دروس رمضانية 1438هـ
18ـ هل تريد دخول الجنة بغير حساب
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الخَيْرُ كُلُّ الخَيْرِ في التَّعَامُلِ مَعَ اللهِ تعالى، وقَد خَابَ وخَسِرَ مَن لَمْ يَتَعَامَلْ مَعَ اللهِ تعالى، فَيَا مَن آمَنَ باللهِ تعالى واليَومِ الآخِرِ، تَسَاءَلْ مَعَ نَفْسِكَ هذهِ الأَسْئِلَةَ وخُذِ الجَوَابَ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الصَّادِقِ المَصْدُوقِ.
أولاً: هَل تُرِيدُ دُخُولَ الجَنَّةِ بِغَيرِ حِسَابٍ؟
سَلْ نَفْسَكَ هذا السُّؤَالَ، فإذا جَاءَ الجَوَابُ نَعَم، فَقُلْ لِنَفْسِكَ: اِسْمَعِي حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الشيخان عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفاً بِغَيْرِ حِسَابٍ».
قَالُوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ».
إذاً فَتَوَكَّلْ على اللهِ تعالى.
ثانياً: هَل تُرِيدُ دُخُولَ الجَنَّةِ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
سَلْ نَفْسَكَ هذا السُّؤَالَ، فإذا جَاءَ الجَوَابُ نَعَم، فَقُلْ لِنَفْسِكَ: اِسْمَعِي حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ ـ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ـ».
وفي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ في الأَوسَطِ: «دَخَلتُ أَنَا وَهُوَ الجَنَّةَ».
إذاً فَأَعِلْ جَارِيَتَينِ، وكُنْ مُحَافِظَاً على سَلامَةِ قَلبِكَ، روى الترمذي عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا بُنَيَّ، إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ، يَا بُنَيَّ، وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ».
ثالثاً: هَل تُرِيدُ أن تَكُونَ من الذينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم؟
سَلْ نَفْسَكَ هذا السُّؤَالَ، فإذا جَاءَ الجَوَابُ نَعَم، فَقُلْ لِنَفْسِكَ: اِسْمَعِي حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الإمام أحمد والحاكم عَن مُعَاذٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ فِي سَبِيلِ اللهِ كَتَبَهُ اللهُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ».
رابعاً: هَل تُرِيدُ بَابَاً من أَبوَابِ الجَنَّةِ؟
سَلْ نَفْسَكَ هذا السُّؤَالَ، فإذا جَاءَ الجَوَابُ نَعَم، فَقُلْ لِنَفْسِكَ: اِسْمَعِي حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الإمام أحمد والترمذي عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ أَبَاهُ دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخْدِمُهُ.
قَالَ: فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَلَّيْتُ.
فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ؟».
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللهِ».
وروى الشيخان عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ.
يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرٍِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ: الضُّحَى، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يُدِيمُونَ عَلَى صَلاةِ الضُّحَى؟ هَذَا بَابُكُمْ فَادْخُلُوهُ بِرَحْمَةِ اللهِ».
إذاً فَأَكْثِرْ من قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللهِ، ومن الصِّيَامِ، وصَلاةُ الضُّحَى دُمْ عَلَيهَا.
خامساً: هَل تُرِيدُ أن تُفتَحَ لَكَ أَبوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ؟
سَلْ نَفْسَكَ هذا السُّؤَالَ، فإذا جَاءَ الجَوَابُ نَعَم، فَقُلْ لِنَفْسِكَ: اِسْمَعِي حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الحاكم عَن أَبِي هُرَيرَةَ ، وَأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُما يَقُولَانِ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى المِنبَرِ فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ» ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ سَكَتَ، فَأَكَبَّ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا يَبْكِي حَزِينَاً لِيَمِينِ رَسُولِ اللِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ قَالَ: «مَا مِن عَبْدٍ يَأتِي بالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ، وَيَجْتَنِبُ الكَبَائِرَ السَّبْعَ، إلا فُتِحَتْ لَهُ أَبوَابُ الجَنَّةِ يَومَ القِيَامَةِ، حَتَّى أَنَّهَا لَتَصْطَفِقُ».
ثُمَّ تَلَا: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً﴾.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الخُرُوجُ من الدُّنيَا مُحَقَّقٌ، والسَّعِيدُ من خَرَجَ مِنهَا إلى رَحمَةِ اللهِ تعالى وعَفْوِهِ، وكَانَ من أَهلِ الجَنَّةِ، والجَنَّةُ سِلْعَةُ اللهِ تعالى الغَالِيَةُ، فَمَن أَرَادَهَا دَفَعَ الثَّمَنَ لِيَدْخُلَهَا بِفَضْلِ اللهِ ورَحمَتِهِ.
إِلَهِي لَسْتُ لِلفِرْدَوسِ أَهْلاً *** ولا أَقْوَى عَلَى نَارِ الجَحِيمِ
فَهَبْ لِي تَـوبَةً واغْفِرْ ذُنُوبِي *** فَإِنَّكَ غَافِرُ الذَّنْبِ العَظِيمِ
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا من أَهْلِ الجَنَّةِ بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ. آمين.
** ** **
تاريخ الكلمة:
الاثنين: 10/رمضان /1438هـ ، الموافق: 5/حزيران/ 2017م
اضافة تعليق |
ارسل إلى صديق |
يَا مَنْ أَقْعَدَكُمُ المَرَضُ عَنِ الصِّيَامِ وَالقِيَامِ، وَقُلُوبُكُمْ تَتَلَهَّفُ للصِّيَامِ وَالقِيَامِ، أَبْشِرُوا وَلَا تَحْزَنُوا، فَأَنْتُمْ في نِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، مَا دَامَتْ قُلُوبُكُمْ تَتَطَلَّعُ للصِّيَامِ ... المزيد
فِي خِتَامِ هَذَا الشَّهْرِ العَظِيمِ المُبَارَكِ، وَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى العَظِيمَةِ المُبَارَكَةِ، التي جَسَّدَتْ لَنَا بِوُضُوحٍ تَامٍّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * ... المزيد
غَزْوَةُ بَدْرٍ الكُبْرَى فِيهَا دَرْسٌ عَمَلِيٌّ لِكُلِّ ظَالِمٍ، وَلِكُلِّ مَظْلُومٍ، وَكَأَنَّ لِسَانَ حَالِ الغَزْوَةِ يَقُولُ لِكُلِّ مَظْلُومٍ: اصْبِرْ وَصَابِرْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَحِيدَ عَنْ جَادَّةِ الصَّوَابِ، فَالعَاقِبَةُ لَكَ، ... المزيد
مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى نَتَعَلَّمُ خُلُقَ التَّوَاضُعِ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَيْفَ كَانَ يَتَعَامَلُ مَعَ أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ. ... المزيد
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ... المزيد
الزَّمَنُ يَمضِي ولا يَعُودُ، ولَيسَ هُناكَ شَيءٌ أسرَعُ من الزَّمَنِ، فهوَ لا يَتَوَقَّفُ، تَمُرُّ اللَّيالِي والأيَّامُ والشُّهُورُ والسَّنَوَاتُ على الإنسَانِ ويَنتَهِي وُجُودُهُ فِيها كَأَنَّهُ لم يَلبَثْ فِيها إلا سَاعَةً من الزَّمَنِ. ... المزيد