151ـ كلمات في مناسبات: كلمة بمناسبة حفل زواج
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: فَقَدْ أَحَاطَ الإِسْلَامُ الأُسْرَةَ بِسِيَاجِ الكَرَامَةِ وَاعْتَبَرَ عَقْدَ الزَّوَاجِ مِيثَاقًا غَلِيظًا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾.
فَالْعَلَاقَةُ الزَّوْجِيَّةُ عَلَاقَةٌ كَرِيمَةٌ، وَالحُقُوقُ الزَّوْجِيَّةُ أَمَانَةٌ وَأَيُّ أَمَانَةٍ، وَقَدْ حَمَّلَ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ كُلًّا مِنَ الزَّوْجَيْنِ حُقُوقًا تُجَاهَ الآخَرِ، فَأَهْلُ الوَفَاءِ هُمُ الَّذِينَ يَقُومُونَ بِأَدَاءِ هَذِهِ الحُقُوقِ بِكُلِّ حُبٍّ وَوَفَاءٍ وَتَقْدِيرٍ، وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ خَشْيَةَ التَّقْصِيرِ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى سَيُحَاسِبُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى هَذِهِ الحُقُوقِ أَضَيِّعُوهَا أَمْ حَفِظُوهَا؟
الحُقُوقُ الزَّوْجِيَّةُ كَمْ قَرَّبَتْ مِنْ أَزْوَاجٍ إِلَى اللهِ تَعَالَى عِنْدَ أَدَائِهَا، وَكَمْ أَبْعَدَتْ مِنْ أَزْوَاجٍ عَنِ اللهِ تَعَالَى عِنْدَمَا ضَيَّعُوهَا.
كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ مَسْؤُولٌ يَوْمَ القِيَامَةِ ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
لِذَلِكَ لَا يَلْتَزِمُ بِالوَاجِبَاتِ الزَّوْجِيَّةِ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِاللهِ تَعَالَى وَاليَوْمِ الآخِرِ.
يَا أَوْلِيَاءَ الأُمُورِ، ذَكِّرُوا أَبْنَاءَكُمْ وَبَنَاتِكُمْ بِالوَاجِبِ الَّذِي عَلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ تُذَكِّرُوهُمْ بِالحُقُوقِ الَّتِي لَهُمْ.
خَاطِبُوا أَبْنَاءَكُمْ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ» رَوَاهُ التِّرِمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وَخَاطِبُوا بَنَاتِكُمْ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ» رَوَاهُ الحَاكِمُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ.
وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ مَا يُكْنَزُ؟ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ» رَوَاهُ الحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
اليَوْمَ صَارَ العَبْدُ المُلْتَزِمُ بِتَأْدِيَةِ مَا أَوْجَبَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ غَرِيبًا فِي المُجْتَمَعِ، لِأَنَّهُ يَخْرِقُ العَادَاتِ وَيَدْخُلُ فِي العِبَادَاتِ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ.
نَعَمْ، البَلَاءُ كُلُّ البَلَاءِ، وَالمُصِيبَةُ كُلُّ المُصِيبَةِ، أَنْ تَجِدَ كُلًّا مِنَ الزَّوْجَيْنِ ظَالِمًا لِلآخَرِ، وَالمُصِيبَةُ الأَعْظَمُ أَنْ كُلًّا مِنَ الزَّوْجَيْنِ لَا يَجِدُ مَنْ يُذَكِّرُهُ بِاللهِ تَعَالَى، بَلْ عَلَى العَكْسِ مِنْ ذَلِكَ تَرَى الكَثِيرَ مِمَّنْ يُحَرِّضُ كُلًّا مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الظُّلْمِ.
كَثُرَ المَدْحُ لِلظَّالِمِ مِنَ الزَّوْجَيْنِ وَقَلَّ النُّصْحُ، وَهَذِهِ هِيَ الطَّامَّةُ الكُبْرَى.
الحَقِيقَةُ لَنْ يَنْعَمَ الزَّوْجَانِ إِلَّا إِذَا عَاشَا فِي دَائِرَةِ الإِسْلَامِ، وَكُلُّ مِنْهُمَا أَدَّى الوَاجِبَ الَّذِي عَلَيْهِ نَحْوَ الطَّرَفِ الآخَرِ، فَمَنْ عَاشَ خَارِجَ دَائِرَةِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَضَيَّعَ حَقَّ الآخَرِ لَنْ يَنْعَمَ بِالسَّعَادَةِ.
أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا. آمِينَ. أحمد شريف النعسان
** ** **
الْعَاقِلُ هُوَ الَّذِي يَتَوَسَّدُ المَوْتَ إِذَا نَامَ، وَيَجْعَلُهُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ إِذَا قَامَ، كَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ إِلَى الدُّنْيَا وَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ الآخِرَةِ، فَأَخَذَ يَسْعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَيَسْتَحْضِرُ ... المزيد
فَالنَّجَاحُ سُنَّةٌ فِي هَذَا الكَوْنِ، أَرَادَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ تَكُونَ غَايَةً لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُؤْمِنٍ؛ وَمِنْ تَمَامِ فَضْلِهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنَّهُ خَلَقَ لَهُمْ هَذَا الكَوْنَ قَبْلَ خَلْقِهِمْ، وَجَعَلَهُ مُسَخَّرًا ... المزيد
فَإِنَّ التَّخَرُّجَ مِنَ الجَامِعَةِ وَالتَّفَوُّقَ فِي الدِّرَاسَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِفَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَأْخُذُ العَزِيمَةَ فِي الدِّرَاسَةِ، وَلَوْلَا العَزْمُ وَالعَزِيمَةُ لَمَا كَانَ النَّجَاحُ وَالتَّفَوُّقُ فِي ... المزيد
الْمُؤْمِنُ الْحَقُّ الَّذِي رَسَخَ إِيمَانُهُ فِي قَلْبِهِ أَيَّامَ الْفِتَنِ وَالْمِحَنِ وَالزَّلَازِلِ يَزْدَادُ إِيمَانًا إِلَىٰ إِيمَانِهِ، وَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ ... المزيد
كُونُوا عَلَى حَذَرٍ شَدِيدٍ مِنْ تَعْطِيلِ شَعِيرَةٍ مِنْ شَعَائِرِ الإِسْلَامِ نَوَّهَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهَا فِي القُرْآنِ العَظِيمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾. وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ... المزيد
هَذَا الدِّينُ الحَنِيفُ يُؤْخَذُ بِالتَّلَقِّي مِنَ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ المُتَحَقِّقِينَ بِالعِلْمِ، لَقَدْ أَخَذَ الصَّحْبُ الكِرَامُ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَخَذَ ... المزيد