ آمَنوا، قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ واللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾. فمن أكرَمَهُ اللهُ تعالى بَعدَ الإيمانِ بالعِلمِ فقد أكرَمَهُ بِدَرَجاتٍ عَالِيَةٍ لا يَعلَمُها إلا اللهُ تعالى.

فالعِلمُ بِدُونِ إيمانٍ لا يَرفَعُ العَبدَ عِندَ الله تعالى، لأنَّ عِلمَهُ إذا لم يُرشِدْهُ إلى الإيمانِ كَانَ وَبالاً عَلَيهِ، فِرعَونُ كَانَ عَالِماً بِدُونِ إيمانٍ، فَدَفَعَهُ ذلكَ العِلمُ إلى الغُرورِ حتَّى قالَ: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾. ثمَّ قالَ: ﴿يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي﴾. وكَانَتِ النَّتِيجَةُ أن أجرَاها اللهُ تعالى فَوقَ رَأسِهِ، وأَذَلَّهُ اللهُ تعالى، فإذا به يَقولُ: ﴿آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾. ولكن ماذا يَنفَعُهُ ذلكَ؟

أيُّها الإخوة الكرام: سَلُوا اللهَ تعالى أن يَزِيدَنا عِلماً نَافِعاً، كما أمَرَكُمُ اللهُ تعالى بِقَولِهِ: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾. لأنَّ العِلمَ إذا جَاءَكَ من الله تعالى بَعدَ الإيمانِ رَفَعَكَ، قال تعالى حِكَايَةً عن سَيِّدِنا إبراهِيمَ عَلَيهِ السَّلامُ وهوَ يُخَاطِبُ أباهُ: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيَّاً﴾. وقالَ عن سَيِّدِنا سُلَيمانَ عَلَيهِ السَّلامُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾.

«مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»:

أيُّها الإخوة الكرام: روى الشيخان عن مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ».

أيُّها الإخوة الكرام: لِينظُرْ كُلٌّ مِنَّا إلى نَفسِهِ، هل عِندَهُ فِقهٌ في هذا الدِّينِ أم أنَّهُ مَحرومٌ مِنهُ؟ لأنَّ المَفهُومَ المُخَالِفَ: مَنْ لا يُرِيدُ اللهُ بِهِ خَيْراً لا يُفَقِّهُهُ فِي الدِّينِ.

إن كُنتَ ولا بُدَّ حَاسِداً فَليَكُنْ حَسَدُكَ لاثنَينِ في هذهِ الدُّنيا، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه الشيخان عن عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ، رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ ـ أي: على إنفَاقِهِ في الطَّاعَاتِ ـ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا».

أيُّها الإخوة الكرام: السَّعيدُ هوَ العَالِمُ المُعَلِّمُ للآخَرينَ، ويَكفِيهِ شَرَفاً قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانَ فِي الْبَحْرِ» رواه ابن ماجه عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

وفي رِوَايَةٍ للترمذي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ».

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ».

وفي رِوَايَةٍ للدَّارمي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَ: مُعَلِّمُ الْخَيْرِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ، حَتَّى الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ.

مُعَاذٌ أمامَ العَلَماءِ يَومَ القِيَامَةِ:

أيُّها الإخوة الكرام: سَيِّدُنا مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ كَانَ شَابَّاً، ولكن لَيسَ كَبَقِيَّةِ الشَّبَابِ، كَانَ شَابَّاً يُحِبُّ البَقَاءَ في هذهِ الحَياةِ الدُّنيا لِغَرَضٍ سَامٍ رَفِيعٍ، يَقولُ رَضِيَ اللهُ عنهُ كما جاءَ في أسد الغابة، إنَّ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ لمَّا حَضَرَهُ المَوتُ قال: اُنظُروا أَصبَحنَا؟

فَقِيلَ: لَم نُصبِحْ؛ حتَّى أُتِيَ فَقِيلَ: أَصبَحنَا.

فقال: أَعُوذُ بالله من لَيلَةٍ صَبَاحُها إلى النَّارِ! مَرحَباً بالمَوتِ، مَرحَباً زَائِرٌ حَبِيبٌ جَاءَ على فَاقَةٍ! اللَّهُمَّ تَعلَمُ أَنِّي كُنتُ أَخَافُكَ، وأنا اليَومَ أَرجُوكَ، إِنِّي لَم أَكُنْ أُحِبُّ الدُّنيا وطُولَ البَقَاءِ فِيهَا لِكَريِ الأنهارِ، ولا لِغَرسِ الأشجارِ، ولكن لِظَمَئِ الهَواجِرِ، ومُكَابَدَةِ السَّاعَاتِ، ومُزَاحَمَةِ العُلَماءِ بالرُّكَبِ عِندَ حِلَقِ الذِّكرِ. اهـ.

أيُّها الإخوة الكرام: لِيَسمَعْ أبناؤُنا وشَبَابُنا شَهَادَةَ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِسَيِّدِنا مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، كما جاءَ في أسد الغابَةِ، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «مُعَاذٌ أَمَامَ الْعُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ أو رتوتين». الرَّتْوَةُ: أي: بِرَميَةِ سَهْمٍ، وَقِيْلَ: بِمِيْلٍ، وَقِيْلَ: مَدَى البَصَرِ.

ورواهُ الطَّبَرَانِيُّ في المُعجَمِ الكَبِيرِ عن مَالِكِ بنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مُعَاذُ بن جَبَلٍ أَمَامَ الْعُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

لِيَسمَعْ أبناؤُنا وشَبَابُنا شَهَادَةَ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِسَيِّدِنا مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، روى الشيخان عن عَنْ مَسْرُوقٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ».

لِيَسمَعْ أبناؤُنا وشَبَابُنا شَهَادَةَ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِسَيِّدِنا مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، روى الإمام أحمد والترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ الله عُمَرُ ـ وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً: فِي أَمْرِ الله عُمَرُ ـ وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيناً، وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ».

إنَّ مُعَاذاً كَانَ أُمَّةً:

أيُّها الإخوة الكرام: روى الحاكم عن فَروَةَ بنِ نَوفَلَ الأشجَعِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ ابنُ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: إنَّ مُعَاذاً كَانَ أُمَّةً قَانِتَاً لله حَنِيفاً.

فَقُلتُ في نَفسِي: غَلِطَ أبو عَبدِ الرَّحمنِ، إنَّما قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لله حَنِيفاً﴾.

قال: أَتَدرِي ما الأُمَّةُ؟ وما القَانِتُ؟

فَقُلتُ: اللهُ أَعلَمُ.

قال: الأُمَّةُ الذي يُعَلِّمُ الخَيرَ، والقَانِتُ المُطِيعُ لله ولِرَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وكذلكَ كَانَ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، كَانَ مُعَلِّمَ الخَيرِ، وكَانَ مُطِيعَاً لله ولِرَسولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وفي رِوَايَةٍ للطَّبَرَانِيِّ في الكَبِيرِ عَنْ مَسْرُوقٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله ابنُ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: إِنَّ مُعَاذاً كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لله حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

فَقَالَ فَرْوَةُ: نَسِيَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ.

فَقَالَ: وَمَنْ نَسِيَ؟ إِنَّا كُنَّا نُشَبِّهُ مُعَاذاً بِإِبْرَاهِيمَ.

وَسُئِلَ عَنِ الأُمَّةِ؟ فَقَالَ: مُعَلِّمُ الْخَيْرِ.

وَسُئِلَ عَنِ الْقَانِتِ؟ فَقَالَ: مُطِيعٌ لله وَرَسُولِهِ.

سَيِّدُنا  عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ يَتَمَنَّى:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد كَانَ سَيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ يَتَمَنَّى أن يَكونَ مِلئَ البَيتِ رِجالاً كَسَيِّدِنا مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

روى الحاكم عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّهُ قال لأصحَابِهِ: تَمنَّوا.

فقالَ بَعضُهُم: أَتَمَنَّى لو أنَّ هذهِ الدَّارَ مَملُوءَةٌ ذَهَباً أُنفِقُهُ في سَبِيلِ الله وأَتَصَدَّقُ.

وقالَ رَجُلٌ: أَتَمَنَّى لو أنَّها مَملُوءَةٌ زَبَرجَداً وجَوهَراً فَأُنفِقُهُ في سَبِيلِ الله وأَتَصَدَّقُ.

ثمَّ قالَ عُمَرُ: تَمنَّوا.

فقالوا: مَا نَدرِي يا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ.

فقال عُمَرُ: أَتَمَنَّى لو أنَّها مَملُوءَةٌ رِجَالاً مِثلَ أبي عُبَيدَةَ بنِ الجَرَّاحِ، ومُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وسَالِمٍ مَولَى أبي حُذَيفَةَ، وحُذَيفَةَ بنِ اليَمانِ. اهـ.

وفي حَياةِ الصَّحَابَةِ، قالَ سَيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: فَأَستَعمِلُهُم في طَاعَةِ الله.

فَوَقَعَ في نَفسِي حُبُّهُ:

أيُّها الإخوة الكرام: يَقولُ أبو مُسلم الخَولانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وهوَ أحَدُ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وهوَ من اليَمَنِ: دَخَلتُ مَسجِدَ حِمصَ فإذا فِيهِ نَحوٌ من ثَلاثِينَ كَهْلاً من أصحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وإذا فِيهِم شَابٌّ أَكحَلُ العَينَينِ، بَرَّاقُ الثَّنَايَا، لا يَتَكَلَّمُ، سَاكِتٌ، فإذا امتَرَى القَومُ في شَيءٍ أَقبَلُوا عَلَيهِ فَسَأَلُوهُ.

فَقُلتُ لِجَلِيسٍ لي: من هذا؟

فقال: مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فَوَقَعَ في نَفسِي حُبُّهُ.

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: ما أحوَجَنا إلى شَبَابٍ كَسَيِّدِنا مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، ما أحوَجَنا إلى التَّفَقُّهِ في الدِّينِ، والوُقُوفِ عِندَ حُدُودِ الله عزَّ وجلَّ، عَسَى أن يَكشِفَ الله عزَّ وجلَّ عنَّا هذهِ الغُمَّةَ، لقد ضَاعَ الكَثِيرُ من شَبَابِنا وشَابَّاتِنا، فهلَّا من عَودَةٍ إلى رِحَابِ الله تعالى؟

اللَّهُمَّ رُدَّنا إلَيكَ رَدَّاً جَميلاً يا أرحَمَ الرَّاحِمِينَ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 1/شعبان/1435هـ، الموافق: 30/أيار/ 2014م

 2014-05-30
 58973
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمة الشهر

24-06-2025 139 مشاهدة
227ـ أجلنا محتوم

وَدَّعْنَا عَامًا هِجْرِيًّا مَضَى مِنْ عُمُرِنَا وَاسْتَقْبَلْنَا عَامًا هِجْرِيًّا جَدِيدًا، لَا نَدْرِي أَيَنْتَهِي فِيهِ أَجَلُنَا أَمْ لَا. عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ الْمَوْتَ حَتْمٌ لَازِمٌ لَا مَنَاصَ مِنْهُ لِكُلِّ ... المزيد

 24-06-2025
 
 139
27-05-2025 203 مشاهدة
226ـ هل من مغتنم؟

هَذِهِ العَشْرُ قَدْ أَقْبَلَتْ، وَأَبْوَابُ التَّنَافُسِ فِيهَا قَدْ فُتِحَتْ، فَهَلْ مِنْ مُنَافِسٍ فِي الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى؟ فَالأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الأَيَّامِ ... المزيد

 27-05-2025
 
 203
30-04-2025 235 مشاهدة
225ـ لا تحزنوا فالله معكم

الإِيمَانُ الحَقِيقِيُّ يُخْرِجُ العَبْدَ مِنَ الشَّدَائِدِ وَالمِحَنِ وَالكُرُوبِ، وَيَجْعَلُهُ فِي حَالَةِ ارْتِبَاطٍ بِاللهِ تَعَالَى وَاليَوْمِ الآخِرِ، الإِيمَانُ هُوَ دِرْعُ وَسِلَاحُ وَمَنَارُ المُؤْمِنِ وَقْتَ الشَّدَائِدِ القَاسِيَةِ، ... المزيد

 30-04-2025
 
 235
06-04-2025 365 مشاهدة
224ـ ما أجمل الأتقياء وأكرمهم

مَا أَجْمَلَ الأَتْقِيَاءَ وَأَكْرَمَهُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، تَآلَفَتْ قُلُوبُهُمْ فِي اللهِ تَعَالَى وَعَلَى طَاعَتِهِ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ ... المزيد

 06-04-2025
 
 365
04-03-2025 413 مشاهدة
223ـ اعتبروا الناس بأعمالهم

مَنْ حُجِبَ عَنِ العِلْمِ عَذَّبَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى جَهْلِهِ، وَأَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ العِلْمُ فَأَدْبَرَ عَنْهُ، وَسَاقَ اللهُ إِلَيْهِ الهُدَى فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ ... المزيد

 04-03-2025
 
 413
08-01-2025 1023 مشاهدة
221ـ نموذجان من المسلمين اليوم

الإِنْسَانُ خُلِقَ لِلْجَنَّةِ، وَالجَنَّةُ خُلِقَتْ لَهُ، وَالجَنَّةُ هِيَ سِلْعَةٌ، وَسِلْعَةُ اللهِ غَالِيَةٌ، وَثَمَنُهَا فِي الدُّنْيَا؛ فَمَا هُوَ ثَمَنُ الجَنَّةِ؟ ثَمَنُ الجَنَّةِ هُوَ العِبَادَةُ للهِ تعالى، وَالإِسْلَامُ عَقَائِدُ ... المزيد

 08-01-2025
 
 1023

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424798715
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :