235ـ مع الحبيب المصطفى:الإصلاح بين الناس مهمة الذين شرفت نفوسهم

235ـ مع الحبيب المصطفى:الإصلاح بين الناس مهمة الذين شرفت نفوسهم

.

مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

235ـ الإصلاح بين الناس مهمة الذين شرفت نفوسهم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد جَعَلَ رَبُّنَا عزَّ وجلَّ عَلاقَةً خَاصَّةً بَيْنَ المُؤْمِنِينَ، ورَابِطَةً سَامِيَةً بَيْنَ المُسْلِمِينَ، فالمُؤْمِنُ أَخُو المُؤْمِنِ، حَيْثُمَا كَانَ، وَأَيَّاً كَانَ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾. ولا رَابِطَةَ أَعْلَى من رَابِطَةِ الإِيمَانِ، ولا وَشِيجَةَ أَقْوَى من وَشِيجَةِ الإِسْلامِ.

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: من هذا المُنْطَلَقِ كَانَتْ لهذهِ الأُخُوَّةِ حُقُوقٌ عَظِيمَةٌ، وَوَاجِبَاتٌ كَرِيمَةٌ، بَيَّنَهَا رَبُّنَا عزَّ وجلَّ في كِتَابِهِ العَظِيمِ، فَقَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرَاً مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرَاً مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرَاً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضَاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتَاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾.

كَمَا بَيَّنَهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا (النَّجَشُ: أَنْ يَمْدَحَ السِّلْعَةَ لِيُنْفِقَهَا وَيُرَوِّجَهَا أَو يَزِيدَ في ثَمَنِهَا) وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانَاً، الْـمُسْلِمُ أَخُو الْـمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا ـ وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْـمُسْلِمِ ، كُلُّ الْـمُسْلِمِ عَلَى الْـمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ﴾:

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: إِنَّ من أَعْظَمِ الوَاجِبَاتِ على المُؤْمِنِ تُجَاهَ إِخْوَانِهِ حِينَ يَجِدُ الشِّقَاقَ والقَطِيعَةَ بَيْنَهُم، أَنْ يَعْمَلَ على تَوْحِيدِ كَلِمَتِهِم، وَجَمْعِ شَمْلِهِم، وَرَأْبِ صَدْعِهِم، وَلَهُ في ذَلَكَ أَجْرٌ عَظِيمٌ لا يَعْلَمُهُ إلا اللهُ تعالى المَوْلَى العَلِيُّ القَدِيرُ، القَائِلُ: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرَاً عَظِيمَاً﴾.

الإِصْلاحُ بَيْنَ النَّاسِ من هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: لَقَد عَرَفْنَا بِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ اللهُ تعالى رَجَاحَةَ العَقْلِ كَمَا لَمْ يُعْطِ أَحَدَاً من العَالَمِينَ، وَقَد ظَهَرَتْ آثَارُ أَرْجَحِيَّةِ عَقْلِهِ الـشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من خِلالِ سِيرَتِهِ العَطِرَةِ، قَبْلَ البِعْثَةِ وَبَعْدَ البِعْثَةِ.

أَمَّا قَبْلَ البِعْثَةِ، فَقَد جَاءَ في الرَّحِيقِ المَخْتُومِ، وَقَبْلَ بِعْثَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ سِنِينَ جَرَفَ مَكَّةَ سَيْلٌ عَرِمٌ، انْحَدَرَ إلى البَيْتِ الحَرَامِ، فَأَوْشَكَتِ الكَعْبَةُ مِنْهُ على الانْهِيَارِ، فَاضْطُرَّتْ قُرَيْشٌ إلى تَجْدِيدِ بِنَائِهَا حِرْصَاً على مَكَانَتِهَا، وَاتَّفَقُوا على أَلَّا يُدْخِلُوا في بِنَائِهَا إلا طَيِّبَاً، فَلا يُدْخِلُونَ فِيهَا مَهْرَ بَغِيٍّ، وَلا بَيْعَ رِبَاً، ولا مَظْلَمَةَ أَحَدٍ من النَّاسِ، وَكَانُوا يَهَابُونَ هَدْمَهَا.

فَابْتَدَأَ بِهَا الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ المَخْزُومِيُّ، فَأَخَذَ المِعْوَلَ وَقَالَ: اللَّهُمَّ لا نُرِيدُ إلا الخَيْرَ، ثمَّ هَدَمَ نَاحِيَةَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَـمَّا لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ تَبِعَهُ النَّاسُ في الهَدْمِ في اليَوْمِ الثَّانِي، وَلَمْ يَزَالُوا في الهَدْمِ حَتَّى وَصَلُوا إلى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ.

ثمَّ أَرَادُوا الأَخْذَ في البِنَاءِ فَجَزَّؤُوا الكَعْبَةَ، وَخَصَّصُوا لِكُلِّ قَبِيلَةٍ جُزْءَاً مِنْهَا.

فَجَمَعَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ حِجَارَةً على حِدَةٍ، وَأَخَذُوا يَبْنُونَهَا، وَتَوَلَّى البِنَاءَ بَنَّاءٌ رُومِيٌّ اسْمُهُ: بَاقُومُ.

وَلَـمَّا بَلَغَ البُنْيَانُ مَوْضِعَ الحَجَرِ الأَسْوَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَمْتَازُ بِشَرَفِ وَضْعِهِ في مَكَانِهِ، وَاسْتَمَرَّ النِّزَاعُ أَرْبَعَ لَيَالٍ أَو خَمْسَاً، وَاشْتَدَّ حَتَّى كَادَ أَن يَتَحَوَّلَ إلى حَرْبٍ ضَرُوسٍ في أَرْضِ الحَرَمِ.

إِلَّا أَنَّ أَبَا أُمَيَّةَ بْنَ المُغِيرَةِ المَخْزُومِيَّ عَرَضَ عَلَيْهِم أَنْ يُحَكِّمُوا فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم أَوَّلَ دَاخِلٍ عَلَيْهِم من بَابِ المَسْجِد؛ فَارْتَضَوْهُ.

وَشَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ هَتَفُوا: هذا الأَمِينُ، رَضِينَاهُ، هذا مُحَمَّدٌ.

فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِم، وَأَخْبَرُوهُ الخَبَرَ، طَلَبَ رِدَاءً، فَوَضَعَ الحَجَرَ وَسَطَهُ، وَطَلَبَ من رُؤَسَاءِ القَبَائِلِ المُتَنَازِعِينَ أَنْ يُمْسِكُوا جَمِيعَاً بِأَطْرَافِ الرِّدَاءِ، وَأَمَرَهُم أَنْ يَرْفَعُوهُ، حَتَّى إِذَا أَوْصَلُوهُ إلى مَوْضِعِهِ أَخَذَهُ بِيَدِهِ فَوَضَعَهُ في مَكَانِهِ، وَهَذَا حَلٌّ حَصِيفٌ رَضِيَ بِهِ القَوْمُ.

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: هَكَذَا دَرَأَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَرْبَ عَن قُرَيْشٍ، بِحِكْمَةٍ لَيْسَ فَوْقَهَا حِكْمَةٌ، وَكَانَتْ مُقَدِّمَةَ دَرْئِهِ للحُرُوبِ والـشُّرُورِ عَن الشُّعُوبِ والأُمَمِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ، بِحِكْمَتِهِ وَتَعَالِيمِهِ، وَرَحْمَتِهِ وَتَلَطُّفِهِ في الأُمُورِ، والإِصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَحْمَةً للعَالَمِينَ، كَمَا كَانَ رَحْمَةً للمُتَخَاصِمِينَ والمُتَحَارِبِينَ.

الإِصْلاحُ بَيْنَ النَّاسِ مَهَمَّةُ الذينَ شَرُفَتْ نُفُوسُهُم:

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: إِنَّ الإِصْلاحَ بَيْنَ النَّاسِ مَهَمَّةُ الذينَ شَرُفَتْ نُفُوسُهُم، وَصَفَتْ أَرْوَاحُهُم، وَعَظُمَ إِيمَانُهُم باللهِ تعالى وباليَوْمِ الآخِرِ، وَكَمُلَ يَقِينُهُم.

مَهَمَّةُ أَصْحَابِ الذَّوْقِ السَّلِيمِ، والطِّبَاعِ المُسْتَقِيمَةِ، مَهَمَّةُ أَصْحَابِ الضَّمَائِرِ الحَيَّةِ.

مَهَمَّةُ أَصْحَابِ النُّبْلِ، الذينَ يَكْرَهُونَ الشَّرَّ، وَيَحْقِنُونَ الخِلافَ عِنْدَ غَيْرِهِم.

مَهَمَّةُ الرِّجَالِ الذينَ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ، لِإِبْطَالِ عَمَلِ شَيَاطِينِ الإِنْسِ والجِنِّ، وَلِإِحْبَاطِ كَيْدِ الكَائِدِينَ الخَائِنِينَ.

مَهَمَّةُ الذينَ يُحِبُّونَ الأُلْفَةَ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَكْرَهُونَ الفُرْقَةَ والفِتَنَ والشُّرُورَ.

مَهَمَّةُ الذينَ يَعْمَلُونَ على حَقْنِ الدِّمَاءِ، وَصِيَانَةِ الأَنْفُسِ، وَحِفْظِ الأَمْوَالِ، وَتَأْلِيفِ القُلُوبِ.

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: هؤلاءِ كَالمَاءِ، الذينَ يُطْفِئُونَ النَّارَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَفْحِلَ شَرُّهَا، هؤلاءِ كَالنُّورِ، الذي يُبَدِّدُ الظَّلامَ قَبْلَ أَنْ يَعُمَّ، هؤلاءِ هُمُ الذينَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمُ اللهُ أَجْرَاً عَظِيمَاً، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرَاً عَظِيمَاً﴾.

خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: رَبُّنَا جَلَّ جَلالُهُ يُنَادِينَا من قُدْسِهِ الأَعْلَى بِقَوْلِهِ: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. وَبِقَوْلِهِ: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾.

وَكَذَلِكَ يُنَادِينَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «الْـمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً» رواه الشيخان عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْـمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» رواه الإمام مسلم عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: جَمِيعُ مَشَاكِلِنَا وَمَشَاكِلِ العَالِمِ اليَوْمَ تَكْمُنُ في إِهْمَالِ هذا المَبْدَأِ القَوِيمِ، الذي عَاشَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ البِعْثَةِ وَبَعْدَ البِعْثَةِ.

فَمَا اشْتَدَّتِ الفِتَنُ، ولا اشْتَعَلَتِ الحُرُوبُ، ولا أُرِيقَتِ الدِّمَاءُ، ولا أُزْهِقَتِ الأَنْفُسُ، ولا بُدِّدَتِ الأَمْوَالُ، ولا قُطِّعَتِ الأَرْحَامُ، ولا خُرِّبَتِ البُيُوتُ، ولا شُرِّدَ الأَطْفَالِ، ولا مُزِّقَتِ الجَمَاعَاتُ، إلا بِسَبَبِ إِهْمَالِنَا الصُّلْحَ والتَّوْفِيقَ بَيْنَ المُتَخَاصِمِينَ، وَبِتَرْكِنَا الشَّرَّ يَنـْتَشِرُ حَتَّى عَمَّ القَرِيبَ والبَعِيدَ، وَقَـضَى على الأَخْضَرِ واليَابِسِ.

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: أَقَلُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ نَفْعَلَهُ في هذهِ الأَزْمَةِ، إِنْ لَمْ نَقْدِرْ على الإِصْلاحِ، أَنْ نَلْتَزِمَ قَوْلَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَلْيُمْسِكْ عَن الشَّرِّ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ» رواه الشيخان عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.

فَيَا مَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ، أَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ ولا تُفْسِدْ، وَفَرِّجِ الكَرْبَ عَن المَكْرُوبِينَ بالإِصْلاحِ، وَاحْقِنِ الدِّمَاءَ بالإِصْلاحِ، وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ على الإِصْلاحِ، فَأَمْسِكْ عَن الشَّرِّ، فَإِمْسَاكُكَ عَن الـشَّرِّ صَدَقَةٌ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا صَالِحِينَ مُصْلِحِينَ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**      **      **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 8/ ربيع الثاني /1437هـ، الموافق: 18/ كانون الثاني/ 2016م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الحبيب المصطفى   

26-06-2019 2353 مشاهدة
316ـ العناية الربانية بالحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى ... المزيد

 26-06-2019
 
 2353
20-06-2019 1401 مشاهدة
315ـ سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 20-06-2019
 
 1401
28-04-2019 1185 مشاهدة
315ـ«لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ»

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1185
28-04-2019 1194 مشاهدة
314ـ في محط العناية

لَقَدِ رَحِمَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1194
21-03-2019 1829 مشاهدة
313- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾

فَعَلَى قَدْرِ التَّحَمُّلِ يَكُونُ الأَدَاءُ، وَبِحَسْبِ الشَّهَادَةِ تَكُونُ المُهِمَّةُ، لِذَلِكَ عَلَّمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِهِ العَظِيمِ مَا لَمْ يَكُنْ ... المزيد

 21-03-2019
 
 1829
13-03-2019 1698 مشاهدة
312- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:«فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ»

وَجَاءَتْ تَارَةً بِمَدْحِ أَهْلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾. وَقَالَ: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا ... المزيد

 13-03-2019
 
 1698

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414538323
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :