الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأكمل التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
انتهينا في الدرس الماضي إلى قول الله عز وجل: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}، وذكرنا أن الأيم هو من لا زوج له من الرجال والنساء، وسنستخلص قاعدة ننطلق منها من خلال هذه الآية فنقول: الآمر يجب أن يكون ضامناً، فمن الذي يستطيع من البشر أن يأمر ويضمن النتيجة؟ الجواب: هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط، وأما ما عداه فلا، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (من يضمنْ لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمنْ له الجنة) [رواه البخاري]. حافظ على لسانك وفرجك يضمن لك رسول الله الجنة، رسول الله هو الوحيد من البشر الآمر الضامن، والحقيقة أن الآمر الضامن على الحقيقة إنما هو الله.
ربنا عز وجل يقول: {وأنكحوا} والخطاب لكل المستويات من أعلى القمة إلى أسفلها، {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}.
نأخذ بعض الأمثلة على عجالة: ربنا جل وعلا قال للمؤمنين: {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله} معنى هذا الكلام أننا نحن الذين نفرض الحصار الاقتصادي، وليس هم، نحن نقول لمن يحارب الإسلام ويهددنا بالحصار الاقتصادي: أف لكم ولما تصنعون، نحن نستغني بالله عز وجل، ونحن الذين نرفض بضائعكم، ونحن الذين نحرمكم من بضائعنا، ولكن لما ضعف الإيمان إذا أشير إلينا بالحصار الاقتصادي سلمنا كل شيء، والله عز وجل قال لسيدنا رسول الله: {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} والصحابة كانوا ينتظرون التجار والوفود من أجل الاستيراد والتصدير، فكأن بعضهم بدا في نفسه شيء فقال جل وعلا: {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله} وأغناهم الله من فضله، فإلى الآن بشكل عام وفي الظاهر المشركون لا يدخلون مكة والمدينة، والآن فِكْرُ وثقافة وخيرات العالم تنصب في الحرمين الشريفين، نحن لو جاءنا مليون إنسان لحلب لحسبنا ألف حساب، أين يسكنون؟ ومن أين نأتي بالماء والخبز والتموين وما شابه ذلك؟ والشوارع حدث بدون حرج، إلى آخره، ونجد في الحرمين الشريفين النظافة والطعام والسكن والأمن، فِكْرُ العالم وخلاصة إبداعه يُصبّ في الحرمين الشريفين {يجبى إليه ثمرات كل شيء}. إذاً فالآمر ضامن.
الله عز وجل عندما أرسل سيدنا موسى إلى فرعون قال له: {اذهبا إلى فرعون إنه طغى}، وقال: {لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى}، فهل استطاع فرعون أن يمس سيدنا موسى عليه السلام بأذى، ففرعون يعرف من البداية أن الأمر ليس بيده، {وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني}. فما استطاع أن يمسه بأذى وهو طفل رضيع، فكيف وهو رسول من رسل الله من أولي العزم؟
الله قال لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {بلغ ما أنزل إليك من ربك}، وقال له في موطن آخر: {والله يعصمك من الناس}، ألم يصل إليه اليهودي؟ وأخذ السيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم، فقال اليهودي: من يمنعك مني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: الله، فسقط السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من يمنعك مني؟ قال: كن خير آخذ [رواه البخاري ومسلم وأحمد]. الآمر ضامن.
نعود إلى موضوعنا: الله عز وجل يقول: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} لم لا تزوج ولدك؟ الآن لا تستطيع أن تقول: لا يملك المال، أو البيت، أو رأس المال. ولم لا تزوج بنتك؟ لا تستطيع أن تقول: الخاطب فقير، لأنك مؤمن، والله يقول: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}، إذاً تقيدت بقيد من الله، والحجة قائمة عليك. لو أمرتك أنا وقلت لي: أريد ضماناً لاعتذرت إليك، أما عندما يكون الآمر هو الله، وهو الضامن، فهذا اختبار لك أيها الأب وأيتها الأم وأيها الزوج وأيتها المخطوبة، {إن يكونوا فقراء يغنهم الله}.
سيدنا موسى عليه السلام عندما ورد ماء مدين {وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير} معنى هذا أن المرأة تعمل، ولكن بأدب، لا تعمل إلا للاضطرار ولا تختلط بالرجال {فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} لا يملك في سفره إلا ثيابه والعصا التي يحملها، فأرسل سيدنا شعيب إحدى بناته {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين * قالت إحداهما يا أبت استأجره} انظر إلى المرأة عندما ترى أن مورد الرزق يكفيها تتذكر قول الله عز وجل: {وقرن في بيوتكن} لأن لها مهمة، وخروجها إيذاء للمجتمع إن لم يكن بضرورة {قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين * قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} سيدنا موسى فقير أم غني؟ لم يقل له: غرفة النوم ما هي؟ ولا غرفة الاستقبال، ولا غرفة الجلوس؟ ولا غرفة الطعام؟!
مرة أحد الصالحين دخل إلى بيت رجل عنده غرفة طعام، الغرفة كبيرة، والطاولات من أفخم ما يكون، وكلها مغطاة، فقال الرجل الصالح: هذه الطاولة منذ متى عندك؟ قال: من ثماني سنوات، قال: كم وليمة أقمت عليها؟ قال: ولا وليمة. وغرفة الضيوف في الشهر كم يدخل إليك الضيوف؟ قال: من العيد إلى العيد، أين نعيش نحن أيها الإخوة؟
{قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} ماذا يملك؟ ثوبه الذي عليه، {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} انقلبت بنت سيدنا شعيب ليكون زوجها غنياً ولكن ليس من المال والدراهم، فإذا بزوجها صار رسولاً من أولي العزم من الرسل، ومشى عليه الصلاة والسلام وأوحى الله إليه: {إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى}. تصور لو كان صهرك رجلاً من كبار الدعاة إلى الله؟ ولكن نحن اليوم نفكر: صهري كبير تجار المدينة، أو كبير المهندسين أو الأطباء أو تجار الحديد أو ما شابه ذلك، وهذا الكبير لا يفقه من دين الله شيئاً، فهل أصبح غنياً أم فقيراً؟ {يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه}.
أعيد السؤال: أيها الأب، وأيتها الأم، لِمَ لَمْ تُزَوِّج ولدك وابنتك؟ لم تجعل العقبات؟ والله آمر وهو ضامن، إذاً هناك مشكلة وخلل في إيماننا، ينبغي أن نصححه.
فإذا رأينا الآباء لا يزوجون الأبناء، ولا يزوجون البنات لفقر الخطاب، فالله يقول: {وأنكحوا الأيامى منكم} لمن؟ لك أنت أيها التاجر، يا من يكدس ماله في البنوك الربوية، وهؤلاء الشباب لا يجدون سبيلاً للزواج، والله يقول: {وأنكحوا الأيامى منكم} وأنت والله - وهذا القسم شرعي وأنا مسؤول عنه يوم القيامة - مسؤول عن هؤلاء الشباب يوم القيامة. قال: أنا أؤدي زكاة مالي، أقول: أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن في المال لحقاً سوى الزكاة) [رواه الترمذي والبيهقي والدارقطني والدارمي]؟
حضرت عقد زواج، حسب تقديري أن الحفل يكلف أكثر من خمس مئة ألف ليرة سورية، وعندما خرجنا قلت لأب العريس من باب التحرش: هناك شاب فقير يريد أن يتزوج وعليك أن تساعده وتحمل مصروف زواجه، قال: أنا؟ قلت: نعم، قال: كم تضع له مبلغاً؟ قلت: بمقدار ما كلف حفلك هذا! قال: تخرب بيتي، كلف الحفل أكثر من خمس مئة ألف ليرة، قلت له: ضع على ذوقك. قال: خمسين ألف هل يكفي؟ قلت: ولدك خلقه عند الله أفضل من هذا المخلوق الفقير؟ والله يقول: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة}، ولدك يكلف زواجه مليونين وأكثر، وإذا أردت أن تزوج فقيراً بخمسين ألف يكفي؟ وأنت ربما يكون مصروف ولدك الأعزب خمسين ألف ليرة.
يا تجار أين أنتم من قول الله عز وجل: {وأنكحوا الأيامى منكم} والله الذي لا إله غيره ستسألون عن هذه الآية، ابحثوا في حيكم وفي بلدكم وفي قريتكم عن شاب مسلم تتأجج الشهوة في قلبه تأجج النار، وأنت ميسور الحال، لم لا تزوجه؟ ما أنت قائل لربك؟ تقول: يا رب أنا أزوجه، أضع له مبلغ كذا، ولكن سيكون عنده زوجة وأولاد ولا يزال طالباً من أين سيأتي بالمال؟ يقول لك ربنا عز وجل: قلت لك في القرآن العظيم: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}، وقلت لك: {نحن نرزقهم وإياكم}، واللهِ الحجة قائمة علينا، {لله الحجة البالغة}، وأنت عاجز أن تقيم الحجة على الله.
لذلك أيها الإخوة سيسأل الله الآباء والأمهات، وسيسأل الأغنياء، وسيسأل المسؤولين يوم القيامة، لم لا تزوج الشباب؟ وولي الأمر منزلة بمنزلة الأب، لم لا تقرض قروضاً حسنة؟ وأنت تستطيع أن تسترد مالك إذا امتنع، يسروا الأسباب.
لذلك أيها الآباء، وأيها الأمهات، أدعوكم بدعوة الله، وخاصة في هذه الآونة، لأن أعداء هذه الأمة يحاربوننا من خلال أجهزة الإعلام: كيف يكون الزواج؟ لا تتزوج وأنت في السابعة عشرة أو الثامنة عشرة، وإياك أن تزوج بنتك في الرابعة عشرة، لأنهم لا يفهمون، وأنت ماذا كنت تفعل منذ أربع عشرة سنة؟ ثمانية عشرة سنة لا يفهم؟! متى سيفهم، الصحابة رضي الله عنهم في السابعة عشرة كان الواحد منهم قائد جيش، لماذا ولدك يتقن العمل على الكمبيوتر والإنترنت، ويتكلم باللغات، ويعرف كثيراً من أمور الدنيا، وفي أمور الدين لا يفهم؟ لأننا لا نهتم.
الغرب اليوم يحاربوننا في بث الرذيلة، أناشدكم الله يا آباء ويا أمهات ويا تجار ويا مسؤولين، لا تجعلوا لدعوتهم مرتعاً صالحاً لبث الفساد، وذلك من خلال الزواج، لأن الآمر ضامن، إذا كنت حريصاً على ابنك أن يكون في حالة سكن نفسي، وأن تكون ابنتك كذلك في حالة سكن نفسي، فاسع إلى زواجهما، لأن الذي قال: {وأنكحوا الأيامى منكم} قال لنا: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها} والآية: هي الشيء العظيم الملفت النظر دلالة على قدرة الله وكمالاته وصفاته.
وانتبه أيها الطالب وأيها الموظف وأيها التاجر الذي يرتاد مكتبك النساء، السكن لا يتحقق إلا من خلال الزواج الشرعي، لأن الله تعالى قال: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها} ما قال صديقات، وما قال صاحبات، وما قال خليلات، وما قال زميلات في العمل أو الدراسة، وإنما قال: {من أنفسكم أزواجاً}، وبالتالي: كل لقاء مع أنثى - من غير المحارم طبعاً – من غير طريق الزواج والله الذي لا إله غيره لا يحقق لك سكناً، فيه اضطراب وتشنج، خشية أن يعلم أبوك، أو يعلم أبوها أو أمها.
أيها الإخوة: والله لا يتحقق السكن للمرأة ولا للرجل إلا بالزواج الشرعي، أي لقاء باسم الخلة أو الصحبة أو الصداقة أو التعارف أو الزمالة، أو بين الطبيب والممرضة، أو المهندس والسكرتيرة، لماذا تضع سكرتيرة أو ممرضة؟ يقول: لأجل النساء. نقول: ضع ممرضاً وممرضة، واجعل غرفة الممرضة منفردة، فإذا جاءت إليك امرأة فأدخلها إلى غرفة الممرضة. قال: سأدفع راتبين؟ نقول: تجمع مالاً كثيراً فإذا دفعت لكلٍّ منهما مبلغ عشرة آلاف مثلاً فما الذي يحصل؟ على كلٍّ لا يمكن أن يتحقق السكن إلا عن طريق الزواج، وأكبر دليل على ذلك أن المرأة - حاشا المسلمات الصالحات - إذا حملت بطريق غير مشروع، كيف يكون الحمل؟ وكيف يكون وضعها؟ مرتبكة، وفاعل الفاحشة يقول: أسقطي الحمل، لماذا؟ لا تفضحينا، لماذا؟ ألستم أصحاب وأحباب وخلان؟ وهذا الولد سكن، والولد قرة عين؟ {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} من ليس عنده ولد لديه غصة؟ وهذا الخليل والخليلة إذا حدث حمل يقول: أنزلي الحمل لا تفضحينا، وتحاول وإذا أراد الله أن يفضحها لا ينزل الولد، فإن وضعت الولد تحتار هذه المرأة في أمره، ثم تلقيه على باب المسجد، ولا تلقيه على باب الخمارة، لأنه لا يؤوي هذا الولد إلا أهل التقى والصلاح، ورواد بيت الله عز وجل.
ثم انظر بعد ذلك إلى الزواج بطريق مشروع، إذا حملت المرأة، بعد أيام تجرى التحاليل، فإذا ثبت الحمل رأيت الزغاريد والأفراح، ما الأمر؟ حملت زوجة ابني، يا رب تمم بالخير، ولا يريدون هذه المرأة أن تعمل حتى ترتاح، وتبدأ أم الزوج بخدمة زوجة ابنها. أم أن عندكم خادمات؟ أنا متأكد أنه ليس عندكم خادمات، لأن وجود الخادمات في البيوت ليس من شأن بيوت المسلمين.
اتصلت بي امرأة فقالت: عندنا خادمة ولكن نصرانية فهل يجوز ذلك؟ قلت لها: لماذا لا تأتي بخادم، لأن الرجل أقوى؟ قالت: عفواً أنا امرأة أتكلم ولست رجلاً، قلت: أعرف، ولكن الرجل أقوى وأنشط، قالت: نحن نساء وكيف نُدخل رجلاً علينا، قلت: إذاً أعراض الناس رخيصة عندنا، أن تأتي بنت فلان من أندونيسيا ومن جنوب أفريقيا إلخ لا بأس، ولو رآها الزوج والأولاد، لماذا لأولادك لا بأس أن يدخل النساء؟ والرجال لا يجوز أن يدخلوا عليك؟ {ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون}.
نعود إلى أمر الزوجة التي حملت بطريق مشروع، حيث يأتي الإسلام ليقول لها: أيتها الحامل إذا كان الصوم يضر بالحمل فأفطري، وإذا وضعتِ الحمل وبدأتِ بالإرضاع وكان الصوم يؤثر على الرضيع فأفطري، وإذا جاء المولود اصنعوا عقيقة، وادعوا أهل الزوج وأهل الزوجة وأقيموا احتفالاً، لأنه جاء مولود، فعندما جاء بطريق شرعي كان سكناً وفرحاً وسروراً، وأما إذا كان بطريق غير مشروع؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله.
لذلك ما أنتم قائلون لله يوم القيامة؟ {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} يا أيها الأب: وطن نفسك للسؤال، ويا أيتها الأم: وطني نفسك للسؤال، ويا أيها الغني: وطن نفسك للسؤال، وباختصار شديد: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته) [رواه البخاري ومسلم]، {فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون}، وتتمة الحديث إن أحيانا الله عز وجل في الدرس القادم، والحمد لله رب العالمين.
سؤال: الكثير من الناس من ينظر إلى الفوارق الاجتماعية.
الجواب: الأصل قول الله عز وجل: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} ومن جملة ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) [رواه الترمذي] ما قال: وشهادته وعائلته وكمالاته، وطبعاً إذا أتاك صاحب الدين والخلق والنسب والمكانة إلخ فيكون أفضل، ولكن إن لم يأت إلا صاحب دين وخلق وبقية الصفات غير موجودة، فزوجوه. وخاصة إذا كانت البنت بالغة عاقلة راشدة فيجب عليك أن تعرض عليها الأمر، فإن رفضت فمن حقها، ويستحب للأب أن يعرض الأمر على ابنته دون إكراه وإجبار، فإن رضيت، نظر الأب، فإن كان هذا الرجل صاحب دين وخلق فينبغي عليه أن يزوج، أما إذا جاء صاحب دين وخلق، وكانت مرتبته الاجتماعية أقل من مرتبة الفتاة فاعتذرت الفتاة فهذا من حقها، لأن صاحبة الدين والخلق تخشى على نفسها من الاستعلاء على زوجها، وتخاف أن تقع في العصيان، فتعتذر، ليس لقلة شأنه، وإنما خوفاً من الله عز وجل ألا تقوم بحقه، ولذلك جاءت امرأة سيدنا ثابت بن قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتردين عليه حديقته؟) قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة) [رواه البخاري] وقولها: أكره الكفر في الإسلام يعني أن تكفر بالمعروف والإحسان، ولا تستطيع أن تقوم بحق زوجها، فطلبت الطلاق حتى لا تقع في معصية الله عز وجل، فهذا من حقها. هذا، والله تعالى أعلم.
اضافة تعليق |
ارسل إلى صديق |
لِتَحْقِيقِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِنَا الأُسَرِيَّةِ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَامُلِ مَعَ القُرْآنِ العَظِيمِ تَعَامُلَاً صَحِيحَاً، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتِّلَاوَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ... المزيد
كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا يَوْمَ الحِسَابِ، يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ تعالى، يَوْمَ نَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلَاً، وَكُلَّمَا تَذَكَّرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَعِيمَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ أَهْلِ النَّارِ، ... المزيد
صَلَاحُ أُسَرِنَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ الكَثِيرُ مِنَ الأَزْوَاجِ مِمَّنْ دَخَلَ الدُّنْيَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ لِمَاذَا ... المزيد
القُرْآنُ العَظِيمُ الذي أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَاصْطَفَانَا لِوِرَاثَتِهِ هُوَ مَصْدَرُ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَعَلَيْهِ ... المزيد
إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ البُيُوتِ، وَكَثْرَةِ الخِلَافَاتِ بَيْنَ الأَزْوَاجِ، المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ، التي تُنَكِّسُ الرُّؤُوسَ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَالتي تُسْلِمُ إلى مُقَاسَاةِ العَذَابِ الأَلِيمِ في الدُّنْيَا قَبْلَ ... المزيد
سِرُّ سَعَادَتِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَحَوُّلِنَا مِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ هِدَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَمَاسُكِ أُسَرِنَا ... المزيد