116- المنهاج للعابدين

116- المنهاج للعابدين

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

116ـ المنهاج للعابدين

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: المِنْهَاجُ الذي رَسَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للعَابِدِينَ:

إِنَّ مِنْهَاجَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي انْتَهَجَهُ في العِبَادَةِ، والذي رَسَمَهُ للعُبَّادِ، هُوَ أَقْوَمُ المَنَاهِجِ وَأَقْوَاهَا، وَأَفْضَلُهَا عِنْدَ اللهِ تعالى وَأَهْدَاهَا، وَأَعْدَلُهَا في أَدَاءِ الحُقُوقِ وَأَكْمَلُهَا، وَهُوَ أَبْيَنُ طُرُقِ التَّقَرُّبِ إلى اللهِ تعالى وَأَقْرَبُهَا، وَمَهْمَا جَاءَ العَابِدُ بِمَشَاقِّ التَّعَبُّدَاتِ، وَأَتَى بِعَظَائِمَ مِنَ الطَّاعَاتِ، لَا يُقَرِّبُهُ ذَلِكَ إلى اللهِ تعالى زُلْفَى، كَمَا تُقَرِّبُهُ السُّنَّةُ المُحَمَّدِيَّةُ التي سَنَّهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الطَّاعَاتِ وَالعِبَادَاتِ.

رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا (أَيْ: رَأَوْهَا قَلِيلَةً بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَنْبَغِي لَهُمْ).

فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ (أَيْ: بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَوْنٌ بَعِيدٌ، وَمَسَافَةٌ طَوِيلَةٌ، فَإِنَّنَا مُعَرَّضُونَ للذُّنُوبِ وَسُوءِ العَاقِبَةِ، وَلَمْ تُضْمَنْ لَنَا المَغْفِرَةُ، وَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ المَعْصُومُ وَالمَضْمُونُ لَهُ الغُفْرَانُ. اهـ. كَمَا في شَرْحِ ابْنِ عَلَّانَ عَلَى رِيَاضِ الصَّالِحِينَ وَغَيْره).

فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدَاً.

وَقَالَ الآخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ.

وَقَالَ الآخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدَاً.

فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ للهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».

نَقَلَ العَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلَّانَ في شَرْحِ رِيَاضِ الصَّالِحِينَ عَنِ المُطَرِّزِيِّ في شَرْحِ المَصَابِيحِ، أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» يَعْنِي: مَنْ تَرَكَ مَا أَمَرْتُ بِهِ مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ: فَرْضَاً أَو سُنَّةً، عَلَى سَبِيلِ الاسْتِخْفَافِ بِي، وَعَدَمِ الالْتِفَاتِ إِلَيَّ فَلَيْسَ مِنِّي، لِأَنَّهُ كَافِرٌ، أَمَّا مَنْ تَرَكَهُ لَا عَنِ اسْتِخْفَافٍ بَلْ عَنِ الكَسَلِ، لَمْ يَكُنْ كَافِرَاً، وَحِينَئذٍ فَقَوْلُهُ: «فَلَيْسَ مِنِّي» أَيْ: مِنَ المُقْتَدِينَ بِي وَالعَامِلِينَ بِسُنَّتِي. اهـ..

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَكَانَ مِنْهَاجُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في العِبَادَةِ: أَنَّهُ إِذَا عَمِلَ عَمَلَاً أَثْبَتَهُ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ:

رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ، وَإِنْ قَلَّ».

وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلَ عَمَلَاً أَثْبَتَهُ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 20/ شعبان /1440هـ، الموافق: 26/ نيسان / 2019م

الشيخ :عبد الله سراج الدين
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  من كتاب سيدنا محمد رسول الله   

20-03-2021 2635 مشاهدة
203ـ تمسح الملائكة بالقبر الشريف

رَوَى الدَّارَمِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ كَعْبَاً ـ أَيْ: كَعْبَ الأَحْبَارِ ـ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ كَعْبٌ: مَا مِنْ يَوْمٍ يَطْلُعُ ... المزيد

 20-03-2021
 
 2635
12-03-2021 1460 مشاهدة
202ـ إفاضة القبر الشريف بالأسرار والأنوار

بَابُ مَا أَكْرَمَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحْطَاً شَدِيدَاً، ... المزيد

 12-03-2021
 
 1460
19-02-2021 993 مشاهدة
201ـ بكاء الصحابة لتذكرهم عهوده صلى الله عليه وسلم

عَادَ خَبَّابَاً نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، تَرِدُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَوْضَ! ... المزيد

 19-02-2021
 
 993
20-11-2020 4120 مشاهدة
200ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (2)

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ... المزيد

 20-11-2020
 
 4120
13-11-2020 1876 مشاهدة
199ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ ... المزيد

 13-11-2020
 
 1876
06-11-2020 977 مشاهدة
198ـ محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (5)

بُكَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لِأَلَمِ فِرَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبُكَاؤُهُمْ لِتَذَكُّرِ مَجَالِسِهِ، وَبُكَاؤُهُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ... المزيد

 06-11-2020
 
 977

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3152
المكتبة الصوتية 4740
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411761411
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :