50ـ عالم الحشر

50ـ عالم الحشر

50ـ عالم الحشر

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ سَيِّدِي الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ في كِتَابِهِ (الإِيمَانِ بِعَوَالِمِ الآخِرَةِ وَمَوَاقِفِهَا):

عَالَمُ الحَشْرِ:

الحَشْرُ في لُغَةِ العَرَبِ مَعْنَاهُ الجَمْعُ، وَالمُرَادُ بِالحَشْرِ جَمْعُ الخَلَائِقِ كُلِّهِمْ إلى المَوْقِفِ بَعْدَ بَعْثِهِمْ وَإِخْرَاجِهِمْ مِنْ بَطْنِ الأَرْضِ.

قَالَ اللهُ تعالى: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾. أَيْ: فَلَمْ نَتْرُكْ مِنْهُمْ وَاحِدًا، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ تعالى يُسَيِّرُ فِيهِ الجِبَالَ بَعْدَمَا كَانَتْ ثَابِتَةً رَاسِخَةً في أَمَاكِنِهَا، وَإِذَا بِهَا طَرَأَتْ عَلَيْهَا حَالَةٌ أَنَّهَا سُيِّرَتْ فَكَانَتْ سَرَابًا، وَهَذِهِ الحَالَةُ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ الأَحْوَالِ التي ذَكَرَهَا اللهُ تعالى عَنِ الجِبَالِ يَوْمَ القِيَامَةِ.

قَالَ العَلَّامَةُ الفَخْرُ الرَّازِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: إِنَّ اللهَ تعالى ذَكَرَ أَحْوَالَ الجِبَالِ بِوُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ ـ أَيْ: يَوْمَ القِيَامَةِ ـ وَيُمْكِنُ الجَمْعُ بَيْنَهَا بِأَنْ نَقُولَ:

أَوَّلُ أَحْوَالِهَا: الانْدِكَاكُ، وَهُوَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً﴾. أَيْ: مُسِحَتِ الأَرْضُ وَجِبَالُهَا وَدُقَّ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.

وَالحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهَا تَصِيرُ كَالعِهْنِ المَنْفُوشِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾. أَيْ: تَصِيرُ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ صُلْبَةً تَصِيرُ كَالصُّوفِ المَنْدُوفِ.

وَالحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تَصِيرَ كَالهَبَاءِ المُنْبَثِّ في الهَوَاءِ، قَالَ تعالى: ﴿وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا﴾. أَيْ: فُتِّتَتْ حَتَّى صَارَتْ كَالدَّقِيقِ المَبْسُوسِ، أَيْ: المَبْلُولِ.

وَالحَالَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ تَنْسِفَهَا الرِّيَاحُ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ، فَتُطَيِّرَهَا في الهَوَاءِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا﴾.

وَالحَالَةُ الخَامِسَةُ: أَنْ تَصِيرَ سَرَابًا، أَيْ: لَا شَيْءَ، كَمَا يُرَى السَّرَابُ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا﴾.

وَقَالَ اللهُ تعالى: ﴿وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ﴾.

وَهَذَا المُنَادِي هُوَ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّهُ يُنَادِي في الأَمْوَاتِ بِأَمْرٍ مِنَ اللهِ تعالى، مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ مِنْ ذَاتِهِمْ وَجَمِيعِ ذَرَّاتِهِمْ قَائِلًا: يَا أَيَّتُهَا العِظَامُ البَالِيَةُ، وَالأَوْصَالُ المُتَقَطِّعَةُ، وَاللُّحُومُ المُتَمَزِّقَةُ، وَالشُّعُورُ المُتَفَرِّقَةُ، إِنَّ اللهَ تعالى يَأْمُرُكُنَّ أَنْ تَجْتَمِعْنَ لِفَصْلِ القَضَاءِ.

وَفي هَذَا يَقُولُ سُبْحَانَهُ: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ﴾ أَيْ: القُبُورِ ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ * مُهْطِعِينَ﴾ أَيْ: مُسْرِعِينَ ﴿إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾.

ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ﴾ وَتِلْكَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ التي يَكُونُ بِهَا الإِحْيَاءُ ﴿ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ مِنَ القُبُورِ ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ﴾  أَيْ: لَا شَرِيكَ لَنَا في ذَلِكَ ﴿وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ﴾ مَصِيرُ العَالَمِ، وَرُجُوعُ الخَلَائِقِ إِلَيْنَا، لِأَجْلِ الحِسَابِ وَالجَزَاءِ ﴿يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ﴾ وَالمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ القُبُورِ مُسْرِعِينَ إلى المَحْشَرِ.

وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ هُوَ السَّيِّدُ الأَكْرَمُ وَالحَبِيبُ المُعَظَّمُ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي خُصَّ بِالأَوَّلِيَّاتِ في جَمِيعِ العَوَالِمِ.

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ».

وَإِنَّمَا ذَكَرَ سِيَادَتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ القِيَامَةِ، مَعَ أَنَّهُ هُوَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ في كُلِّ العَوَالِمِ، ذَلِكَ لِأَنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ، فَتَظْهَرُ فِيهِ سِيَادَتُهُ لِكُلِّ امْرِئٍ عِيَانًا بِلَا إِنْكَارِ مُنْكِرٍ، فَلَا يُنَافِي هَذَا أَنَّ سِيَادَتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ثَابِتَةٌ في الدُّنْيَا وَفي جَمِيعِ العَوَالِمِ.

وَأَطْلَقَ في الوَصْفِ بِذَلِكَ ـ أَيْ: بِسِيَادَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَلَدَ آدَمَ ـ لِإِفَادَةِ العُمُومِ لِأُولِي العَزْمِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَتَخْصِيصُ وَلَدِ آدَمَ لَيْسَ للاحْتِرَازِ إِذْ هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ حَتَّى مِنْ خَوَاصِّ المَلَائِكَةِ إِجْمَاعًا، كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ المُحَقِّقُونَ العُلَمَاءُ.

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمُ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَلَا فَخْرَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَيْ: هُوَ يَقُولُ ذَلِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شُكْرًا لَا فَخْرًا، بَلْ شُكْرًا للهِ تعالى، وَتَحَدُّثًا بِنِعْمَتِهِ، وَإِعْلَامًا للأُمَّةِ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ تَبْلِيغُهُ، لِيَعْتَقِدُوا فَضْلَهُ عَلَى مَنْ سِوَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ آتِي أَهْلَ البَقِيعِ فَيُحْشَرُونَ مَعِي، ثُمَّ أَنْتَظِرُ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى أُحْشَرَ بَيْنَ الحَرَمَيْنِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 27/ محرم /1444هـ، الموافق: 25/ آب / 2022م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  الإيمان بعوالم الآخرة ومواقفها

19-09-2024 50 مشاهدة
64ـ عما ورد من نسبة الذنوب للأنبياء عليهم الصلاة والسلام (2)

وَأَمَّا مَا وَرَدَ في حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ مِنِ اعْتِذَارِ الخَلِيلِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِسَبَبِ الكَذَبَاتِ، فَإِنَّمَا هِيَ كَذَبَاتٌ صُورَةً لَا حَقِيقَةً، لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ المَعَارِيضِ، وَقَدْ جَاءَ ... المزيد

 19-09-2024
 
 50
10-09-2024 57 مشاهدة
63ـ عما ورد من نسبة الذنوب للأنبياء عليهم الصلاة والسلام

يَقُولُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ سَيِّدِي الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ في كِتَابِهِ (الإِيمَانِ بِعَوَالِمِ الآخِرَةِ وَمَوَاقِفِهَا): الوَجْهُ الثَّانِي: في الجَوَابِ عَمَّا وَرَدَ مِنْ نِسْبَةِ الذُّنُوبِ للأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ ... المزيد

 10-09-2024
 
 57
15-08-2024 112 مشاهدة
62ـ حول أحاديث الشفاعة

أَوَّلًا: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فِيهِ إِعْلَانٌ بِمَقَامِ سِيَادَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَإِعْلَامٌ لِجَمِيعِ ... المزيد

 15-08-2024
 
 112
25-07-2024 165 مشاهدة
61ـ الشفاعة وأنواعها

الشَّفَاعَةُ كَمَا قَالَ الحَافِظُ الزَّرْقَانِيُّ: هِيَ انْضِمَامُ الأَدْنَى ـ أَيْ: لُجُوءُهُ وَقَصْدُهُ ـ إلى الأَعْلَى، لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى مَا يَرُومُهُ، أَيْ: في جَلْبِ مَنْفَعَةٍ، أَو دَفْعِ مَضَرَّةٍ عَنِ المَشْفُوعِ بِهِ. وَالشَّفَاعَةُ ... المزيد

 25-07-2024
 
 165
11-01-2024 340 مشاهدة
60ـ يستقبل أمته على الحوض

سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْتَقْبِلُ أُمَّتَهُ عَلَى الحَوْضِ وَيَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ: ... المزيد

 11-01-2024
 
 340
29-12-2023 384 مشاهدة
59ـ ينتظر الواردين من أمته

رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى المَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المِنْبَرِ، ... المزيد

 29-12-2023
 
 384

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5630
المقالات 3193
المكتبة الصوتية 4860
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 417746509
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :