19ـ شروط الوضوء

19ـ شروط الوضوء

19ـ شروط الوضوء

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

شُرُوطُ الوُضُوءِ:

شُرُوطُ الوُضُوءِ، مِنْهَا مَا هُوَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهِ وَصِحَّتِهِ مَعَاً.

وَالْمُرَادُ بِشُرُوطِ الوُجُوبِ: هِيَ مَا إِذَا اجْتَمَعَتْ وَجَبَتِ الطَّهَارَةُ عَلَى الشَّخْصِ.

وَشُرُوطُ الصِّحَّةِ هِيَ مَا لَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ إِلَّا بِهَا.

أَوَّلَاً: شُرُوطُ وُجُوبِ الوُضُوءِ:

1ـ الْعَقْل: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْعَقْلَ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الوُضُوءِ إِذْ لَا خِطَابَ بِدُونِ الْعَقْلِ.

2ـ الْبُلُوغُ: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْبُلُوغَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ لِعَدَمِ تَكْلِيفِ الْقَاصِرِ، أَمَّا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ فَيَصِحُّ وُضُوءُهُ.

3ـ الإِسْلَامُ: صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ بِأَنَّ الإِسْلَامَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْوُضُوءِ، إِذْ لَا يُخَاطَبُ كَافِرٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ.

4ـ انْقِطَاعُ مَا يُنَافِي الْوُضُوءَ مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ انْقِطَاعَ مَا يُنَافِي الْوُضُوءَ مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ وَصِحَّتِهِ مَعَاً.

5ـ وُجُودُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الطَّهُورِ الْكَافِي: نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْوُضُوءِ وُجُودَ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الطَّهُورِ الْكَافِي؛ فَلَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ.

6ـ الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَاِل الْمَاءِ: نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْوُضُوءِ الْقُدْرَةَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمُطَهِّرِ.

وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى عَاجِزٍ عَنِ اسْتِعْمَال الْمُطَهِّرِ، وَلَا عَلَى مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ مِنَ الْمَرْفِقَيْنِ، وَرِجْلَاهُ مِنَ الْكَعْبَيْنِ.

7ـ وُجُودُ الْحَدَثِ: يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ وُجُودَ الْحَدَثِ الْمُوجِبِ لِلْوُضُوءِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْوُضُوءِ.

أَمَّا إِذَا شَكَّ فِي الْحَدَثِ وَتَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.

8ـ ضِيقُ الْوَقْتِ: نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ ضِيقَ الْوَقْتِ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْوُضُوءِ، وَقَالُوا: إِنَّ هَذَا شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ الْمُضَيَّقِ، لِتَوَجُّهِ الْخِطَابِ مُضَيَّقَاً حِينَئِذٍ وَمُوَسَّعَاً فِي ابْتِدَائِهِ، بِمَعْنَى أَنَّ وُجُوبَ الْوُضُوءِ مُوَسَّعٌ بِدُخُولِ الْوَقْتِ كَالصَّلَاةِ، فَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ صَارَ الْوُجُوبُ فِيهِمَا مُضَيَّقَاً.

ثَانِيَاً: شُرُوطُ صِحَّةِ الْوُضُوءِ:

1ـ عُمُومُ الْبَشَرَةِ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ: صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْوُضُوءِ عُمُومَ الْبَشَرَةِ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ، أَيْ بِأَنْ يَعُمَّ الْمَاءُ جَمِيعَ الْمَحَلِّ الْوَاجِبِ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ، حَتَّى لَوْ بَقِيَ مِقْدَارُ مَغْرِزِ إِبْرَةٍ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ مِنَ الْمَفْرُوضِ غَسْلُهُ لَمْ يَصِحَّ الْوُضُوءُ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مِنْ شُرُوطِ الْوُضُوءِ أَنْ يَغْسِلَ مَعَ الْمَغْسُولِ جُزْءَاً يَتَّصِلُ بِالْمَغْسُولِ وَيُحِيطُ بِهِ، لِيَتَحَقَّقَ بِهِ اسْتِيعَابُ الْمَغْسُولِ.

2ـ زَوَالُ مَا يَمْنَعُ وُصُول الْمَاءِ إِلَى الْجَسَدِ: لِأَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْوُضُوءِ زَوَالُ مَا يَمْنَعُ وُصُول الْمَاءِ إِلَى الْجَسَدِ لِجِرْمِهِ الْحَائِلِ كَشَمْعٍ وَشَحْمٍ وَعَجِينٍ وَطِينٍ.

3ـ انْقِطَاعُ الْحَدَثِ حَالَ التَّوَضُّؤِ: يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ انْقِطَاعَ الْحَدَثِ حَالَ التَّوَضُّؤِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ بِظُهُورِ بَوْلٍ وَسَيَلَانٍ نَاقِضٍ لَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ.

4ـ عَدَّ الْحَنَابِلَةُ مِنْ شُرُوطِ الْوُضُوءِ النِّيَّةَ لِخَبَرِ إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، أَيْ: لَا عَمَل جَائِزٌ وَلَا فَاضِلٌ إِلَّا بِالنِّيَّةِ، وَلِأَنَّ النَّصَّ دَلَّ عَلَى الثَّوَابِ فِي كُلِّ وُضُوءٍ وَلَا ثَوَابَ فِي غَيْرِ مَنْوِيٍّ؛ وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ، وَمِنْ شُرُوطِ الْعِبَادَةِ النِّيَّةُ؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يُعْلَمْ إِلَّا مِنَ الشَّارِعِ فَهُوَ عِبَادَةٌ.

أَسْبَابُ الْوُضُوءِ:

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سَبَبِ وُجُوبِ الْوُضُوءِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ سَبَبَ فَرِيضَةِ الْوُضُوءِ إِرَادَةُ الصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ الْحَدَثِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبَاً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدَاً طَيِّبَاً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْنَاهُ إِذَا أَرَدْتُمُ الْقِيَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُفَقِّهَنَا في الدِّينِ، وَيُعَلِّمَنَا التَّأْوِيلَ، وَيَرْزُقَنَا العَمَلَ بِمَا نَعْلَمُ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 18/ جمادى الأولى /1441هـ، الموافق: 13/كانون الثاني / 2020م

 2020-01-13
 5165
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  الفقه الإسلامي

26-10-2020 1086 مشاهدة
32ـ نواقض الوضوء (1)

النَّوَاقِضُ جَمْعُ نَاقِضٍ أَو نَاقِضَةٍ. يُسْتَعْمَلُ هَذَا اللَّفْظُ في الأَجْسَامِ، وَفي المَعَانِي، فَإِذَا اسْتُعْمِلَ في الأَجْسَامِ فَالمُرَادُ بِهِ: إِبْطَالُ تَأْلِيفِهَا، كَنَقْضِ الحَائِطِ. وَإِذَا اسْتُعْمِلَ في المَعَانِي كَانَ ... المزيد

 26-10-2020
 
 1086
19-10-2020 5959 مشاهدة
31ـ مكروهات الوضوء

مَكْرُوهَاتُ الوُضُوءِ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ نَوْعَانِ، مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا، وَهُوَ مَا كَانَ إلى الحَرَامِ أَقْرَبَ، وَتَرْكُهُ وَاجِبٌ، وَهُوَ المُرَادُ عِنْدَهُمْ حَالَةَ الإِطْلَاقِ. وَمَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا، وَهُوَ مَا كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى ... المزيد

 19-10-2020
 
 5959
12-10-2020 845 مشاهدة
30ـ الحكم التكليفي وأقسامه

الحُكْمَ التَّكْلِيفِيَّ يَنْقَسِمُ إلى أَنْوَاعٍ خَمْسَةٍ: الأَوَّلُ: الفَرْضُ: هُوَ مَا طَلَبَ الشَّارِعُ فِعْلَهُ مِنَ المُكَلَّفِ طَلَبًا حَتْمًا وَمُلْزِمًا، وَيَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِ الإِتْيَانُ بِهِ، وَيُثَابُ فَاعِلُهُ، وَيُعَاقَبُ ... المزيد

 12-10-2020
 
 845
05-10-2020 645 مشاهدة
29ـ سنن الوضوء (6)

لَقَدْ تَقَدَّمَ مَعَنَا في الدُّرُوسِ المَاضِيَةِ بَعْضًا مِنْ سُنَنِ الوُضُوءِ، وَهِيَ النِّيَّةُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ التَّسْمِيَةُ، ثُمَّ غَسْلُ اليَدَيْنِ إلى الرُّسْغَيْنِ، ثُمَّ المَضْمَضَةُ، ثُمَّ الاسْتِنْشاقُ، ثُمَّ الاسْتِنْثَارُ، ... المزيد

 05-10-2020
 
 645
22-09-2020 764 مشاهدة
28ـ سنن الوضوء (5)

قَدْ ذَكَرْنَا في الدُّرُوسِ المَاضِيَةِ بَعْضًا مِنْ سُنَنِ الوُضُوءِ، وَهِيَ النِّيَّةُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ التَّسْمِيَةُ، ثُمَّ غَسْلُ اليَدَيْنِ إلى الرُّسْغَيْنِ، ثُمَّ المَضْمَضَةُ، ثُمَّ الاسْتِنْشاقُ، ثُمَّ الاسْتِنْثَارُ، ... المزيد

 22-09-2020
 
 764
11-06-2020 1329 مشاهدة
27ـ سنن الوضوء (4)

لَقَدْ ذَكَرْنَا في الدُّرُوسِ المَاضِيَةِ بَعْضًا مِنْ سُنَنِ الوُضُوءِ، وَهِيَ النِّيَّةُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ التَّسْمِيَةُ، ثُمَّ غَسْلُ اليَدَيْنِ إلى الرُّسْغَيْنِ، ثُمَّ المَضْمَضَةُ، ثُمَّ الاسْتِنْشاقُ، ثُمَّ الاسْتِنْثَارُ، ... المزيد

 11-06-2020
 
 1329

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411964431
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :