298ـ كلمة العيد: ما هي مهمتك أيها المسلم؟

298ـ كلمة العيد: ما هي مهمتك أيها المسلم؟

 

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فيا عباد الله:

يجبُ على كلِّ مسلمٍ أن يسألَ نفسَهُ، ما هي مُهمَّتُهُ في هذهِ الحياةِ الدُّنيا؟ لا شكَّ بأنَّ الجوابَ يأتي مباشرةً: مُهِمَّتيَ العبادةُ، لأنَّ اللهَ تعالى يقولُ في كتابِهِ العظيمِ: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُون﴾. والكثيرُ من النَّاسِ مَن حَصَرَ وقَصَرَ العبادةَ على أركانِ الإسلامِ الخمسةِ، على الشَّهادتينِ ثمَّ الصلاةِ ثمَّ الصِّيامِ ثمَّ الزَّكاةِ ثمَّ الحجِّ.

يا عباد الله، إنَّ هذهِ الأمورَ الخمسَةَ هي أركانُ الإسلامِ وليست هي الإسلامُ، الإسلامُ بُنِيَ على هذهِ الأركانِ الخمسةِ، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواهُ الإمام البخاري عَن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».

مُهِمَّةُ المسلمِ الإصلاحُ:

يا عباد الله، إنَّ مُهِمَّةَ العبدِ المؤمنِ العبادةُ، ومن هذهِ العبادةِ الإصلاحُ، قال تعالى حكايةً على لسانِ سيِّدِنا شعيبٍ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب﴾.

سَلْ نفسَكَ يا عبدَ الله، هل أنت مُصلِحٌ؟ هل ينطبقُ عليكَ اسمُ الإصلاحِ؟ هل أنتَ من عِدادِ المُصلحينَ؟ هل سيَذْكُرُكَ التاريخُ أنَّكَ كنتَ مُصلِحاً؟ هل أنتَ مكتوبٌ عندَ الله تعالى من المُصلِحينَ؟ هل أنتَ مُصلِحٌ وِفقَ المنهجِ الذي جاءَ بهِ سيِّدُنا محمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ كم وكم من أُناسٍ يظنُّ الواحِدُ منهم أنَّهُ مُصلِحٌ وهوَ في الحقيقةِ مُفسدٌ؟ لأنَّهُ ضلَّ عن نَهْجِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قالَ تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُون * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لا يَشْعُرُون﴾ .

يا عباد الله، يجبُ على كُلِّ واحدٍ منَّا أن يتأكَّدَ من أنَّهُ في قولِهِ مُصلِحٌ، وأن يتأكَّدَ من أنَّهُ في فِعلِهِ مُصلِحٌ، وأن يتأكَّدَ من أنَّهُ في نِيَّتِهِ مُصلِحٌ، وذلك بعرضِ قولِهِ وفِعلِهِ ونِيَّتِهِ على كتابِ الله عزَّ وجلَّ، وعلى سُنَّةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وباستِحضارِ وُقوفِهِ بين يَدَيِ الله عزَّ وجلَّ، وباستِحضارِ قولِهِ تعالى: ﴿أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون * لِيَوْمٍ عَظِيم * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين﴾.

مَحَلُّ الإصلاحُ:

يا عبادَ الله، سَلُوا أنفسَكُم ما هوَ محلُّ الإصلاحِ؟ وأينَ يكونُ الإصلاحُ؟ وحتى لا نُتعِبَ أنفُسَنَا بالبَحثِ عنِ الجوابِ، وحتى لا نَضِلَّ الطَّريقَ، علينا أن نَرجِعَ إلى سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حيثُ يُبيِّنُ لنا مَحَلَّ الإصلاحِ، روى الإمامُ مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي».

أولاً: إصلاحُ الدِّينِ:

يا عباد الله، يجبُ علينا أن نُصلِحَ دينَنَا الذي هو عِصمةُ أمرِنا، وذلك بأمرَينِ اثنَينِ:

الأوَّلُ: التَّوثيقُ، لا تُطلِقوا أحكامَ الحلالِ والحرامِ بدونِ عِلمٍ وبدونِ توثيقٍ، وتذكَّروا قولَ الله تعالى: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى الله الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ لا يُفْلِحُون﴾. إذا كنتم لا تعلمونَ فاسألوا أهلَ الذِّكرِ من أهلِ التَّوثيقِ، قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لا تَعْلَمُون﴾.

وتذكَّروا قبلَ إطلاقِ الأحكامِ الشرعيَّةِ حديثَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ : «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» رواه الإمام البخاري عَنْ الْمُغِيرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

الثَّاني: التَّطبيقُ، لأنَّ العِلمَ الموثَّقَ بدونِ تطبيقٍ يكونُ حُجَّةً على العبدِ، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُون * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُون﴾. عِلمٌ مُوثَّقٌ بلا عَمَلٍ جنونٌ، وسَبَبٌ للطَّردِ واللَّعنِ ـ والعياذُ بالله تعالى ـ ، قال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ الله وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين﴾. وقال تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِين﴾.

يا عباد الله، صلاحُ الدِّينِ يكونُ بالتَّوثيقِ والتَّطبيقِ، فَتَوثيقٌ بلا تطبيقٍ حُجَّةٌ على العبدِ، وتطبيقٌ بلا توثيقٍ ضياعٌ ودمارٌ وفسادٌ، والنِّيَّةُ الصَّالحةُ لمن طبَّقَ بدونِ توثيقٍ لا تَشفعُ له عندَ الله تعالى، لأنَّ الحَّقَّ لا يُنَصَّف، ولا يَنفَصِم، فلا بدَّ من التَّوثيقِ والتَّطبيقِ حتى يَصلُحَ دينُنَا.

ثانياً: إصلاحُ الدُّنيا :

يا عباد الله، يجبُ علينا أن نُصلِحَ دُنيانا التي فيها معاشُنا، ولن يكونُ صلاحُ الدُّنيا إلا بزرعِ الأمانِ والسَّلامِ، وكيفَ يكونُ صلاحُ الدُّنيا التي فيها معاشُنا من دونِ أمنٍ وسلامٍ؟

يا عبادَ الله، لقد أَرشَدَنَا سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى صلاحِ دُنيَانا التي فيها معاشُنا، وذلكَ بزرعِ الأمنِ والسَّلامِ، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ : «واللهِ لا يُؤْمِنُ، واللهِ لا يُؤْمِنُ»، قِيلَ: منْ يا رسولَ اللهِ؟ قال: «الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ» رواه الإمام البخاري عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وليس شرطاً أن يكونَ الجارُ مسلماً، لأنَّ الجارَ المسلمَ له حقَّانِ، والجارُ المسلمُ القريبُ له ثلاثةُ حقوقٍ، والجارُ غيرُ المسلم له حقٌّ، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام البيهقي في الشعب عن عبدِ الله بن عمرو رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «الجِيرَانُ ثَلاَثَةٌ: جَارٌ لَهُ ثَلاثَةُ حُقُوقٍ، وَجَارٌ لَهُ حَقَّانِ، وَجَارٌ لَهُ حَقُّ وَاحِدٌ. فَأَمَّا الجَارُ الَّذِي لَهُ ثَلاَثَةُ حُقُوقٍ فَالجَارُ القَرِيبُ المُسْلِمُ، فَلَهُ حَقُّ الجِوَارِ، وَحَقُّ القَرَابَةِ، وَحَقُّ الإِسْلامِ. وَالجَارُ الَّذِي لَهُ حَقَّانِ: وَهُوَ الجَارُ المُسْلِمُ، فَلَهُ حَقُّ الإِسلامِ، وَحَقُّ الجِوَارِ. وَالجَارُ الَّذِي لَهُ حَقُّ وَاحِدٌ هُوَ الجَارُ الكَافِرُ لَهُ حَقُّ الجِوَارِ».

كيفَ يكونُ صلاحُ الدُّنيا إذا كانَ الجارُ المسلمُ لا يأمَنُ جارَهُ المسلمَ، وإذا كان المصلِّي لا يأمَنُ جارَهُ المصلِّي؟

كيفَ يكونُ صلاحُ الدُّنيا التي فيها معاشُنا والكلُّ يُروِّعُ الكُلَّ، والنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يقولُ: «لا تُرَوِّعوا المسلمَ، فإنَّ رَوعَةَ المسلمِ ظُلمٌ عظيمٌ» رواه البزار والطبراني عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه. ويقولُ أيضاً: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِماً» رواه الإمام أحمد وأبو داود عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ. و عَنْ عَبْدِ الله بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَخَافَ مُؤْمِناً بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ عَلَى الله أَنْ لا يُؤَمِّنَهُ مِنْ أَفْزَاعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه الطبراني. وروي عن عبدِ الله بنِ عمرو رَضِيَ اللهُ عَنهُما قال: قال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «من نَظَرَ إلى مُسلِمٍ نَظرَةً يُخِيفُهُ فيها بِغَيرِ حَقٍّ أَخافَهُ اللهُ يومَ القِيامَةِ» رواه الطبراني وأبو الشيخ كما في الترغيب والترهيب.

يا عباد الله، سَلوا أنفُسَكُم، هل أنتم تريدونَ إصلاحَ الدُّنيا؟ فإذا كانَ الجوابُ بالإيجابِ، فإنِّي أقولُ: لا يكونُ إصلاحُ الدُّنيا إلا بالأمنِ والسَّلامِ، واعلَموا بأنَّ الإسلامَ هوَ دينُ الأمانِ والسَّلامِ.

ثالثاً: صلاحُ الآخرةِ:

يا عباد الله، يجبُ علينا أن نُصلِحَ آخِرَتَنا التي إليها مَعادُنا، وصلاحُ آخِرَتِنا لا يكونُ إلا بالنَّظرِ الجادِّ لأن نكونَ من أهلِ الجنَّةِ، وإنَّ السَّبيلَ للوصولِ إليها هو طاعةُ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القائلِ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى» قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» رواه الإمام البخاري عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. وإلا فليحذرِ المُخالفُ لأمرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قولَ الله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾.

ومن جملةِ أوامرِهِ التَّحذيرُ من الحَسدِ والبغضاءِ، حيثُ يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ، الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكُمْ لَكُمْ، أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» رواه الإمام الترمذي عن الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

يا عبادَ الله، لقد رَغَّبَنَا سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بسلامَةِ الصَّدرِ من أجلِ صلاحِ آخِرَتِنا، فقالَ لسيِّدِنا أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: «يَا بُنَيَّ، إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ» ثُمَّ قَالَ لهُ: «يَا بُنَيَّ، وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ» رواه الترمذي عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما.

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

يا عباد الله، مُهِمَّتُنا العبادةُ، ومن العبادةِ بل من أجلِّ العباداتِ وأقدسِها الإصلاحُ، والإصلاحُ لا يكونُ إلا بِعرْضِ أقوالِنا وأفعالِنا ونِيَّاتِنا على كتابِ الله وسنَّةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ، فإذا وافَقَتْ نِيَّاتُنا وأقوالُنا وأفعالُنا كتابَ الله تعالى وسنَّةَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فنحنُ صالِحونَ مُصلِحونَ بإذنِ الله تعالى، وإلا فنحنُ فاسِدونَ مُفسِدونَ من حيثُ نشعُرُ أولا نشعُرُ. اللَّهُمَّ اجعلنا صالحين مُصلِحينَ كما تُحبُّ وترضى. آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 10/ذو الحجة/1433هـ، الموافق: 26/تشرين الأول/ 2012م

 2012-10-26
 65990
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

17-05-2024 66 مشاهدة
914ـ خطبة الجمعة: مهمة المسلم الإصلاح (1)

إِنَّ مُهِمَّةَ العَبْدِ المُؤْمِنِ العِبَادَةُ، وَمِنْ هَذِهِ العِبَادَةِ الإِصْلَاحُ، قَالَ تعالى حِكَايَةً عَلَى لِسَانِ سَيِّدِنَا شُعَيْبٍ عَلَيْه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي ... المزيد

 17-05-2024
 
 66
10-05-2024 306 مشاهدة
913ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (4)

فَرِيضَةُ الحَجِّ ثَابِتَةٌ بِنَصِّ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَبِالإِجْمَاعِ، وَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾. ... المزيد

 10-05-2024
 
 306
02-05-2024 553 مشاهدة
912ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (3)

الحَجُّ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ دِينِنَا العَظِيمِ، فَرَضَهُ اللهُ تعالى عَلَى عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ مَرَّةً في العُمُرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ عِنْدَمَا سُئِلَ عَنِ الإِسْلَامِ ـ: ... المزيد

 02-05-2024
 
 553
26-04-2024 506 مشاهدة
911ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (2)

لَقَدْ أَكْمَلَ اللهُ تعالى وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْنَا بِهَذَا الدِّينِ الحَنِيفِ، وَعَظُمَتْ نِعْمَةُ اللهِ تعالى عَلَيْنَا إِذْ فَرَضَ عَلَيْنَا الحَجَّ في العُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، للمُسْتَطِيعِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَمِنَ ... المزيد

 26-04-2024
 
 506
19-04-2024 806 مشاهدة
910ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (1)

أَتَوَجَّهُ إلى السَّادَةِ حُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، لِأَقُولَ لَهُمْ: هَنيئًا لَكُمْ يَا مَنْ لَبَّيْتُمْ أَمْرَ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ ... المزيد

 19-04-2024
 
 806
12-04-2024 1526 مشاهدة
909ـ خطبة الجمعة: تعزية لمن أصيب بدينه

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ مُصِيبَةَ الدِّينِ، لِأَنَّهُ مَهْمَا عَظُمَتْ مَصَائِبُ الدُّنْيَا فَسَوْفَ تَنْقَضِي، وَرُبَّمَا يُجْبَرُ صَاحِبُهَا وَيُعَوِّضُ مَا فَاتَهُ، أَمَّا مُصِيبَةُ الدِّينِ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِسَعَادَةِ العَبْدِ ... المزيد

 12-04-2024
 
 1526

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4799
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414907465
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :