95ـ مع الحبيب المصطفى: «أعطيت مفاتيح الشام»

95ـ مع الحبيب المصطفى: «أعطيت مفاتيح الشام»

 

 مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

95ـ «أعطيت مفاتيح الشام»

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: لقد كانَت غَزوَةُ الخَندَقِ أكبَرَ المَعارِكِ أثَراً في اهتِزازِ المَواقِفِ، واختِبارِ السَّرائِرِ، وظُهورِ نَفائِسِ القُدوَةِ بِسَيِّدِنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ومن الحِكَمِ البَالِغَةِ في القُرآنِ العَظيمِ أن جاءَ في سِياقِ سُورَةِ الأحزابِ قَولُهُ تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً﴾. وهذهِ إشارَةٌ واضِحَةٌ إلى المُستَوى التَّربَوِيِّ الذي وَصَلَت إلَيهِ هذهِ القُدوَةُ في هذهِ المَلحَمَةِ.

جاءَ في مَغازي الواقدي: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَتَنَاوَبُونَ بَيْنَهُمْ، فَيَغْدُو أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فِي أَصْحَابِهِ يَوْماً، وَيَغْدُو هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ يَوْماً، وَيَغْدُو عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ يَوْماً، وَضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْماً، فَلَا يَزَالُونَ يُجِيلُونَ خَيْلَهُمْ مَا بَيْنَ الْمَذَادِ إلَى رَاتِجٍ، وَهُمْ فِي نَشَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِمْ يَتَفَرَّقُونَ مَرَّةً وَيَجْتَمِعُونَ أُخْرَى، حَتَّى عَظُمَ الْبَلَاءُ وَخَافَ النَّاسُ خَوْفاً شَدِيداً. رَاتِجٍ: أطمَةٌ من آطامِ المدينة لأُناسٍ من اليهُودِ.

وجاءَ في مَغازي الواقدي أيضاً: قالَت أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنها: قَدْ شَهِدْتُ مَعَهُ ـ أي: معَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ مَشَاهِدَ فِيهَا قِتَالٌ وَخَوْفٌ، الْمُرَيْسِيعَ، وَخَيْبَرَ، وَكُنَّا بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَفِي الْفَتْحِ، وُحَنَيْنٍ، لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ أَتْعَبُ لِرَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَخْوَفُ عِنْدَنَا مِن الْخَنْدَقِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا فِي مِثْلِ الْحَرَجَةِ، وَأَنَّ قُرَيْظَةَ لَا نَأْمَنُهَا عَلَى الذَّرَارِيِّ، وَالْمَدِينَةُ تُحْرَسُ حَتَّى الصَّبَاحِ، يُسْمَعُ تَكْبِيرُ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا حَتَّى يُصْبِحُوا خَوْفاً، حَتَّى رَدَّهُمُ اللهُ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً.

هكذا يَكونُ مَوقِفُ المُسلِمِ في الشَّدائِدِ والأزَماتِ:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد كُلِّفَتِ الأُمَّةُ بالاقتِداءِ بِسَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَولِهِ تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً﴾. وبالاقتِداءِ بأصحابِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم بِقَولِهِ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم﴾. ونَحنُ في هذهِ الأزمَةِ بأمَسِّ الحاجَةِ لِقُدوَةٍ صَالِحَةٍ نَقتَدي بها حتَّى نَجِدَ السَّكينَةَ والطُّمَأنينَةَ.

وخَيرُ قُدوَةٍ لنا هوَ الحَبيبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وأصحابِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم، فماذا كانَ مَوقِفُ الحَبيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وأصحابِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم؟ وكَيفَ تَعامَلَ الصَّحبُ الكِرامُ رَضِيَ اللهُ عنهُم في لَحَظاتِ يَومِ الخَندَقِ؟

أولاً: تَمَسَّكوا بإيمانِهِم:

أيُّها الإخوة الكرام: أصحابُ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَابَلوا لَحَظاتِ الشِّدَّةِ والأزمَةِ بإيمانٍ راسِخٍ لا يَتَزَعزَعُ، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً﴾.

إنَّهُ مَوقِفُ الثَّباتِ والتَّسليمِ المُطلَقِ والثِّقَةِ فيما عِندَ الله تعالى، إنَّهُ مَوقِفُ الشُّموخِ، لأنَّهُم يأوونَ إلى رُكنٍ شَديدٍ من إيمانٍ وثِقَةٍ بالله عزَّ وجلَّ، إنَّهُ مَوقِفُ السَّكينَةِ والطُّمَأنينَةِ ساعاتِ الأزَماتِ لَيسَ فيها تَراجُعٌ وتَقَهقُرٌ وانتِكاسٌ، إنَّهُ مَوقِفُ التَّوَكُّلِ على الله تعالى، قال تعالى حِكايَةً عن أهلِ التَّوَكُّلِ: ﴿وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى الله وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُون﴾.

إنَّهُ مَوقِفُ الواثِقِ بِقَولِ الله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُم﴾. وبِقَولِ الله تعالى: ﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون﴾. وبقولِهِ تعالى: ﴿فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام﴾.

ثانياً: عَرَفوا لماذا خُلِقوا؟

أيُّها الإخوة الكرام: لقد عَرَفَ الصَّحبُ الكِرامُ رَضِيَ اللهُ عنهُم لماذا خُلِقوا؟ لقد عَرَفوا قَولَ الله تعالى: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُون * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين﴾. عَرَفوا دَوْرَهُم في هذهِ الحَياةِ الدُّنيا من خِلالِ قَولِ الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُون﴾. ومن العِبادَةِ الصَّبْرُ والثَّباتُ في الشَّدائِدِ.

وعَرَفوا أنَّ هذا الكَونَ كُلَّهُ مُسَيَّرٌ بأمرِ الله تعالى، وأنَّهُ لا يَنْفُذُ فيهِ شَيءٌ إلا بِقَضاءِ الله عزَّ وجلَّ، وأنَّهُ لا يُغَيِّرُ ولا يُدَبِّرُ شَيئاً في هذا الكَونِ إلا اللهُ، لذلكَ كانَت نُفوسُهُم مُستَقِرَّةً، وقُلوبُهُم مُطمَئِنَّةً، فما انقَلَبوا على أعقابِهِم كَشَأنِ أهل الجَزَعِ والخَورِ الذينَ يَعبُدُونَ اللهَ تعالى على حَرفٍ وحَالَةٍ وَاحِدَةٍ، قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِين﴾.

ثالثاً: «والذي نَفسي بِيَدِهِ لَيُفَرَّجَنَ عَنكُم»:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد كانَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُعطي صَحبَهُ الكِرامَ الجَرَعاتِ الإيمانِيَّةَ في الأزَماتِ والشَّدائِدِ، والتي نَحنُ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلَيها.

في وَسَطِ أزمَةِ غَزوَةِ الأحزابِ وَقَفَ مُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ المُنَافِقُ لِيَقولَ للصَّحبِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم: ألا تَعجَبونَ من مُحَمَّدٍ! يَعِدُنا أن نَطوفَ بالبَيتِ العَتيقِ، وأن نأكُلَ كُنوزَ كِسرى وقَيصَرَ، ونَحنُ هاهُنا لا يَأمَنُ أحَدُنا أن يَذهَبَ إلى الغَائِطِ، والله ما يَعِدُنا إلا غُروراً.

وهذا مُنافِقٌ آخرُ اسمُهُ أَوْسُ بْنُ قَيْظِي يقول: يا رَسولَ الله، ائذن لنا فإنَّ بُيوتَنا عَورَةٌ.

وقالَ آخَرونَ من المُنافِقِينَ: يا أهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم فارجِعوا.

فَلَمَّا رَأى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ما بالنَّاسِ من بَلاءٍ وكَربٍ جَعَلَ يُبَشِّرُهُم ويَقولُ: «والذي نَفسي بِيَدِهِ لَيُفَرَّجَنَّ عَنكُم ما تَرَونَ من الشِّدَّةِ والبَلاءِ، فإنِّي لَأرجو أن أطوفَ بالبَيتِ العَتيقِ آمِناً، وأن يَدفَعَ اللهُ عزَّ وجلَّ إليَّ مَفَاتيحَ الكَعبَةِ، ولَيُهلِكَنَّ اللهُ كِسرى وقَيصَرَ، ولَتُنْفَقَنَّ كُنوزُهُما في سَبيلِ الله» رواه البيهقي.

رابعاً: «أُعطيتُ مَفاتيحَ الشَّامِ»:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد كانَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُعَيِّشُ المُؤمِنينَ بالأمَلِ وهُم في وَسَطِ الألَمِ، وما ذاكَ إلا لِثَقَتِهِ بالله تعالى بأنَّ الشَّدائِدَ لا تَدومُ.

روى الإمام البخاري عن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ، فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ.

فَجَاءُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ.

فَقَالَ: «أَنَا نَازِلٌ».

ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا نَذُوقُ ذَوَاقاً؛ فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ، فَعَادَ كَثِيباً أَهْيَلَ ـ أَوْ أَهْيَمَ ـ أي: صارَ رَملاً لا يَتَماسَكُ.

وفي روايَةٍ للإمام أحمد عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، وَعَرَضَ لَنَا صَخْرَةٌ فِي مَكَانٍ مِن الخَنْدَقِ لَا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَجَاءَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ عَوْفٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَضَعَ ثَوْبَهُ ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الصَّخْرَةِ ـ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَقَالَ: «بِسْمِ الله» فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ؛ وَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، والله إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا».

ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ الله» وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ؛ فَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، والله إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا».

ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ الله» وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، والله إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا».

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: الصَّبْرُ واليَقينُ والثِّقَةُ بالله تعالى هوَ مِنْهَجُ الأنبِياءِ والمُرسَلينَ في الأزَماتِ والشَّدائِدِ، ورَبُّنا عزَّ وجلَّ يُخاطِبُ سَيِّدَنا مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَولِهِ: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهَ حَقٌّ﴾.

أيُّها الإخوة الكرام: كونوا على يَقينٍ بأنَّ الصَّبْرَ لا يَدومُ، والثَّباتَ لا يَستَمِرُّ إلا عِندَما يَكونُ القَلبُ مَوصولاً بالله تعالى، والثِّقَةُ عَظيمَةً في كَشفِ الله تعالى هذه الغُمَّةَ، واليَقينُ الذي لا يَعتَريهِ شَكٌّ في وَعْدِ الله تعالى الذي لا يُخلَفُ، هكذا كانَ أصحابُ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الشَّدائِدِ والأزَماتِ، صَبرٌ وثِقَةٌ باللهِ تعالى ويَقِينٌ لا يَعتَرِيهِ شَكٌّ.

أسألُ اللهَ تعالى إيماناً يُباشِرُ قُلوبَنا، ويَقيناً صَادِقاً حتَّى نَعلَمَ أنَّهُ لن يُصيبَنا إلا ما كَتَبَ اللهُ لنا. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 9/صفر/1435هـ، الموافق: 12/كانون الأول / 2013م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الحبيب المصطفى   

26-06-2019 2341 مشاهدة
316ـ العناية الربانية بالحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى ... المزيد

 26-06-2019
 
 2341
20-06-2019 1388 مشاهدة
315ـ سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 20-06-2019
 
 1388
28-04-2019 1171 مشاهدة
315ـ«لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ»

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1171
28-04-2019 1183 مشاهدة
314ـ في محط العناية

لَقَدِ رَحِمَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1183
21-03-2019 1800 مشاهدة
313- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾

فَعَلَى قَدْرِ التَّحَمُّلِ يَكُونُ الأَدَاءُ، وَبِحَسْبِ الشَّهَادَةِ تَكُونُ المُهِمَّةُ، لِذَلِكَ عَلَّمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِهِ العَظِيمِ مَا لَمْ يَكُنْ ... المزيد

 21-03-2019
 
 1800
13-03-2019 1675 مشاهدة
312- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:«فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ»

وَجَاءَتْ تَارَةً بِمَدْحِ أَهْلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾. وَقَالَ: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا ... المزيد

 13-03-2019
 
 1675

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413899076
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :