كلمة شهر رجب 1446
221ـ نموذجان من المسلمين اليوم
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الإِنْسَانُ خُلِقَ لِلْجَنَّةِ، وَالجَنَّةُ خُلِقَتْ لَهُ، وَالجَنَّةُ سِلْعَةٌ، وَسِلْعَةُ اللهِ غَالِيَةٌ، وَثَمَنُهَا فِي الدُّنْيَا؛ فَمَا ثَمَنُ الجَنَّةِ؟
ثَمَنُ الجَنَّةِ العِبَادَةُ للهِ تعالى، وَالإِسْلَامُ عَقَائِدُ وَعِبَادَاتٌ وَمُعَامَلَاتٌ وَأَخْلَاقٌ، وَالعِبَادَاتُ الَّتِي هِيَ مِنْ شَعَائِرِ الإِسْلَامِ وَحْدَهَا لَا تَكْفِي، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
فَهَذِهِ العِبَادَاتُ أُسُسُ الإِسْلَامِ، الَّتِي لَهَا الأَثَرُ الكَبِيرُ فِي تَبْدِيلِ الأَخْلَاقِ السَّيِّئَةِ إِلَى الأَخْلَاقِ الحَسَنَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾. فَالعِبَادَةُ لَهَا أَثَرٌ فِي تَغْيِيرِ الأَخْلَاقِ إِلَى الأَحْسَنِ.
نَمُوذَجَانِ فِي المُسْلِمِينَ اليَوْمَ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: نَمُوذَجَانِ فِي المُسْلِمِينَ اليَوْمَ، الأَوَّلُ: عَابِدٌ سَيِّئُ الخُلُقِ.
الثَّانِي: حَسَنُ الخُلُقِ ضَعِيفُ العِبَادَةِ، فَأَيُّهُمَا المَقْبُولُ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ لَا شَكَّ بِأَنَّ الفَرِيقَيْنِ مَرْفُوضَانِ عِنْدَ اللهِ تعالى، وَأَقِفُ فِي هَذَا الشَّهْرِ مَعَ الفَرِيقِ الأَوَّلِ:
عَابِدٌ سَيِّئُ الخُلُقِ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عَابِدٌ سَيِّئُ الخُلُقِ مَرْفُوضٌ فِي الإِسْلَامِ وَخَاسِرٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فِي يَوْمٍ يَفِرُّ فِيهِ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ، لَا يَقْطِفُ ثِمَارَ عِبَادَتِهِ بِسَبَبِ سُوءِ أَخْلَاقِهِ، وَذَلِكَ لِلْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ؟».
قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ الله مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ.
قَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَايَا، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا.
قَالَ: «هِيَ فِي النَّارِ».
قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا.
قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ».
الأَثْوَارُ: قِطْعَةٌ مِنَ الأَقِطِ. وَالأَقِطُ: هُوَ شَيْءٌ يُتَّخَذُ مِنْ مَخِيضِ اللَّبَنِ.
لِذَلِكَ يَقُولُ الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: لَأَنْ يَصْحَبَنِي فَاجِرٌ حَسَنُ الخُلُقِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَصْحَبَنِي عَابِدٌ سَيِّئُ الخُلُقِ. ا هـ.
لِأَنَّ صُحْبَةَ الفَاجِرِ حَسَنِ الخُلُقِ لِلْعُلَمَاءِ الصُّلَحَاءِ خَيْرٌ لَهُ، حَيْثُ يَكُونُ مُتَأَثِّرًا بِصُحْبَتِهِمْ.
أَضِفْ إِلَى عِبَادَتِكَ حُسْنَ الخُلُقِ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَا نَقُولُ لِهَذَا العَابِدِ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ العُقَلَاءِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: لَا تَعْبُدِ اللهَ وَأَنْتَ سَيِّئُ الخُلُقِ، بَلْ نَقُولُ لَهُ: أَضِفْ إِلَى عِبَادَتِكَ حُسْنَ الخُلُقِ، أَضِفْ إِلَى عِبَادَتِكَ الإِحْسَانَ إِلَى النَّاسِ، لِأَنَّ الأَخْلَاقَ الحَسَنَةَ وَالإِحْسَانَ لِلنَّاسِ جُزْءٌ لَا يَتَجَزَّأُ مِنَ الدِّينِ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلالِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنْ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ».
وَفِي رِوَايَةٍ للإِمَامِ البُخَارِيِّ: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ».
وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «وَلَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ».
أَقُولُ لِهَذَا العَابِدِ سَيِّئِ الخُلُقِ:
لِمَاذَا هَذَا الانْفِصَالُ بَيْنَ الأَخْلَاقِ وَالعِبَادَاتِ؟ لِمَاذَا هَذَا الانْفِصَالُ بَيْنَ حَقِيقَةِ الدِّينِ وَمَظَاهِرِ الدِّينِ؟ لِمَاذَا أَنْتَ فِي المَسْجِدِ إِنْسَانٌ كَامِلٌ، وَخَارِجَ المَسْجِدِ لَسْتَ كَذَلِكَ؟ لِمَاذَا هَذَا التَّنَاقُضُ المُرِيعُ فِي شَخْصِيَّتِكَ؟ لِمَاذَا هَذِهِ المُفَارَقَةُ الحَادَّةُ؟
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَتَمَنَّى أَنْ لَا يَفْهَمَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُقَلِّلَ مِنَ العِبَادَةِ بِسَبَبِ سُوءِ الأَخْلَاقِ، لَا، بَلْ حَافِظْ عَلَى الكَثْرَةِ مِنَ العِبَادَةِ، وَحَافِظْ عَلَى هَذِهِ العِبَادَةِ مِنَ الضَّيَاعِ بِسَبَبِ سُوءِ الأَخْلَاقِ، وَسُوءِ التَّعَامُلِ، لِأَنَّ مُهِمَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَوْضَحَهَا بِقَوْلِهِ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ».
وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ».
قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: «الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائقَهُ». البَوَائِقُ: جَمْعُ بَائِقَةٍ، أَيْ: غَوَائِلُهُ وَشُرُورُهُ.
مَهْمَا عَبَدْتَ، وَمَهْمَا قُمْتَ، وَمَهْمَا قَرَأْتَ القُرْآنَ، وَمَهْمَا ذَكَرْتَ، وَمَهْمَا حَجَجْتَ، وَمَهْمَا اعْتَمَرْتَ، وَمَهْمَا بَكَيْتَ وَأَنْتَ تَتَفَنَّنُ فِي إِيقَاعِ الأَذَى بِجَارِكَ، بِمُسْلِمٍ، بِمَخْلُوقٍ، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَنْفِي عَنْكَ الإِيمَانَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ المَأْذِيُّ جَارَكَ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ.
فَقَالَ: «تَقْوَى الله وَحُسْنُ الْخُلُقِ».
وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ.
فَقَالَ: «الْفَمُ وَالْفَرْجُ».
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.
قَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله.
قَالَ: «أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا».
وَرَوَى الحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ لَا تَسَعُونَ النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلْيَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ».
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ».
أَيُّهَا العَابِدُ السَّيِّئُ خُلُقُه: تَعَلَّمْ دُعَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَأَضِفْ إِلَى هَذَا الدُّعَاءِ مُجَاهَدَتَكَ لِنَفْسِكَ، لِأَنَّ العِلْمَ بِالتَّعَلُّمِ، وَالحِلْمَ بِالتَّحَلُّمِ، وَالصَّبْرَ بِالتَّصَبُّرِ، وَإِلَّا لَا قَدَّرَ اللهُ فَسَيَكُونُ هَذَا العَبْدُ مِنَ الخَاسِرِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ.
اللَّهُمَّ حَسِّنْ أَخْلَاقَنَا، وَاهْدِنَا لِأَحْسَنِ الأَخْلَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ. آمين.
** ** **
تاريخ الكلمة:
الأربعاء: 1/ رجب /1446هـ، الموافق: 1/كانون الثاني / 2024م
وَدَّعْنَا عَامًا هِجْرِيًّا مَضَى مِنْ عُمُرِنَا وَاسْتَقْبَلْنَا عَامًا هِجْرِيًّا جَدِيدًا، لَا نَدْرِي أَيَنْتَهِي فِيهِ أَجَلُنَا أَمْ لَا. عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ الْمَوْتَ حَتْمٌ لَازِمٌ لَا مَنَاصَ مِنْهُ لِكُلِّ ... المزيد
هَذِهِ العَشْرُ قَدْ أَقْبَلَتْ، وَأَبْوَابُ التَّنَافُسِ فِيهَا قَدْ فُتِحَتْ، فَهَلْ مِنْ مُنَافِسٍ فِي الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى؟ فَالأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الأَيَّامِ ... المزيد
الإِيمَانُ الحَقِيقِيُّ يُخْرِجُ العَبْدَ مِنَ الشَّدَائِدِ وَالمِحَنِ وَالكُرُوبِ، وَيَجْعَلُهُ فِي حَالَةِ ارْتِبَاطٍ بِاللهِ تَعَالَى وَاليَوْمِ الآخِرِ، الإِيمَانُ هُوَ دِرْعُ وَسِلَاحُ وَمَنَارُ المُؤْمِنِ وَقْتَ الشَّدَائِدِ القَاسِيَةِ، ... المزيد
مَا أَجْمَلَ الأَتْقِيَاءَ وَأَكْرَمَهُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، تَآلَفَتْ قُلُوبُهُمْ فِي اللهِ تَعَالَى وَعَلَى طَاعَتِهِ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ ... المزيد
مَنْ حُجِبَ عَنِ العِلْمِ عَذَّبَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى جَهْلِهِ، وَأَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ العِلْمُ فَأَدْبَرَ عَنْهُ، وَسَاقَ اللهُ إِلَيْهِ الهُدَى فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ ... المزيد
الظَّوَاهِرُ القَبِيحَةُ فِي المُجْتَمَعِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَلَكِنَّ أَقْبَحَهَا وَأَخْطَرَهَا ظَاهِرَةُ الكَذِبِ، هَذِهِ الظَّاهِرَةُ الَّتِي قَالَ عَنْهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ ... المزيد