التخلص من سوء الظن

8059 - التخلص من سوء الظن

17-05-2017 2278 مشاهدة
 السؤال :
كيف يستطيع الإنسان التخلص من سوء الظن بالناس؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8059
 2017-05-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: سُوءُ الظَّنِّ بِالنَّاسِ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ مَحْظُورٌ شَرْعَاً، وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «حُسْنُ الظَّنِّ مِنْ حُسْنِ الْعِبَادَةِ» رواه الإمام أحمد وأبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَسُوءُ الظَّنِّ بِالمُسْلِمِينَ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ وَخَاصَّةً في حَقِّ ظَاهِرُهُمُ العَدَالَةُ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرَاً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضَا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتَاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثانياً: حُسْنُ الظَّنِّ بِالنَّاسِ مَطْلُوبٌ، يَقُولُ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَلَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ شَرَّاً وَأَنْتَ تَجِدُ لَهُ فِي الْخَيْرِ مَحْمَلَاً. رواه البيهقي.

وَيَقُولُ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا بَلَغَكَ عَنْ أَخِيكَ الشَّيْءُ تُنْكِرُهُ فَالْتَمِسْ لَهُ عُذْرَاً وَاحِدَاً إِلَى سَبْعِينَ عُذْرَاً، فَإِنْ أَصَبْتَهُ؛ وَإِلَّا قُلْ: لَعَلَّ لَهُ عُذْرَاً لَا أَعْرِفُهُ. رواه البيهقي.

ثالثاً: أَمَّا عِلَاجُ سُوءِ الظَّنِّ، فَقَدْ أَرْشَدَنَا إِلَيْهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «ثَلَاثٌ لَازِمَاتٌ لِأُمَّتِي: الطِّيَرَةُ، وَالْحَسَدُ، وَسُوءُ الظَّنِّ».

فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يُذْهِبُهُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ مِمَّنْ هُوَ فِيهِ؟

قَالَ: «إِذَا حَسَدْتَ فَاسْتَغْفَرِ اللهَ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ، وَإِذَا تَطَيَّرْتَ فَامْضِ» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وبناء على ذلك:

فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَتَخَلَّصَ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِالنَّاسِ، عَلَيْكَ بِامْتِثَالِ أَمْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ».

عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ وَتَخَلَّصْ مِنْ عُيُوبِهَا، وَاشْتَغِلْ بِإِصْلَاحِهَا وَتَقْوِيمِهَا، فَمَنْ عَرَفَ عُيُوبَ نَفْسِهِ تَوَاضَعَ للهِ تعالى وَلِلنَّاسِ، وَخَاطِبْ نَفْسَكَ بِمَا قَالَهُ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى:

إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَلِيمَاً مِنَ الأَذَى   ***   وَحَظُّكَ مَـوْفُورٌ وَعِرْضُكَ صَيِّنُ

لِـسَـانَكَ لَا تَـذْكُرْ بِهِ عَوْرَةَ امْرِئٍ   ***   فَـكُـلُّكَ عَـوْرَاتٌ وَلِلنَّاسِ أَلْسُنُ

وَعَـيْـنَكَ إِنْ أَبْـدَتْ إِلَيْكَ مَـعَايِبَاً   ***   فَصُنْهَا وَقُلْ يَـا عَيْنُ لِلنَّاسِ أَعْيُنُ

وَعَلَيْكَ اسْتِحْضَارَ الآيَاتِ وَالأَحَادِيثِ التي حَذَّرَتْ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ.

وَعَلَيْكَ أَنْ تَسْتَحْضِرَ جَوَانِبَ الخَيْرِ فِيمَنْ أَسَأْتَ الظَّنَّ فِيهِ، لِأَنَّ الإِنْسَانَ فِيهِ مِنَ الخَيْرِ كَمَا فِيهِ مِنَ السُّوءِ وَالشَّرِّ، فَلَا تُلْقِي حَسَنَاتِهِ الكَثِيرَةَ بِسَيِّئَةٍ مِنَ السَّيِّئَاتِ.

وَعَلَيْكَ بِالاسْتِعَاذَةِ بِاللهِ تعالى مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ إِفْسَادَ العَلَاقَةِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الآخَرِينَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2278 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1120
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 203
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 574
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2788
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1236
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7451
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412754578
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :