3ـ نحو أسرة مسلمة: مقدمة نحو بناء أسرة مسلمة

3ـ نحو أسرة مسلمة: مقدمة نحو بناء أسرة مسلمة

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإني لأرجو الله عز وجل أن يكون هذا اللقاء المبارك حجة لنا لا علينا يوم القيامة. لأنكم تعلمون بأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه) [رواه الترمذي].

واخترت أن يكون هذا اللقاء تحت عنوان: نحو بناء أسرة مسلمة، لأن الأسرة المسلمة هي النواة لبناء المجتمع، ولأن بناء المجتمع لا يكون إلا من خلال الأفراد، والفرد بحد ذاته لا يكوِّن مجتمعاً، إنما من خلال الأسرة يتكون هذا المجتمع، وكلنا يعلم أن الهجمة الشرسة من الغرب على أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام صارت اليوم واضحة جلية علانية نهاراً جهاراً، فقد عجز الغرب عن تكذيب الإسلام، فأرادوا أن يقوضوا بنيان الإسلام من داخله، فتوجهوا إلى الأسرة من أجل أن تتفكك، لأن الأسرة في الغرب متفككة، لا ترابط بينهم، لأن الغرب مهما سما ومهما تقدمت حضارته، فإن هذه الحضارة وهذا التقدم والرقي لا يخدم إلا ظاهر الإنسان، في طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه ومركوبه، ولا شيء غير ذلك. ولكن من الناحية الداخلية الباطنية، الشقاء قائم عندهم، وكلما ازداد الرقي المادي ازدادت نسبة الانتحارات فيهم، ولذلك فمن خلال الإحصائيات: أعلى نسبة للانتحارات هي في أرقى دول العالم، لأنهم خدموا الظاهر ولم يخدموا الباطن.

ولذلك عندما شاهدوا العالم الثالث، شاهدوا المسلمين مع الفقر والتخلف هناك تماسك وترابط وقِيَم، توجهوا لتقويض بنيان هذه الأسرة، من خلال أجهزة الإعلام، ومن خلال غواية المرأة، ومن خلال تجرُّؤ المرأة على التمرد على أحكام الله عز وجل، زاعمين بأنهم يريدون إنصاف المرأة. فماذا يترتب علينا في هذه الحالة؟ يترتب علينا أن نرجع إلى ديننا وشرعنا، لأن وعد الله لا يخلف، {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}، لا يضل في عقله، ولا يشقى في فؤاده، وإذا لم يضل العقل ولم يشق الفؤاد، فهل هناك أحد أسعد من هذا الإنسان؟ والله ولو مع الفقر، ومع الابتلاءات، ومع الأسقام والأوجاع، ببركة الإيمان والاتباع لما أنزل الله عز وجل، يجعل الله في قلب هذا العبد الطمأنينة.

على سبيل المثال: سيدنا عمران بن حصين رضي الله عنه، - ويقال عند ذكره يكون الدعاء مستجاباً، أسأل الله تعالى ببركة سيدنا عمران أن يفرج كروبنا وكرب أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأن يعطي كل واحد منا سؤله فيما يرضيه عنا -. سيدنا عمران الذي اتبع نهج الله عز وجل، لا يضل ولا يشقى، وفي سورة البقرة يقول مولانا عز وجل: {فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}. لا خوف مما هو آت، ولا حزن على ما فات. فهل هناك أحد أسعد من هذا الإنسان، ولذلك كان يقول بعض العارفين: نحن على لذة لو علمتها ملوك الأرض لجالدونا عليها بالسيوف. مع الفقر والمرض، لأنك عندما تعرف من هو المبتلي والمختبر ترضى.

فسيدنا عمران رضي الله عنه، ابتلاه الله بالمرض ثلاثين سنة، حتى صار عظماً في كيس جلد، وهو طريح الفراش، يقول راوي الحديث: وما فارق البشر وجهه والبسمة شفتيه، فدخل عليه أخوه العلاء فبكى، فقال عمران: ما يبكيك يا أخي؟ قال: للحالة التي أنت فيها. قال سيدنا عمران: يا أخي، إن أحبَّه إلى الله أحبُّه إلي. هل يا ترى هذا يوجد في الغرب؟ لا أبداً، بل يوجد في الأسرة المسلمة، لذلك توجه الغرب لتفكيك هذه الأسرة. لذلك وجب علينا أن نرجع إلى شرع الله عز وجل، لنثبت بناء الأسرة، لأنه إذا سلمت الأسرة سلم المجتمع بإذن الله، ولذلك كان منطلق النبي صلى الله عليه وسلم في الإصلاح من الفرد ثم الأسرة ثم المجتمع.

هذا الشرع الذي قال فيه مولانا جل وعلا: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}، وقال: {فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}، أول سمة له كما قال مولانا عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً}. وهل بعد إتمام الله من إتمام، وهل بعد إكمال الله يستطيع أحد أن يستدرك على الله عز وجل.

لذلك عندما نسمع من يقول: إنه ينبغي النظر في شرع الله، لنفكر به قليلاً، ونُحدِّث به، ليماشي الحضارة، نقول له: يا أخي إذا أردت أن تُحَدِّث في هذا الأمر فحَدِّثْ إذا كان من وضع البشر، أما إذا كان هذا الشرع ممن يعلم السر وأخفى، ممن علمُه مطلق، وممن لا يُستدرك عليه أبداً. {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً}. ثم قال مولانا عز وجل: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}. فمع الكراهية سيرضخون للإسلام، لذلك كونوا على ثقة بأن المستقبل لهذا الدين، لأن وعد الله لا يخلف، {ليظهره على الدين كله}، وستجد أهل الكتاب يأخذون بعض التشريعات من دين الله، لا رغبة في الإسلام، إنما لأنهم وجدوا أنه لا علاج إلا من خلال هذه القواعد التي جاء بها الإسلام. لذلك عندما قالوا بداية بمنع التعدد، الآن بدأ الغرب بإقرار التعدد. وقالوا بداية بمنع الطلاق، ثم قالوا في نهاية المطاف لا بد من تشريع الطلاق، وقس على ذلك الكثير من الأمور.

هذا الدين الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، من سماته أنه إذا التزمت الأمة به بقضها وقضيضها من القاعدة إلى القمة، الجميع، كلٌّ على حسب مستواه، وكل على حسب ما آتاه الله عز وجل، ومن خلال الموقع الذي جعله الله عز وجل فيه، إن التزموا هذا الدين، فالنتيجة كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما جاءت قريش إلى عم النبي صلى الله عليه وسلم أبي طالب وهو في مرض الموت، وقالوا: يا أبا طالب إنك منا حيث قد علمت، وقد حضرك ما ترى، وتخوفنا عليك، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك فادعه فخذ لنا منه، وخذ له منا، ليكف عنا ولنكف عنه، وليدعنا وديننا ولندعه ودينه.

فبعث إليه أبو طالب فجاءه فقال: يا بن أخي، هؤلاء أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليعطوك وليأخذوا منك.

طبعاً حضرة النبي الأعظم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أوتي النبوة والفراسة، وألقى الله عز وجل في قلبه النور، وهو المزكي، وهو الذي يعرف كيف يعالج المرضى، ويعرف كيف يقيم الحجة عليهم.

نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا عم، كلمة واحدة تعطونها تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم – ومن يحب الكرسي البرام تنفرج أساريره عند سماع هذه الكلمة، فبكلمة واحدة أصبح سيداً! وبكلمة تدفع الجزية الأعاجم! والأعاجم في ذلك الوقت فارس والروم، كما لو تصورنا أن نقول للمسلمين: إن التزمتم هذه الكلمة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم فبوش سيكون عند أقدامكم ويدفع لكم الجزية، فماذا يقول الناس؟ ما هذا الكلام، هل من المعقول أن تركع أمريكا. رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جُرِّب عليه كذبٌ قط، وهو الذي قال لسيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص: (اكتب، فوالذي بعثني بالحق ما خرج منه إلا حق) [رواه أحمد]، وأشار إلى فمه الشريف صلى الله عليه وسلم. وربنا عز وجل شهد له بذلك فقال: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى}.

سمع أبو جهل هذه الكلمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدغدغت قلبه، فقال: نعم وأبيك وعشر كلمات، يعني: وحياة أبيك أُعطيك عشر كلمات. قال: (تقولون لا إله إلا الله وتخلعون ما تعبدون من دونه). وأبو جهل في حينها يعرف ما معنى كلمة لا إله إلا الله، وإذا قالها فسيلتزم بمضمونها، ليس كعادة بعض المسلمين اليوم، يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم يظن أن قد دخل الجنة والفردوس الأعلى، نقول له: ينبغي العمل بمستلزمات كلمة لا إله إلا الله، لأن إذا لم تعمل بمستلزماتها فهي دعوى فارغة، وكل دعوى إذا لم تكن مقرونة بالبينة والبرهان فهي رد على قائلها.

لذلك عندما سمع أبو جهل هذه الكلمة، صفق القوم بأيديهم وقالوا: يا محمد أتريد أن تجعل الآلهة إلهاً واحداً، إن أمرك لعجب [رواه ابن إسحاق]. وهو في الحقيقة يعرف نفسه أنه يكذب. كما جاء رجل إلى مسيلمة الكذاب، فقال: أتشهد أني رسول الله. فقال الرجل: الله يعلم بأنك تعلم بأني أعلم أنك كذاب.

أبو جهل يعرف أنه في الحقيقة لا إله إلا الله، ولكنهم كفروا، وكلمة الكفر تعني الستر، ويكون الستر على شيء موجود لا على شيء مفقود، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كل مولود يولد على الفطرة) [رواه البخاري]، ولكنه ستر هذه الفطرة بكبره وعناده وقال: أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب. طبعاً هو عندما يقول كلمة لا إله إلا الله سيصير كبقية الناس، وسينظر إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يتميز بين أصحابه، حتى يدخل الرجل ويقول: أيكم محمد؟ وهذا لا يناسب أبا جهل.

هذا الشرع إن التزمت به الأمة بقَضِّها وقضيضها دانت لهم الدنيا، ودانت لهم العرب، ودفعت لهم الجزيةَ الأعاجم، ولكن هل يا ترى الإسلامُ بمجرد الانتماء؟

هل أنت مسلم؟ نعم. تتعامل بالربا؟ لعن الله الشيطان والله مضطرون.

هل أنت مسلم؟ نعم. تأخذ الرشوة؟ الله يلعن الشيطان الرجيم الراتب قليل ونأخذ الرشوة.

هل أنت موظف؟ نعم، متى تذهب إلى الوظيفة؟ الساعة التاسعة أو العاشرة، ومتى تخرج من الوظيفة؟ الساعة الواحدة، والعقد من متى إلى متى؟

هل تصلي؟ الله يهدينا.

هل تؤدي الزكاة؟ إن شاء الله عندما تنفرج الأمور قليلاً نؤدي الزكاة.

هل أنتِ مسلمة؟ نعم. هل تختلطين بالرجال؟ ما هو المانع، هذا نوع من أنواع الحضارة والتقدم.

هل أنتِ مسلمة؟ نعم. لماذا أنت متبرجة؟ هذا شيء وهذا شيء آخر.

هل أنتِ مسلمة ترتادين بيت الله؟ نعم. كيف تأتين إلى المسجد؟ أمر طبيعي كاشفة وجهها، والله عز وجل يقول: {يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}. والمرأة تعرف من وجهها لا من رجلها؟

هل أنتِ مسلمة؟ نعم. هل يبيت زوجك غاضباً عليك؟ طبعاً، {واهجروهن في المضاجع}، هذا صار حقَّ النساء، فهن اللواتي يهجرن.

هل أنتِ مسلمة بهذا؟ أين هذا الإسلام؟ الإسلام الذي تسود به على العرب وتدفع لهم الجزيةَ الأعاجم هو الإسلام العملي، لذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جسد هذا الإسلام تجسيداً عملياً، ولذلك عجزت البشرية أن يجدوا في حياة سيدنا رسول الله تناقضاً بين قوله وفعله، ولذلك وصفته أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها: كان قرآناً يمشي على الأرض صلى الله عليه وسلم.

الصحابة رضي الله عنهم رأوا سيدنا رسول الله جسَّد الإسلام تجسيداً عملياً، فتأثروا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشهد الله عز وجل لهم بقوله جل وعلا: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار} الفقراء والأغنياء من أصحاب سيدنا رسول الله كيف وصفهم الله عز وجل في القرآن؟ {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله – مع فقرهم - أولئك هم الصادقون * والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.

أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربَّاهم رسول الله صلى ا لله عليه وسلم تربية على السلوك وعلى العمل، نحن الآن نفرح بأن يمتلئ المسجد بالرواد، ولو لم يكن هناك تطبيق للإسلام، لأننا أصبحنا نريد الظاهر لا الباطن، وعندما نرى كما قال بعض الصالحين: قرقعة النعال خلف الرجال كم أطاحت من رؤوس، فلا يهمنا، يهمنا الكم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يهمه النوع، ولا يهمه الكم، رجل في ألف رجل، {إن إبراهيم كان أمة} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن معاذاً كان أمة)، رجل بألف رجل، وربما ألف رجل لا يساوون نصف رجل، غثاء كغثاء السيل.

النبي صلى الله عليه وسلم ربَّى بعض الآلاف، دانت لهم الدنيا، كما قال لهم النبي عليه الصلاة والسلام: (دانت لكم العرب ودفعت لكم الجزية الأعاجم). هل تحقق هذا أم لا؟ تحقق عندما ربى نوعاً لا كماً، كما قال الله فيهم: {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}، الآن نجد المسلم إن حدث كذب، وإن وعد أخلف، حتى صار البعض بكل أسف يقول: وعدك وعد غربي أم وعد مسلم؟ فيقول: وعد غربي بكل أسف. وإذا اؤتمن خان، وإن خاصم فجر. هل هذا هو الإنسان المسلم؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم ربى رجالاً بنوعية زلزلوا عرش كسرى وهرقل، وقال هرقل لأبي سفيان: إن صح ما تقول فإن محمداً وأصحابه سيملكون ما تحت قدمي هاتين. لماذا؟ لأن هرقل عرف بأن هذه الشخصية العظيمة ستربي نوعيات، ولذلك ربنا عز وجل وصف أصحاب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بقوله: {كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون}. نحن ننام وقت السحر، عند تنزل الرحمة، تسأل الواحد هل تصلي الفجر؟ يقول: الله يتوب علينا. هل قضيتها؟ يقول: إذا فاتت لا قضاء، والقضاء الذي يتحدث عنه العلماء بدعة!..

لذلك نحن بأمس الحاجة أن نرجع إلى دين الله، وأن يكون البدء من الأسرة. وقد يقول قائل: فساد هذا المجتمع ماذا يصلحه؟ نحن هنا الآن في هذا الدرس، لو أخذنا في كل أسبوع في خطبة جمعة أو في درس حكماً واحداً وطبقناه في بيوتنا، صلح المجتمع، {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}، ما قال: تأكلون وتشربون. إذا دخلت على بنت أخيك ورأيتها في منكر، تلبس بنطالاً ضيقاً، هل تستطيع الكلام معها؟ تقول: لا دخل لي. وإذا دخلت على بيت أختك وابنُك معك، فهل يرى بنت أختك أم لا؟ قال: وهل هو حرام؟ معنى ذلك لا نعرف الأحكام الشرعية بعد.

نحن بأمس الحاجة لأن نتوجه التوجه الصحيح في بناء الأسرة المسلمة، وما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال.

النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى قوم ليسوا كالقوم في هذه الآونة، جاء إلى قوم يعبدون الحجارة والأصنام، عقولهم أشد صلابة من الحجر، ولكن بأخلاقه صلى الله عليه وسلم، وبتجسيده للإسلام تجسيداً عملياً قلب هؤلاء، كما قال ذلك الرجل: جاء النبي صلى الله عليه وسلم فنقل رعاة الإبل إلى رعاة الأمم. {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}، فإذا لم تأمر بالمعروف ولم تنه عن المنكر ضاعت هذه الأمة، وصبت عليها اللعنة لا قدر الله، {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه}.

فلعلنا أيها الإخوة من خلال هذه المقدمة، ونحن نعرف شرع الله عز وجل، كما قال تعالى: {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام}، فالذي يتبع هذا القرآن العظيم يقول فيه مولانا عز وجل: {ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم}. متبع هذا الدين لا يضل ولا يشقى، ولا يخاف ولا يحزن، وهو في عناية الله عز وجل. {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون}.

فلعلنا من بعد هذه المقدمة إن أحيانا الله عز وجل نلتقي لننطلق نحو بناء أسرة مسلمة، راجين المولى جل وعلا أن يكون كل فرد فينا، وكل أسرة من أسرنا حجةً على الآخرين، لأننا الآن في كل شريحة من شرائح المجتمع هناك فئة من الناس حجة على الآخرين، فلتكن أنت وأسرتك حجة على الآخرين، تسكن في حي راقٍ وزوجتك متحجبة سادلة على وجهها وتلبس الكفوف. وأنت من أصحاب التجارة لا تتعامل بالربا ولا تودع أموالك في البنوك الربوية. وأنت من أصحاب المكانة الاجتماعية وأنت وقاف عند حدود الله، وأنت مهما كنت يراك الناس راكعاً ساجداً في بيت الله عز وجل حاضراً مجالس العلم والعلماء. إذاً كنت أنت حجة الله عز وجل على الآخرين.

أسال الله تعالى أن يسعدني وإياكم من خلال اتباع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأقوالنا وأفعالنا وأخلاقنا وأحوالنا، والحمد لله رب العالمين.

**     **     **

 2007-07-29
 2805
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  نحو أسرة مسلمة

28-01-2018 4881 مشاهدة
200ـ نحو أسرة مسلمة: اللَّهُمَّ فهمنيها

لِتَحْقِيقِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِنَا الأُسَرِيَّةِ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَامُلِ مَعَ القُرْآنِ العَظِيمِ تَعَامُلَاً صَحِيحَاً، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتِّلَاوَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ... المزيد

 28-01-2018
 
 4881
21-01-2018 5681 مشاهدة
199ـ نحو أسرة مسلمة :مفتاح سعادتنا بأيدينا

كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا يَوْمَ الحِسَابِ، يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ تعالى، يَوْمَ نَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلَاً، وَكُلَّمَا تَذَكَّرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَعِيمَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ أَهْلِ النَّارِ، ... المزيد

 21-01-2018
 
 5681
14-01-2018 4253 مشاهدة
198ـنحو أسرة مسلمة : بعد كل امتحان ستعلن النتائج

صَلَاحُ أُسَرِنَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ الكَثِيرُ مِنَ الأَزْوَاجِ مِمَّنْ دَخَلَ الدُّنْيَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ لِمَاذَا ... المزيد

 14-01-2018
 
 4253
08-01-2018 4904 مشاهدة
197ـنحو أسرة مسلمة: وصية الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لنا

القُرْآنُ العَظِيمُ الذي أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَاصْطَفَانَا لِوِرَاثَتِهِ هُوَ مَصْدَرُ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَعَلَيْهِ ... المزيد

 08-01-2018
 
 4904
31-12-2017 4921 مشاهدة
196ـ نحو أسرة مسلمة :دمار الأسر بسبب الفسق والفجور

إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ البُيُوتِ، وَكَثْرَةِ الخِلَافَاتِ بَيْنَ الأَزْوَاجِ، المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ، التي تُنَكِّسُ الرُّؤُوسَ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَالتي تُسْلِمُ إلى مُقَاسَاةِ العَذَابِ الأَلِيمِ في الدُّنْيَا قَبْلَ ... المزيد

 31-12-2017
 
 4921
24-12-2017 4736 مشاهدة
195ـنحو أسرة مسلمة : أين بيوتنا من تلاوة القرآن؟

سِرُّ سَعَادَتِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَحَوُّلِنَا مِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ هِدَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَمَاسُكِ أُسَرِنَا ... المزيد

 24-12-2017
 
 4736

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5630
المقالات 3193
المكتبة الصوتية 4861
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 417894533
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :