1ـ بين يدي المحبوب   

1ـ بين يدي المحبوب   

1ـ بين يدي المحبوب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

يَقُولُ سَيِّدُنَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

وَأَجْمَلَ مِنْكَ لَمْ تَرَ قَطُّ عَيْنِي   ***   وَأَفْضَلَ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النِّسَاءُ

خُـلِقْتَ مُبَرَّأً مِنْ كُلِّ عَيْبٍ   ***   كَأَنَّكَ قَدْ خُلِقْتَ كَمَا تَـشَاءُ

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنَا مِنْ أَتْبَاعِ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، اَلْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَقُدْوَةً لِلسَّالِكِينَ، وَمَنَارَةً لِلطَّالِبِينَ، وَقِبْلَةً لِلْعَاشِقِينَ، وَهِدَايَةً لِلسَّائِرِينَ، سِيِّدِنَا مُحَمَّدٍ شَمْسِ الْهِدَايَةِ والسَّعَادَةِ وَالدِّينِ.

صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ جَبَلَهُ اللهُ عَلَى الْحُسْنِ وَزَيَّنَهُ، وَأَوْدَعَ فِيهِ سِرَّ الْجَلَالَةِ وَجَمَّلَهُ، وَأَعْطَاهُ مِنْ فَرَائِدِ الْحُسْنِ مَا مَيَّزَهُ وَكَمَّلَهُ، وَفَضَّلَهُ عَلَى سَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ وَفَخَّمَهُ، فَكَانَ بَشِيرًا مُنِيرًا، وَسِيمًا قَسِيمًا، جَمِيلًا جَلِيلًا، لَيْسَ لَهُ شَبَهٌ. وَبَعْدُ:

إِنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ صَادِقٍ يَحْلُو لَهُ ذِكْرُ الْحَبِيبِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَيَحْلُو لَهُ أَنْ يَتَصَوَّرَهُ وَأَنْ يَتَخَيَّلَهُ، وَأَنْ يَعِيشَ بِقَلْبِهِ وَرُوحِهِ ـ مِنْ خِلَالِ كُتُبِ الأَثَرِ ـ مَعَهُ.

 يَشْتَهِي أَنْ يَنْظُرَ إِلَى جَمَالِ عَيْنَيْهِ، وَتَلَأْلُؤِ بَشَرَتِهِ، وَحُسْنِ طُولِهِ وَعَرْضِهِ، وَصِفَةِ صَدْرِهِ وَيَدِهِ وَقَدَمِهِ، يَتَمَنَّى أَنْ يَرَى وَبِيصَ (تَلَأْلُؤَ) الْجَمَالِ فِي لِحْيَتِهِ، وَكَمَالَ الْجَلَالِ فِي طَلْعَتِهِ، وَإِشْرَاقَ الْحُسْنِ فِي صُورَتِهِ، يُضَحِّي بِرُوحِهِ وَمَالِهِ وَأَهْلِهِ لِنَظْرَةٍ تَبْرُقُ أَمَامَ أَنْظَارِهِ لِلْحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

هَذَا لَيْسَ بِالْمُحَالِ إِذْ لَمْ يَكُنْ لِيَغِيبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رُوحًا وَأَثَرًا وَجَسَدًا عَنْ إِنْسَانٍ أَحَبَّهُ وَعَشِقَهُ وَعَلِقَ قَلْبُهُ بِأَوْصَافِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

الفَائِدَةُ مِنْ بَيَانِ الخِصَالِ الخَلْقِيَّةِ:

أولًا: إِنَّ مَعْرِفَةَ صِفَاتِهِ الخَلْقِيَّةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَهَا سِرٌّ كَبِيرٌ فِي جَاذِبِيَّةِ الآخَرِينَ وَإِشْرَاقِ الْقُلُوبِ وَالنُّفُوسِ إِذَا رَأَتْهُ، وَالتَّقْدِيرِ أَوِ الْهَيْبَةِ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

ثانيًا: إِنَّ مَعْرِفَةَ صِفَاتِهِ الخَلْقِيَّةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَهَا الدَّوْرُ الكَبِيرُ فِي زَرْعِ الْمَحَبَّةِ وَالْمَوَدَّةِ فِي قَلْبِ كُلِّ مَنْ رَآهُ مِنَ النَّاسِ، أَوِ اسْتَمَعَ إِلَى نُطْقِهِ وَرَوْعَةِ بَيَانِهِ وَلُطْفِ مَعْشَرِهِ.

ثالثًا: إِنَّ مَعْرِفَةَ صِفَاتِهِ الخَلْقِيَّةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هِيَ سِرُّ للانْبِهَارِ التَّامِّ بِإِشْرَاقَاتِ وَجْهِهِ الأَخَّاذِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

رابعًا: إِنَّ مَعْرِفَةَ صِفَاتِهِ الخَلْقِيَّةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هِيَ وَسِيلَةٌ إِلَى امْتِلَاءِ الْقَلْبِ بِتَعْظِيمِهِ، وَتَعْظِيمِ شَرِيعَتِهِ، وَحُبِّهِ وَحُبِّ شَرِيعَتِهِ؛ إِذِ الْأَسَاسُ فِي الْحُبِّ وَالتَّعْظِيمِ شَيْئَانِ، هُمَا الْحُسْنُ وَالْإِحْسَانُ، وَلَا حُسْنَ يُمَاثِلُ حُسْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا لَا إِحْسَانَ يُمَاثِلُ إِحْسَانَهُ، لِذَا نَجِدُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ وَصَفَ وَمَدَحَ خُلُقَ نَبِيِّهِ الْأَعْظَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ وَصَفَ الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ لَنَا أَيْضًا خَلْقَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ لِيَعِيشَ الْمَرْءُ بِالاثْنَتَيْنِ مَعًا، وَلِأَجْلِ أَلَّا يَغِيبَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَبَدًا.

خامسًا: إِنَّ مَعْرِفَةَ صِفَاتِهِ الخَلْقِيَّةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هِيَ سَبَبٌ لِإِشْعَالِ جَذْوَةِ الْحُبِّ لَدَى الْمُحِبِّ، وَتَحْرِيكِ الاشْتِيَاقِ فِي نَفْسِ الصَّبِّ، وَتَجْسِيدِ صُورَةِ الْمَحْبُوبِ فِي مِرْآةِ الْقُلُوبِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا كَانَتِ العُقَلَاءُ تَطْمَحُ إلى مَعْرِفَةِ عُظَمَاءِ العَالَمِ وَكُبَرَائِهِ، فَإِنَّ أَحَقَّ مَا يَجِبُ أَنْ تَطْمَحَ إِلَيْهِ وَتَطْمَعَ فِيهِ هُوَ التَّعَرُّفُ إلى سَيِّدِ السَّادَاتِ، وَفَخْرِ الكَائِنَاتِ، الذي رَفَعَهُ اللهُ تعالى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ، وَرَقَّاهُ فَوْقَ جَمِيعِ أَهْلِ المَرَاتِبِ وَالمَقَامَاتِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَإِنَّ أَحَدَاً مِنَ النَّاسِ مَهْمَا عَلَا فَضْلُهُ، وَاتَّسَعَ عِلْمُهُ، وَكَمُلَ عَقْلُهُ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحِيطَ بِمَحَاسِنِ هَذَا النَّبِيِّ الكَرِيمِ، وَلَا أَنْ يَسْتَقْصِيَ أَنْوَاعَ كَمَالِهِ، وَأَلْوَانَ جَمَالِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بَلْ كُلُّهُمْ عَاجِزُونَ عَنِ التَّعْبِيرِ عَنْ تِلْكَ المَعَانِي المُحَمَّدِيَّةِ، وَالصِّفَاتِ المُصْطَفَوِيَّةِ:

وَإِنَّ قَمِيصَاً خِيطَ مِنْ نَسْجِ تِسْعَةٍ   ***   وَعِشْرِينَ حَرْفَاً عَنْ مَعَانِيهِ قَاصِرُ

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في أَقْوَالِنَا وَأَفْعَالِنَا وَأَحْوَالِنَا. آمين.

تاريخ الكلمة

**    **    **

الأربعاء: 18/ ربيع الأول /1442هـ، الموافق: 5/ تشرين الثاني / 2020م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أجمل العالمين خَلقًا ﷺ

19-01-2024 220 مشاهدة
24ـ كفه الشريفة صلى الله عليه وسلم

كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ذَا كَفٍّ عَظِيمَةٍ، مَبْسُوطَةٍ صُورَةً وَخِلْقَةً، أَلْيَنَ مِنَ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، تَمِيلُ إِلَى الْغِلَظِ وَالْقِصَر، اجْتَمَعَ لَهَا مَعَ اللِّينِ ... المزيد

 19-01-2024
 
 220
04-08-2023 221 مشاهدة
23ـ ذراعاه الشريفتان صلى الله عليه وسلم

كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ذِرَاعَانِ طَوِيلَتَانِ، فِي تَنَاسُبٍ مَعَ بَاقِي أَعْضَاءِ جَسَدِهِ الشَّرِيفِ، طَالَ زِنْدَاهَا، وَامْتَدَّ سَاعِدَاهَا، وَعَلَاهَا شَعْرٌ كَثِيفٌ. وَمِمَّا ... المزيد

 04-08-2023
 
 221
09-06-2023 256 مشاهدة
22ـ عرقه الشريف وطيب رائحته صلى الله عليه وسلم

إِنَّنَا نَتَحَدَّثُ عَنْ خَيْرِ خَلْقِ اللهِ، وَلَهُ مِنَ الْخَصَائِصِ مَا لَمْ تَكُنْ لِغَيْرِهِ، وَمِنْهَا إِفْرَازَاتُ عَرَقِهِ المُبَارَكَةِ؛ فَقِفْ عِنْدَ حُدُودِ الأَدَبِ، وَاسْتَشْعِرْ طِيبَ الْحَبِيبِ المحبَّبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ... المزيد

 09-06-2023
 
 256
11-05-2023 361 مشاهدة
21ـ إبطه الشريفة صلى الله عليه وسلم

تَنْبِيهٌ للنَّبِيهِ: مَنْ نَتَكَلَّمُ عَنْهُ، وَنَصِفُ جَسَدَهُ وَشَكْلَهُ، هُوَ سَيِّدُ الْعَالَمِينَ، وَحَبِيبُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، حَبِيبُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى ... المزيد

 11-05-2023
 
 361
13-01-2023 232 مشاهدة
20ـ بطنه الشريف صلى الله عليه وسلم

لَمْ تَكُنْ بَطْنُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَبِيرَةً فَتَعِيبَهُ، وَإِنَّمَا كَانَتْ سَوَاءً بِصَدْرِهِ. تَقُولُ السَّيِّدَةُ أُمُّ مَعْبَدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا في وَصْفِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ... المزيد

 13-01-2023
 
 232
22-12-2022 242 مشاهدة
19ـ صدره الشريف صلى الله عليه وسلم

كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَرِيضَ الصَّدْرِ، مَمْسُوحَهُ، كَأَنَّهُ المِرْآةُ فِي اسْتِوَائِهَا وَشِدَّتِهَا، وَقَدِ امْتَلَأَ الصَّدْرُ الشريف لَحْمًا؛ فَلَا هُوَ بِالْبَدِنِ السَّمِينِ، ... المزيد

 22-12-2022
 
 242

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413080019
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :