: البَصَرُ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ من نِعَمِ اللهِ تعالى عَلَيْنَا؛ بِهِ يَسْتَطِيعُ العَبْدُ أَنْ يَتَأَمَّلَ وَيَتَفَكَّرَ في مَخْلُوقَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَبِهِ يَصِلُ إلى غَايَتِهِ، وَبِهِ يُدِيرُ شُؤُونَ حَيَاتِهِ، وَلِعِظَمِ أَهَمِّيَّتِهِ وَقِيمَتِهِ السَّامِيَةِ؛ جَعَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتعالى ثَوَابَ مَن فَقَدَهُ الجَنَّةَ إِذَا صَبَرَ وَاحْتَسَبَ؛ روى الإمام البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ، عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ» يُرِيدُ عَيْنَيْهِ. ... المزيد
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد كَانَ من هَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوصِيَ الأُمَّةَ بالاسْتِخَارَةِ في جَمِيعِ أُمُورِهَا، لِأَنَّنَا عَاجِزُونَ عَن إِدْرَاكِ جَوَانِبِ الخَيْرِ في المُسْتَقْبَلِ، فَقَد نَرْفُضُ اليَوْمَ أَمْرَاً قَد يُسْعِدُنَا غَدَاً، وَقَد نَتَحَمَّسُ لِأَمْرٍ ولا نَضْمَنُ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا، لِذَلِكَ عَلَّمَنَا سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الاسْتِخَارَةَ التي نَلْجَأُ إِلَيْهَا، وَلْنَكُنْ على ثِقَةٍ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى هُوَ العَلِيمُ وَحْدَهُ بِمَا تَحْمِلُهُ لَنَا الأَيَّامُ في طَيَّاتِهَا، لِأَنَّهَا من قَدَرِهِ وَقَضَائِهِ تَبَارَكَ وتعالى. ... المزيد
الزَّوَاجُ هُوَ أَفْضَلُ حَلٍّ لِمَشَاكِلِ الشَّبَابِ والشَّابَّاتِ، لِأَنَّهُ يَصُونُ النُفُوسَ عَن الوُقُوعِ في المُحَرَّمَاتِ، وَيَكْبَحُ الشَّهَوَاتِ المُحَرَّمَةَ، وَهُوَ سَبَبٌ للاسْتِقْرَارِ الـنَّفْسِيِّ والعَاطِفِيِّ، وَإِنِّي أَنْصَحُ كُلَّ شَابٍّ تَحَقَّقَ فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ» رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ؛ أَنْ يَمْتَثِلَ أَمْرَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْ يَتَزَوَّجَ. ... المزيد
لَقَد شَرَعَ لَنَا دِينُنَا الحَنِيفُ أَنْ نَبْحَثَ عَن صَاحِبَةِ الدِّينِ والخُلُقِ إِذَا أَرَدْنَا الزَّوَاجَ، وَكَذَلِكَ بالمُقَابِلِ أَوْجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَخْتَارَ لِبَنَاتِنَا وَلِمَحَارِمِنَا الزَّوْجَ صَاحِبَ الدِّينِ والخُلُقِ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْـمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُـشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْـمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ واللهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْـمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾. ... المزيد
الزَّوْجَةُ الصَّالِحَةُ سَبَبٌ من أَعْظَمِ الأَسْبَابِ لِسَعَادَةِ الزَّوْجِ في الحَيَاةِ الدُّنيَا، فَإِذَا وُفِّقَ الرَّجُلُ في اخْتِيَارِ المَرْأَةِ الصَّالِحَةِ صَارَتْ حَيَاتُهُ كُلُّهَا سَعِيدَةً، حَتَّى وَلَو كَانَ فَقِيرَاً، وَلَو كَانَ مَرِيضَاً، وَلَو فَقَدَ الكَثِيرَ من مُقَوِّمَاتِ الحَيَاةِ، لِأَنَّ الزَّوْجَةَ الصَّالِحَةَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعَوِّضَهُ عَن كُلِّ شَيْءٍ. ... المزيد
من الأَخْلاقِ الحَمِيدَةِ الحَيَاءُ، بَلْ هُوَ مَلِكُ الأَخْلاقِ وَسُلْطَانُهَا وَسَيِّدُهَا، خُلُقُ الحَيَاءِ مِفْتَاحُ كُلِّ خَيْرٍ وَسَعَادَةٍ، وَمِغْلاقُ كُلِّ شَرٍّ وَتَعَاسَةٍ، خُلُقُ الحَيَاءِ مِفْتَاحٌ لِكُلِّ الطَّاعَاتِ والقُرُبَاتِ، وَمِغْلاقٌ لِكُلِّ المَعَاصِي والمُوبِقَاتِ، وَهُوَ مِفْتَاحٌ من مَفَاتِيحِ الجَنَّةِ، وَمِغْلاقٌ لِأَبوَْابِ النَّارِ. ... المزيد
من أَجْلِ صَلاحِ الأُسْرَةِ التي هِيَ نَوَاةُ المُجْتَمَعِ يَجِبُ على مُرِيدِ الزَّوَاجِ أَنْ يَنْتَقِيَ المَرْأَةَ المُسْلِمَةَ ـ لا مُشْرِكَةً ولا كِتَابِيَّةً ـ الصَّالِحَةَ التي تُعِينُهُ على صَلاحِ بَيْتِهِ وَأُسْرَتِهِ، وَتُحَافِظُ على ذُرِّيَّتِهِ من الضَّيَاعِ والتَّفْرِيطِ والحِرْمَانِ. ... المزيد
من خِلالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ﴾. ومن خِلالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾. نَعْلَمُ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ الصَّالِحَةَ، والذُّرّيَّةَ التَّقِيَّةَ المُؤْمِنَةَ تَلْحَقُ الأَبَ والزَّوْجَ في الآخِرَةِ، لِذَلِكَ وَجَبَ على مُرِيدِ الزَّوَاجِ أَنْ يَخْتَارَ المَرْأَةَ الصَّالِحَةَ من الأُسْرَةِ الصَّالِحَةَ، وَأَنْ لا يَنْسَاقَ خَلْفَ العَاطِفَةِ، ولا النَّزْوَةِ الشَّهْوَانِيَّةِ، ولا المَيْلِ القَلْبِيِّ، بِدُونِ الأَخْذِ بِوَصَايَا مَن هُوَ أَوْلَى بِهِ من نَفْسِهِ، بِدُونِ أَنْ يَأْخُذَ بِوَصَايَا سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. ... المزيد
من القَضَايَا الاجْتِمَاعِيَّةِ التي رَعَاهَا دِينُنَا الحَنِيفُ رِعَايَةً بَالِغَةً وَفَائِقَةً، حَيْثُ جَاءَتْ نُصُوصٌ من القُرْآنِ العَظِيمِ، ومن السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، بالحَثِّ عَلَيْهَا، والتَّرْغِيبِ فِيهَا، قَضِيَّةُ الزَّوَاجِ، وَذَلِكَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ من مَصَالِحِ الدِّينِ والدُّنْيَا، وَلِمَا فِيهِ من الحِكَمِ السَّامِيَةِ، والمَنَافِعِ المُتَعَدِّدَةِ، والمَعَانِي الكَرِيمَةِ. ... المزيد
فيا أيُّها الإخوة الكرام: إِنَّ الغَايَةَ العَظِيمَةَ التي خُلِقْنَا من أَجْلِهَا، قَد بَيَّنَهَا رَبُّنَا عزَّ وجلَّ في كِتَابِهِ العَظِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾. ... المزيد
لَقَد حَرَّضَ الإِسْلامُ على الزَّوَاجِ، لِأَنَّهُ حِصْنٌ من الوُقُوعِ في مَعْصِيَةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، لِذَا حَثَّ عَلَيْهِ رَبُّنَا بِنَصِّ القُرْآنِ العَظِيمِ، وَجَعَلَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من سُنَّتِهِ، وَنَهَى عَن التَّبَتُّلِ والانْقِطَاعِ. ... المزيد
شَأْنُ العُقَلاءِ الذينَ يَحْرِصُونَ كُلَّ الحِرْصِ على سَلامَةِ المُجْتَمَعِ أَنْ يَكُونُوا دَاعِينَ إلى الزَّوَاجِ الشَّرْعِيِّ، وَرَفْضِ العُنُوسَةِ للشَّبَابِ والشَّابَّاتِ، ومن مُنْطَلَقِ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ». ... المزيد
لا تَرْضَوْا لِأَنْفُسِكُمْ ولا لِأَبْنَائِكُم ولا لِبَنَاتِكُمُ العُنُوسَةَ، وَأَنْتُمْ تَقْرَؤُونَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجَاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾. نَعَمْ، لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ في هذا الزَّوَاجِ الذي جَعَلَهُ اللهُ تعالى سَكَنَاً وَمَوَدَّةً وَرَحْمَةً. ... المزيد
الزَّوَاجُ من الأُمُورِ الفِطْرِيَّةِ الجِبِلِّيَّةِ التي لا غِنَى لِكَائِنٍ حَيٍّ عَنْهَا إِذَا أَرَادَ الحَيَاةَ الكَريمَةَ الهَادِئَةَ المُطْمَئِنَّةَ لِنَفْسِهِ وَلِمُجْتَمِعِهِ، وَهُوَ آيَةٌ من آيَاتِ اللهِ تعالى البَاهِرَةِ، وَنِعْمَةٌ من نِعَمِهِ العَظِيمَةِ، تَحْصُلُ بِهِ المَوَدَّةُ والرَّحْمَةُ، والأُنْسُ والسَّكَنُ، والرَّاحَةُ والطُّمَأْنِينَةُ. ... المزيد
الأُمَّةُ المُحَمَّدِيَّةُ هِيَ أُمَّةُ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ، والنَّهْيِ عَن المُنْكَرِ، هِيَ خَيْرُ الأُمَمِ على الإِطْلاقِ، بِشَهَادَةِ اللهِ تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ باللهِ﴾. ... المزيد
لَقَد امْتَنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ عَلَيْنَا بِنِعْمَةِ الزَّوَاجِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجَاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾. إِنَّهُ من أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ تعالى على الرِّجَالِ والنِّسَاءِ على حَدٍّ سَوَاءٍ، الزَّوَاجُ هُوَ صِلَةٌ لِسَكَنِ القَلْبِ والنَّفْسِ ... المزيد
لَقَد مَنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ عَلَيْنَا بِتَشْرِيعٍ كَامِلٍ، فِيهِ سِرُّ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا والآخِرَةِ، قَالَ تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينَاً﴾. ... المزيد
من القَضَايَا الاجْتِمَاعِيَّةِ التي عُنِيَ بِهَا الإِسْلامُ عِنَايَةً بَالِغَةً، وَرَعَاهَا رِعَايَةً فَائِقَةً، حَيْثُ جَاءَتْ آيَاتٌ من كِتَابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وَأَحَادِيثُ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَحُثُّ عَلَيْهَا، وَتُرَغِّبُ فِيهَا، قَضِيَّةُ الزَّوَاجِ. ... المزيد
أيها الإخوة الكرام: يجب علينا أن نعلم منزلتنا ومنزلة هذه الأمة التي أكرمنا الله تعالى فجعلنا منها، وذلك من خلال قول الله عز وجل: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله}. هذه الأمة متبوعة وليست بتابعة لأنها خير الأمم بما امتازت به عن غيرها من الأمم كما ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة. ... المزيد
شروط استجابة الدعاء: ... المزيد