152ـ كلمات في مناسبات: كلمة بمناسبة التخرج من الجامعة
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: فَإِنَّ التَّخَرُّجَ مِنَ الجَامِعَةِ وَالتَّفَوُّقَ فِي الدِّرَاسَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِفَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَأْخُذُ العَزِيمَةَ فِي الدِّرَاسَةِ، وَلَوْلَا العَزْمُ وَالعَزِيمَةُ لَمَا كَانَ النَّجَاحُ وَالتَّفَوُّقُ فِي الدِّرَاسَةِ، وَهَذَا شَيْءٌ حَسَنٌ وَهُوَ مَطْلُوبٌ شَرْعًا «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
إِذَا كُنَّا نَعْمَلُ لِحَيَاةٍ فَانِيَةٍ بِجِدٍّ وَنَشَاطٍ، فَالعَمَلُ لِلآخِرَةِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى وَأَوْلَى.
لِذَا تَرَى الصَّالِحِينَ مِنْ شِيَمِهِمُ العَزْمُ وَالعَزِيمَةُ لِفِعْلِ الخَيْرَاتِ ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ﴾.
وَلَا يَلِيقُ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ أَنْ يَكُونَ نَاجِحًا فِي الدُّنْيَا وَفَالَحًا، وَفِي الآخِرَةِ خَاسِرًا، فَالمُؤْمِنُ الحَقُّ يَكُونُ حَرِيصًا عَلَى فَلَاحِهِ وَنَجَاحِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
أَمَّا الفَلَاحُ وَالنَّجَاحُ فِي الدُّنْيَا فَيَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى وَجْهِ صَاحِبِهِ وَوَجْهِ مَنْ يَلُوذُ بِهِ، وَلَكِنْ بَعْدَ هَذَا الفَلَاحِ وَالنَّجَاحِ قَدْ يَكُونُ خَسْرَانٌ، لِأَنَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا لَهَا تَقَلُّبَاتُهَا.
أَمَّا الفَلَاحُ فِي الآخِرَةِ فَهُوَ الفَلَاحُ وَالنَّجَاحُ الحَقِيقِيُّ الَّذِي لَا يَعْقُبُهُ حُزْنٌ أَبَدًا.
الفَلَاحُ وَالنَّجَاحُ الحَقِيقِيُّ يَكُونُ عِنْدَ أَخْذِ العَبْدِ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَقُولُ عَلَى رُؤُوسِ الأَشْهَادِ: ﴿هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾.
الفَلَاحُ وَالنَّجَاحُ الحَقِيقِيُّ عِنْدَمَا يَسْمَعُ العَبْدُ النِّدَاءَ: «يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
عِنْدَمَا يَسْمَعُ قَوْلَ الحَقِّ تَعَالَى: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾.
وَعِنْدَمَا يَسْمَعُ الخِطَابَ: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾.
وَمَنْ أَرَادَ الفَلَاحَ وَالنَّجَاحَ فَلْيَسْمَعْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا﴾. وَالسَّعْيُ المَشْكُورُ وَاضِحٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُكْرِمَنَا بِفَلَاحِ الدُّنْيَا وَبِفَلَاحِ الآخِرَةِ مَعَ أُصُولِنَا وَفُرُوعِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَأَحْبَابِنَا. آمِينَ آمِينَ آمِينَ.
أحمد شريف النعسان
** ** **
الْعَاقِلُ هُوَ الَّذِي يَتَوَسَّدُ المَوْتَ إِذَا نَامَ، وَيَجْعَلُهُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ إِذَا قَامَ، كَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ إِلَى الدُّنْيَا وَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ الآخِرَةِ، فَأَخَذَ يَسْعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَيَسْتَحْضِرُ ... المزيد
فَالنَّجَاحُ سُنَّةٌ فِي هَذَا الكَوْنِ، أَرَادَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ تَكُونَ غَايَةً لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُؤْمِنٍ؛ وَمِنْ تَمَامِ فَضْلِهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنَّهُ خَلَقَ لَهُمْ هَذَا الكَوْنَ قَبْلَ خَلْقِهِمْ، وَجَعَلَهُ مُسَخَّرًا ... المزيد
فَقَدْ أَحَاطَ الإِسْلَامُ الأُسْرَةَ بِسِيَاجِ الكَرَامَةِ وَاعْتَبَرَ عَقْدَ الزَّوَاجِ مِيثَاقًا غَلِيظًا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾. فَالْعَلَاقَةُ الزَّوْجِيَّةُ عَلَاقَةٌ كَرِيمَةٌ، وَالحُقُوقُ الزَّوْجِيَّةُ ... المزيد
الْمُؤْمِنُ الْحَقُّ الَّذِي رَسَخَ إِيمَانُهُ فِي قَلْبِهِ أَيَّامَ الْفِتَنِ وَالْمِحَنِ وَالزَّلَازِلِ يَزْدَادُ إِيمَانًا إِلَىٰ إِيمَانِهِ، وَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ ... المزيد
كُونُوا عَلَى حَذَرٍ شَدِيدٍ مِنْ تَعْطِيلِ شَعِيرَةٍ مِنْ شَعَائِرِ الإِسْلَامِ نَوَّهَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهَا فِي القُرْآنِ العَظِيمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾. وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ... المزيد
هَذَا الدِّينُ الحَنِيفُ يُؤْخَذُ بِالتَّلَقِّي مِنَ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ المُتَحَقِّقِينَ بِالعِلْمِ، لَقَدْ أَخَذَ الصَّحْبُ الكِرَامُ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَخَذَ ... المزيد