21ـ السؤال في البرزخ

21ـ السؤال في البرزخ

21ـ السؤال في البرزخ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ سَيِّدِي الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ في كِتَابِهِ (الإِيمَانُ بِعَوَالِمِ الآخِرَةِ وَمَوَاقِفِهَا):

السُّؤَالُ في البَرْزَخِ

جَاءَ في الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ وَالأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ مَا يَدُلُّ قَطْعَاً عَلَى أَنَّ سُؤَالَ القَبْرِ هُوَ حَقٌّ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ: المُسْلِمَ وَالكَافِرَ وَالمُنَافِقَ.

قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: وَاخْتُلِفَ في الطِّفْلِ غَيْرِ المُمَيِّزِ:

فَجَزَمَ القُرْطُبِيُّ في (التَّذْكِرَةِ) بِأَنَّهُ يُسْأَلُ؛ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ الحَنَفِيَّةِ، وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهُ لَا يُسْأَلُ. اهـ.

فَيُسْأَلُ المَيْتُ عَنِ اعْتِقَادِهِ بِاللهِ تعالى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَجْهِ الاخْتِبَارِ وَالامْتِحَانِ، وَالفَحْصِ وَالتَّمْحِيصِ، وَهُنَاكَ يُدْهَشُ المَسْؤُولُ، أَو يُذْهَلُ أَو يَحَارُ لِهَوْلِ المَوْقِفِ، إِلَا أَهْلُ الإِيمَانِ الرَّاسِخِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُثَبِّتُهُمْ وَيُلْهِمُهُمُ الجَوَابَ السَّدِيدَ.

قَالَ اللهُ تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ﴾.

فَهُوَ سُبْحَانَهُ يُثَبِّتُ الذينَ آمَنُوا إِيمَانَاً صَادِقَاً لَا نِفَاقَاً: بِالقَوْلِ الثَّابِتِ وَهُوَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ القَوْلُ الثَّابِتُ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الحَدِيثُ الآتِي، وَلَيْسَ هُنَاكَ أَثْبَتَ مِنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، بَلْ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ أَثْبَتُ الثَّابِتَاتِ، وَأَقْوَى اليَقِينِيَّاتِ، وَأَقْوَمُ القَطْعِيَّاتِ، ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ثَبَتَ بِجَمِيعِ الأَدِلَّةِ التي ثَبَتَتْ بِهَا الثَّابِتَاتُ، وَبِجَمِيعِ البَرَاهِينِ القَاطِعَةِ التي ثَبَتَتْ بِهَات اليَقِينِيَّاتُ.

فَإِنَّ مِنَ المَعْلُومِ المُقَرَّرِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ وَالفِكْرِ أَنَّ الأَدِلَّةَ التي ثَبَتَتْ بِهَا الأُمُورُ مَهْمَا كَثُرَتْ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلى أَصْلَيْنِ عَظِيمَيْنِ: البُرْهَانِ وَالعَيَانِ.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ اللهَ تعالى قَدْ أَشْهَدَ العِبَادَ مَشَاهِدَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، في آيَاتِ الأَكْوَانِ المَرْئِيَّةِ المَشْهُودَةِ بِالعَيَانِ، وَفي آيَاتِ القُرْآنِ التي جَاءَتْ بِالحُجَّةِ وَالبُرْهَانِ العَقْلِيِّ.

فَهَذِهِ آيَاتُ الأَكْوَانِ مَنْ نَظَرَ فِيهَا وَاعْتَبَرَ في إِتْقَانِ صُنْعِهَا، وَإِحْكَامِ خَلْقِهَا، وَإِبْدَاعِ وُجُودِهَا، رَأَى آثَارَ قُدْرَةِ رَبِّ العَالَمِينَ وَحِكْمَتِهِ، وَسَعَةِ عِلْمِهِ سُبْحَانَهُ وَعَظِيمِ قُوَّتِهِ، قَالَ تعالى: ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآيَةَ.

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمَاً﴾.

وَهَذِهِ الآيَاتُ الكَوْنِيَّةُ المَشْهُودَةُ المَرْئِيَّةُ التي أَجْرَاهَا اللهُ تعالى عَلَى يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَالتي تُسَمَّى بِالمُعْجِزَاتِ وَخَوَارِقِ العَادَاتِ، كُلُّهَا مَشَاهِدُ تُشْهِدُ العَاقِلَ أَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَهَذِهِ مَشَاهِدُ العَيَانِ.

وَأَمَّا شَوَاهِدُ البُرْهَانِ وَأَدِلَّتُهُ فَهَذِهِ الآيَاتُ القُرْآنِيَّةِ، تُبَرْهِنُ عَلَى أَنَّ اللهَ تعالى حَقٌّ، وَأَنَّهُ وَاجِبُ الوُجُودِ، وَأَنَّ هَذَا القُرْآنَ كَلَامُهُ قَطْعَاً، وَتُبَرْهِنُ عَلَى صِدْقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ رَسُولُ اللهِ حَقَّاً لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّ القُرْآنَ العَظِيمَ هُوَ أَعْظَمُ المُعْجِزَاتِ وَالآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَلَنَا في كِتَابِ الشَّهَادَةِ بَحْثٌ وَاسِعٌ مُفَصَّلٌ، في بَيَانِ هَذِهِ المَشَاهِدِ، التي تُشْهِدُ العَاقِلَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ الآيَةَ.

أَمَّا تَثْبِيتُهُمْ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَهُوَ مِمَّا يَعْتَرِيهِمْ مِنَ الوَسَاوِسِ وَالشُّبُهَاتِ الشَّيْطَانِيَّةِ، مِنْ قِبَلِ الإِنْسِ وَالجِنِّ، وَحِفْظُهُمْ مِنَ الزَّيْغِ وَالمَيْلِ إلى الضَّلَالِ.

وَأَمَّا تَثْبِيتُهُمْ في الآخِرَةِ فَذَاكَ حِينَ يُسْأَلُونَ في قُبُورِهِمْ، كَمَا جَاءَ في الصَّحِيحَيْنِ عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي القَبْرِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ» صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾.

فَالمُرَادُ بِتَثْبِيتِهِ في الآخِرَةِ، تَثْبِيتُهُ عِنْدَ سُؤَالِ القَبْرِ فَمَا بَعْدَهُ، لِأَنَّ القَبْرَ هُوَ أَوَّلُ بَرَازِخِ الآخِرَةِ، وَقَدْ جَاءَ تَفْصِيلُ هَذَا السُّؤَالِ في بَقِيَّةِ الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ.

روى الشَّيخان وغيرهما ـ وَاللَّفْظُ للبُخَارِيِّ ـ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ العَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولَانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ـ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَمَّا المُؤْمِنُ، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَدَاً مِنَ الجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعَاً».

أَيْ: يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ لِيَفْرَحَ وَيَسْتَبْشِرَ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لِيَشْكُرَ نِعْمَةَ اللهِ تعالى عَلَيْهِ حَيْثُ نَجَّاهُ مِنْهَا.

وَفي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: قَالَ قَتَادَةُ: وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعَاً، وَيُمْلَأُ عَلَيْهِ خَضِرَاً إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَأَمَّا الكَافِرُ وَالمُنَافِقُ» وَفي رِوَايَةٍ: «وَأَمَّا الكَافِرُ وَالمُرْتَابُ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ.

فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ» يَعْنِي الإِنْسَ وَالجِنَّ.

وروى الترمذي بِتَحْسِينٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قُبِرَ المَيِّتُ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: الْمُنْكَرُ، وَلِلْآخَرِ: النَّكِيرُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟

فَيَقُولُ: مَا كَانَ ـ في الدُّنْيَا ـ يَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعَاً فِي سَبْعِينَ ذِرَاعَاً، ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ.

فَيَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ.

فَيَقُولَانِ: نَمْ كَنَوْمَةِ العَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ.

وَإِنْ كَانَ مُنَافِقَاً قَالَ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلَاً فَقُلْتُ مِثْلَهُ، لَا أَدْرِي». أَيْ: كَانَ في الدُّنْيَا يَقُولُ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ، وَلَكِنْ لَا يَعْتَقِدُ بِذَلِكَ اعْتِقَادَاً جَازِمَاً مِنْ قَلْبِهِ، وَلِذَلِكَ يَقُولُ: لَا أَدْرِي.

فَيَقُولُ: ـ أَيْ: المَلَكَانِ ـ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلأَرْضِ: التَئِمِي عَلَيْهِ، فَتَلْتَئِمُ فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلَاعُهُ، فَلَا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبَاً حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ».

وروى الشيخان وَغَيْرُهُمَا، عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَمِدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلَّا رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا، حَتَّى الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ ـ مِثْلَ أَوْ قَرِيبَاً ـ شَكَّ الرَّاوِي ـ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُقَالُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟

فَأَمَّا المُؤْمِنُ أَوِ المُوقِنُ ـ لَا أَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى، فَأَجَبْنَاهُ وَاتَّبَعْنَاهُ، هُوَ مُحَمَّدٌ ـ ثَلَاثَاً ـ.

فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحَاً قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ.

وَأَمَّا المُنَافِقُ أَوِ المُرْتَابُ ـ لَا أَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئَاً فَقُلْتُهُ».

وَفي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِحْنَةَ السُّؤَالِ في القَبْرِ عَظِيمَةٌ جِدَّاً، وَلِذَلِكَ قَالَ فِيهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مِثْلَ فِتْنَةِ الدَّجَالِ». وَلَا يَنْجُو وَيَأْمَنُ مِنْهَا إِلَّا المُؤْمِنُ الصَّادِقُ بِعِنَايَةِ اللهِ تعالى، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْهُمْ.

وروى أبو داود في (سُنَنِهِ) عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الرَّجُلِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ».

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 28/ جمادى الأولى /1441هـ، الموافق: 23/ كانون الثاني / 2020م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  الإيمان بعوالم الآخرة ومواقفها

19-09-2024 449 مشاهدة
64ـ عما ورد من نسبة الذنوب للأنبياء عليهم الصلاة والسلام (2)

وَأَمَّا مَا وَرَدَ في حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ مِنِ اعْتِذَارِ الخَلِيلِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِسَبَبِ الكَذَبَاتِ، فَإِنَّمَا هِيَ كَذَبَاتٌ صُورَةً لَا حَقِيقَةً، لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ المَعَارِيضِ، وَقَدْ جَاءَ ... المزيد

 19-09-2024
 
 449
10-09-2024 445 مشاهدة
63ـ عما ورد من نسبة الذنوب للأنبياء عليهم الصلاة والسلام

يَقُولُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ سَيِّدِي الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ في كِتَابِهِ (الإِيمَانِ بِعَوَالِمِ الآخِرَةِ وَمَوَاقِفِهَا): الوَجْهُ الثَّانِي: في الجَوَابِ عَمَّا وَرَدَ مِنْ نِسْبَةِ الذُّنُوبِ للأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ ... المزيد

 10-09-2024
 
 445
15-08-2024 372 مشاهدة
62ـ حول أحاديث الشفاعة

أَوَّلًا: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فِيهِ إِعْلَانٌ بِمَقَامِ سِيَادَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَإِعْلَامٌ لِجَمِيعِ ... المزيد

 15-08-2024
 
 372
25-07-2024 541 مشاهدة
61ـ الشفاعة وأنواعها

الشَّفَاعَةُ كَمَا قَالَ الحَافِظُ الزَّرْقَانِيُّ: هِيَ انْضِمَامُ الأَدْنَى ـ أَيْ: لُجُوءُهُ وَقَصْدُهُ ـ إلى الأَعْلَى، لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى مَا يَرُومُهُ، أَيْ: في جَلْبِ مَنْفَعَةٍ، أَو دَفْعِ مَضَرَّةٍ عَنِ المَشْفُوعِ بِهِ. وَالشَّفَاعَةُ ... المزيد

 25-07-2024
 
 541
11-01-2024 675 مشاهدة
60ـ يستقبل أمته على الحوض

سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْتَقْبِلُ أُمَّتَهُ عَلَى الحَوْضِ وَيَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ: ... المزيد

 11-01-2024
 
 675
29-12-2023 647 مشاهدة
59ـ ينتظر الواردين من أمته

رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى المَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المِنْبَرِ، ... المزيد

 29-12-2023
 
 647

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3234
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424570504
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :