18ـ ناولني الذراع
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَيَّدَ اللهُ تعالى بِهَا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ كَانَ فِي مَجْلِسِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِطَعَامٍ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ فَقَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَنُووِلَ ذِرَاعًا، فَأَكَلَهَا.
قَالَ يَحْيَى: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا هَكَذَا ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَنُووِلَ ذِرَاعًا، فَأَكَلَهَا.
ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا هُمَا ذِرَاعَانِ.
فَقَالَ: «وَأَبِيكَ لَوْ سَكَتَّ مَا زِلْتُ أُنَاوَلُ مِنْهَا ذِرَاعًا مَا دَعَوْتُ بِهِ».
وَفِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ لَهُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: صُنِعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ فَأُتِيَ بِهَا فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا رَافِعٍ، نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَنَاوَلْتُهُ؛ فَقَالَ: «يَا أَبَا رَافِعٍ، نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَنَاوَلْتُهُ؛ ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا رَافِعٍ، نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَلْ لِلشَّاةِ إِلَّا ذِرَاعَانِ؟
فَقَالَ: «لَوْ سَكَتَّ لَنَاوَلْتَنِي مِنْهَا مَا دَعَوْتُ بِهِ».
قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الذِّرَاعُ.
وَفِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ لَهُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُهْدِيَتْ لَهُ شَاةٌ فَجَعَلَهَا فِي الْقِدْرِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا أَبَا رَافِعٍ؟».
فَقَالَ: شَاةٌ أُهْدِيَتْ لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَطَبَخْتُهَا فِي الْقِدْرِ.
فَقَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ يَا أَبَا رَافِعٍ».
فَنَاوَلْتُهُ الذِّرَاعَ؛ ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ الْآخَرَ».
فَنَاوَلْتُهُ الذِّرَاعَ الْآخَرَ؛ ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ الْآخَرَ».
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا لِلشَّاةِ ذِرَاعَانِ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَكَتَّ لَنَاوَلْتَنِي ذِرَاعًا، فَذِرَاعًا مَا سَكَتَّ».
ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ فَاهُ وَغَسَلَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِمْ فَوَجَدَ عِنْدَهُمْ لَحْمًا بَارِدًا فَأَكَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً.
وَفي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُصْلِيَ لَهُ شَاةً، فَصَلَيْتُهَا لَهُ.
فَقَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَنَاوَلْتُهُ الذِّرَاعَ؛ ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَنَاوَلْتُهُ الذِّرَاعَ؛ ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَمْ لَهَا مِنْ ذِرَاعٍ؟
فَقَالَ: «أَمَا لَوْ سَكَتَّ لَوَجَدْتَهَا مَا دَعَوْتُكَ».
وَفي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ لَهُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ طَبَخَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قِدْرًا؛ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَاوِلْنِي ذِرَاعًا» وَكَانَ يُعْجِبُهُ الذِّرَاعُ؛ فَنَاوَلْتُهُ الذِّرَاعَ.
ثُمَّ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَنَاوَلْتُهُ الذِّرَاعَ؛ قَالَ: «نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ».
فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَكَمْ لِلشَّاةِ مِنْ ذِرَاعٍ؟
فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ سَكَتَّ لَأَعْطَيْتَنِي أَذْرُعًا مَا دَعَوْتُ بِهِ».
يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الحَدِيثِ الشَّرِيفِ:
1ـ مُسَارَعَةُ اللهِ تعالى لَهُ في هَوَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَإِعْطَاؤُهُ مَا لَمْ تَجْرِ العَادَةُ بِهِ، وَالأَصْلُ في ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾.
وَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَقُولُ أَتَهَبُ المَرْأَةُ نَفْسَهَا؟
فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾. قُلْتُ: مَا أُرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ.
وَيُؤَكِّدُ هَذَا قَوْلُ اللهِ تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.
** ** **
تاريخ الكلمة:
الجمعة: 10/ محرم /1445هـ، الموافق: 28/ تموز / 2023م
ارسل إلى صديق |
مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَيَّدَ بِهَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، سَلَامَتُهُ مِنَ السُّمِّ المُهْلِكِ لِغَيْرِهِ، وَإِعْلَامُ اللهِ تعالى لَهُ أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ، ... المزيد
مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَيَّدَ اللهُ تعالى بِهَا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ... المزيد
مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَيَّدَ اللهُ تعالى بِهَا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُعْجِزَةُ انْكِشَافِ الضَّمَائِرِ النَّفْسِيَّةِ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. ... المزيد
مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَيَّدَ اللهُ تعالى بِهَا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُعْجِزَةُ كَلَامِ الشَّجَرِ وَانْقِيَادِهِ. مَا مِنْ شَيْءٍ في الوُجُودِ إِلَّا وَيَشْهَدُ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ ... المزيد
مِنَ المُعْجِزَاتِ التي أَكْرَمَ اللهُ تعالى بِهَا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ البَرَكَةُ في الطَّعَامِ، حَيْثُ يَكْفِي القَلِيلُ مِنْهُ العَدَدَ الكَبِيرَ، وَمُدَّةً طَوِيلَةً مِنَ الزَّمَنِ؛ ... المزيد
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّا يَوْمَ الخَنْدَقِ نَحْفِرُ، فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاؤُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: هَذِهِ كُدْيَةٌ ... المزيد