20ـ فرائض الوضوء

20ـ فرائض الوضوء

20ـ فرائض الوضوء (1)

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

فَرَائِضُ الوُضُوءِ:

اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ غَسْلَ الوَجْهِ وَاليَدَيْنِ إلى المِرْفَقَيْنِ، وَمَسْحَ الرَّأْسَ، وَغَسْلَ الرِّجْلَيْنِ إلى الكَعْبَيْنِ مِنْ فَرَائِضِ الوُضُوءِ؛ فَفَرَائِضُ الوُضُوءِ المُتَّفَقِ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ:

أولاً: غَسْلُ الوَجْهِ بِكَامِلِهِ:

اتَفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ غَسْلَ الوَجْهِ مَرَّةً مِنْ فَرَائِضِ الوُضُوءِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾.

وروى النسائي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ فَاسْتَنْشَقَ وَمَضْمَضَ مَرَّةً وَاحِدَةً.

وروى البيهقي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ فَاسْتَنْشَقَ وَمَضْمَضَ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَصَبَّ عَلَى وَجْهِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً.

وَأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الوَجْهِ بِكَامِلِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَحَدُّ الوَجْهِ مِنْ مَبْدَأِ سَطْحِ الجَبْهَةِ إلى أَسْفَلِ الذَّقْنِ، وَمَا بَيْنَ شَحْمَتَيِ الأُذُنَيِنِ.

وَمَعْنَى الغَسْلِ: إِسَالَةُ المَاءِ عَلَى العُضْوِ بِحَيْثُ يَتَقَاطَرُ المَاءُ، وَأَقَلُّ التَّقَاطُرِ قَطْرَتَيْنِ.

وَيُفْتَرَضُ غَسْلُ الحَاجِبَيْنِ وَالشَّارِبَيْنِ، شَعْرَاً وَبَشَرَاً، ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً، سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّعْرُ خَفِيفَاً أَو كَانَ كَثِيفَاً.

أَمَّا اللِّحْيَةُ، فَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً تُرَى بَشَرَتُهَا فَيُفْتَرَضُ إِيصَالُ المَاءِ إلى بَشَرَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ كَثِيفَةً لَا تُرَى بَشَرَتُهَا، فَيُفْتَرَضُ غَسْلُ ظَاهِرِهَا، وَلَا يَجِبُ إِيصَالُ المَاءِ إلى بَشَرَتِهَا.

وَالمُسْتَرْسَلُ مِنَ اللِّحْيَةِ الخَارِجُ عَنْ دَائِرَةِ الوَجْهِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى الوَجْهِ، وَيَجِبُ غَسْلُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ في أَصَحِّ القَوْلَيْنِ.

وَلَا يَجِبُ إِيصَالُ المَاءِ إلى مَا انْكَتَمَ مِنَ الشَّفَتَيْنِ عِنْدَ الانْضِمَامِ المُعْتَادِ، لِأَنَّ المُنْضَمَّ تَبَعٌ للفَمِ، كَمَا لَا يَجِبُ إِيصَالُ المَاءِ أَيْضَاً إلى بَاطِنِ العَيْنَيْنِ، وَلَو في الغَسْلِ للضَّرَرِ.

ثانياً: غَسْلُ اليَدَيْنِ إلى المِرْفَقَيْنِ:

اتَفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ غَسْلَ اليَدَيْنِ إلى المِرْفَقَيْنِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الوُضُوءِ، وَفَرْضٌ مِنْ فَرَائِضِهِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾.

وروى الإمام مسلم عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُجْمِرِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ يَدَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ ..... ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ.

وَهَذَا مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الأُمَّةُ.

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى وُجُوبِ غَسْلِ المِرْفَقَيْنِ مَعَ اليَدَيْنِ، لِأَنَّ اليَدَ تَشْمَلُ الكَفَّ، وَالرُّسْغَ، وَالذِّرَاعَ، وَالمِرْفَقَ، وَالعَضُدَ، وَعِنْدَمَا جَاءَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ أَسْقَطَ مَا وَرَاءَهَا.

وروى الدارقطني والبيهقي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَضَّأَ أَدْارَ الْمَاءَ عَلَى مِرْفَقَيْهِ.

وروى الإمام مسلم عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُجْمِرِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ يَدَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ.

ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ.

وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتُمُ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ إِسْباغِ الْوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ».

نَسْأَلُ اللهَ تعالى طَهَارَةَ الظَّاهِرِ وَالبَاطِنِ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُفَقِّهَنَا في الدِّينِ، وَيُعَلِّمَنَا التَّأْوِيلَ، وَيَرْزُقَنَا العَمَلَ بِمَا نَعْلَمُ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 25/ جمادى الأولى /1441هـ، الموافق: 20/كانون الثاني / 2020م

 2020-01-20
 1603
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  الفقه الإسلامي

26-10-2020 1527 مشاهدة
32ـ نواقض الوضوء (1)

النَّوَاقِضُ جَمْعُ نَاقِضٍ أَو نَاقِضَةٍ. يُسْتَعْمَلُ هَذَا اللَّفْظُ في الأَجْسَامِ، وَفي المَعَانِي، فَإِذَا اسْتُعْمِلَ في الأَجْسَامِ فَالمُرَادُ بِهِ: إِبْطَالُ تَأْلِيفِهَا، كَنَقْضِ الحَائِطِ. وَإِذَا اسْتُعْمِلَ في المَعَانِي كَانَ ... المزيد

 26-10-2020
 
 1527
19-10-2020 8795 مشاهدة
31ـ مكروهات الوضوء

مَكْرُوهَاتُ الوُضُوءِ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ نَوْعَانِ، مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا، وَهُوَ مَا كَانَ إلى الحَرَامِ أَقْرَبَ، وَتَرْكُهُ وَاجِبٌ، وَهُوَ المُرَادُ عِنْدَهُمْ حَالَةَ الإِطْلَاقِ. وَمَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا، وَهُوَ مَا كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى ... المزيد

 19-10-2020
 
 8795
12-10-2020 1188 مشاهدة
30ـ الحكم التكليفي وأقسامه

الحُكْمَ التَّكْلِيفِيَّ يَنْقَسِمُ إلى أَنْوَاعٍ خَمْسَةٍ: الأَوَّلُ: الفَرْضُ: هُوَ مَا طَلَبَ الشَّارِعُ فِعْلَهُ مِنَ المُكَلَّفِ طَلَبًا حَتْمًا وَمُلْزِمًا، وَيَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِ الإِتْيَانُ بِهِ، وَيُثَابُ فَاعِلُهُ، وَيُعَاقَبُ ... المزيد

 12-10-2020
 
 1188
05-10-2020 969 مشاهدة
29ـ سنن الوضوء (6)

لَقَدْ تَقَدَّمَ مَعَنَا في الدُّرُوسِ المَاضِيَةِ بَعْضًا مِنْ سُنَنِ الوُضُوءِ، وَهِيَ النِّيَّةُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ التَّسْمِيَةُ، ثُمَّ غَسْلُ اليَدَيْنِ إلى الرُّسْغَيْنِ، ثُمَّ المَضْمَضَةُ، ثُمَّ الاسْتِنْشاقُ، ثُمَّ الاسْتِنْثَارُ، ... المزيد

 05-10-2020
 
 969
22-09-2020 1059 مشاهدة
28ـ سنن الوضوء (5)

قَدْ ذَكَرْنَا في الدُّرُوسِ المَاضِيَةِ بَعْضًا مِنْ سُنَنِ الوُضُوءِ، وَهِيَ النِّيَّةُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ التَّسْمِيَةُ، ثُمَّ غَسْلُ اليَدَيْنِ إلى الرُّسْغَيْنِ، ثُمَّ المَضْمَضَةُ، ثُمَّ الاسْتِنْشاقُ، ثُمَّ الاسْتِنْثَارُ، ... المزيد

 22-09-2020
 
 1059
11-06-2020 1678 مشاهدة
27ـ سنن الوضوء (4)

لَقَدْ ذَكَرْنَا في الدُّرُوسِ المَاضِيَةِ بَعْضًا مِنْ سُنَنِ الوُضُوءِ، وَهِيَ النِّيَّةُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ التَّسْمِيَةُ، ثُمَّ غَسْلُ اليَدَيْنِ إلى الرُّسْغَيْنِ، ثُمَّ المَضْمَضَةُ، ثُمَّ الاسْتِنْشاقُ، ثُمَّ الاسْتِنْثَارُ، ... المزيد

 11-06-2020
 
 1678

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3234
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424599537
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :