11ـ المنهج العملي في التصوف

11ـ المنهج العملي في التصوف

11ـ المنهج العملي في التصوف

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ سَيِّدِي العَارِفُ بِاللهِ تعالى، المُرْشِدُ الكَبِيرُ، سَيِّدِي وَمَوْلَايَ الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِر عِيسَى رَحِمَهُ اللهُ تعالى، في كِتَابِهِ: حَقائِقُ عَنِ التَّصَوُّفِ: المَنْهَجُ العَمَلِيُّ في التَّصَوُّفِ:

مُقَدِّمَة:

تَبَيَّنَ لَنَا فِي البَابِ السَّابِقِ أَهَمِّيَةُ التَّصَوُّفِ وَمَنْزِلَتُهُ فِي تَكْوِينِ الشَّخْصِيَّةِ الـمُسْلِمَةِ الـمُتَكَامِلَةِ، وَأَنَّهُ التَّطْبِيقُ العَمَلِيُّ للإِسْلَامِ، وَأَنَّهُ يَهْتَمُّ بِإِصْلَاحِ ظَاهِرِ العَبْدِ وَعِمَارَةِ بَاطِنِهِ، وَتَقْوِيمِ خُلُقِهِ، وَتَصْحِيحِ عِبَادَاتِهِ وَمُعَامَلَاتِهِ.

وَإِنَّ السَّادَةَ الصُّوفِيَّةَ لَا يَكْتَفُونَ بِأَنْ يُوَضِّحُوا للنَّاسِ أَحْكَامَ الـشَّرْعِ وَآدَابَهُ بِمُجَرَّدِ الكَلَامِ النَّظَرِيِّ، وَلَكِنَّهُمْ بِالإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ يَأْخُذُونَ بِيَدِ تِلْمِيذِهِمْ وَيَسِيرُونَ بِهِ فِي مَدَارِجِ التَّرَقِّي، وَيُرَافِقُونَهُ فِي جَمِيعِ مَرَاحِلِ سَيْرِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى. يُحِيطُونَهُ بِرِعَايَتِهِمْ وَعِنَايَتِهِمْ، وَيَشْمَلُونَهُ بِعَطْفِهِمْ وَحَنَانِهِمْ، وَيُوَجِّهُونَهُ بِحَالِهِمْ وَقَالِهِمْ، وَيَنْهَضُونَ بِهِ بِعُلُوِّ هِمَّتِهِمْ وَعَظِيمِ صِدْقِهِمْ، يُذَكِّرُونَهُ إِذَا نَـسِيَ، وَيُقَوِّمُونَهُ إِذَا انْحَرَفَ، وَيَتَفَقَّدُونَهُ إِذَا غَابَ، وَيُنَشِّطُونَهُ إِذَا فَتَرَ... وَهَكَذَا يَرْسُمُونَ لَهُ الـمَنْهَجَ العَمَلِيَّ الذي يُمْكِنُهُ بِهِ أَنْ يَتَحَقَّقَ بِأَرْكَانِ الدِّينِ الثَّلَاثَةِ: الإِيمَانِ وَالإِسْلَامِ وَالإِحْسَانِ.

إِنَّ الصُّوفِيَّةَ أَرْبَابُ أَعْمَالٍ وَأَحْوَالٍ لَا أَرْبَابُ دَعَاوَى وَأَقْوَالٍ، فَمَا أَسْهَلَ الكَلَامَ وَالتَّعْلِيمَ، وَمَا أَصْعَبَ العَمَلَ وَالتَّطْبِيقَ!

وَهَا نَحْنُ نَعْرِضُ فِي هَذَا البَابِ أَهَمَّ الطُّرُقِ العَمَلِيَّةِ التي يُطَبِّقُهَا رِجَالُ التَّصَوُّفِ للوُصُولِ إِلَى رِضَاءِ اللهِ تَعَالَى وَمَعْرِفَتِهِ. وَمَا هَذَا الـمَنْهَجُ العَمَلِيُّ إِلَّا تَطْبِيقَاً لِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى، وَاقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللهِ ﷺ وَبِأَصْحَابِهِ الكِرَامِ رِضْوَانُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ.

إِنَّ الصُّوفِيَّةَ لَمْ يَبْتَدِعُوا مَنْهَجَاً، وَلَمْ يَبْتَكِرُوا أُسْلُوبَاً، وَلَكِنَّهُمْ سَارُوا مُتَّبِعِينَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ قَوْلَاً وَعَمَلَاً وَأَخْلَاقَاً.

 

الصُّحْبَةُ:

أَهَمِّيَّتُهَا وَفَائِدَتُهَا وَآثَارُهَا ـ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا مِنَ الكِتَابِ ـ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا مِنَ السُّنَّةِ ـ أَقْوَالُ العُلَمَاءِ وَالـمُحَدِّثِينَ فِي أَهَمِّيَّةِ الصُّحْبَةِ ـ أَقْوَالُ العَارِفِينَ بِاللهِ.

1ـ أَهَمِّيَّتُهَا وَفَائِدَتُهَا وَآثَارُهَا:

إِنَّ للصُّحْبَةِ أَثَرَاً عَمِيقَاً فِي شَخْصِيَّةِ الـمَرْءِ وَأَخْلَاقِهِ وَسُلُوكِهِ، وَالصَّاحِبُ يَكْتَسِبُ صِفَاتِ صَاحِبِهِ بِالتَّأَثُّرِ الرُّوحِيِّ وَالاقْتِدَاءِ العَمَلِيِّ، وَالإِنْسَانُ اجْتِمَاعِيٌّ بِالطَّبْعِ لَا بُدَّ أَنْ يُخَالِطَ النَّاسَ وَيَكُونَ لَهُ مِنْهُمْ أَخِلَّاءُ وَأَصْدقَاءُ، فَإِنِ اخْتَارَهُمْ مِنْ أَهْلِ الفَسَادِ وَالشَّرِّ وَالفُسُوقِ وَالـمُجُونِ انْحَدَرَتْ أَخْلَاقُهُ، وَانْحَطَّتْ صِفَاتُهُ تَدْرِيجِيَّاً دُونَ أَنْ يَشْعُرَ، حَتَّى يَصِلَ إِلَى حَضِيضِهِمْ وَيَهْوِيَ إِلَى دَرْكِهِمْ.

أَمَّا إِذَا اخْتَارَ صُحْبَةَ أَهْلِ الإِيمَانِ وَالتَّقْوَى وَالاسْتِقَامَةِ وَالـمَعْرِفَةِ بِاللهِ تَعَالَى فَلَا يَلْبَثُ أَنْ يَرْتَفِعَ إِلَى أَوْجِ عُلَاهُمْ، وَيَكْتَسِبَ مِنْهُمُ الخُلُقَ القَوِيمَ، وَالإِيمَانَ الرَّاسِخَ، وَالصِّفَاتِ العَالِيَةَ، وَالـمَعَارِفَ الإِلَهِيَّةَ، وَيَتَحَرَّرَ مِنْ عُيُوبِ نَفْسِهِ، وَرُعُونَاتِ خُلُقِهِ، وَلِهَذَا تُعْرَفُ أَخْلَاقُ الرَّجُلِ بِمَعْرِفَةِ أَصْحَابِهِ وَجُلَسَائِهِ.

إِذَا كُنْتَ فِي قَوْمٍ فَـصَاحِبْ خِـيَـارَهُمْ   ***   وَلَا تَصْحَبِ الأَرْدَى فَتَرْدَى مَعَ الرَّدِي

عَنِ الـمَرْءِ لَا تَسْـأَلْ وَسَـلَ عَنْ قَرِينِهِ   ***   فَكُــــــلُّ قَـرِيـنٍ بِـالـمُقَارَنِ يَـقْـتَدِي

وَمَا نَالَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ هَذَا الـمَقَامَ السَّامِيَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا فِي ظُلُمَاتِ الجَاهِلِيَّةِ إِلَّا بِمُصَاحَبَتِهِمْ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ وَمُجَالَسَتِهِمْ لَهُ، وَمَا أَحْرَزَ التَّابِعُونَ هَذَا الشَّرَفَ العَظِيمَ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ.

وَبِمَا أَنَّ رِسَالَةَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَامَّةٌ خَالِدَةٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، فَإِنَّ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ وُرَّاثَاً مِنَ العُلَمَاءِ العَارِفِينَ بِاللهِ تَعَالَى، وَرِثُوا عَنْ نَبِيِّهِمُ العِلْمَ وَالخُلُقَ وَالإِيمَانَ وَالتَّقْوَى، فَكَانُوا خُلَفَاءَ عَنْهُ فِي الهِدَايَةِ وَالإِرْشَادِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ، يَقْتَبِسُونَ مِنْ نُورِهِ لِيُضِيؤُوا للإِنْسَانِيَّةِ طَرِيقَ الحَقِّ وَالرَّشَادِ، فَمَنْ جَالَسَهُمْ سَرَى إِلَيْهِ مِنْ حَالِهِمُ الذي اقْتَبَسُوهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَمَنْ نَصَرَهُمْ فَقَدْ نَصَرَ الدِّينَ، وَمَنْ رَبَطَ حَبْلَهُ بِحِبَالِهِمْ فَقَدِ اتَّصَلَ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ. وَمَنِ اسْتَقَى مِنْ هِدَايَتِهِمْ وَإِرْشَادِهِمْ فَقَدِ اسْتَقَى مِنْ نَبْعِ رَسُولِ اللهِ ﷺ.

هَؤُلَاءِ الوُرَّاثُ هُمُ الذينَ يَنْقُلُونَ للنَّاسِ الدِّينَ، مُمَثَّلَاً فِي سُلُوكِهِمْ، حَيَّاً فِي أَحْوَالِهِمْ، وَاضِحَاً فِي حَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتِهِمْ، هُمْ مِنَ الذينَ عَنَاهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِقَوْلِهِ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» رواه الإمام مسلم.

لَا يَنْقَطِعُ أَثَرُهُمْ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ، وَلَا يَخْلُو مِنْهُمْ قُطْرٌ.

وَهَؤُلَاءِ الوُرَّاثُ الـمُرْشِدُونَ صُحْبَتُهُمْ تِرْيَاقٌ مُجَرَّبٌ، وَالبُعْدُ عَنْهُمْ سُمٌّ قَاتِلٌ، هُمُ القَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ؛ مُرَافَقَتُهُمْ هِيَ العِلَاجُ العَمَلِيُّ الفَعَّالُ لِإِصْلَاحِ النُّفُوسِ، وَتَهْذِيبِ الأَخْلَاقِ، وَغَرْسِ العَقِيدَةِ، وَرُسُوخِ الإِيمَانِ، لِأَنَّ هَذِهِ أُمُورٌ لَا تُنَالُ بِقِرَاءَةِ الكُتُبِ، وَمُطَالَعَةِ الكَرَارِيسِ، إِنَّمَا هِيَ خِصَالٌ عَمَلِيَّةٌ وٌجْدَانِيَّةٌ، تُقْتَبَسُ بِالاقْتِدَاءِ، وَتُنَالُ بِالاسْتِقَاءِ القَلْبِيِّ وَالتَّأَثُّرِ الرُّوحِيِّ.

رَحِمَ اللهُ تعالى شَيْخَنَا رَحْمَةً وَاسِعَةً، وَجَزَى اللهُ تعالى خَيْرَ الجَزَاءِ مَنْ قَالَ في حَقِّهِ:

وَعَـلَى أَبِي أَيُّـوبَ حَلَّ فَـقِيدُنَا    ***   ضَـيْـفَـاً فَـكَـانَ لَـهُ المَقَامُ الأَرْفَعُ

بِـجِوَارِ مَنْ نَزَلَ الحَبِيبُ بِدَارِهِ    ***   وَاخْتَارَهُ بِـالـفَـضْـلِ رَبٌّ مُـبْـدِعُ

وَلَهُ مِنَ الـشَّهْبَـاءِ أَصْـلٌ ثَابِتٌ   ***   وَعَلَى ذُرَا اسْتَنْبُولَ مَـثْـوَىً يَسْطَعُ

ذِكْرَاهُ إِنْ ذُكِرَتْ ذُكَاءُ فَمَشْرِقٌ    ***   وَسَنَاهُ إِنْ طَلَعَ الهِلَالُ فَـمَـطْـلِـعُ

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 20/ صفر الخير /1441هـ، الموافق: 18/تشرين الأول / 2019م

 2019-10-19
 1820
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  حقائق عن التصوف

01-11-2020 1560 مشاهدة
27ـ أخذ العهد

مِمَّا سَبَقَ ثَبَتَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمُرِيدِ الكَمَالِ أَنْ يَلْتَحِقَ بِمُرْشِدٍ يَتَعَهَّدُهُ بِالتَّوْجِيهِ وَيُرْشِدُهُ إِلَى الطَّرِيقِ الحَقِّ وَيُضِيءُ لَهُ مَا أَظْلَمَ مِنْ جَوَانِبِ نَفْسِهِ، حَتَّى يَعْبُدَ اللهَ تَعَالَى عَلَى ... المزيد

 01-11-2020
 
 1560
24-10-2020 1307 مشاهدة
26ـ شروط المرشد

وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّالِثُ: فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ زَكَّى نَفْسَهُ عَلَى يَدِ مُرَبٍّ وَمُرْشِدٍ، فَخَبَرَ مَرَاتِبَ النَّفْسِ وَأَمْرَاضَهَا وَوَسَاوِسَهَا، وَعَرَفَ أَسَالِيبَ الشَّيْطَانِ وَمَدَاخِلَهُ. وَآفَاتِ كُلِّ مَرْحَلَةٍ ... المزيد

 24-10-2020
 
 1307
17-10-2020 1288 مشاهدة
25ـ البحث عن الوارث المحمدي (2)

يَقُولُ ابْنُ عجيبة: (وَالنَّاسُ في إِثْبَاتِ الخُصُوصِيَّةِ وَنَفْيِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: 1ـ قِسْمٌ أَثْبَتُوهَا للمُتَقَدِّمِينَ وَنَفَوْهَا عَنِ الـمُتَأَخِّرِينَ؛ وَهُمْ أَقْبَحُ العَوَامِّ. 2ـ وَقِسْمٌ أَقَرَّوْهَا قَدِيمَاً وَحَدِيثَاً، ... المزيد

 17-10-2020
 
 1288
11-10-2020 1387 مشاهدة
24ـ البحث عن الوارث المحمدي

البَحْثُ عَنِ الوَارِثِ المُحَمَّدِيِّ: مِمَّا سَبَقَ يَتَبَيَّنُ أَهَمِّيَّةُ صُحْبَةِ الوَارِثِ الـمُحَمَّدِيِّ للتَّرَقِّي فِي مَدَارِجِ الكَمَالِ، وَتَلَقِّي دُرُوسِ الآدَابِ وَالفَضَائِلِ، وَاكْتِشَافِ العُيُوبِ الخَفِيَّةِ وَالأَمْرَاضِ ... المزيد

 11-10-2020
 
 1387
11-10-2020 1610 مشاهدة
23ـ أقوال العارفين في فائدة الصحبة (6)

قَالَ شَيْخُنَا الكَبِيرُ مُرَبِّي العَارِفِينَ وَالدَّالُّ عَلَى اللهِ سَيِّدِي مُحَمَّدُ الهَاشِمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَاسْلُكْ يَا أَخِي عَلَى يَدِ شَيْخٍ حَيٍّ عَارِفٍ بِاللهِ، صَادِقٍ نَاصِحٍ، لَهُ عِلْمٌ صَحِيحٌ، وَذَوْقٌ صَرِيحٌ، ... المزيد

 11-10-2020
 
 1610
10-03-2020 2350 مشاهدة
22ـ أقوال العارفين في فائدة الصحبة (5)

قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَد زَرُّوق رَحِمَهُ اللهُ في قَوَاعِدِهِ: (أَخْذُ العِلْمِ وَالعَمَلِ عَنِ الـمَشَايِخِ أَتَمُّ مِنْ أَخْذِهِ دُونَهُم ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ [العنكبوت: 49] ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ ... المزيد

 10-03-2020
 
 2350

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3159
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412597158
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :