212ـ كيف تستقبل العيد أنت؟

212ـ كيف تستقبل العيد أنت؟

كلمة شهر شوال 1445

212ـ كيف تستقبل العيد أنت؟

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَا هُوَ يَوْمُ العِيدِ قَدْ جَاءَ بَعْدَ طَاعَةٍ عَظِيمَةٍ، بَعْدَ رُكْنٍ عَظِيمٍ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، كَيْفَ لَا يَأْتِي يَوْمُ عِيدٍ بَعْدَ انْتِهَاءِ شَهْرٍ عَظِيمٍ مُبَارَكٍ أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ، الذي هُوَ سِرُّ سَعَادَتِنَا؟

لَقَدْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللهِ تعالى عَلَيْنَا، وَعَظُمَ فَضْلُهُ، فَنِعَمُهُ تَتْرَى لَا تَتَوَقَّفُ وَلَا تَنْتَهِي، بَلْ في كُلِّ لَحْظَةٍ عَطَاءٌ جَدِيدٌ مِنْ فَضْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى ـ نَسْأَلُكَ يَا رَبَّنَا أَنْ تَرْزُقَنَا حَقَّ الحَيَاءِ مِنْكَ. آمين ـ.

كَيْفَ تَسْتَقْبِلُ العِيدَ؟

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: اسْتِقْبَالُ الأُمَّةِ لِلْعِيدِ مُتَبَايِنٌ.

مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَقْبِلُ العِيدَ بِالإِخْبَاتِ وَالشُّكْرِ للهِ تعالى، وَصِلَةِ مَا أَمَرَ اللهُ تعالى بِهِ أَنْ يُوصَلَ، مِنْ رَحِمٍ، وَبِرٍّ بالوَالِدَيْنِ، وَالإِحْسَانِ لِمَنْ أَسَاءَ، وَالتَّحَلِّي بِالأَخْلَاقِ السَّامِيَةِ، وَالنُّطْقِ بِأَحْسَنِ القَوْلِ، وَالحِرْصِ عَلَى الطَّاعَاتِ التي اكْتَسَبَهَا في شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ، وَيَكُونُ حَرِيصًا عَلَى تَزْكِيَةِ نَفْسِهِ بَعْدَ رَمَضَانَ حَتَّى لَا يَقَعَ في العُجْبِ وَالغُرُورِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَقْبِلُ العِيدَ بِالمَعَاصِي وَالآثَامِ وَالمُنْكَرَاتِ، وَاخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ، مَعَ الغِنَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ وَالهَمْزِ وَاللَّمْزِ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى؛ هَذَا الصِّنْفُ يَسْتَقْبِلُ العِيدَ بِهَذَا الشَّكْلِ مِنْ مُنْطَلَقِ أَنَّ المَعْصِيَةَ تَجُرُّ أُخْتَهَا، بَلْ أَخَوَاتِهَا مِنَ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ، فَلَو صَامَ هَذَا الصِّنْفُ وَصَلَّى لَمَا فَعَلَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الصِّيَامَ وَالصَّلَاةَ لَهُمَا الأَثَرُ في حَيَاتِهِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَقْبِلُ يَوْمَ العِيدِ بِنَقْضِ مَا اجْتَهَدَ فِيهِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالقُربَاتِ بِارْتكَابِ المُخَالَفَاتِ، وَهَذَا يَكُونُ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ.

هَذَا الصِّنْفُ يَرْجِعُ إلى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ، وَلَا أَدْرِي لِمَاذَا اجْتَهَدَ في الطَّاعَاتِ في شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ نَقَضَ غَزْلَهُ؟ لِمَاذَا بَنَى ثُمَّ هَدَمَ؟

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَقْبِلُ العِيدَ بِالمَظَاهِرِ الزَّائِفَةِ، وَعَدَمِ الاكْتِرَاثِ بِالثَّوَابِ وَالعِقَابِ، وَعَدَمِ الاكْتِرَاثِ بِمُحْبِطَاتِ الطَّاعَاتِ وَالقُرُبَاتِ وَالحَسَنَاتِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَكُنْ بَعْدَ امْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ تعالى لَنَا بِالصِّيَامِ وَالقِيَامِ مِمَّنْ لَا يَغْفُلُ عَنِ الحِرْصِ عَلَى ازْدِيَادِ إِيمَانِهِ وَعَدَمِ نُقْصَانِهِ.

لِنَكُنْ حَرِيصِينَ كُلَّ الحِرْصِ عَلَى تَجْدِيدِ الإِيمَانِ وَزِيَادَتِهِ، وَعَلَى السَّعْيِ الجَادِّ للوُصُولِ إلى فَضَائِلِ الأَخْلَاقِ، لَعَلَّنَا نَفوزُ بِالقُرْبِ مِنْ حَضْرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَائِلِ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

لِأَنَّهُ مَاذَا يَنْفَعُ تَجْدِيدُ الثِّيَابِ مَعَ عَدَمِ تَجْدِيدِ الإِيمَانِ؟ مَعَ عَدَمِ السَّعْيِ لِلْوُصُولِ إلى فَضَائِلِ الأَخْلَاقِ، وَالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؟

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ لَا تَكُونَ طَاعَاتُنَا في شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ طَاعَاتٍ تَقْلِيدِيَّةً وَعَادَاتٍ فَقَطْ، أَو طَاعَاتٍ صُورَةً وَشَكْلًا دُونَ الحِرْصِ عَلَى مَضْمُونِهَا.

أَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ يَكُونَ صِيَامُنَا مَبْنِيًّا عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾.

وَأَنْ يَكُونَ فِطْرُنَا امْتِثَالًا لِأَمْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

مَا صُمْنَا إِلَّا بِنَاءً عَلَى أَمْرِ اللهِ تعالى، وَمَا أَفْطَرْنَا وَتَسَحَّرْنَا إِلَّا بِنَاءً عَلَى أَمْرِ اللهِ تعالى، وَأَمْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ نَكُونَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.

أَسْأَلُهَ تَبَارَكَ وتعالى أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ أَقْوَالِنَا وَأَفْعَالِنَا وَأَخْلَاقِنَا وَمُعَامَلَاتِنَا بِنَاءً عَلَى أَمْرِ اللهِ تعالى، وَأَمْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

                                                                                         وَكُلَّ عَامٍ وَأَنْتُمْ بِخَيْرٍ.

                                                                                        أَرْجُوكُمْ دَعْوَةً صَالِحَةً.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الأربعاء: 1/ شوال /1445هـ، الموافق: 10/نيسان / 2024م

 2024-04-09
 1504
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمة الشهر

27-05-2025 131 مشاهدة
226ـ هل من مغتنم؟

هَذِهِ العَشْرُ قَدْ أَقْبَلَتْ، وَأَبْوَابُ التَّنَافُسِ فِيهَا قَدْ فُتِحَتْ، فَهَلْ مِنْ مُنَافِسٍ فِي الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى؟ فَالأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الأَيَّامِ ... المزيد

 27-05-2025
 
 131
30-04-2025 183 مشاهدة
225ـ لا تحزنوا فالله معكم

الإِيمَانُ الحَقِيقِيُّ يُخْرِجُ العَبْدَ مِنَ الشَّدَائِدِ وَالمِحَنِ وَالكُرُوبِ، وَيَجْعَلُهُ فِي حَالَةِ ارْتِبَاطٍ بِاللهِ تَعَالَى وَاليَوْمِ الآخِرِ، الإِيمَانُ هُوَ دِرْعُ وَسِلَاحُ وَمَنَارُ المُؤْمِنِ وَقْتَ الشَّدَائِدِ القَاسِيَةِ، ... المزيد

 30-04-2025
 
 183
06-04-2025 274 مشاهدة
224ـ ما أجمل الأتقياء وأكرمهم

مَا أَجْمَلَ الأَتْقِيَاءَ وَأَكْرَمَهُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، تَآلَفَتْ قُلُوبُهُمْ فِي اللهِ تَعَالَى وَعَلَى طَاعَتِهِ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ ... المزيد

 06-04-2025
 
 274
04-03-2025 380 مشاهدة
223ـ اعتبروا الناس بأعمالهم

مَنْ حُجِبَ عَنِ العِلْمِ عَذَّبَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى جَهْلِهِ، وَأَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ العِلْمُ فَأَدْبَرَ عَنْهُ، وَسَاقَ اللهُ إِلَيْهِ الهُدَى فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ ... المزيد

 04-03-2025
 
 380
08-01-2025 957 مشاهدة
221ـ نموذجان من المسلمين اليوم

الإِنْسَانُ خُلِقَ لِلْجَنَّةِ، وَالجَنَّةُ خُلِقَتْ لَهُ، وَالجَنَّةُ هِيَ سِلْعَةٌ، وَسِلْعَةُ اللهِ غَالِيَةٌ، وَثَمَنُهَا فِي الدُّنْيَا؛ فَمَا هُوَ ثَمَنُ الجَنَّةِ؟ ثَمَنُ الجَنَّةِ هُوَ العِبَادَةُ للهِ تعالى، وَالإِسْلَامُ عَقَائِدُ ... المزيد

 08-01-2025
 
 957
08-01-2025 575 مشاهدة
220ـ إلا الخيانة والكذب

الظَّوَاهِرُ القَبِيحَةُ فِي المُجْتَمَعِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَلَكِنَّ أَقْبَحَهَا وَأَخْطَرَهَا ظَاهِرَةُ الكَذِبِ، هَذِهِ الظَّاهِرَةُ الَّتِي قَالَ عَنْهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ ... المزيد

 08-01-2025
 
 575

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5702
المقالات 3230
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424054724
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :