188ـ ما أعظمه من شهر

188ـ ما أعظمه من شهر

كلمة شهر شوال 1443

188ـ ما أعظمه من شهر

مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ أَقْبَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَانْصَرَمَ، وَأَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا لَنَا لَا عَلَيْنَا، أَقْبَلَ شَهْرُ الرَّحْمَةِ وَالغُفْرَانِ وَانْصَرَمَ، وَلَكِنَّ اللهَ تعالى الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ الغَافِرَ وَالغَفُورَ الغَفَّارَ حَيٌّ قَيُّومٌ لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ.

أَقْبَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرُ الخَيْرَاتِ وَالمُنَافَسَاتِ في الطَّاعَاتِ فَاغْتَنَمَهُ السُّعَدَاءُ المُوَفَّقُونَ للخَيْرَاتِ وَالمَبَرَّاتِ، وَانْصَرَمَ هَذَا الشَّهْرُ، وَلَكِنَّ أَهْلَ الطَّاعَاتِ وَالقُرُبَاتِ هُمْ عَلَى عَهْدِهِمْ بَاقُونَ.

مَا أَعْظَمَهُ مِنْ شَهْرٍ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَا أَعْظَمَهُ مِنْ شَهْرٍ، فَفِيهِ تَقَرَّبَ المُتَقَرِّبُونَ، وَفَازُوا بِالقُرْبِ مِنْ حَضْرَةِ مَوْلَاهُمْ، وَفِيهِ تَابَ التَّائِبُونَ، وَفَازُوا بِمَقَامِ المَحْبُوبِيَّةِ ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾.

فَهَنِيئًا لِمَنْ تَعَرَّضَ لِنَفَحَاتِ وَرَحَمَاتِ اللهِ تعالى، حَتَّى فَازَ بِالمَغْفِرَةِ، وَبِإِذْنِ اللهِ تعالى صَارَ مِنَ المَعْتُوقِينَ مِنَ النَّارِ.

فَطُوبَى لِتِلْكَ الأَحْشَاءِ التي ظَمِئَتْ لِوَجْهِ اللهِ تعالى، وَطُوبَى لِتِلْكَ الأَمْعَاءِ التي جَاعَتْ لِوَجْهِ اللهِ تعالى، وَطُوبَى لِتِلْكَ الأَقْدَامِ التي انْتَصَبَتْ في جَوْفِ اللَّيْلِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى، وَطُوبَى لِتِلْكَ العُيُونِ التي سَحَّتْ بِالبُكَاءِ خَشْيَةً مِنَ اللهِ تعالى.

طُوبَى لِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ سمِعُوا المُنَادِيَ يَقُولُ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ؛ فَتَابُوا إلى اللهِ تعالى تَوْبَةً صَادِقَةً نَصُوحًا، وَأَقْبَلُوا عَلَى الخَيرِ وَالخَيْرَاتِ فَكَانُوا لَهَا سَابِقِينَ.

فَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ شَهْرٍ، وَمَا أَجْمَلَهَا مِنْ أَيَّامٍ كَانَتْ غَنِيمَةً وَذُخرًا لِيَوْمِ المَعَادِ، حَيْثُ دَخَلَهَا المُؤْمِنُ ـ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ـ فَخَرَجَ مِنْهَا بِصَفْحٍ وَغُفْرَانٍ وَعِتْقٍ مِنَ النِّيرَانِ، وَخَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَنِيئًا لَكُمْ في يَوْمِ الجَائِزَةِ جَائِزَتُكُمْ، رَوَى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَوْسٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَقَفَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الطُّرُقِ، فَنَادَوْا: اغْدُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَبٍّ كَرِيمٍ يَمُنُّ بِالْخَيْرِ، ثُمَّ يُثِيبُ عَلَيْهِ الْجَزِيلَ، لَقَدْ أُمِرْتُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَقُمْتُمْ، وَأُمِرْتُمْ بِصِيَامِ النَّهَارِ فَصُمْتُمْ، وَأَطَعْتُمْ رَبَّكُمْ، فَاقْبِضُوا جَوَائِزَكُمْ، فَإِذَا صَلَّوْا، نَادَى مُنَادٍ: أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ قَدْ غَفَرَ لَكُمْ، فَارْجِعُوا رَاشِدِينَ إِلَى رِحَالِكُمْ، فَهُوَ يَوْمُ الْجَائِزَةِ، وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْيَوْمُ فِي السَّمَاءِ يَوْمَ الْجَائِزَةِ».

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الفَائِزِينَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 1/شوال /1443هـ، الموافق: 2/ أيار / 2022م

 2022-04-30
 597
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمة الشهر

06-04-2025 128 مشاهدة
224ـ ما أجمل الأتقياء وأكرمهم

مَا أَجْمَلَ الأَتْقِيَاءَ وَأَكْرَمَهُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، تَآلَفَتْ قُلُوبُهُمْ فِي اللهِ تَعَالَى وَعَلَى طَاعَتِهِ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ ... المزيد

 06-04-2025
 
 128
04-03-2025 273 مشاهدة
223ـ اعتبروا الناس بأعمالهم

مَنْ حُجِبَ عَنِ العِلْمِ عَذَّبَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى جَهْلِهِ، وَأَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ العِلْمُ فَأَدْبَرَ عَنْهُ، وَسَاقَ اللهُ إِلَيْهِ الهُدَى فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ ... المزيد

 04-03-2025
 
 273
08-01-2025 852 مشاهدة
221ـ نموذجان من المسلمين اليوم

الإِنْسَانُ خُلِقَ لِلْجَنَّةِ، وَالجَنَّةُ خُلِقَتْ لَهُ، وَالجَنَّةُ هِيَ سِلْعَةٌ، وَسِلْعَةُ اللهِ غَالِيَةٌ، وَثَمَنُهَا فِي الدُّنْيَا؛ فَمَا هُوَ ثَمَنُ الجَنَّةِ؟ ثَمَنُ الجَنَّةِ هُوَ العِبَادَةُ للهِ تعالى، وَالإِسْلَامُ عَقَائِدُ ... المزيد

 08-01-2025
 
 852
08-01-2025 504 مشاهدة
220ـ إلا الخيانة والكذب

الظَّوَاهِرُ القَبِيحَةُ فِي المُجْتَمَعِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَلَكِنَّ أَقْبَحَهَا وَأَخْطَرَهَا ظَاهِرَةُ الكَذِبِ، هَذِهِ الظَّاهِرَةُ الَّتِي قَالَ عَنْهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ ... المزيد

 08-01-2025
 
 504
08-01-2025 414 مشاهدة
219ـ نعمة الإيمان وأثرها على العبد

أَعْظَمُ نِعْمَةٍ أَسْبَغَهَا اللهُ تعالى عَلَى عَبْدِهِ هِيَ نِعْمَةُ الإِيمَانِ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ تعالى مَا نَطَقَ بِهَا العَبْدُ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ ... المزيد

 08-01-2025
 
 414
08-01-2025 513 مشاهدة
218ـ كن محافظًا على أعظم نعمة أسبغها الله عليك

هُنَاكَ كَثِيرٌ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي أَسْبَغَهَا اللهُ تعالى عَلَى خَلْقِهِ قَدْ لَا يَنْتَفِعُ العَبْدُ مِنْهَا، قَدْ يُعْطِيكَ اللهُ تعالى نِعْمَةَ المَالِ فَلَا تَنْتَفِعُ مِنْهُ، وَقَدْ يُعْطِيكَ نِعْمَةَ الجَاهِ وَلَا تَنْتَفِعُ مِنْهَا، ... المزيد

 08-01-2025
 
 513

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5682
المقالات 3210
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 422768647
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :