14ـ دروس رمضانية 1435هـ: (الصالحون عون في الدنيا والآخرة)

14ـ دروس رمضانية 1435هـ: (الصالحون عون في الدنيا والآخرة)

 

 14ـ دروس رمضانية 1435هـ: (الصالحون عون في الدنيا والآخرة)

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: حُبُّ الدُّنيا وإيثَارُهَا على الآخِرَةِ، عَلامَةٌ من عَلامَاتِ ضَعْفِ الإيمَانِ، والعَبدُ لا يَجتَرِئُ على المَعَاصِي والمُنكَرَاتِ والمُخَالَفَاتِ الشَّرعِيَّةِ إلا بِسَبَبِ ضَعْفِ الإيمَانِ، ولا يُسَوِّلُ ولا يُسَوِّفُ في التَّوبَةِ والإنَابَةِ إلا بِسَبَبِ ضَعْفِ الإيمَانِ.

ولو استَشعَرَ العَبدُ مَوقِفَ العَرضِ والحِسَابِ على اللهِ تعالى، واستَحضَرَ قَولَ اللهِ تعالى: ﴿وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾. واستَحضَرَ ذاكَ اليَومَ الذي تَشِيبُ فِيهِ الوِلدَانُ، كما قالَ تعالى: ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً * السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً﴾. لَكَانَ خَوفُهُ وخَشيَتُهُ من اللهِ تعالى يَدفَعَانِهِ إلى التَّوبَةِ والإنَابَةِ والعَمَلِ الصَّالِحِ.

أيُّها الإخوة الكرام: ضَعْفُ الإيمَانِ يَجعَلُ العَبدَ فَرِيسَةً سَهْلَةً للشَّيطَانِ، وإذا فَرَغَتِ النُّفُوسُ من وَازِعِ الإيمَانِ ومُرَاقَبَةِ اللهِ عزَّ جلَّ، وخَلَتِ القُلُوبُ من خَوفِ العَزِيزِ الجَبَّارِ المُنتَقِمِ، اِنسَاقَ العَبدُ وَرَاءَ الشَّهَوَاتِ، وانقَادَ لِلَّذَائِذِ والنَّزَوَاتِ، ولَعِبَ بِهِ الشَّيطَانُ والنَّفسُ الأمَّارَةُ بالسُّوءِ، حتَّى يُصبِحَ عَبداً لِهَوَاهُ وشَهَوَاتِهِ ـ والعِياذُ باللهِ تعالى ـ

مُجَالَسَةُ الصَّالِحِينَ:

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ الابتِعَادَ عن مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ الأبرَارِ، أصحَابِ الأَجوَاءِ الإيمَانِيَّةِ يُضعِفُ الإيمَانَ في القَلبِ، قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾.

أيُّها الإخوة الكرام: الإيمَانُ يَزِيدُ ويَنقُصُ، قال تعالى: ﴿لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾. وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾. فالإيمَانُ يَزِيدُ بِفِعلِ الطَّاعَاتِ، ويَنقُصُ بِفِعلِ المَعَاصِي والمُنكَرَاتِ، ومن جُملَةِ الطَّاعَاتِ التي تَزِيدُ في الإيمَانِ مُجَالَسَةُ الصَّالِحِينَ.

روى الإمام مسلم عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟

قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ.

قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا تَقُولُ؟

قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ـ أَيْ نَرَاهُمَا رَأْيَ عَيْنٍ ـ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ ـ عَالَجْنَا مَعَايِشَنَا وَحُظُوظَنَا ـ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ ـ أيْ: الأعمالَ والتِّجَارَةَ ـ فَنَسِينَا كَثِيراً.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فواللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا ذَاكَ؟».

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيراً.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ، سَاعَةً وَسَاعَةً ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ».

الصَّالِحُونَ عَوْنٌ في الدُّنيا والآخِرَةِ:

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ مُجَالَسَةَ الصَّالِحِينَ وصُحبَتَهُم وزِيَارَتَهُم ومَحَبَّتَهُم والاستِئنَاسَ بِهِم من أعظَمِ ما يُعِينُ على زِيَادِةِ الإيمَانِ وعلى تَقوَى اللهِ تعالى، لأنَّهُ كَيفَ يَزِيدُ الإيمَانُ، وتَزِيدُ التَّقوَى بِمُجَالَسَةِ الفُجَّارِ الأشقِيَاءِ الذينَ يَعِيثُونَ في الأرضِ فَسَاداً؟ وكَيفَ يُصبِحُ العَبدُ مُؤمِناً حَقَّاً، وللهِ طَائِعاً إذا كَانَ يَقضِي جُلَّ وَقتِهِ مَعَ من أعرَضَ عن اللهِ تعالى؟

يَقُولُ سَيِّدُنا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عنهُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَزَوَّدُوا مِنَ الإِخوَانِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّهُم عَونٌ فِي الدُّنيَا والآخِرَةِ.

قَالُوا: يَا أَبَا الحَسَنِ! أَمَّا فِي الدُّنيَا فَصَحِيحٌ، ولَكِنِ الآخرةُ فِي مَاذَا؟

قَال: أَمَا سَمِعتُمُ اللهَ عزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾. فَوَصَفَ اللهُ المُتَّقِينَ بِمَفهُومِ أَنَّهُم أَصدِقَاءٌ، وأَنَّهُم أَعوَانٌ فِي الآخِرَةِ كَذَلِكَ.

وفي رِوَايَةٍ قَالَ: يَقُولُ اللهُ سُبحَانَهُ وتعالى في الكَافِرِينَ والمُنَافِقِينَ والفَجَرَةِ: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾. فَلَو كَانَ لَهُ صَدِيقٌ صَالِحٌ لَنَفَعَهُ.

ومِمَّا لا شَكَّ فِيهِ بأنَّ العُلَمَاءَ العَامِلِينَ من أصلَحِ الصَّالِحِينَ، لأنَّهُم إذا رُؤوا ذُكِرَ اللهُ تعالى، وإذا تَحَدَّثُوا زَادُوا جُلَّاسَهُم عِلماً، وهذا من أسمَى ما يَتَمَنَّاهُ العَبدُ ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾. وإذا عَمِلُوا ذَكَّرُوا النَّاظِرَ إلَيهِم بالآخِرَةِ، هؤلاءِ هُم خَيرُ الجُلَسَاءِ الذينَ يَزِيدُونَ في الإيمَانِ.

روى أبو يعلى عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما قال: قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ جُلَسَائِنَا خَيرٌ؟

قال: «مَن ذَكَّرَكُمُ اللهَ رُؤيَتُهُ، وَزَادَ في عِلمِكُم مَنطِقُهُ، وَذَكَّرَكُم بالآخِرَةِ عَمَلُهُ».

اُهجُرِ العَاصِي واحذَرْ من أن يُؤَثِّرَ فِيكَ:

أيُّها الإخوة الكرام: أهلُ المَعَاصِي والمُنكَرَاتِ قد يُؤَثِّرُونَ في الطَّائِعِينَ ويَجُرُّونَهُم إلى المَعصِيَةِ ومُخَالَفَةِ أمرِ اللهِ تعالى، فَيَجِبُ عَلَيكَ يا صَاحِبَ التَّقوَى أن تَلزَمَ صُحبَةَ الصَّالِحِينَ الصَّادِقِينَ، وذلكَ من أَجلِ سَلامَةِ دِينِكَ، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾. هذا إذا كَانَ في حَقِّ الطَّائِعِينَ من أَهلِ التَّقَوى، فَكَيفَ بِحَالِ أمثَالِنَا؟

هذا صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ من أصحَابِ سَيِّدِنا رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُكْنَى بأبي لُبَابَةَ، أرسَلَهُ سَيِّدُنا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى بَنِي قُرَيظَةَ بَعدَ أن حَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وأجهَدَهُمُ الحِصَارُ،  وكَانُوا قد غَدَرُوا بِسَيِّدِنا رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ونَقَضُوا العَهدَ.

فَقَامَ إلَيهِ الرَّجَالُ والنِّسَاءُ والأطفَالُ يَبكُونَ فَرَقَّ لَهُم، فقالوا: يا أبا لُبَابَةَ، أَتَرَى أن نَنزِلَ على حُكْمِ مُحَمَّدٍ.

فَقَالَ: نَعَم، وأشار بِيَدِهِ إلى حَلقِهِ؛ أَنَّهُ الذَّبْحُ.

قَالَ أبو لُبَابَةَ: فواللهِ ما زَالَت قَدَمَايَ تَرجُفَانِ حِينَ عَرَفتُ أَنِّي قد خُنتُ اللهَ ورَسُولَهُ. رواه البيهقي.

وجاءَ في السِيَرِ ثُمّ انْطَلَقَ أَبُو لُبَابَةَ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِدِ إلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِهِ وَقَالَ: لَا أَبْرَحُ مَكَانِي هَذَا حَتّى يَتُوبَ اللهُ عَلَيَّ مِمَّا صَنَعْت، وَعَاهَدَ اللهَ أَنْ لَا أَطَأَ بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَداً، وَلَا أُرَى فِي بَلَدٍ خُنْتُ اللهِ وَرَسُولَهُ فِيهِ أَبَداً.

وفي روايةٍ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَبَرُهُ وَكَانَ قَدْ اَسْتَبْطَأَهُ، قَالَ: «أَمَا إنَّهُ لَوْ جَاءَنِي لَاسْتَغْفَرْتُ لَهُ، فَأَمَّا إذْ قَدْ فَعَلَ مَا فَعَل فَمَا أَنَا بِاَلّذِي أُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَتُوبَ اللهُ عَلَيْهِ .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : أَنَّ تَوْبَةَ أَبَى لُبَابَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ السَّحَرِ وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنهَا.

فَقَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنهَا: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ  مِنْ السَّحَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ.

قَالَتْ: فَقُلْت: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ؛

قَالَ: «تِيبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ».

قَالَتْ: قُلْت: أَفَلَا أُبَشِّرُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «بَلَى، إنْ شِئْتِ».

فَقَامَتْ عَلَى بَابِ حُجْرَتِهَا، وَذَلِك قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ فَقَالَتْ: يَا أَبَا لُبَابَةَ أَبْشِرْ فَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَيْك.

قَالَتْ: فَثَارَ النّاسُ إلَيْهِ لِيُطْلِقُوهُ، فَقَالَ: لَا وَاَللهِ حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ الّذِي يُطْلِقُنِي بِيَدِهِ.

فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَارِجاً إلَى صَلَاةِ الصّبْحِ أَطْلَقَهُ. ونَزَلَ فِيهِ قَولُهُ تعالى: ﴿يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللّهَ وَالرّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.

وقِيل نَزَلَ فِيهِ قَولُهُ تعالى: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيّئًا عَسَى اللّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

يا من شَرَحَ اللهُ صَدْرَكَ للإسلامِ، وحَبَّبَ إلى قَلبَكَ الإيمَانَ، لا تَرجِعْ إلى أَهلِ المَعَاصِي، ولا إلى مَكَانٍ كُنتَ تَعصِي اللهَ تعالى فِيهِ، بَعدَ أن أنقَذَكَ اللهُ تعالى من المَعصِيَةِ، وذلكَ من أَجلِ سَلامَةِ إيمَانِكَ وتَقوَاكَ.

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: السَّعِيدُ من وَفَّقَهُ اللهُ تعالى للحِفَاظِ على نِعمَةِ الإيمَانِ وزِيَادَتِهِ، والشَّقِيُّ من حُرِمَ نِعمَةَ الإيمَانِ وانسَلَخَ مِنهُ كما تَنسَلِخُ الحَيَّةُ من جِلدِهَا، فمن أرَادَ زِيَادَةَ الإيمَانِ فَعَلَيهِ بِمُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ، والابتِعَادِ عن مُجَالَسَةِ الفُجَّارِ، وإلا فلا يَلُومَنَّ إلا نَفسَهُ إذا ضَعُفَ إيمَانُهُ، لأنَّ العَبدَ إذا ضَعُفَ إيمَانُهُ ثَقُلَت عَلَيهِ الطَّاعَةُ، وهَانَت عَلَيهِ المَعصِيَةُ، وبذلكَ خَسَارَةُ الدُّنيا والآخِرَةِ.

اللَّهُمَّ وَفِّقنَا لما يُرضِيكَ عَنَّا. آمين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

السبت: 14/ رمضان/1435هـ، الموافق: 12/تموز / 2014م

 2014-07-12
 13133
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  دروس رمضانية

14-03-2024 207 مشاهدة
1-مواساة لأصحاب الأعذار في رمضان

يَا مَنْ أَقْعَدَكُمُ المَرَضُ عَنِ الصِّيَامِ وَالقِيَامِ، وَقُلُوبُكُمْ تَتَلَهَّفُ للصِّيَامِ وَالقِيَامِ، أَبْشِرُوا وَلَا تَحْزَنُوا، فَأَنْتُمْ في نِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، مَا دَامَتْ قُلُوبُكُمْ تَتَطَلَّعُ للصِّيَامِ ... المزيد

 14-03-2024
 
 207
26-05-2022 656 مشاهدة
28ـ غزوة بدر وحسرة المشركين

فِي خِتَامِ هَذَا الشَّهْرِ العَظِيمِ المُبَارَكِ، وَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى العَظِيمَةِ المُبَارَكَةِ، التي جَسَّدَتْ لَنَا بِوُضُوحٍ تَامٍّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * ... المزيد

 26-05-2022
 
 656
26-05-2022 489 مشاهدة
27ـ غزوة بدر درس عملي لكل ظالم ومظلوم

غَزْوَةُ بَدْرٍ الكُبْرَى فِيهَا دَرْسٌ عَمَلِيٌّ لِكُلِّ ظَالِمٍ، وَلِكُلِّ مَظْلُومٍ، وَكَأَنَّ لِسَانَ حَالِ الغَزْوَةِ يَقُولُ لِكُلِّ مَظْلُومٍ: اصْبِرْ وَصَابِرْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَحِيدَ عَنْ جَادَّةِ الصَّوَابِ، فَالعَاقِبَةُ لَكَ، ... المزيد

 26-05-2022
 
 489
29-04-2022 366 مشاهدة
26ـ غزوة بدر وتواضع القائد

مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى نَتَعَلَّمُ خُلُقَ التَّوَاضُعِ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَيْفَ كَانَ يَتَعَامَلُ مَعَ أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ. ... المزيد

 29-04-2022
 
 366
29-04-2022 749 مشاهدة
25ـ هنيئًا لكم أيها الصائمون القائمون

يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ... المزيد

 29-04-2022
 
 749
29-04-2022 855 مشاهدة
24ـ أقوام عاشوا عيش السعداء

الزَّمَنُ يَمضِي ولا يَعُودُ، ولَيسَ هُناكَ شَيءٌ أسرَعُ من الزَّمَنِ، فهوَ لا يَتَوَقَّفُ، تَمُرُّ اللَّيالِي والأيَّامُ والشُّهُورُ والسَّنَوَاتُ على الإنسَانِ ويَنتَهِي وُجُودُهُ فِيها كَأَنَّهُ لم يَلبَثْ فِيها إلا سَاعَةً من الزَّمَنِ. ... المزيد

 29-04-2022
 
 855

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3154
المكتبة الصوتية 4763
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412016485
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :