99ـ كلمة شهر جمادى الأولى 1436هـ: الخير كل الخير في التعامل مع الله تعالى

99ـ كلمة شهر جمادى الأولى 1436هـ: الخير كل الخير في التعامل مع الله تعالى

 

 99ـ كلمة شهر جمادى الأولى 1436هـ: الخير كل الخير في التعامل مع الله تعالى

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: الخَيْرُ كُلُّ الخَيْرِ في التَّعَامُلِ مَعَ اللهِ تعالى، وقَد خَابَ وخَسِرَ مَن لَمْ يَتَعَامَلْ مَعَ اللهِ تعالى، فَيَا مَن آمَنَ باللهِ تعالى واليَومِ الآخِرِ، تَسَاءَلْ مَعَ نَفْسِكَ هذهِ الأَسْئِلَةَ وخُذِ الجَوَابَ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الصَّادِقِ المَصْدُوقِ.

أولاً: هَل تُرِيدُ دُخُولَ الجَنَّةِ بِغَيرِ حِسَابٍ؟

سَلْ نَفْسَكَ هذا السُّؤَالَ، فإذا جَاءَ الجَوَابُ نَعَم، فَقُلْ لِنَفْسِكَ: اِسْمَعِي حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الشيخان عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفاً بِغَيْرِ حِسَابٍ».

قَالُوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ».

إذاً فَتَوَكَّلْ على اللهِ تعالى.

ثانياً: هَل تُرِيدُ دُخُولَ الجَنَّةِ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

سَلْ نَفْسَكَ هذا السُّؤَالَ، فإذا جَاءَ الجَوَابُ نَعَم، فَقُلْ لِنَفْسِكَ: اِسْمَعِي حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ ـ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ـ».

وفي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ في الأَوسَطِ: «دَخَلتُ أَنَا وَهُوَ الجَنَّةَ».

إذاً فَأَعِلْ جَارِيَتَينِ، وكُنْ مُحَافِظَاً على سَلامَةِ قَلبِكَ، روى الترمذي عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا بُنَيَّ، إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ، يَا بُنَيَّ، وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ».

ثالثاً: هَل تُرِيدُ أن تَكُونَ من الذينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم؟

سَلْ نَفْسَكَ هذا السُّؤَالَ، فإذا جَاءَ الجَوَابُ نَعَم، فَقُلْ لِنَفْسِكَ: اِسْمَعِي حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الإمام أحمد والحاكم عَن مُعَاذٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ فِي سَبِيلِ اللهِ كَتَبَهُ اللهُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ».

رابعاً: هَل تُرِيدُ بَابَاً من أَبوَابِ الجَنَّةِ؟

سَلْ نَفْسَكَ هذا السُّؤَالَ، فإذا جَاءَ الجَوَابُ نَعَم، فَقُلْ لِنَفْسِكَ: اِسْمَعِي حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الإمام أحمد والترمذي عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ أَبَاهُ دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخْدِمُهُ.

قَالَ: فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَلَّيْتُ.

فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ؟».

قُلْتُ: بَلَى.

قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللهِ».

وروى الشيخان عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ.

يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرٍِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ: الضُّحَى، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يُدِيمُونَ عَلَى صَلاةِ الضُّحَى؟ هَذَا بَابُكُمْ فَادْخُلُوهُ بِرَحْمَةِ اللهِ».

إذاً فَأَكْثِرْ من قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللهِ، ومن الصِّيَامِ، وصَلاةُ الضُّحَى دُمْ عَلَيهَا.

خامساً: هَل تُرِيدُ أن تُفتَحَ لَكَ أَبوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ؟

سَلْ نَفْسَكَ هذا السُّؤَالَ، فإذا جَاءَ الجَوَابُ نَعَم، فَقُلْ لِنَفْسِكَ: اِسْمَعِي حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الحاكم عَن أَبِي هُرَيرَةَ ، وَأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُما يَقُولَانِ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى المِنبَرِ فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ» ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ سَكَتَ، فَأَكَبَّ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا يَبْكِي حَزِينَاً لِيَمِينِ رَسُولِ اللِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

ثُمَّ قَالَ: «مَا مِن عَبْدٍ يَأتِي بالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ، وَيَجْتَنِبُ الكَبَائِرَ السَّبْعَ، إلا فُتِحَتْ لَهُ أَبوَابُ الجَنَّةِ يَومَ القِيَامَةِ، حَتَّى أَنَّهَا لَتَصْطَفِقُ».

ثُمَّ تَلَا: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً﴾.

خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: الخُرُوجُ من الدُّنيَا مُحَقَّقٌ، والسَّعِيدُ من خَرَجَ مِنهَا إلى رَحمَةِ اللهِ تعالى وعَفْوِهِ، وكَانَ من أَهلِ الجَنَّةِ، والجَنَّةُ سِلْعَةُ اللهِ تعالى الغَالِيَةُ، فَمَن أَرَادَهَا دَفَعَ الثَّمَنَ لِيَدْخُلَهَا بِفَضْلِ اللهِ ورَحمَتِهِ.

إِلَهِي لَسْتُ لِلفِرْدَوسِ أَهْلاً   ***   ولا أَقْوَى عَلَى نَارِ الجَحِيمِ

فَهَبْ لِي تَـوبَةً واغْفِرْ ذُنُوبِي   ***   فَإِنَّكَ غَافِرُ الذَّنْبِ العَظِيمِ

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 1/جمادى الأولى/1435هـ، الموافق: 20/شباط / 2015م

أخوكم أحمد النعسان

يرجوكم دعوة صالحة

 2015-02-20
 3579
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمة الشهر

24-06-2025 139 مشاهدة
227ـ أجلنا محتوم

وَدَّعْنَا عَامًا هِجْرِيًّا مَضَى مِنْ عُمُرِنَا وَاسْتَقْبَلْنَا عَامًا هِجْرِيًّا جَدِيدًا، لَا نَدْرِي أَيَنْتَهِي فِيهِ أَجَلُنَا أَمْ لَا. عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ الْمَوْتَ حَتْمٌ لَازِمٌ لَا مَنَاصَ مِنْهُ لِكُلِّ ... المزيد

 24-06-2025
 
 139
27-05-2025 203 مشاهدة
226ـ هل من مغتنم؟

هَذِهِ العَشْرُ قَدْ أَقْبَلَتْ، وَأَبْوَابُ التَّنَافُسِ فِيهَا قَدْ فُتِحَتْ، فَهَلْ مِنْ مُنَافِسٍ فِي الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى؟ فَالأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الأَيَّامِ ... المزيد

 27-05-2025
 
 203
30-04-2025 235 مشاهدة
225ـ لا تحزنوا فالله معكم

الإِيمَانُ الحَقِيقِيُّ يُخْرِجُ العَبْدَ مِنَ الشَّدَائِدِ وَالمِحَنِ وَالكُرُوبِ، وَيَجْعَلُهُ فِي حَالَةِ ارْتِبَاطٍ بِاللهِ تَعَالَى وَاليَوْمِ الآخِرِ، الإِيمَانُ هُوَ دِرْعُ وَسِلَاحُ وَمَنَارُ المُؤْمِنِ وَقْتَ الشَّدَائِدِ القَاسِيَةِ، ... المزيد

 30-04-2025
 
 235
06-04-2025 365 مشاهدة
224ـ ما أجمل الأتقياء وأكرمهم

مَا أَجْمَلَ الأَتْقِيَاءَ وَأَكْرَمَهُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، تَآلَفَتْ قُلُوبُهُمْ فِي اللهِ تَعَالَى وَعَلَى طَاعَتِهِ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ ... المزيد

 06-04-2025
 
 365
04-03-2025 413 مشاهدة
223ـ اعتبروا الناس بأعمالهم

مَنْ حُجِبَ عَنِ العِلْمِ عَذَّبَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى جَهْلِهِ، وَأَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ العِلْمُ فَأَدْبَرَ عَنْهُ، وَسَاقَ اللهُ إِلَيْهِ الهُدَى فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ ... المزيد

 04-03-2025
 
 413
08-01-2025 1023 مشاهدة
221ـ نموذجان من المسلمين اليوم

الإِنْسَانُ خُلِقَ لِلْجَنَّةِ، وَالجَنَّةُ خُلِقَتْ لَهُ، وَالجَنَّةُ هِيَ سِلْعَةٌ، وَسِلْعَةُ اللهِ غَالِيَةٌ، وَثَمَنُهَا فِي الدُّنْيَا؛ فَمَا هُوَ ثَمَنُ الجَنَّةِ؟ ثَمَنُ الجَنَّةِ هُوَ العِبَادَةُ للهِ تعالى، وَالإِسْلَامُ عَقَائِدُ ... المزيد

 08-01-2025
 
 1023

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424798696
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :