الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
لَقَدْ رَغَّبَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالإِكْثَارِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
رَوَى الحَاكِمُ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ».
قَالُوا: وَكَيْفَ صَلَاتُنَا تُعْرَضُ عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟
قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ».
وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا».
وَجَاءَ في الحَدِيثِ الضَّعِيفِ الذي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ عَشْرًا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ مِئَةً، وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِئَةً، كَتَبَ اللهُ لَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: بَرَاءَةً مِنَ النِّفَاقِ، وَبَرَاءَةً مِنَ النَّارِ، وَأَسْكَنَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الشُّهَدَاءِ».
وَجَاءَ في شُعَبِ الإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، خَادِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ أَكْثَرُكُمْ عَلَيَّ صَلَاةً فِي الدُّنْيَا مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، قَضَى اللهُ لَهُ مِائَةَ حَاجَةٍ، سَبْعِينَ مِنْ حَوَائِجِ الْآخِرَةِ، وَثَلَاثِينَ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا، ثُمَّ يُوَكِّلُ اللهُ بِذَلِكَ مَلَكًا يُدْخِلُهُ فِي قَبْرِهِ كَمَا يُدْخِلُ عَلَيْكُمُ الْهَدَايَا، يُخْبِرُنِي مَنْ صَلَّى عَلَيَّ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ إِلَى عَشِيرَتِهِ فَأُثْبِتُهُ عِنْدِي فِي صَحِيفَةٍ بَيْضَاءَ».
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَمَنْ قَالَ لَكَ: هَذِهِ بِدْعَةٌ، وَكُلٌّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، فَهُوَ ذَاتُهُ المُبْتَدِعُ، لِأَنَّهُ حَرَّمَ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ الشَّرْعُ.
وَعَلَيْهِ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلْيَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ.
وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَذَكَّرَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾؟
وَقَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وتعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
وَأَخِيرًا أَقُولُ لِنَفْسِي وَلَكَ: اسْمَعِ الحَدِيثَ الشَّرِيفَ الذي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللهَ اذْكُرُوا اللهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ».
قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟
فَقَالَ: «مَا شِئْتَ».
قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟
قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».
قُلْتُ: النِّصْفَ؟
قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».
قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟
قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».
قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا.
قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ». هذا، والله تعالى أعلم.