الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدِ اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ لِجَوَازِ التَّيَمُّمِ طَلَبَ المَاءِ، مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ عَدَمَ وُجُودِهِ، فَإِذَا تَيَقَّنَ عَدَمَ وُجُودِ المَاءِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ المَاءَ.
وَاخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في حَدِّ البُعْدِ عَنِ المَاءِ الذي يُبِيحُ التَّيَمُّمَ:
فَذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ إلى أَنَّهُ مِيلٌ، وَالمِيلُ بِالمِقْيَاسِ العَصْرِيِّ مَا يُعَادِلُ 1680 متراً.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إلى أَنَّهُ إِذَا تَحَقَّقَ وُجُودَ المَاءِ حَوْلَهُ طَلَبَهُ في حَدِّ القُرْبِ وَهُوَ سِتَّةَ آلافِ خُطْوَةٍ.
وَذَهَبَ المَالِكِيَّةُ إلى أَنَّهُ مِيلَانِ.
وَعِنْدَ الحَنَابِلَةِ فِيمَا قَرُبَ مِنْهُ عَادَةً.
وبناء على ذلك:
فَالمَسَافَةُ التي تُلْزِمُ الإِنْسَانَ للبَحْثِ عَنِ المَاءِ مِنْ أَجْلِ الغُسْلِ أَو الوُضُوءِ حَتَّى يُبَاحَ لَهُ التَّيَمُّمُ فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ الفُقَهَاءِ، وَأَرْجَحُ الأَقْوَالِ ـ وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ ـ مَا قَالَهُ الحَنَابِلَةُ فِيمَا قَرُبَ مِنْهُ عَادَةً. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |