إنَّ العِبرةَ عندَ اللهِ بِالخَوَاتِيمِ، فَلا يَكفِي أن يَستَقِيمَ الإنسانُ رَدْحاً مِن الزَّمنِ ثمَّ يَرجِعَ القهقريَّ إلى الوراءِ، لذلك جاءَ التَّوجيهُ الرَّبَّانيُّ لِلمؤمنينَ بِالثَّباتِ على الدِّينِ الحقِّ، وعلى تَحليلِ الحلالِ وتَحريمِ الحرامِ، والوُقوفِ على حُدودِ الشَّرعِ، وأن لا يَتَجَاوَزُوهُ قَيدَ أُنمُلةٍ حتَّى المماتِ. ... المزيد
إنَّ مِنَ المَظَاهِرِ التي لا يُمكِنُ إِنكارُها ظَاهِرَةُ ضَعفِ الإيمانِ وتَقَلُّبِ القلوبِ، ويقولُ سيدنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا سُمِّيَ القَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ، إِنَّمَا مَثَلُ القَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ مُعَلَّقَةٍ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ، يُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ) رواه الإمام أحمد عن أَبي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ... المزيد
المالُ في الحياةِ الدنيا شُريانُ الحياةِ المادِّيَّةِ، كما أنَّ الدِّينَ والشَّرعَ شُريانُ الحياةِ الرُّوحِيَّةِ والمعنَوِيَّةِ، والإنسانُ بحاجةٍ إليهما، ولا يُمكنُ الاستغناءُ عن واحدٍ منهما، فمن اقتَصَرَ على المالِ دونَ الدِّينِ، فَسَدَ وأَفسَدَ وعاثَ في الأرضِ فساداً، ومن اقتَصَرَ على الدِّينِ دونَ الدُّنيا، افتَقَرَ وَخَالَفَ الفِطرَةَ التي فَطَرَهُ اللهُ تعالى عليها، قال تعالى في حقِّ ابن آدم: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيد}. وقال في وصفِ الناسِ جميعاً: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}. ... المزيد
فإنَّ أعظمَ نعمةٍ في الحياةِ أن يَتَحَقَّقَ الإنسانُ بِعُبوديَّتِهِ للهِ عزَّ وجلَّ، وخاصَّةً في وقتٍ اتَّجَهَ فيه بعضُ الناسِ إلى العُبوديَّةِ لغيرِ اللهِ تعالى، فمنهم من صارَ عبداً للمالِ، ومنهم من صارَ عبداً للثِّيابِ، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ) ... المزيد
قَلبُ الأمَّةِ مَجرُوحٌ بِسَبَبِ المِحنَةِ القاسِيَةِ التي تمُرُّ عليها، قَلبُها مَجرُوحٌ بِسَبَبِ سَفْكِ الدِّماءِ وانتِهَاكِ المُقدَّساتِ وهَتْكِ الأَعرَاضِ، الأمَّةُ تَلتَجِئُ إلى اللهِ تعالى لِكَشْفِ الغُمَّةِ عنها، ولكن في هذه الآوِنةِ ظَهَرَت شَرِيحَةٌ من النَّاسِ لِتَزِيدَ الأَلمَ ألَماً، والحُزنَ حُزناً، من خِلالِ ارتكابِ جَرائِمِ السَّرِقَةِ، سواءٌ كانت من الأموالِ الخاصَّةِ أو العامَّةِ. ... المزيد
إنَّ قلبَ الأمَّةِ مَجروحٌ مِمَّا حَلَّ بها مِن هذه المِحنةِ والفتنةِ، قَلبُها مَجروحٌ لسفكِ الدماءِ، وقتلِ الأبرياءِ، وانتهاكِ الأعراضِ، وتهديمِ البيوتِ، والاعتداءِ على المقدَّساتِ. ... المزيد
كلُّنا يَعلمُ بِأَنَّ اللهَ تعالى ما خَلَقَنَا في هذِهِ الحياةِ الدُّنيا إلَّا للاختبارِ والابتلاءِ، والاختبارُ والابتلاءُ تارةً يكونُ بالعطاءِ وتارةً يكونُ بالمنعِ، وتارةً يكونُ بالنِّعمةِ وتارةً يكونُ بالنِّقمَةِ، ولا يَسَعُ العبدَ إلَّا التَّحَقُّقَ بالعبوديَّةِ للهِ عز وجل، والانضباطَ بضوابطِ الشريعةِ في سائِرِ أحوالِهِ. ... المزيد
اللهُ الذي خَلَقَنَا يعلمُ ما يُصلِحُنا وما يُفسِدُنا، فما تَرَكَنَا سُدَىً، بل أكرَمَنَا اللهُ تعالى بتشريعٍ ضَمِنَ فيه سعادةَ الأفرادِ والجماعاتِ، كما ضَمِنَ سعادةَ الحاكمِ والمحكومِ، ضَمِنَ سعادةَ الجميعِ في الحياةِ الدنيا قبل الآخرةِ، وضَمَنَ لنا به حياةً طيبةً كريمةً تُصانُ فيها الدماءُ والأعراضُ، وتُحفظُ بها الأموالُ، وتَتَرَابَطُ بها الأمَّةُ كلُّها حتى تصبحَ كالجسدِ الواحدِ، لذلك أمرنا بالاستجابةِ له، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}. هذا الخطابُ شملَ الحاكمَ والمحكومَ ... المزيد
يا عباد الله! ما هي حقيقةُ الخسارةِ؟ من هوَ الخاسِرُ؟ بل من هوَ أخسَرُ الناسِ؟ هل هوَ مَن خَسِرَ تجارتَهُ؟ هل هوَ من خَسِرَ مالَهُ؟ ... المزيد
يا عباد الله، لقد حرَّم اللهُ تعالى علينا التعاونَ على الإثمِ والعدوانِ لضرَرِهِ الكبيرِ، من أضرارِهِ: ... المزيد
الإنسانُ المُكَرَّمُ ما عَرَفَ حَقِيقَتَهُ ومقدارَهُ إلَّا مَن التَزَمَ كِتابَ اللهِ تعالى، وقَرَأَ القرآنَ العظيمَ، لأنَّ اللهَ تعالى أعطى الصورةَ الحقيقيةَ لهذا الإنسانِ من خلالِ القرآنِ العظيمِ. هذا الإنسانُ العظيمُ الذي خَلَقَهُ الله تعالى بيديهِ، ونفخَ فيه من روحهِ، وأسجدَ له ملائكتهُ، وعلَّمهُ الأسماءَ كلَّها، وأسكنهُ جنَّتهُ، حذَّرَ أيَّما تحذيرٍ من الاعتداءِ عليهِ، ومن سَحْقِ روحهِ وقَتْلِهِ ظُلماً وعُدواناً، قال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}. ... المزيد
الإنسان خَلْقُ اللهِ تعالى وصنعتُهُ، وما عرفَ قيمةَ الإنسانِ إلا المسلمُ الملتزمُ بدينِ الله تعالى، الذي له صلةٌ بالقرآنِ العظيمِ، أمَّا مَن قَطَعَ صلَتَهُ بالله تعالى، وقَطَعَ صلَتَهُ بالقرآنِ العظيمِ، فإنَّه لا يعرف قيمةَ الإنسانِ، ويكونُ جاهلاً بِهِ، ومن الطبيعي أن يكونَ الإنسانُ عدواً لما يجهل. ... المزيد
العطاءُ من اللهِ ابتلاءٌ، كما أنَّ المنعَ ابتلاءٌ، والخلافة والإمارة من الابتلاءِ الشديدِ لمن مُنِحَها، ولقد ابتلى اللهُ تعالى الصِّدِّيقَ رضي الله تعالى عنه بالخلافةِ، ولكن كان بفضلِ الله تعالى عليه ناجحاً في هذا الابتلاءِ. ... المزيد
عندما تسلَّمَ زِمامَ الأمَّة الصِّدِّيقُ رضي الله عنه، وذلك بعد وفاةِ الحبيبِ الأعظمِ سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وعَلِمَ أنَّه صارَ مسؤولاً عن الأمَّةِ يوم القيامة، أطلَّ على الأمَّةِ، وخاطبها بكلماتٍ صارت درساً لكلِّ وليِّ أمرٍ، فقال ممَّا قال: (وَلا تَشِيعُ الفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطّ إلا عَمّهُمْ اللّهُ بِالبَلَاءِ). ... المزيد
إنَّ سَلَفَ هذه الأمَّة قد أتعبَ خَلَفَها، وإنَّ خلفاءَ هذهِ الأمَّة قد أتعبوا جميع الخلفاءِ والأمراءِ والملوكِ والرؤساءِ، حيث نظروا إلى الإمارةِ أنَّها مغرمٌ وليست مغنماً. لقد أتعبَ الصِّدِّيق رضي الله عنه جميع ولاةِ الأمور إلى قيام الساعة، ... المزيد
لقد أرسى الصدِّيق رضي الله عنه مبدأ العدل والمساواة بين أفراد رعيَّته، فقال: (وَالضّعِيفُ فِيكُمْ قَوِيّ عِنْدِي حَتّى أُرِيحَ عَلَيْهِ حَقّهُ إنْ شَاءَ اللهُ، وَالقَوِيّ فِيكُمْ ضَعِيفٌ عِنْدِي حَتّى آخُذَ الحَقّ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللهُ). العدلُ يجمعُ كلمةَ الأمةِ، ويوحِّدُ صفَّها، ويجعلُها كالبنيان المرصوص، والجَوْرُ والظلمُ يُفرِّقُ الكلمةَ، ويمزِّقُ الصفَّ، ويُشتِّتُ شملَ الأمة. ... المزيد
لما تسلَّم سيدنا أبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه زِمامَ الخلافةِ وأمورَ أمَّة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وَقَفَ في اليومِ الأوَّل من خلافتهِ ليعطيَ درساً لكلِّ خليفةٍ وراعٍ وحاكمٍ إلى قيام الساعة، كيف تكون الإمارة. أولاً: الأميرُ والراعي ليسَ هو خير رعيَّته، فَلَرُبَّما كان في الرعيَّة من هو خيرٌ منه. ... المزيد
كلماتٌ قالها الصدِّيقُ رضي الله عنه يوم استلم الخلافة، كانت نبراساً وضياءً لمن أراد أن يهتدي بها من الرعاةِ والحكامِ والرؤساءِ، كلماتٌ عرَّفَ من خلالها حقيقةَ الراعي، بأنَّه ليس خيراً من رعيَّته، وليس معصوماً، بل يجري عليه الخطأ، ويحتاج إلى عونٍ ونصحٍ وتقويمٍ، فقال رضي الله عنه:(أَيّهَا النّاسُ! فَإِنّي قَدْ وُلّيت عَلَيْكُمْ وَلَسْت بِخَيْرِكُمْ، فَإِنْ أَحْسَنْت فَأَعِينُونِي؛ وَإِنْ أَسَأْت فَقَوّمُونِي). ... المزيد
عندما وُلِّيَ الخلافةَ سيدنا أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه، قامَ خطيباً فَحَمِدَ الله تعالى وأثنى عليه بالذي هو أهله، ثم قال:( فَإِنّي قَدْ وُلّيت عَلَيْكُمْ وَلَسْت بِخَيْرِكُمْ، فَإِنْ أَحْسَنْت فَأَعِينُونِي؛ وَإِنْ أَسَأْت فَقَوّمُونِي). كلماتٌ هي درسٌ لكلِّ عاقلٍ من الرعاة، والكلُّ راعٍ، والكلُّ مسؤول ٌ عن رعيته، هي درسٌ لكلِّ حاكمٍ ورئيسٍ وملكٍ وأميرٍ. ... المزيد
أريد أن أقفَ معكم في هذا الأسبوع مع كلمات قالها سيدنا أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه، عندما تولَّى الخلافة، لتكون هذه الكلمات نبراساً لكلِّ راعٍ استرعاه الله تعالى على رعيَّةٍ ... المزيد