100ـ خطبة الجمعة: صبرًا يا أهل غزة فلكم الله
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ.
مُقَدِّمَةُ الخُطْبَةِ:
فَإِنَّهُ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ بِأَنَّ المُسْلِمِينَ فِي هَذَا اليَوْمِ المُبَارَكِ يَتَطَلَّعُونَ إِلَى خُطَبَاءِ الجُمُعَةِ وَيَنْتَظِرُونَ مَا سَيَسْمَعُونَ مِنْهُمْ عَنِ الجَرَائِمِ الَّتِي يَرْتَكِبُهَا المُجْرِمُونَ شُذَّاذُ الآفَاقِ الَّذِينَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالمَسْكَنَةُ بِأَهْلِنَا بِإِخْوَانِنَا بِأَطْفَالِنَا بِأَعْرَاضِنَا بِمُمْتَلَكَاتِنَا فِي غَزَّةَ الحَبِيبَةِ فِي فِلَسْطِينَ الغَالِيَةِ.
نَقُولُ لِأَهْلِنَا فِي غَزَّةَ الحَبِيبَةِ:
يَا عِبَادَ اللهِ: لَا يَسَعُنَا ـ وَنَحْنُ عَلَى مِنْبَرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَتْبَاعِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْ نَقُولَ لِأَهْلِ غَزَّةَ إِلَّا كَمَا قَالَ سَيِدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا تَقَطَّعَتِ الأَسْبَابُ وَعَجَزَ عَنْ نُصْرَةِ المَظْلُومِينَ، وَمَرَّ عَلَى أُسْرَةِ يَاسِرٍ وَرَآهُمْ يُعَذَّبُونَ وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْلِكُ لَهُمْ شَيْئًا إِلَّا الدُّعَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدُكُمُ الْجَنّةُ» رَوَاهُ الحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالبَيْهَقِيُّ.
وَنَحْنُ نَقُولُ لِأَهْلِنَا فِي غَزَّةَ وَقَدْ تَقَطَّعَتِ الأَسْبَابُ عِنْدَنَا ـ نَحْنُ عَامَّةَ النَّاسِ ـ مُتَأَسِّينَ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: صَبْرًا يَا أَهْلَ غَزَّةَ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمْ إِمَّا النَّصْرُ وَإِمَّا الشَّهَادَةُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ النَّصْرُ، أَوْ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، وَأَنْتُمْ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى بِبَرَكَةِ صَبْرِكُمْ وَصُمُودِكُمْ.
يَا أَهْلَ غَزَّةَ: لَا يَسَعُنَا إِلَّا أَنْ نَقُولَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُمْ بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَرْسِلِ إِلَيْهِمُ المَدَدَ مِنَ السَّمَاءِ يَا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ.
يَا رَبِّ لَقَدْ خَانَهُمُ الحُكَّامُ وَأَغْلَقُوا الأَبْوَابَ أَمَامَهُمْ، وَاتَّفَقَتْ كَلِمَةُ حُكَّامِ العَرَبِ وَالعَجَمِ ـ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبِّي ـ عَلَى إِغْلَاقِ جَمِيعِ الأَبْوَابِ وَالسُّبُلِ أَمَامَ هَؤُلَاءِ المُسْتَضْعَفِينَ، بَلِ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ عَلَى إِبَادَتِهِمْ وَاسْتِئْصَالِهِمْ.
مَا هِيَ جَرِيمَةُ أَهْلِ غَزَّةَ؟
يَا عِبَادَ اللهِ: مَا هِيَ جَرِيمَةُ أَهْلِ غَزَّةَ حَتَّى اتَّفَقَتْ كَلِمَةُ حُكَّامِ العَرَبِ وَالعَجَمِ عَلَى مُقَاطَعَتِهِمْ وَإِرَادَةِ إِبَادَتِهِمْ عَلَى أَيْدِي هَؤُلَاءِ الطُّغَاةِ الَّذِينَ لُعِنُوا أَيْنَمَا ثُقِفُوا، الَّذِينَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالمَسْكَنَةُ، الَّذِينَ هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ؟ مَا هِيَ جَرِيمَتُهُمْ؟
جَرِيمَتُهُمْ أَنَّهُمُ اخْتَارُوا لِوِلَايَةِ أَمْرِهِمْ مَنْ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، جَرِيمَتُهُمْ أَنَّهُمُ اخْتَارُوا لِوِلَايَةِ أَمْرِهِمْ أَهْلَ حَمَاسَ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلُوا اعْتِمَادَهُمْ وَتَوَكُّلَهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى.
جَرِيمَةُ أَهْلِ غَزَّةَ أَنَّهُمُ اخْتَارُوا لِوِلَايَةِ أَمْرِهِمْ رِجَالًا صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ـ وَلَا نُزَكِّي عَلَى اللهِ أَحَدًا ـ اخْتَارُوا رِجَالًا مَا عَرَفُوا النِّفَاقَ لِلْحُكَّامِ، اخْتَارُوا رِجَالًا حُلَمَاءَ عُقَلَاءَ وَسِعَتْ صُدُورُهُمْ إِخْوَانًا لَهُمْ مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ مِمَّنْ بَاعُوا دِينَهُمْ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ، وَسِعَتْ صُدُورُهُمْ لِهَؤُلَاءِ حَتَّى لَا تَكُونَ حَرْبًا دَاخِلِيَّةً بَيْنَهُمْ كَمَا أَرَادَهَا اليَهُودُ لَهُمْ.
جَرِيمَةُ أَهْلِ غَزَّةَ أَنَّهُمُ اخْتَارُوا لِوِلَايَةِ أَمْرِهِمْ رِجَالًا لَا يَعْرِفُونَ النِّفَاقَ وَلَا يَبِيعُونَ دِينَهُمْ وَلَا عِرْضَهُمْ وَلَا أَرْضَهُمْ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ.
جَرِيمَةُ أَهْلِ غَزَّةَ أَنَّهُمُ اخْتَارُوا لِوِلَايَةِ أَمْرِهِمْ مَنْ يُجَاهِدُونَ اليَهُودَ الَّذِينَ اغْتَصَبُوا أَرْضَ فِلَسْطِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَأَرَادُوا تَطْهِيرَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ مِنْ دَنَسِ هَؤُلَاءِ اليَهُودِ وَمِنْ رِجْسِهِمْ.
جَرِيمَةُ أَهْلِ غَزَّةَ أَنَّهُمْ قَالُوا: رَبُّنَا اللهُ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْهِ أَنَبْنَا وَإِلَيْهِ المَصِيرُ. وَقَالُوا: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، جَرِيمَتُهُمْ أَنَّهُمْ مَا نَافَقُوا لِلْيَهُودِ وَلَا لِأَذْنَابِهِمْ مِمَّنِ انْتَعَلَهُمُ اليَهُودُ وَالغَرْبُ، جَرِيمَةُ أَهْلِ غَزَّةَ أَنَّهُمْ مَا بَاعُوا دِينَهُمْ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ.
غُلِّقَتِ الأَبْوَابُ دُونَهُمْ وَفُتِحَتْ لِغَيْرِهِمْ:
نَعَم يَا عِبَادَ اللهِ لَقَدْ غُلِّقَتِ الأَبْوَابُ دُونَ هَذِهِ الفِئَةِ المُؤْمِنَةِ الصَّامِدَةِ المُنْكَسِرَةِ بِقَلْبِهَا إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنْ قِبَلِ حُكَّامِ العَالَمِ العَرَبِيِّ وَالعَجَمِيِّ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ تَعَالَى، فَقُطِّعَتْ عَنْهُمْ مُقَوِّمَاتُ الحَيَاةِ، المَاءُ وَالطَّعَامُ وَالكَهْرُبَاءُ وَالدَّوَاءُ وَلَا إِغَاثَةَ لَهُمْ، وَلَوِ اسْتَطَاعَ العَالَمُ أَنْ يَقْطَعَ عَنْهُمُ الهَوَاءَ لَفَعَلَ.
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْيَهُودِ فَقَدْ فُتِحَتْ لَهُمْ أَبْوَابُ حُكَّامِ العَالَمِ العَرَبِيِّ وَالعَجَمِيِّ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ تَعَالَى، وَوَافَقَهُمُ الجَمِيعُ عَلَى ضَرْبِ هَؤُلَاءِ بِدُونِ اعْتِرَاضٍ، وَبَارَكَ حُكَّامُ العَجَمِ لِبَعْضِ حُكَّامِ العَرَبِ بِمَوْقِفِهِمْ ضِدَّ أَهْلِهِمْ فِي غَزَّةَ.
فَقَامَ هَؤُلَاءِ الطُّغَاةُ المُجْرِمُونَ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ أَقْوَى سِلَاحٍ فِي الشَّرْقِ الأَوْسَطِ بِضَرْبِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَمْلِكُونَ مِنَ السِّلَاحِ إِلَّا أَضْعَفَهُ وَأَقَلَّهُ مِنْ تَصْنِيعٍ مَحَلِيٍّ، قَامَ هَؤُلَاءِ الجُبَنَاءُ بِضَرْبِ هَؤُلَاءِ المُسْتَضْعَفِينَ عَنْ طَرِيقِ الجَوِّ وَلَمْ يَجْتَرِئُوا عَلَى الاقْتِحَامِ البَرِّيِّ لِأَنَّهُمْ يَخَافُونَ مِنَ المُجَاهِدِينَ الَّذِينَ بَاعُوا أَنْفُسَهُمْ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَانَتْ عِنْدَهُمُ الدُّنْيَا وَعَشِقُوا لِقَاءَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
نَعَمْ يَا عِبَادَ اللهِ صَدَقَ اللهُ تَعَالَى القَائِلُ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ المُجْرِمِينَ: ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ﴾. لِجُبْنِهِمْ وَخَوْفِهِمْ وَحِرْصِهِمْ عَلَى الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَا قَالَ تَعَالَى فِيهِمْ: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ﴾.
تَذَكَّرُوا يَا أَهْلَ غَزَّةَ:
يَا أَهْلَ غَزَّةَ: لَا يَسَعُنَا إِلَّا أَنْ نَقُولَ: حَسْبُكُمُ اللهُ، لِأَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللهِ، ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾.
يَا أَهْلَ غَزَّةَ: كُونُوا مَعَ اللهِ، وَمَنْ كَانَ مَعَ اللهِ كَانَ اللهُ مَعَهُ.
يَا أَهْلَ غَزَّةَ: اسْتَقِيمُوا عَلَى مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَإِنَّ وَعْدَ اللهِ لَا يُخْلَفُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. وَقَالَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾. فَأَنْتُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى مِنْ جُنْدِ اللهِ الَّذِينَ لَا يُغْلَبُونَ، وَلَا نُزَكِّي عَلَى اللهِ أَحَدًا.
تَذَكَّرُوا يَا أَهْلَ غَزَّةَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾. فَكُونُوا مَعَ اللهِ تَعَالَى فَاللهُ قَادِرٌ عَلَى نُصْرَتِكُمْ.
تَذَكَّرُوا يَا أَهْلَ غَزَّةَ وَأَنْتُمْ فِي مَطْلَعِ عَامٍ هِجْرِيٍّ جَدِيدٍ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾. فَاللهُ مَعَكُمْ يَا أَهْلَ غَزَّةَ.
تَذَكَّرُوا يَا أَهْلَ غَزَّةَ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ إِلَى الطَّائِفِ لَعَلَّهُ أَنْ يَجِدَ مُعِينًا لَهُ وَنَاصِرًا لِتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ، وَرَدَّهُ أَهْلُ الطَّائِفِ شَرَّ رَدٍّ، وَدَعَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالدُّعَاءِ المَعْرُوفِ عِنْدَ أَصْحَابِ القُلُوبِ المُنْكَسِرَةِ مِنْ أَهْلِ غَزَّةَ: «اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إِلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي؟ أَمْ إِلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي؟ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلَيَّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنْ عَافِيَتُك هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَكَ، أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سُخْطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. يَا أَهْلَ غَزَّةَ، قُولُوا لِرَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَلَيْنَا فَلَا نُبَالِي، وَلَكِنْ عَافِيَتُك أَوْسَعُ لَنَا.
تَذَكَّرُوا يَا أَهْلَ غَزَّةَ عَوْدَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الطَّائِفِ إِلَى مَكَّةَ وَوَقَفَ عَلَى أَبْوَابِ مَكَّةَ كَيْفَ سَيَدْخُلُ مَكَّةَ؟ وَيَسْأَلُ سَيِّدُنَا زَيْدٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: إِلَى مَتَى؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرَجًا وَمَخْرَجًا، وَإِنَّ اللهَ مُظْهِرٌ دِينَهُ وَنَاصِرٌ نَبِيَّهُ».
يَا مَنْ غَدَوْتَ يَؤُوسًا مِنْ إِزَالَتِهَا *** مَا بَيْنَ غَمْضَةِ عَيْنٍ وَانْتِبَاهَتِهَا
يُغَيِّرُ اللهُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالِ
يَا أَهْلَ غَزَّةَ، إِنَّ اللهَ جَاعِلٌ لِمَا نَرَى فَرَجًا وَمَخْرَجًا، وَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُعَجِّلَ فِي ذَلِكَ.
تَذَكَّرُوا يَا أَهْلَ غَزَّةَ أَصْحَابَ سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَمَا قَالُوا: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾. فَقَالَ لَهُمْ سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾.
يَا أَهْلَ غَزَّةَ: المِحَنُ تَجْعَلُ رِجَالًا صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ، تَجْعَلُ عِبَادًا للهِ تَوَكُّلُهُمْ عَلَيْهِ، تَجْعَلُ صَنَادِيدًا لِلْوُقُوفِ أَمَامَ هَؤُلَاءِ الطُّغَاةِ.
يَا أَهْلَ غَزَّةَ: أَرْجُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمُ السَّبَبَ فِي قَتْلِ اليَهُودِ الَّذِينَ قُطِّعُوا فِي الأَرْضِ أُمَمًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾. فَإِذَا أَرَادَ اللهُ إِهْلَاكَهُمْ جَمِيعًا جَاءَ بِهِمْ لَفِيفًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾. لِمَاذَا يَأْتِي بِهِمُ اللهُ لَفِيفًا؟ لِيَبْعَثَ اللهُ عَلَيْهِمْ عِبَادًا لَهُ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ.
أَرْجُو اللهَ تَعَالَى أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ يَا أَهْلَ غَزَّةَ مِنْ هَؤُلَاءِ العِبَادِ أَصْحَابِ البَأْسِ الشَّدِيدِ الَّذِينَ عَلَى أَيْدِيهِمْ يَكُونُ هَلَاكُ هَؤُلَاءِ، حَيْثُ يُخَاطِبُ الحَجَرُ وَالشَّجَرُ المُؤْمِنَ الصَّادِقَ وَيَقُولُ لَهُ: «يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ.
يَا حُكَّامَ العَرَبِ وَالمُسْلِمِينَ:
أَمَّا أَنْتُمْ يَا حُكَّامَ العَرَبِ وَالمُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا: فَهَلَّا تَسَاءَلْتُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَنْفُسِكُمْ لِمَاذَا أَعْطَاكُمُ اللهُ السُّلْطَانَ وَآتَاكُمُ المُلْكَ، لِأَنَّهُ هُوَ القَائِلَ: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾؟
لِمَاذَا آتَاكُمُ اللهُ المُلْكَ وَآتَاكُمُ السِّيَادَةَ وَالرِّيَادَةَ، وَجَعَلَ مُمْتَلَكَاتِ الأَرْضِ تَحْتَ أَيَادِيكُمْ؟ لِمَاذَا آتَاكُمُ اللهُ ذَلِكَ؟
هَلْ أَعْطَاكُمُ السُّلْطَانَ وَآتَاكُمُ المُلْكَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَرُؤَسَاءَ، وَجَعَلَ المُمْتَلَكَاتِ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ مِنْ أَجْلِ أَنْ تُجَنِّدُوا كُلَّ ذَلِكَ فِي خِدْمَتِكُمُ الشَّخْصِيَّةِ وَلِحِمَايَتِكُمْ مِنَ القَتْلِ أَوِ المَوْتِ؟
كُونُوا عَلَى ثِقَةٍ يَا حُكَّامَ العَرَبِ وَالمُسْلِمِينَ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾. كُونُوا عَلَى ثِقَةٍ بِأَنَّ المُلْكَ لَنْ يَدُومَ لَكُمْ، وَإِنْ دَامَ لَكُمْ فَلَنْ تَدُومُوا لَهُ.
كُونُوا عَلَى ثِقَةٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَكُمْ مِنْ مُلْكِكُمْ إِلَّا مَا أَكَلْتُمْ فَأَفْنَيْتُمْ وَلَبِسْتُمْ فَأَبْلَيْتُمْ وَتَصَدَّقْتُمْ فَأَبْقَيْتُمْ.
يَا حُكَّامَ العَرَبِ وَالمُسْلِمِينَ، سَتُسْأَلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمَامَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
سَتُسْأَلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
يَا حُكَّامَ العَرَبِ وَالمُسْلِمِينَ، أَنْتُمُ المَسْؤُولُونَ قَبْلَ غَيْرِكُمْ عَنْ إِخْوَانِكُمْ، عَنْ أَهْلِكُمْ، عَنْ أَعْرَاضِكُمْ فِي غَزَّةَ خَاصَّةً، وَفِي بِلَادِ المُسْلِمِينَ عَامَّةً. فَهَلَّا اجْتَمَعَتْ كَلِمَتُكُمْ وَتَوَحَّدَ صَفُّكُمْ وَوَقَفْتُمْ فِي مِحْرَابِ العُبُودِيَّةِ للهِ، وَأَنْتُمْ تَتَذَكَّرُونَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾. فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ لِرَبِّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ؟
يَا حُكَّامَ العَرَبِ وَالمُسْلِمِينَ، إِنَّ القُوَّةَ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَالجُيُوشَ الَّتِي تَحْتَ رِعَايَتِكُمْ إِنَّمَا هِيَ بِقُدْرَةِ اللهِ لَا بِقُدْرَتِكُمْ، فَوَظِّفُوهَا لِمَا جُعِلَتْ مِنْ أَجْلِهِ، هَذِهِ القُوَّةُ وَالجُيُوشُ لِحِمَايَةِ المُسْلِمِينَ المُسْتَضْعَفِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَلِرَفْعِ الظُّلْمِ عَنِ المَظْلُومِينَ وَلَوْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ المُسْلِمِينَ.
يَا حُكَّامَ العَرَبِ وَالمُسْلِمِينَ: اغْتَنِمُوا هَذِهِ النِّعْمَةَ نِعْمَةَ المُلْكِ فِي نُصْرَةِ المَظْلُومِينَ المَقْهُورِينَ مِنْ بَنِي البَشَرِ ـ فَضْلًا عَنِ المُؤْمِنِينَ ـ حَتَّى لَا يَكُونَ مُلْكُكُمْ حَسْرَةً وَنَدَامَةً عَلَيْكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيه * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيه * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيه * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيه﴾. مَا هِيَ النَّتِيجَةُ؟ ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ﴾. أَتُرْضِيكُمْ هَذِهِ النَّتِيجَةُ بَعْدَ مُلْكِكُمْ؟
يَا حُكَّامَ العَرَبِ وَالمُسْلِمِينَ: أَجَبُنْتُمْ أَمَامَ هَذِهِ الفِئَةِ الطَّاغِيَةِ؟ فَإِنَّ أَهْلَ غَزَّةَ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ، لَقَدْ صَمَدُوا وَثَبَتُوا رَغْمَ كُلِّ الظُّرُوفِ الَّتِي يَمُرُّونَ بِهَا، وَرَغْمَ قِلَّةِ السِّلَاحِ، سِلَاحُ هَؤُلَاءِ بَعْضُ الصَّوَارِيخِ مِنَ الصُّنْعِ المَحَلِّيِّ مَدَاهُ لَا يَتَجَاوَزُ /100/كم، أَقْلَقَتِ اليَهُودَ وَأَقَضَّتْ مَضَاجِعَهُ.
وَاجِبُنَا نَحْنُ نَحْوَ أَهْلِ غَزَّةَ:
أَمَّا نَحْنُ العَامَّةُ فَلَا نَمْلِكُ لِإِخْوَتِنَا فِي غَزَّةَ إِلَّا الدُّعَاءَ، وَبَعْدَهُ الاسْتِقَامَةُ عَلَى شَرِيعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّ الدُّعَاءَ أَسْهُمُهُ لَا تَخِيبُ، انْظُرُوا إِلَى دُعَاءِ سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَمَا قَالَ: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ * قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
الدُّعَاءُ يَقِينًا مُسْتَجَابٌ فِي الوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُ لَا فِي الوَقْتِ الَّذِي نُرِيدُ، لِأَنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ، فَعَلَيْنَا بِالدُّعَاءِ ثُمَّ بِالاسْتِقَامَةِ عَلَى شَرْعِ اللهِ تَعَالَى بِتَحْلِيلِ الحَلَالِ وَبِتَحْرِيمِ الحَرَامِ، فَهَذَا مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ لِإِخْوَتِنَا فِي غَزَّةَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ نَنْتَظِرُ الفَرَجَ، وَانْتِظَارُ الفَرَجِ عِبَادَةٌ بِحَمْدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «سَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ، وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَأَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ.
يَا عِبَادَ اللهِ: أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُكْرِمَ أَهْلَ غَزَّةَ بِالنَّصْرِ مِنْ عِنْدِهِ، لِأَنَّهُ القَائِلُ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾. أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَلَّا يَجْعَلَ يَدًا لِمُنَافِقٍ وَلَا لِمُجْرِمٍ عَلَى أَهْلِنَا فِي غَزَّةَ، وَأَنْ يَنْصُرَهُمْ مِنْ عِنْدِهِ نَصْرًا مُعَزَّزًا عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ.
أَقُولُ هَذَا القَوْلَ وَكُلٌّ مِنَّا يَسْتَغْفِرُ اللهَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
** ** **
أَعْظَمُ الأَسْبَابِ الجَالِبَةِ لِلْخَيْرِ، بَلْ لِكُلِّ خَيْرٍ، البِرُّ وَالإِحْسَانُ إِلَى خَلْقِ اللهِ تَعَالَى، كَمَا أَنَّ أَعْظَمَ الأَسْبَابِ الجَالِبَةِ لِلـشَّرِّ، بَلْ وَلِكُلِّ شَرٍّ، الإِسَاءَةُ إِلَى خَلْقِ اللهِ تَعَالَى، فَمَا ... المزيد
لَقَدْ وَدَّعْنَا عَامًا هِجْرِيًّا، وَاسْتَقْبَلْنَا عَامًا جَدِيدًا، رَأَيْنَا بَدَايَتَهُ، وَلَا نَدْرِي هَلْ نَرَى نِهَايَتَهُ أَمْ لَا؟ بِمُضِيِّ هَذَا العَامِ اقْتَرَبَ أَجَلُنَا، وَأَوْشَكْنَا عَلَى المَرْحَلَةِ الثَّانِيَةِ، أَلَا ... المزيد
لِنَقِفْ وَقَفَاتٍ نَتَسَاءَلُ فِيهَا مَعَ أَنْفُسِنَا، وَنُتْبِعُ ذَلِكَ بِلَحَظَاتِ تَأَمُّلٍ؛ ثُمَّ لِنَقِفْ وِقْفَةَ مُحَاسَبَةٍ مَعَ أَنْفُسِنَا. نَحْنُ في كُلِّ يَوْمٍ نَرَى الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنَ الشَّرْقِ، وَتَجْرِي حَتَّى تَغِيبَ ... المزيد
لِينُ القَلْبِ هُوَ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، امْتَنَّ اللهُ تَعَالَى بِهِ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ ... المزيد
مَا أَشَدَّ حَاجَتَنَا اليَوْمَ إِلَى التَّعَرُّفِ عَلَى حَقِيقَةِ العِيدِ، وَعَلَى أَثَرِهِ الإِيمَانِيِّ وَالاجْتِمَاعِيِّ، مَا أَشَدَّ حَاجَتَنَا اليَوْمَ أَنْ نَأْخُذَ الدُّرُوسَ وَالعِبَرَ مِنْ مُرُورِ العِيدِ عَلَيْنَا، وَذَلِكَ بِتَرْوِيضِ ... المزيد
مَا أَشَدَّ حَاجَتَنَا اليَوْمَ إِلَى التَّعَرُّفِ عَلَى المَغْزَى الحَقِيقِيِّ فِي العِيدِ، وَعَلَى الأَثَرِ الإِيمَانِيِّ وَالاجْتِمَاعِيِّ مِنْهُ، فَالعِيدُ الحَقِيقِيُّ لَيْسَ بِأَنْ يَتَحَلَّى أَحَدُنَا بِالجَدِيدِ، إِنَّمَا يَكُونُ ... المزيد
ابوفاروق
2009-01-16طوبى ثم طوبى لكم يا أهل غزة.
sawas
2009-01-06اليهود المغتصبون لأرضنا ومسجدنا الأقصى ما أضعفهم وما أخذلهم.. نفوسهم جبانة تقرأ ذلك في عيونهم الذليلة والنفس الجبانة لا تعرف معنى الإرادة.. والله ما أيسر مواجهتهم وقتالهم.. قتالنا لهم قتال إرادة .. هم مغلوبون قبل مواجهتهم.. طوبى لكم يا أهلنا في غزة زادكم الله عزة وثباتاً, وأيدكم بجند من عنده, قلوبنا معكم وجزاكم الله عنا الخير في دروس الإرادة التي حسبنا أنها فُقِدت من أمتنا.. أحياكم الله وجعل النصر على أيديكم بما بذرتم الإرادة في قلوبنا. اللهم ارزقنا الإخلاص وقوة الإرادة {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.