894ـ خطبة الجمعة: أقصى ما يتمناه العدو منا

894ـ خطبة الجمعة: أقصى ما يتمناه العدو منا

894ـ خطبة الجمعة: أقصى ما يتمناه العدو منا

مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ عَلِمَ أَعْدَاؤُنَا أَنَّ المَرْأَةَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ القُوَّةِ في المُجْتَمَعِ، فَهِيَ نِصْفُ المُجْتَمَعِ وَأَكْثَرُ، وَصَلَاحُهَا صَلَاحُ المُجْتَمَعِ، وَعَلِمُوا أَنَّهَا مِنْ أَخْطَرِ وَسَائِلِ الهَدْمِ وَالتَّدْمِيرِ في المُجْتَمَعِ الإِسْلَامِيِّ، فَفِي فَسَادِهَا فَسَادُ المُجْتَمَعِ.

فَذَهَبَ أَعْدَاؤُنَا يُخَطِّطُونَ وَيُدَبِّرُونَ لِمَسْخِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَلِقَلْبِ هُوِيَّتِهَا، وَلِتَدْمِيرِ أَخْلَاقِ هَذِهِ الأُمَّةِ التي وَصَلَتْ إلى مَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ حَيْثُ أَذَلَّتْ فَارِسَ وَالرُّومَ، وَأَلْزَمُوهُمْ بِدَفْعِ الجِزْيَةِ.

مِنَ الخُطَطِ التي رَسَمُوهَا رَفْعُ شِعَارَاتٍ بَرَّاقَةٍ، حُقُوقُ المَرْأَةِ، تَحْرِيرُ المَرْأَةِ، وَأَخَذُوا بِرَسْمِ الخُطَطِ المَاكِرَةِ، لِخُرُوجِهَا سَافِرَةً مُتَبَرِّجَةً مُحْتَكَّةً بِالرِّجَالِ مِنْ أَجْلِ إِرْوَاءِ غَرَائِزِهِمُ الخَبِيثَةِ الفَاسِدَةِ.

نَزْعُ المَرْأَةِ لِحِجَابِهَا أَقصَى مَا يَتَمَنَّاهُ عَدُوُّنَا:

يَا عِبَادَ اللهِ: عِنْدَمَا شَاهَدَ عَدُوُّنَا حِجَابَ المَرْأَةِ، وَبِحِجَابِهَا صَانَتْ نَفْسَهَا، وَكَانَتْ عَوْنًا للرِّجَالِ عَلَى غَضِّ البَصَرِ، وَصِيَانَةِ أَنْفُسِهِمْ، عَمِلُوا عَلَى نَزْعِ حِجَابِهَا، بِدَايَةً عَنْ وَجْهِهَا، وَنِهَايَةً عَنْ جُلِّ بَدَنِهَا.

يَا عِبَادَ اللهِ: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اليَهُودَ كَانُوا يُسَاكِنُونَ المُسْلِمِينَ في المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَكَانَ يُغِيظُهُمْ نُزُولُ آيَاتِ الحِجَابِ، وَتَسَتُّرُ المُسْلِمَاتِ، وَيُحَاوِلُونَ أَنْ يَزْرَعُوا الفَسَادَ وَالتَّكَشُّفَ في صُفُوفِ المُسْلِمَاتِ، فَمَا اسْتَطَاعُوا.

وَفي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ إلى سُوقِ يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعٍ، وَكَانَتْ عَفِيفَةً مُتَسَتِّرَةً، فَجَلَسَتْ إلى صَائِغٍ مِنْهُمْ، فَاغْتَاظَ اليَهُودُ مِنْ تَسَتُّرِهَا وَعِفَّتِهَا، وَوَدُّوا لَوْ يَتَلَذَّذُونَ بِالنَّظَرِ إلى وَجْهِهَا، فَجَعَلُوا يُرِيدُونَهَا عَلَى كَشْفِ وَجْهِهَا، فَأَبَتْ وَامْتَنَعَتْ، فَغَافَلَهَا الصَّائِغُ وَهِيَ جَالِسَةٌ، وَعَمَدَ إلى طَرَف ثَوْبِهَا فَعَقَدَهُ إلى ظَهْرِهَا، فَلَمَّا قَامَتْ انْكَشَفَتْ، فَضَحِكُوا، فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى الصَّائِغِ فَقَتَلَهُ، فَشَدَّتِ اليَهُودُ عَلَى المُسْلِمِ فَقَتَلُوهُ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ أَجْلَاهُمْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ المَدِينَةِ.

يَا عِبَادَ اللهِ: هَذِهِ الحَادِثَةُ وَغَيْرُهَا مِمَّا يُشَابِهُهَا عَلَى مَدَارِ تَارِيخِ اليَهُودِ تَدُلُّ وَبِـصَرَاحَةٍ عَلَى رَغْبَةِ هَؤُلَاءِ المُجْرِمِينَ وَأَذْنَابِهِمْ في بِلَادِ المُسْلِمِينَ في إِظْهَارِ العَوْرَاتِ، وَانْتِشَارِ الرَّذِيلَةِ في صُفُوفِ المُسْلِمِينَ، وَخَاصَّةً عَنْ طَرِيقِ النِّسَاءِ.

لَقَدْ أَرَادَ أَعْدَاءُ هَذِهِ الأُمَّةِ وَأَذْنَابُهُمْ أَنْ يُغْرِقُوا الأُمَّةَ الإِسْلَامِيَّةَ في بِحَارِ الرَّذِيلَةِ وَمُسْتَنْقَعِ الشَّهَوَاتِ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الإِبَاحِيَّةِ وَالشُّذُوذِ، وَالزِّنَا وَاللِّوَاطَةِ، وَخَاصَّةً للنَّاشِئَةِ مِنَ الأَطْفَالِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

يَا عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ كَانَتِ المَرْأَةُ قَبْلَ الإِسْلَامِ مِنْ سَقَطِ المَتَاعِ، تُبَاعُ وَتُشْتَرَى في الأَسْوَاقِ، بَلْ وَيُتَاجَرُ بِهَا في أَسْوَاقِ الدَّعَارَةِ وَالعُهْرِ وَالفُجُورِ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ يُقَدِّمُ ابْنَتَهُ وَزَوْجَتَهُ في البُيُوتِ، وَيَرْفَعُ عَلَيْهَا الرَّايَةَ الحَمْرَاءَ مِنْ أَجْلِ دَرَاهِمَ يَنَالُهَا مِنْ خِلَالِ الفَاحِشَةِ التي تُرْتَكَبُ عَلَى ابْنَتِهِ وَزَوْجَتِهِ.

يَا عِبَادَ اللهِ: الإِسْلَامُ هُوَ الذي رَفَعَ المَرْأَةَ، وَجَعَلَهَا شَقِيقَةَ الرَّجُلِ، وَجَعَلَ بِرَّهَا مُقَدَّمًا عَلَى بِرِّ الآبَاءِ، بَلْ جَعَلَ الجَنَّةَ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَاتِ.

يَا عِبَادَ اللهِ: لِنَكُنْ حَرِيصِينَ كُلَّ الحِرْصِ عَلَى حِجَابِ مَحَارِمِنَا، لِأَنَّ المُؤَامَرَةَ عَلَيْهِنَّ.

اللَّهُمَّ اسْتُرْ أَعْرَاضَنَا، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا، وَاكْفِنَا شَرَّ اليَهُودِ وَأَعْوَانِهِمْ. آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

**    **    **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 2/ جمادى الآخرة /1445هـ، الموافق: 15/ كانون الأول / 2023م

 2023-12-14
 2377
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

28-11-2024 2292 مشاهدة
932ـ خطبة الجمعة: مهمتنا أيام الكرب والغمة

أَحْوَالٌ عَصِيبَةٌ، وَظُرُوفٌ رَهِيبَةٌ تُحِيطُ بِأَهْلِ بِلَادِ الشَّامِ في هَذِهِ الأَيَّامِ، نَرَى صُوَرًا مُحْزِنَةً، أُمَّةٌ في مَجْمُوعِهَا كَأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا، أُمَّةٌ قَالَ اللهُ تعالى فِيهَا: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ ... المزيد

 28-11-2024
 
 2292
22-11-2024 742 مشاهدة
931ـ خطبة الجمعة: الدافع إلى محبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

الإنْسَانُ السَّوِيُّ مَجْبُولٌ وَمَفْطُورٌ مِنْ أَصْلِ خَلْقِهِ عَلَى الحُبِّ، وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ إِنْسَانٍ سَوِيٍّ عَاقِلٍ بِدُونِ حُبٍّ، سَوَاءٌ أَكَانَ الحُبُّ مُدَنَّسًا أَمْ مُقَدَّسًا، فَالمُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ... المزيد

 22-11-2024
 
 742
14-11-2024 920 مشاهدة
930ـ خطبة الجمعة: غرس الله تعالى محبته صلى الله عليه وسلم في الجمادات وغيرها

لَقَدْ عَظَّمَ اللهُ نَبِيَّنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَكْرَمَهُ، وَفَضَّلَهُ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ، وَأَعْطَاهُ مِنَ المِيزَاتِ وَالخَصَائِصِ مَا لَمْ يُعْطِهِ لِأَحَدٍ مِنَ البَشَرِ ... المزيد

 14-11-2024
 
 920
04-10-2024 3997 مشاهدة
929ـ خطبة الجمعة: الأدب مع الله قلبًا ولسانًا وأركانًا

إِنَّ أَعْلَى مَرَاتِبِ الأَدَبِ الأَدَبُ مَعَ اللهِ تعالى، بَلْ هُوَ أَصْلُ كُلِّ أَدَبٍ، وَالأَدَبُ مَعَ اللهِ تعالى هُوَ حُسْنُ الانْقِيَادِ لِأَوَامِرِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، مَعَ تَعْظِيمِهِ وَإِجْلَالِهِ وَالحَيَاءِ مِنْهُ تَبَارَكَ وتعالى. ... المزيد

 04-10-2024
 
 3997
27-09-2024 2382 مشاهدة
928ـ خطبة الجمعة: الآداب المطلوبة من كل مسلم

لَقَدْ جَاءَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِرِسَالَةٍ مِنْ عِنْدِ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ، وَهَذَا مِنْ تَكْرِيمِ اللهِ تعالى لِخَلْقِهِ، وَقَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نَتَأَدَّبُ مَعَ حَبِيبِهِ ... المزيد

 27-09-2024
 
 2382
20-09-2024 1697 مشاهدة
927ـ خطبة الجمعة: الأدب معه صلى الله عليه وسلم

مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ العَظِيمَ بِتَدَبُّرٍ وَإِنْصَافٍ، فَإِنَّهُ يَجِدُ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ يَدْعُو جَمِيعَ العُقَلَاءِ مِنْ بَنِي الإِنْسَانِ إلى الأَدَبِ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ... المزيد

 20-09-2024
 
 1697

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5632
المقالات 3201
المكتبة الصوتية 4873
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 419947222
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :