292ـ كلمة الأسبوع: إلى الشرذمة الأقزام الحقيرة

292ـ كلمة الأسبوع: إلى الشرذمة الأقزام الحقيرة

 

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فيا عباد الله:

إنَّ من أُصولِ الإيمانِ وشُروطِهِ حتَّى يكونَ مقبولاً عندَ الله عزَّ وجلَّ حُبَّ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أكثرَ من النَّفسِ والولدِ والأهلِ والمالِ والناسِ أجمعين، وذلك لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. وإلا كانَ العبدُ من الفاسقينَ ولو ادَّعى الإيمانَ، وذلك لقوله تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين﴾.

الدِّفاعُ عن سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هوَ الجِهادُ الحقيقيُّ:

يا عباد الله، إنَّ الدِّفاعَ عن الجنابِ المحمَّدِيِّ هوَ الجِهادُ الحقيقيُّ، لأنَّ حَضْرةَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أولى بنا من أنفُسِنا، وذلك لقوله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾. فهوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أعزُّ علينا من أنفُسِنا وآبائنا وأمَّهاتِنا وأزواجِنا ومن كلِّ ما نملِكُ، لأنَّنا به عَرَفنا الله تعالى، وبه سَعِدْنا، وبه صِرنا خيرَ الأُمَمِ، وبه دانتِ الدُّنيا من أقصاها إلى أقصاها لأتباعِهِ الكرامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم.

يا عباد الله، وإنَّ الدِّفاعَ عنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يجبُ أن يكونَ مُنضبطاً بضوابطَ شرعيَّةٍ، ومَبنيَّاً على أساسٍ من العلمِ الصَّحيحِ والطَّريقةِ الرَّشيدةِ السَّديدةِ، لأنَّنا دُعاةٌ إلى الله تعالى، دُعاةٌ إلى مَنهجِ هذا الحبيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وقد تعلَّمنا هذا من كتابِ ربِّنا عزَّ وجلَّ، ومن هَدْيِ حبيبِنا المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، تعلَّمنا ذلك من قوله تعالى: ﴿قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِين﴾. ومن قوله تعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيم * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيم﴾. ومن قوله تعالى: ﴿قُل لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُون﴾. ومن الحديث الشريف الذي رواه الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: (اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: بَلْ عَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ» قُلْتُ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: «قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ».

يا عباد الله، الدِّفاعُ عن مَقامِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هوَ فرضٌ على كلِّ مُسلمٍ ومُسلمةٍ، كلٌّ حَسْبَ استطاعتِهِ وقُدرتِهِ، وأعظمُ من يتحمَّلُ هذا الواجبَ هم أولياءُ الأمورِ من المسلمين، وخاصَّةً مِمَّن يزعُمُ أنَّهُ يُطبِّقُ شرعَ الله عزَّ وجلَّ، ويُدافعُ عن دِينِ الله وعن المسلمين، ويدعو الناسَ للجهادِ في سبيلِ الله عزَّ وجلَّ.

إلى الشِّرذمةِ الأقزامِ الحقيرةِ:

يا عباد الله، لقد تطاولَت فِئةٌ من الشَّراذمةِ الأقزامِ الحقيرةِ ـ الذين ضُرِبَت عليهمُ الذِّلَّةُ والمَسكنةُ ـ على مَقامِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وذلك بِعَرضِ فيلمٍ مُسيءٍ لسيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وهوَ أمرٌ طبيعيٌّ إذ يصدُرُ عنهم، لأنَّ الإناءَ ينضحُ بالذي فيه، وصدق اللهُ تعالى القائلُ: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾.

يا عباد الله، ماذا تتوقَّعونَ من صُدورٍ حاقدةِ بغيضةٍ؟ ماذا تتوقَّعونَ من حُثالةٍ حقيرةٍ قَذِرَةٍ؟ ماذا تتوقَّعونَ مِمَّن لُعِنوا بقوله تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُون﴾؟ ماذا تتوقَّعونَ من شرِّ البريَّةِ الذين قال اللهُ تعالى فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّة﴾؟ ماذا تتوقَّعونَ مِمَّن لا يرضَونَ عن سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فضلاً عن أمَّتِهِ حتى يتهوَّدوا أو يتنصَّروا؟ وهذا ما صرَّحَ به كتابُ ربِّنا عزَّ وجلَّ بقوله: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الْهُدَى﴾.

يا عباد الله، إنِّي أتوجَّهُ إلى هذهِ الشِّرذمةِ القزمةِ الحقيرةِ والحُثالةِ من الناسِ لأقولَ لهم:

أولاً: موتوا بغيظكم، فإنَّ ربَّنا عزَّ وجلَّ قالَ لِحبيبِهِ الأعظمِ سيِّدِنا محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِين﴾. فهوَ الذي تولَّى الدِّفاعَ عنهُ، ولو تخلَّى عن ذلك أولياءُ أمورِ المسلمين، قال تعالى: ﴿إِلا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ﴾. فاللهُ تعالى لكم بالمرصادِ، وهوَ القائل: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد﴾.

ثانياً: موتوا بغيظكم، فإنَّ اللهَ تعالى رَفَعَ ذِكرَهُ رَغمَ أنوفِكُم وأنوفِ من لم يؤمن به، قال تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَك﴾. ومن رَفَعَ اللهُ تعالى له ذِكرَهُ فمن الذي يستطيعُ أن يتطاولَ عليه؟

وأذكِّرُكُم يا هؤلاءِ بقول هولاكو عندما سألَ أتباعَهُ وجُندَهُ من هوَ العظيم؟ فقالوا له: أنت الذي دوَّخت البلاد، وملكت الأرض، وطاعتك الملوك، وكان المؤذن إذ ذاك يؤذن. فقال: لا، الملك هذا الذي له أزيد من ستمائة سنة قد مات، وهو يذكر على المآذن في كل يوم وليلة خمس مرات، يريد سيدَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثالثاً: موتوا بغيظكم، فهوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سيِّدُ وَلَدِ آدم، ومَن دونَهُ تحتَ لوائِهِ يومَ القيامةِ، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد عَن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قال: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلا لَهُ دَعْوَةٌ تَنَجَّزَهَا فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي، وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُ عَنْهُ الْأَرْضُ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي».

 

رابعاً: موتوا بغيظكم، فإنَّ نورَ رسالتِهِ سوفَ تبلغُ ما بَلَغَ اللَّيلُ والنَّهارُ، شِئتم أم أبَيتم، فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزَّاً يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ» رواه الإمام أحمد عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا، ـ أَوْ قَالَ: مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا ـ حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضاً، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً» رواه الإمام مسلم عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

 

خامساً: موتوا بغيظكم، فدِينُهُ ظاهرٌ على الأديانِ كلِّها، ومهما حاولتُم إطفاءَ النُّورِ الذي جاءَ به فأنتم أعجزُ من ذلك بكثيرٍ وأحقرُ، وصدق الله القائل: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون ﴾. والقائل: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون ﴾. والقائل: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون﴾.

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

يا عباد الله، الأمرُ ليسَ بغريبٍ أن يصدُرَ من هؤلاءِ ما صَدَرَ، كيف لا وقد وَصَفَهُمُ اللهُ تعالى بالإجرامِ والشَّيطنةِ؟ فقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوَّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ﴾. وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوَّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون﴾.

يا عباد الله، عليكم بنُصْرةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وذلك بتبليغِ دَعوتِهِ، لقوله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِين * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِين﴾. ولقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً» رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ الله  بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وكونوا مُطمئنِّينَ بأنَّ اللهَ تعالى إذا أرادَ نشرَ فضيلةِ طُوِيَت أتاحَ لها لِسانَ حَسودٍ، ورحم الله من قال:

لو انقلبَ الناسُ جميعاً إلى كَنَّاسينَ، وأرادوا أن يُثيرُوا الغُبارَ على السَّماءِ، لأثَارُوا الغُبارَ على أنفُسِهِم، وَلَظَلَّتِ السَّماءُ هي السَّماءُ.

ورحم الله من قال:

كناطِحٍ صَخْرةٍ يوماً ليُوهنُها     ***      فلَمْ يُضِرْها وأَوْهَى رَأْسَه الوَعِلُ

اللَّهمَّ زِدنا ثباتاً على النَّهجِ الذي جاءَ به سيِّدُنا محمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

**    **     **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 26/شوال /1433هـ، الموافق: 14/أيلول/ 2012م

 2012-09-14
 40569
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

17-05-2024 67 مشاهدة
914ـ خطبة الجمعة: مهمة المسلم الإصلاح (1)

إِنَّ مُهِمَّةَ العَبْدِ المُؤْمِنِ العِبَادَةُ، وَمِنْ هَذِهِ العِبَادَةِ الإِصْلَاحُ، قَالَ تعالى حِكَايَةً عَلَى لِسَانِ سَيِّدِنَا شُعَيْبٍ عَلَيْه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي ... المزيد

 17-05-2024
 
 67
10-05-2024 306 مشاهدة
913ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (4)

فَرِيضَةُ الحَجِّ ثَابِتَةٌ بِنَصِّ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَبِالإِجْمَاعِ، وَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾. ... المزيد

 10-05-2024
 
 306
02-05-2024 553 مشاهدة
912ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (3)

الحَجُّ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ دِينِنَا العَظِيمِ، فَرَضَهُ اللهُ تعالى عَلَى عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ مَرَّةً في العُمُرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ عِنْدَمَا سُئِلَ عَنِ الإِسْلَامِ ـ: ... المزيد

 02-05-2024
 
 553
26-04-2024 506 مشاهدة
911ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (2)

لَقَدْ أَكْمَلَ اللهُ تعالى وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْنَا بِهَذَا الدِّينِ الحَنِيفِ، وَعَظُمَتْ نِعْمَةُ اللهِ تعالى عَلَيْنَا إِذْ فَرَضَ عَلَيْنَا الحَجَّ في العُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، للمُسْتَطِيعِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَمِنَ ... المزيد

 26-04-2024
 
 506
19-04-2024 806 مشاهدة
910ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (1)

أَتَوَجَّهُ إلى السَّادَةِ حُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، لِأَقُولَ لَهُمْ: هَنيئًا لَكُمْ يَا مَنْ لَبَّيْتُمْ أَمْرَ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ ... المزيد

 19-04-2024
 
 806
12-04-2024 1526 مشاهدة
909ـ خطبة الجمعة: تعزية لمن أصيب بدينه

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ مُصِيبَةَ الدِّينِ، لِأَنَّهُ مَهْمَا عَظُمَتْ مَصَائِبُ الدُّنْيَا فَسَوْفَ تَنْقَضِي، وَرُبَّمَا يُجْبَرُ صَاحِبُهَا وَيُعَوِّضُ مَا فَاتَهُ، أَمَّا مُصِيبَةُ الدِّينِ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِسَعَادَةِ العَبْدِ ... المزيد

 12-04-2024
 
 1526

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4799
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414908261
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :