السلام على النفس

13596 - السلام على النفس

23-04-2025 164 مشاهدة
 السؤال :
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13596
 2025-04-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾.

رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ المُفْرَدِ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ غَيْرَ الْمَسْكُونِ فَلْيَقُلِ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا دَخَلْتَ المَسْجِدَ فَقُلْ: السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ؛ وَإِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا دَخَلْتَ بَيْتًا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ فَقُلْ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ. اهـ.

وَيَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فَعَلَى نَفْسِهِ لِيَقُلْ: السَّلَامُ عَلَيْنَا مِنْ قِبَلِ رَبِّنَا، وَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ فَلْيَقُلْ: السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا. اهـ.

وَيَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللهِ، وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى: وَأَنْ يُسَلِّمَ سَوَاءٌ كَانَ فِي البَيْتِ آدَمِيٌّ أَمْ لَا، لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾. اهـ.

وَيَقُولُ الإِمَامُ الحَافِظُ: وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ إِفْشَاءِ السَّلَامِ، السَّلَامُ عَلَى النَّفْسِ لِمَنْ دَخَلَ مَكَانًا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسكُمْ﴾. اهـ.

وَيَقُولُ الإِمَامُ القُرْطُبِيُّ: إِنَّ هَذَا عَامٌّ فِي دُخُولِ كُلِّ بَيْتٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ سَاكِنٌ مُسْلِمٌ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَاكِنٌ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي البَيْتِ مَنْ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ قَالَ: السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَوْ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ. اهـ.

وَيَقُولُ الزَّجَّاجُ: أَعْلَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ السَّلَامَ مُبَارَكٌ ثَابِتٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الأَجْرِ وَالثَّوَابِ، وَأَنَّهُ إِذَا أَطَاعَ اللهَ فِيهِ أَكْثَرَ خَيْرَهُ وَأَجْزَلَ أَجْرَهُ. اهـ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالسَّلَامُ عَلَى النَّفْسِ ـ إِذَا دَخَلَ أَحَدٌ بَيْتًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ ـ مَطْلُوبٌ شَرْعًا، وَهَذَا مِنَ الآدَابِ الرَّقِيقَةِ الَّتِي عَلَّمَهَا اللهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ ﴿فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسكُمْ﴾.

وَهَذَا مِنَ الآدَابِ الإِسْلَامِيَّةِ السَّامِيَةِ الرَّاقِيَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى نُبْلِ الإِسْلَامِ وَحَضَارَتِهِ.

وَبَعْضُ العُلَمَاءِ يَقُولُ: هَذِهِ لَيْسَتْ مِنَ الآدَابِ فَقَطْ، بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ بِهَا، وَالأَمْرُ إِذَا صَدَرَ مِنَ اللهِ تَعَالَى، أَوْ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ سُنَّةً أَوْ مُسْتَحَبًّا، فَالأَمْرُ يَكُونُ لِلْوُجُوبِ، فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾. أَمْرٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى بِالسَّلَامِ، ثُمَّ قَالَ: ﴿تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾. فَهِيَ تَحِيَّةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى جَلَّ جَلَالُهُ، فَيَأْمُرُنَا أَنْ نُحَيِّيَ أَنْفُسَنَا وَنُسَلِّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: ﴿مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾. أَيْ: جَمِيلَةً وَحَسَنَةً، فِيهَا النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ وَالخَيْرُ، وَهَذِهِ التَّحِيَّةُ مِنْ خَيْرِ التَّحِيَّاتِ، لِأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى.

وَلَا يَتْرُكُ هَذِهِ الآدَابَ إِلَّا جَاهِلٌ.

وَيَقُولُ الإِمَامُ القُشَيْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: السَّلَامُ الأَمَانُ، وَسَبِيلُ المُؤْمِنِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا أَنْ يُسلِّمَ مِنَ اللهِ عَلَى نَفْسِهِ؛ أَيْ: يَطْلُبُ الأَمَانَ وَالسَّلَامَةَ مِنَ اللهِ لِتَسْلَمَ نَفْسُهُ مِنَ الإِقْدَامِ عَلَى مَا لَا يَرْضَاهُ اللهُ، إِذْ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَفْتُرَ لَحْظًةً عَنِ الاسْتِجَارَةِ بِاللهِ حَتَّى لَا يَرْفَعَ عَنْهُ سُبْحَانَهُ ظِلَّ عِصْمَتِهِ؛ بِإِدَامَةِ حِفْظِهِ عَنِ الاتِّصَافِ بِمَكْرُوهٍ فِي الشَّرْعِ.

السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرَاضِينُ. هذا، والله تعالى أعلم.

164 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 74
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 322
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 48
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 90
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 126
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 115
مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ وَعْدَ اللهِ تَعَالَى لَا يُخْلَفُ، وَلَكِنَّ السُّؤَالَ: أَيْنَ نَصْرُ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ المُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ؟
رقم الفتوى : 13595

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5698
المقالات 3216
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 423359376
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :