224ـ ما أجمل الأتقياء وأكرمهم

224ـ ما أجمل الأتقياء وأكرمهم

كلمة شهر شوال 1446

224ـ ما أجمل الأتقياء وأكرمهم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَا أَجْمَلَ الأَتْقِيَاءَ وَأَكْرَمَهُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، تَآلَفَتْ قُلُوبُهُمْ فِي اللهِ تَعَالَى وَعَلَى طَاعَتِهِ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾.

وَإِذَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ مَا يُكَدِّرُ هَذِهِ الأُخُوَّةَ؛ وَهَذَا أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ، أَسْرَعَ الآخَرُونَ إِلَى الإِصْلَاحِ فِيمَا بَيْنَ المُخْتَلِفِينَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾.

هَؤُلَاءِ الأَتْقِيَاءُ الأَنْقِيَاءُ أُخُوَّتُهُمْ مُسْتَمِرَّةٌ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾.

هَؤُلَاءِ كَانَتْ مَحَبَّتُهُمْ للهِ تَعَالَى خَالِصَةً، وَمَا كَانَ للهِ دَامَ وَاتَّصَلَ، وَمَا كَانَ لِغَيْرِهِ زَالَ وَانْفَصَلَ، بَلْ تَنْقَلِبُ أُخُوَّةُ غَيْرِهِمْ إلى عَدَاوَةٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَتَبَرَّأُ مِنْ صَاحِبِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ﴾.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عَلَيْنَا أَنْ نَعِيشَ عِيشَةَ الأَتْقِيَاءِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ بِسَلَامَةِ صُدُورِنَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾. فَسَلَامَةُ القَلْبِ أَفْضَلُ طَرِيقٍ وَأَقْصَرُهُ لِلْوُصُولِ إِلَى الجَنَّةِ.

وَلَقَدْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ دُعَاءِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. وَفِي رِوَايَةٍ للتِّرْمِذِيِّ: «وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي».

مَعَ أَنَّ قَلْبَهُ الشَّرِيفَ، وَصَدْرَهُ الشَّرِيفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَطْهَرِ القُلُوبِ وَالصُّدُورِ عَلَى الإِطْلَاقِ، بَلْ قَلْبُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَطْهَرُ القُلُوبِ وَأَتْقَى القُلُوبِ وَأَنْقَاهَا، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذِهِ المَنْقَبَةُ عَظِيمَةُ الشَّأْنِ، وَالقَلِيلُ هُمُ الَّذِينَ يَتَحَلَّوْنَ بِهَا، لِأَنَّهُ عَسِيرٌ عَلَى النَّفْسِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ أَنْ تَتَجَرَّدَ مِنْ حُظُوظِهَا، وَتَتَنَازَلَ عَنْ حُقُوقِهَا لِغَيْرِهَا.

فَالسَّعِيدُ المُوَفَّقُ مَنْ قَابَلَ ظُلْمَ النَّاسِ، وَجَهْلَهُمْ، وَتَعَدِّيَهُمْ بِسَلَامَةِ الصَّدْرِ، وَلَمْ يُقَابِلِ الإِسَاءَةَ بِالإِسَاءَةِ، وَلَمْ يَحْقِدْ عَلَى المُسِيءِ، فَمَنْ تَحَقَّقَ بِهَذَا نَالَ مَرْتَبَةً عَالِيَةً مِنَ الأَخْلَاقِ الرَّفِيعَةِ، وَالسَّجَايَا النَّبِيلَةِ، وَهذَا عَزِيزٌ وَنَادِرٌ فِي النَّاسِ، وَلَكِنَّهُ يَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.

أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ أَنْ تَرْزُقَنَا صِفَةَ أَهْلِ الجَنَّةِ ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 1/ شوال /1446هـ، الموافق: 31/ آذار / 2025م

 2025-04-06
 333
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمة الشهر

24-06-2025 92 مشاهدة
227ـ أجلنا محتوم

وَدَّعْنَا عَامًا هِجْرِيًّا مَضَى مِنْ عُمُرِنَا وَاسْتَقْبَلْنَا عَامًا هِجْرِيًّا جَدِيدًا، لَا نَدْرِي أَيَنْتَهِي فِيهِ أَجَلُنَا أَمْ لَا. عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ الْمَوْتَ حَتْمٌ لَازِمٌ لَا مَنَاصَ مِنْهُ لِكُلِّ ... المزيد

 24-06-2025
 
 92
27-05-2025 177 مشاهدة
226ـ هل من مغتنم؟

هَذِهِ العَشْرُ قَدْ أَقْبَلَتْ، وَأَبْوَابُ التَّنَافُسِ فِيهَا قَدْ فُتِحَتْ، فَهَلْ مِنْ مُنَافِسٍ فِي الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى؟ فَالأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الأَيَّامِ ... المزيد

 27-05-2025
 
 177
30-04-2025 213 مشاهدة
225ـ لا تحزنوا فالله معكم

الإِيمَانُ الحَقِيقِيُّ يُخْرِجُ العَبْدَ مِنَ الشَّدَائِدِ وَالمِحَنِ وَالكُرُوبِ، وَيَجْعَلُهُ فِي حَالَةِ ارْتِبَاطٍ بِاللهِ تَعَالَى وَاليَوْمِ الآخِرِ، الإِيمَانُ هُوَ دِرْعُ وَسِلَاحُ وَمَنَارُ المُؤْمِنِ وَقْتَ الشَّدَائِدِ القَاسِيَةِ، ... المزيد

 30-04-2025
 
 213
04-03-2025 399 مشاهدة
223ـ اعتبروا الناس بأعمالهم

مَنْ حُجِبَ عَنِ العِلْمِ عَذَّبَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى جَهْلِهِ، وَأَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ العِلْمُ فَأَدْبَرَ عَنْهُ، وَسَاقَ اللهُ إِلَيْهِ الهُدَى فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ ... المزيد

 04-03-2025
 
 399
08-01-2025 1002 مشاهدة
221ـ نموذجان من المسلمين اليوم

الإِنْسَانُ خُلِقَ لِلْجَنَّةِ، وَالجَنَّةُ خُلِقَتْ لَهُ، وَالجَنَّةُ هِيَ سِلْعَةٌ، وَسِلْعَةُ اللهِ غَالِيَةٌ، وَثَمَنُهَا فِي الدُّنْيَا؛ فَمَا هُوَ ثَمَنُ الجَنَّةِ؟ ثَمَنُ الجَنَّةِ هُوَ العِبَادَةُ للهِ تعالى، وَالإِسْلَامُ عَقَائِدُ ... المزيد

 08-01-2025
 
 1002
08-01-2025 595 مشاهدة
220ـ إلا الخيانة والكذب

الظَّوَاهِرُ القَبِيحَةُ فِي المُجْتَمَعِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَلَكِنَّ أَقْبَحَهَا وَأَخْطَرَهَا ظَاهِرَةُ الكَذِبِ، هَذِهِ الظَّاهِرَةُ الَّتِي قَالَ عَنْهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ ... المزيد

 08-01-2025
 
 595

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5702
المقالات 3234
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424532349
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :